تبØØ« الورقة تأثير الهجمات الإلكترونية ÙÙŠ مسارات الأØداث وخلق الأزمات، وكي٠أصبØت جزءًا Ù…ÙÙƒÙمّÙلًا لجمع المعلومات نتيجة الاستقطاب المتزايد والهائل ÙÙŠ منقطة الشرق الأوسط، وتدرس أيضًا تأثيرها ÙÙŠ الممارسة الصØÙية. وتÙقدّÙÙ… الورقة مدخلًا نظريًّا (الهاكطولوجيا) لتÙسير الظاهرة وتوقع مساراتها.
http://studies.aljazeera.net/ar/mediastudies/2017/11/171102072849895.html
مقدمة
لقد اتسع نطاق ظاهرة قرصنة المعلومات والهجمات الإلكترونية وتسريب المعلومات ونشر الأخبار الكاذبة، وأخذت تلعب دورًا مهمًّا ومؤثرًا ÙÙŠ جمع المعلومات والتغطية الصØÙية وطريقة تقديمها للمتلقي من Ù‚Ùبَل وسائل الإعلام، ولم يعد أثر هذه الظاهرة مقتصرًا على وسائل التواصل الاجتماعي أو مواقع شخصية Ù…ÙØَدَّدة على الشبكة العنكبوتية. وأصبØت المعلومات التي ÙŠØصل عليها القراصنة أو التي يبثونها عبر مواقع إعلامية -بعد دخولها بطريقة غير مشروعة أو بث أخبار كاذبة بطريقة تبدو موثقة من Øيث المØتوى والمصدر- سببًا لإثارة الأزمات وخلق الصراعات.
ويلجأ القراصنة الإلكترونيون إلى وسائل غير مرخصة وغير قانونية لمواجهة المؤسسات ÙˆØتى الدول، ويتمثَّل هدÙهم الأساسي ÙÙŠ الØصول على المعلومات التي تØاول المؤسسة إخÙاءها عن عيون الناس أو إقØام معلومات بعد قرصنة مواقع إلكترونية وبثها لغايات Ù…ÙØدَّدة. ويØاول القراصنة عند نشرهم لمعلومة ما استثمار سياق الØدث، خصوصًا الشكوك التي تنتاب الناس Øول الصراعات القائمة والأسرار التي تكتنÙها.
ورغم السلوك غير القانوني الذي يتَّبعه القراصنة ÙÙŠ الØصول على المعلومة أو إقØام معلومات Ù…ÙÙَبْرَكَة ÙÙŠ مواقع Ù…ÙØدَّدة، Ùإن المØتوى الذي يتم الكش٠عنه يلعب دورًا Ù…Øوريًّا ÙÙŠ الإعلام والصØاÙØ©. واليوم نرى أن المØتوى الذي تتم قرصنته أو تسريبه ÙŠÙشَكّÙÙ„ مصدرًا من مصادر المعلومات المهمة للقنوات الإخبارية. وبالنسبة للأكاديميين والباØثين، Ùإن انتشار أعمال قرصنة المعلومات وتسريبها يتطلب أدوات بØØ« وتØليل جديدة؛ لأن المداخل النظرية التي Øاولت Øتى الآن Ùهم الظاهرة Ùشلت ÙÙŠ تÙسيرها ووضع Ùرضيات Ù…ÙØدَّدة لها والإجابة عن الأسئلة المتعلقة بها.
وتسعى الورقة إلى اعتماد أدوات بØثية جديدة لدراسة القرصنة أو الهجمات الإلكترونية وتسريب المعلومات ودورها ÙÙŠ تكوين الرأي العام وتأثيرها ÙÙŠ الممارسة الصØÙية والتغطية الخبرية للقنوات الإخبارية السائدة ÙÙŠ الساØØ© الإعلامية. كما تبØØ« دور القرصنة وتسريب المعلومات ÙÙŠ خلق الأزمات والصراعات ليس على مستوى الأÙراد والجماعات Ùقط بل والدول أيضًا. إن عمليات قرصنة وتسريب المعلومات صارت واØدًا من المصادر الخبرية المهمة اليوم، لكن لا نزال Ù†Ùتقر إلى الأدوات التي تÙمكّÙننا من تقييم وقياس هذه الظاهرة بطريقة علمية رصينة ÙˆØªØ³Ù…Ø Ù„Ù†Ø§ بالتكهن أو توقّÙع مساراتها وتأثيرها وتبعاتها.
