الوكالة تجري أول حوار مع شاعر مصري بعد قضائه 25 عاماً في السجن، لولاء عبد الله

كثير من الشعراء عانى من ويلات السجن، ليقضي خلف قضبان السجن سنوات وأيام طويلة، تكون بمثابة مرحلة أليمة من مراحل الحياة، لكن قد يكون من الصعوبة أن نجد شاعرا يقضي عقدين ونصف من الزمان خلف غياهب السجون، لتأتي أجيال جديدة من المبدعين لا يعرفون عنه شيء ولا يسمعون به، وليقضي هو أهم سنوات عمره سجينا، وبتهمة اختلف أصدقاءه عليها ما بين أنها لفقت له أو لا، حيث قضى عقوبة السجن المؤبد في قضية اتجار “المخدرات”.

الشاعر المصري “الحساني حسن عبدالله” هو حالة إنسانية وفكرية تستحق الاهتمام، خاصة وأن مجايليه أكدوا على أنه كان أحد أهم الأصوات الشعرية المؤثرة، وكان أحد أهم الأصوات التي تقف بقوة إلى جوار الشعر العمودي في وقت اتجه رفاقه ورموز جيله “جيل الستينيات” إلى الشعر الحر.

أنهى الحساني مؤخرا عقوبة السجن المؤبد، ليخرج إلى الحياة من جديد ليتعاطى معها بعد كل هذا الغياب، وكالة أنباء الشعر التقت الشاعر “الحساني حسن عبدالله” في لقاء بعد خروجه من محبسه وكان اللقاء التالي:

وقد أكد على أنه يعتبر أن الفترة التي قضاها في السجن كانت بمثابة احتجاب اضطراري، انتهى بانتهاء سجنه، ليبدأ من جديد في مساره..

سألته حول ما إذا كان هذا “الاحتجاب الاضطراري” والقضية التي أدت إليه ملفقة ضده كما سبق أن قال رفاق له في تحقيق أجرته الوكالة قبل فترة قال:

هذه مسألة لا أريد أن أتحدث عنها و أنا أنظر إليها بأنها جزء من الماضي ولا خير في الحديث فيما مضى.

– لكن الحاضر ابن الماضي أيضا فهل هناك ندم على ضياع ما يقارب من 25 سنة من عمرك ØŸ

انا لا أندم على شيء جرى، وقدر الله كله خير.

– لكن أن يكون شاعر سجينا خلف قطبان السجن، أمر مثير لمعرفة كيف كانت حياتك خلال هذه الفترة..ØŸ

أنا مرة قلت لابني “ريبال” في إحدى الزيارات ولاحظت أنه يواسيني فقلت له :”أنا لست سجينا”ØŒ وهو ذكي أدرك المعنى، وقال لي هذا من فضل الله، أردت Ø£ أقول له أنه وكأني غير مسجون فأنا أعيش مع فكري فما الفرق بين الناس، وعدمه، الأهم هو ما الذي في ذهنك الآن.. أما الأسوار الخارجية فلا مكان ولا قيمة لها.

– وكيف كانت حياتك داخل السجن..ØŸ

من فضل الله أن الفترة التي قضيتها في سجن “القطا” كانت فيه مكتبة لا بأس بها، فيها عدد متنوع، وهناك كتب “لا يقرأها المساجين”ØŒ وهذه الكتب التي لا يقرأها المساجين أنا كنت الوحيد الذي يتعامل معها، من مراجع الفلسفة والأدب وغيرها.

وكنت في الصباح أخرج على المكتبة، ومن فضل الله أن الإدارة كانوا يسمحون لي الخروج من محبسي إلى المكتبة حتى الواحدة أو الثانية، لأعود فيما بعد للمحبس.

– هذا يعني أنك قضيت أغلب الوقت في القراءة فهل كان للكتابة أيضا ذلك الحظ..ØŸ

بين الحين والحين، فالسجين أيضا مشغول بنفسه وبمشاكله الحياتية، وفي الوقت المتاح للتفكير والكتابة، وهي عمل إيجابي كانت محدودة.

– أصعب المعضلات أو المشكلات التي قابلتك خلال فترة سجنك..ØŸ

لم تكن هناك أي معضلات ولا مشكلات.

– كان لك رفاق داخل السجن..ØŸ

أنا حسن العلاقة بالناس، وكان لي بالطبع بعض الصداقات التي كونتها مع بعض السجناء، فالسجن كان فيه بعض الفضلاء.

– لكن هل “مستوى التفكير” كان يشكل مشكلة في تعاملاتك مع الآخرين داخل السجن..ØŸ

بطبيعة الحال، لكن فن الحياة هو ف التعامل مع كل الناس حتى لو لم يكونوا في مستواه، وكل انسان فيه جانب مفيد، وفن الحياة هو أن نكتشف ذلك الجانب المفيد في الناس، وأنا لدي هذه المقدرة.

– قلت لي أن الأسرة كانت تمدك بكتب وإصدارات حديثه..ØŸ

بالفعل، زوجتي تابعتني في مسألة الكتب، وأنا أرهقتهم في ذلك لكنهم كانوا يلبون طلباتي تلك.

– من بين الكتب التي قرأتها ..ØŸ

قرأت بدقة كتاب “البخاري”ØŒ قراءة دقيقة، وقرأت الغزالي، “تهافت الفلاسفة” وما كتبه ابن رشد ردا عليه “تهافت التهافت”ØŒ وهي مناقشة صعبة بين فلاسفة أنداد، وهذه من ضمن الكتب، لكن هناك كتب كثيرة أخرى، فقد أعدت قراءة “شكسبير” وتسليت بها.

– لكن لم تكن تقرأ الشعر أو تتابع الحركة الشعرية..ØŸ

الحقيقة لم أك مهتم، لأني منت أتابع من قبلها ولا اظن أن المتابعة ستقدم شيء جديد، وكان القليل الذي اطلع عليه في الصحف مفيد.

– كنت تطالع الصحف باستمرار..ØŸ

نعم والأهرام خصيصا وكانت تقدم لنا بين الحين والحين نماذج من الأدب الجديد والشعر الجديد والكتابات النقدية الجديدة.

– وهل استوقفتك أحد التجارب الشعرية خلال قراءاتك ..ØŸ

لا.

– لكن هل مكنتك قراءاتك تلك من متابعة قصيدة النثر ومسارها..ØŸ

قصيدة النثر أنا أتابعها من قبل الحبس بكثير وكتبت عنها وهاجمتها وفي ديواني عفت سكون النار” وصدرته ببيان رافض لها.

– وهل مازلت على رأيك في هذا البيان..ØŸ

طبعا؛ لكن السنين أضافت،والتأمل أيضا وأنا أنوي أن أقوم بإضافات في البيان أنشره في دواني الجديد، والديوان عنوانه “من وحي الوافر وقصائد أخرى “

– وهل بالديوان إطلاله على أجواء السجن..ØŸ

مسألة السجن انتهت ولا احب أن أذكرها، هي فترة أعانني الله عليها، وهي أثر من آثار الماضي، وأنا متطلع للمستقبل ولدي برنامج فكري اعمل عليه ولست مشغولا باجترار الماضي أو هذه الأشياء.

– وماذا عن ملامح هذا البرنامج الفكري؟

أنا أنوي في البدايه عمل بيان عنوانه الكلمة المشهورة “أمة في خطر”ØŒ وطبعا الناس في مصر يبدو أنهم حائرون، وواضح أن هذه الحيرة لا شفاء لها،ن فما أريد قوله في البيان باختصار أن هناك أناس كثيرة تكلمت عن الخطر، لكني أريد أن اقول بأن العيب في العقل، نحن بحاجة إلى إعادة إنشاء للعقل الناطق بالعربية.

– وكيف يكون ذلك..ØŸ

هذه مسألة صعبة جدا وعمل لا يقدر عليه فرد لكن يكفيني أن أنبه إلى أن هذا هو أصل الداء،فالعقل العربي والمصري خصوصا يكاد يكون انهار، وبحاجة لإعادة بناء من جديد.

– إذا انتقلنا للحالة السياسية فيي مصر وأن قد خرجت منذ ثلاث شهور وبالتأكيد تابعت ما جرى ويجري في مصر كيف ترى ذلك..ØŸ

أنا رأيي الدقيق للحالة الجارية أنها فتنة، ابتداء من 25 يناير وحتى الآن هي الفتنة، والبعض يؤمن بأنها فتنة الآن، لكن هذا من قبيل الآراء السياسية، لكن عندما اقول فتنة فهو أمر كان لابد أن يعطى للأحداث من بداية 25 يناير، لكن هم يقولون عليها ثورة ويريدون أن يعطوا لهذه الأحداث المؤسفة شرفا بكلمة “ثورة” وهي كلمة حاول الغرب أن يضفي عليها هذا الشرف، لكن الثورة – أي ثورة- ليست شيئا طيبا.

– لكنها في النهاية كانت بسبب إشكاليات كبرى، فالناس خرجت بسبب قمع وظلم..ØŸ

الله اعلم لماذا خرجت الناس وما قصة أمريكا وأوباما، والإخوان، وهي مسائل شديدة التشابك، وهي عناصر الفتنة تجمعت فأخرجت ما نسمية ثورة 25 يناير، وأنتجت ما يسميه الناس ثورة 30 يونيو.

– من كان أقرب أصدقائك في الوسط الثقافي Ùˆ هل كان يتواصل معك أحد من الشعراء خلال فترة السجن..ØŸ

الشاعر “فارق شوشة” كان صديقي المقرب، وقد أرسل لي مع ابني انه يريد هو ومجموعة زيارتي لكني لم استرح للفكرة ورفضتها.

– وما السبب؟

لم أكن احب أن أُرى في حالة السجن فهي حالة غير سارة.

– عالم السجن بالتأكيد مليء بالحكايات، ألم يفعّل هذا ملكة الحكي لديك..ØŸ

حكايات المساجين لا تنتهي، لكني أكره الكلام، والمصريين عامة في السجن وخارجه تلغو وهذا جزء من المحنة، ومن يسمون ساسة لديهم أقوال فيها كثير من اللغو.

– هل من أعمال جديدة لك..ØŸ

أنا الآن أعكف على إصدار ثلاثة دواوين إعادة طباعة لديوان”عفت سكون النار”ØŒ “من وحي الوافر”ØŒ “يقال ساسة” ويقال ساسة هي كلمة ليست لي وهي جزءمن بيت لأبي العلاء المعري، يضم في معظمه قصائد لشخصيات سياسية، أمثال عبدالناصر، عرفات والملك حسين، وآخرين، وهي في أغلبها هجاء.

http://www.alapn.com/ar/news.php?cat=3&id=29392
الأحد, 11-اغسطس-2013 10:08 صباحا.

Related posts

Leave a Comment