ÙÙŠ ضوء ذلك، تتناول الورقة عدَّة Ù…Øاور، نستهلها Ø¨Ø´Ø±Ø Ø¸Ø§Ù‡Ø±Ø© القرصنة وتقديم تعاري٠مÙØدَّدة لها والمخاو٠التي تراÙقها. ومن ثم نقارن بين ما يقوم به القراصنة ومÙسَرّÙبو المعلومات وناشرو الأخبار الكاذبة وبين المؤسسات التي تØاول جهدها إبقاء المعلومة طيَّ الكتمان. بعد ذلك، تÙقَدّÙÙ… الورقة موجزًا لنظرية الهاكطولوجيا وأهم طروØاتها الÙكرية ÙˆÙرضياتها، ثم ندرس الÙرق بين المعلومة المÙÙَبْرَكَة والمعلومة التي لا يمكن التØقق منها وكي٠أن الإعلام الرئيسي قد يقع Ùريسة للقراصنة ومÙسَرّÙبي المعلومات، ثم نتناول نموذجًا تطبيقيًّا لنظرية الهاكطولوجيا لتÙسير ظاهرة تÙشي القرصنة والأخبار الكاذبة ونظرية المؤامرة ÙÙŠ الشرق الأوسط.
القرصنة وجمع الأخبار
هناك Ùروقات بين الطرائق التي تØاول من خلالها الوسائل الإعلامية الخبرية الوصول إلى المعلومات، والوسائل التي يستخدمها القراصنة ÙÙŠ الوصول إليها؛ Øيث يعمل الصØاÙيون ما بوسعهم من أجل الالتزام بمعايير مهنية وأخلاقية إضاÙØ© إلى وضع القوانين السائدة ÙÙŠ عين الاعتبار عند جمعهم للمعلومات. أما القراصنة Ùإنهم يَنْدَسّÙون ويتسلَّلون خلسة وبطريقة غير قانونية وغير مشروعة تÙتقر إلى القيم الاعتبارية والأخلاقية السائدة ÙÙŠ الممارسة الصØÙية.
ولهذا، Ùإن قيام أي صØÙÙŠ بقرصنة المعلومات سيترتَّب عليها عواقب؛ لأن انتهاك أخلاقيات وقوعد العمل الصØÙÙŠ ÙŠÙعَدّ٠جنØØ©. ولا يزال صدى ÙضيØØ© القرصنة والتنصت غير المشروع من قبل الصØÙŠÙØ© البريطانية “نيوز أو٠ذي وورلد” (News of the world) ÙÙŠ عام 2011 يتردَّد Øتى يومنا هذا. وقد أدت هذه الÙضيØØ© إلى تشكيل لجنة تقصي برئاسة اللورد ليÙيسون (Leveson Inquiry) التي تÙشَكّÙÙ„ أول لجنة Øكومية من نوعها بهذا المستوى ÙÙŠ العالم لتقصّÙÙŠ عملية قرصنة من Ù‚Ùبَل الصØاÙØ© والإعلام. وكان لتوصيات اللجنة أثر بالغ على الصØاÙØ© ÙÙŠ بريطانيا بصورة خاصة والعالم الغربي أيضًا؛ Øيث وضعت معايير Ù…ÙØدَّدة لتجنّÙب سلوكيات غير أخلاقية وغير قانونية من Ù‚Ùبَل وسائل الإعلام الرئيسية.
ويعتبر تØقيق ليÙيسون دليلًا على ما قد يتعرض له الصØÙيون وممارسو مهنة الصØاÙØ© من تبعات عند اتباعهم طرقًا غير أخلاقية وغير قانونية لجمع المعلومات. وقد كان التØقيق ذاته ونتائجه Ùرصة كي تراجع الوسائل الإعلامية الرئيسية وغيرها ÙÙŠ بريطانيا جميع الطرائق والوسائل التي تعتمدها ÙÙŠ جمع المعلومات وكتابة الأخبار وإجراء المقابلات.
ÙˆÙÙŠ السنين التي تلت تØقيق ليÙيسون، وولوجنا من أوسع الأبواب ثورة المعلومات والثورة الرَّقمية، صرنا وجهًا لوجه أمام ممارسات وعمليات قرصنة وهجمات إلكترونية ÙÙŠ شكل مختلÙØ› بات لها تأثير كبير على الإعلام والصØاÙØ© كممارسة ومهنة. Ùهناك اليوم منظمات، مثل ويكيليكس، صارت جسرًا لنشر المعلومات التي يصل إليها القراصنة؛ إذ يتكئ الإعلام بصورة عامة، والصØاÙØ© الرئيسية بصوة خاصة، على خدمات ويكيليكس، ومواقع ذات وظائ٠مشابهة، لنشر المعلومات التي اخترقها وجمعها القراصنة ÙÙŠ نشراتهم الإخبارية وضمن المØتوى الإخباري للصØ٠والمجلات. ÙˆÙÙŠ الغالب لا تنشر الصØاÙØ© الرصينة أي مادة يصل إليها القراصنة إلا بعد التØقق منها. ولدينا اليوم وسائل صØÙية مختلÙØ© غايتها التَّØَقّÙÙ‚ من مصداقية المعلومة ولكننا سنتجاوزها؛ لأنها خارج سياق بØثنا هذا.
مخاو٠كبيرة
ÙÙŠ بداية عام 2017ØŒ وكنتيجة لما راÙÙ‚ الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016ØŒ من Øوادث ذات علاقة بالقرصنة ونشر الأخبار المÙÙَبْرَكَة، اتخذ مسار القرصنة وتسريب المعلومات منØىً خطيرًا ومؤثرًا على وسائل الإعلام الرئيسية. ولهذا Ø£ØµØ¨Ø Ù…Ù† اللازم على العلماء والباØثين ÙÙŠ شؤون الإعلام استقصاء ودراسة الممارسات التي تراÙÙ‚ القرصنة، ومن ثم وصول المعلومات التي ÙŠØصل عليها القراصنة إلى وسائل الإعلام، وكي٠باتت Ø£Øيانًا مصدرًا من مصادر الصØاÙØ© التي تÙØْدÙØ« بلبلة وتÙؤثّÙر ÙÙŠ التغطية الخبرية والقرارات التي تتخذها هيئات التØرير.
وتÙسخّÙر الأØزاب السياسية والØكومات موارد كبيرة لإخÙاء المعلومات أو “الØقائق” عن الناس؛ لأن كش٠هذه المعلومات، Øسب رأيهم، يَضÙرّ٠الأمن القومي. وتÙÙ…Ùيط المؤسسات بصورة عامة اللثام عن المعلومات أو “الØقائق” التي لا تÙÙ„ØÙÙ‚ ضررًا بمواقÙها، وترى ÙÙŠ ØÙظ الأسرار التي تقع ÙÙŠ خانة “الأمن الوطني” أمرًا Øسنًا ÙˆØميدًا. أما القراصنة والمنابر التي تنقل المØتوى الذي ÙŠØصلون عليه نتيجة اقتØامهم لمواقع إلكترونية Ù…ÙØدَّدة لجعله متاØًا للكل، ÙÙŠÙقدّÙمون رؤية مختلÙØ©Ø› إذ تÙØ®ÙÙŠ الØكومات والمؤسسات، ÙÙŠ نظرهم، المعلومات عمدًا كي يبقى الناس ÙÙŠ ظلام وجهل بما تقترÙÙ‡ من ممارسات ضارة.
بين هذا وذاك، Ùإن السؤال Ø§Ù„Ù…Ø·Ø±ÙˆØ Ù‡Ù†Ø§: أين دورنا كباØثين وعلماء ÙÙŠ Øقل الإعلام والصØاÙØ© للتعامل مع هذه الظاهرة وتÙسير ميكانيزماتها ودينامياتها؟ الجواب هو أننا كباØثين وعلماء آن الأوان أو ربما صار لزامًا علينا استنباط نظرية جديدة لتÙسير ظاهرة القرصنة وتأثيرها على أجهزة الإعلام الخبرية مع أطر بØثية لرصد المشاهدات والواقع الاجتماعي الذي يرتبط بها. اليوم لدينا من الأدلة ما ÙŠÙبَرْهÙÙ† على أن القرصنة صارت تقريبًا ظاهرة عامة ÙÙŠ العالم الرَّقمي، كما لدينا أيضًا أدلة تثبت أن القرصنة صار لها تأثير على الصØاÙØ© المكتوبة والإلكترونية. إن تغطية ما ÙŠØصل عليه القراصنة من معلومات أو ما ÙŠÙÙ‚Øمونه من معلومات كاذبة ومØتوى Ù…ÙÙَبْرَك على الشبكة العنكبوتية أو على وسائل إعلامية Ù…ÙØدَّدة صار ظاهرة لا يمكن التهرب منها. بيد أننا كباØثين وأساتذة الصØاÙØ© والإعلام Ù†Ùتقر إلى الأدوات والأساليب اللازمة لدراستها وتÙسيرها وقياسها بطريقة علمية رصينة ومنهجية تÙمكّÙننا من التنبؤ بمساراتها وتأثيراتها وكذلك تساعدنا ÙÙŠ الوصول إلى استنتاجات للتخÙي٠من تبعاتها -إن ÙˆÙجدت- وتقييم وقياس أثرها على مهنة الصØاÙØ© والإعلام.
القراصنة والـمÙسَرّÙبون والمؤسسات
يعتمد القراصنة ÙÙŠ الغالب على مهاراتهم للوصول بطريقة غير قانونية وغير مرخص بها إلى معلومات تختزنها ذاكرة الØاسوب، ÙˆØالما ÙŠØصلون عليها، يسعون إلى تسريبها لمنابر أخرى بغية جعلها متاØØ© للناس وخصوصًا الصØÙيين ووسائلهم الإخبارية. ويÙشْبÙÙ‡ دورهم إلى Øدّ٠ما دور المبلّÙغين (whistleblowers) الذين ÙŠØاولون الانتÙاع من المعلومات السرية التي ÙÙŠ Øوزتهم أو ÙÙŠ إمكانهم الوصول إليها لتسريبها؛ لأنهم يعتقدون أن بقاء هذه المعلومات طي الكتمان جزء من الÙساد المؤسساتي وهو ÙÙŠ رأيهم أيضًا أمر غير مشروع(1). ويقول الصØÙÙŠ ماثيو وول (Matthew Wall) من هيئة الإذاعة البريطانية: إن القراصنة ومÙسَرّÙبو المعلومات السرية، سواء كانوا Ø£Ùرادًا مستقلين أو أشخاصًا أو مجموعات تتبنَّاها المؤسسات أو الØكومات، “صارت لهم اليد العليا” كمصادر أساسية لكتابة الأخبار الصØÙية بغضّ٠النظر Ø¥Ùنْ كانت المعلومة التي ÙŠÙقَدّÙمونها موثوقًا بها أم لا(2).
ولا يخÙÙ‰ أن تسريب المعلومات وقرصنتها، لاسيما مع وصول دونالد ترامب إلى إدارة البيت الأبيض، صار جزءًا Ù…ÙتَمّÙمًا للإعلام الخبري ومصدرًا مهمًّا للأخبار؛ تØاول الØكومات والمؤسسات جهدها أن تبقيه خارج متناول الناس. وإذا نظرنا إلى رئاسة دونالد ترامب من Øيث كمية وعدد التسريبات، لوجدنا أنÙسنا أمام وضع خطير. إن Øجم وعدد التسريبات مدهش Øقًّا؛ إذ بلغت ÙÙŠ الأشهر الثلاثة الأولى من Øكمه ثلاثة أضعا٠عددها ÙÙŠ السنين الثلاث الأخيرة لإدارة الرئيس السابق باراك أوباما. ولئن كانت القرصنة، التي يقال: إن مصدرها روسيا، قد زجَّت بإدارة ترامب ÙÙŠ Ùوضى، Ùإن التسريبات، التي وضعتها ÙÙŠ موق٠مربك لا ÙŠÙØسَد عليه، تÙعَدّ٠مؤشرًا على ضع٠الإدارة والإخلال ÙÙŠ الوظيÙØ©(3). وهذا ما Øدا بإدارة ترامب إلى اتخاذ إجراء بصدد كيÙية التعامل مع القرصنة وتسريب المعلومات التي كان لها -ولا يزال- تأثير بالغ على الممارسة الصØÙية أيضًا. وقد أربكت التسريبات المتكررة إدارة ترامب مما أجبر وزير العدل الأميركي، جي٠سيشنز، على التدخل وتقديم لائØØ© اتهام بØÙ‚ أربعة أشخاص؛ ومن ثم القول: إن وزارته تÙÙكّÙر مليًّا ÙÙŠ إصدار مذكرات استدعاء لأي وسيلة إعلامية يثبت أن لها ضلعًا ÙÙŠ ذلك(4).
لقد طلع علينا عصر تسريب المعلومات وقرصنتها ويبدو أن جزءًا من الإعلام الرئيسي، أو ÙÙŠ أقل تقدير ممارسي الصØاÙØ©ØŒ يستمتعون بالجلوس أمام شمسه التي أخذت ÙÙŠ الشروق. ويوجد بين وسائل الإعلام والصØÙيين من يعتقد أن هناك مادة أكثر دسمًا يمكن استخلاصها من القراصنة والمÙسَرّÙبين من تلك التي تأتيهم بصورة مشروعة من الØكومات والمؤتمرات الصØاÙية مثلًا.
ويذهب الكاتب ÙÙŠ صØÙŠÙØ© نيويورك تايمز، جون Ùارل (John Farrell)ØŒ إلى درجة Øثّ٠الإعلام والصØاÙØ© والعاملين Ùيهما على العزو٠عن Ù…Øاولة الØصول على المعلومات من المؤسسات والاعتماد بصورة أساسية على ما يصلهم من خلال المÙسَرّÙبين والقراصنة(5). وإلى Øدّ٠ما، Ùإن ما قاله Ùارل قد يبدو صØÙŠØًا رغم أنه كان يشير إلى المتØدث السابق باسم البيت الأبيض، شون سبايسر. ويقترب Ùارل من الØقيقة؛ لأننا تقريبًا على ØاÙØ© الوصول إلى عالم بدون أسرار، لاسيما أن أهمية قراصنة المعلومات ومÙسَرّÙبيها بلغت اليوم درجة تقترب من الأهمية التي يمنØها الصØÙيون إلى المعلومات التي ÙŠØصلون عليها من الإيجاز الذي تÙقدّÙمه الØكومات والناطقون الرسميون ضمن مقابلات خاصة أو مؤتمرات صØÙية.
نظرية الهاكطولوجيا
بعد أن أصبØت قرصنة الأخبار وتسريبها ظاهرة إعلامية لا يمكن تجاهلها وكذلك إغÙال التأثير البالغ الذي Ø£Øدثته ÙÙŠ الممارسة الصØÙية ÙˆÙÙŠ تشكيل الرأي العام والممارسات الديمقراطية، صار البØØ« عن نظرية جديدة لها مجموعة من المبادئ تÙمكّÙننا من تÙسير واختبار ومن ثم توقّÙع المسارات التي تتخذها هذه الظاهرة أمرًا ضروريًّا. والنظرية التي نطلق عليها “الهاكطولوجيا” (haktology) تدرس الأساليب المتبعة للØصول بطريقة غير قانونية على المعلومات أو نشر معلومات Ù…ÙÙَبْرَكَة عن طريق القرصنة وجعلها ÙÙŠ متناول الصØÙيين والناشطين وعامة الناس، وبالتالي تØويلها إلى أخبار وتقارير صØÙية. وتدرس النظرية أيضًا الأثر الذي تتركه التقارير والأخبار الصØÙية على الممارسة الصØÙية ذاتها ومن ثم على الرأي العام.
وتÙعرَّ٠الهاكطولوجيا بأنها “النظرية التي تدرس أي Ù…Øاولة مقصودة ومÙتَعَمَّدة للØصول وجمع وبث معلومات غير متاØØ© ضمن الÙضاء العام وسياقه دون الØصول على مواÙقة المصدر ومن ثم نشرها من خلال الإعلام(6). ويستمد Ù…ØµØ·Ù„Ø Ø§Ù„Ù‡Ø§ÙƒØ·ÙˆÙ„ÙˆØ¬ÙŠØ§ جذوره من Ù…Ùردة (Hakken) التي كانت متداولة ÙÙŠ اللغة الإنجليزية ÙÙŠ القرون الوسطى، وكذلك من اشتقاقها الØديث (Hack) الذي يشير ÙÙŠ لغة بَرْمَجَة الØاسوب إلى Ù…Øاولات الدخول غير المشروع والسري على الØواسيب، إضاÙØ© إلى Ù…Ùردة (Ontology) الإغريقية “الأنطولوجيا”ØŒ وهو الØقل المعرÙÙŠ الذي يعنى بطبيعة الوجود أو الكينونة.
وتدرس نظرية الهاكطولوجيا كل الجوانب والأساليب المتعلقة بالهجمات الإلكترونية، وقرصنة وتسريب المعلومات ونشر الأخبار المÙبركة، إضاÙØ© إلى تأثير هذه العملية على سياق الصØاÙØ© كممارسة وقواعد وسلوك. ويلعب اليوم القراصنة ومÙسَرّÙبو المعلومات ومÙÙَبْرÙÙƒÙÙˆ الأخبار دورًا مهيمنًا على عالم الإعلام. وبإطلالة دونالد ترامب على المشهد السياسي، مرشØًا رئاسيًّا ومن ثم رئيسًا للولايات المتØدة، استØوذ موضوع القرصنة وتسريب المعلومات، إلى جانب تغريداته ÙÙŠ تويتر، على اهتمام الصØاÙØ© وممارسيها وكذلك على مساØات كبيرة من التغطية الصØÙية والخبرية ÙÙŠ أميركا وخارجها.
وتنطلق نظرية الهاكطولوجيا من Ùرضيات أو مقدمات منطقية تضم عددًا من المسارات التي تميز هذه الظاهرة ÙÙŠ عالم الإعلام والصØاÙØ©. وتشمل هذه المسارات(7) ما يلي:
ÙÙŠ الغالب تغضّ٠وسائل الإعلام، لاسيما الخبرية، الطر٠عن عملية القرصنة أو تسريب المعلومات أو إقØام أو نشر أخبار كاذبة ومرتكبيها، وترÙكّÙز على آثارها أو تبعاتها.
ÙÙŠ Ø£Øيان أخرى، قد يتØوَّل اهتمام وسائل الإعلام إلى عملية القرصنة وتسريب المعلومات أو نشر الأخبار المزيÙØ© لعلاقتها المباشرة بسياق الأØداث بدلًا من المØتوى الذي جرت قرصنته أو تسريبه أو ÙَبْرَكَتÙÙ‡.
الذين تستهدÙهم القرصنة أو تسريب المعلومات يؤكدون على Øقيقة أن عملية القرصنة أو تسريب المعلومات غير قانونية.
وسائل الإعلام، وعلى الخصوص الخبرية، من النادر أن تÙثير أسئلة Øول ما إذا كانت المؤسسات والØكومات على ØÙ‚ ÙÙŠ Øرمان مواطنيها من الوصول إلى المعلومات التي تتكتم عنها أو مناقشة ما إذا كانت الأسباب التي تذكرها عن سريتها معقولة ومرضية.
عادة ما تراÙÙ‚ عمليات القرصنة وتسريب المعلومات تغطية صØÙية صاخبة يتØوَّل Ùيها تركيز الإعلام والصØاÙØ© بصورة مطَّردة إلى عملية كش٠المعلومات ذاتها وما إن كانت صØÙŠØØ© وقانونية أم لا بدلًا من المØتوى الذي Ø£Ùميط اللثام عنه.
وتطبيقًا لمبدأ التوازن ÙÙŠ التغطية الإخبارية، ÙŠÙلاØَظ Ø£Øيانًا أن وسائل الإعلام تÙمضي وقتًا أطول ÙÙŠ التØدث عن الذين ÙŠØÙظون الأسرار بدلًا من التركيز على تأثير وتبعات ØÙظ ومن ثم كش٠هذه الأسرار.
والهاكطولوجيا كنظرية جديدة عليها استكشا٠الطريقة التي تضي٠بها المؤسسات ذات السّÙلطة جهلًا إلى جهلنا عبر إخÙاء المعلومات عنَّا، واستعراض كي٠ولماذا ÙŠØاول أو يريد الناس الوصول إلى معلومات سرية. وعلى النظرية أيضًا تØليل كي٠ولماذا ÙŠØرص الذين تقع هذه المعلومات ÙÙŠ Øوزتهم على إعلانها للناس والعمل على نشرها من Ù‚Ùبَل وسائل الإعلام لاسيما الرئيسية منها. وعلى المنظّÙرين والباØثين الذين يتبنَّونها دراسة الطريقة التي تستخدم أو تستثمر Ùيها الصØاÙØ© المعلومات التي ÙŠØصل عليها القراصنة بصورة سرية.
إن نظرية الهاكطولوجيا مهمة بالنسبة للأكاديميين والباØثين الذين يدرسون عالم الصØاÙØ© وممارسي المهنة. وإذا كانت المؤسسات تعمل بجدية على تشويه الØقائق، Ùإن الدارسين والأكاديميين يعملون على تقديم إجابات وتÙسيرات عن: لماذا وكي٠يتم إخÙاء أو التستر على الØقائق؟ وعند الإÙØµØ§Ø Ø¹Ù†Ù‡Ø§ يدرسون: لماذا وكي٠يقوم الإعلام بتغطيتها؟ إن الصØاÙØ© تقوم بتغطية أي كش٠للأسرار Øال ما تتأكد من مصداقيتها، وعندما تخÙÙ‚ ÙÙŠ عملية التأكيد والتَّØقّÙÙ‚ من المعلومة عليها عدم النشر أو ÙÙŠ أقل تقدير تقديم المادة تراÙقها أنماط خطابية تÙØذّÙر المتلقي من أن الوسيلة لم تستطع أو لم تتمكن من التØقق من مصداقية المعلومة.
كما على الباØثين والأكاديميين الذي يتبنون هذ النظرية دراسة وتقييم الأثر الذي ÙŠÙخلّÙÙÙ‡ المØتوى الذي لا يمكن التأكد من مصداقيته والمتواÙر على الشبكة العنكبوتية أو يتم إقØامه ÙÙŠ مواقع خاصة من Ù‚Ùبَل القراصنة على الصØاÙØ© كممارسة. إن الباØثين مدعوون للنظر بدقة وتأنّ٠لتقديم إجابات شاÙية عن: كي٠ولماذا تجد الادعاءات غير القابلة للإثبات والتØقق طريقها إلى الصØاÙة؟ والأكثر أهمية هو دراسة الأطر الخطابية التي يلجأ إليها الصØاÙيون عند نشر مثل هذا المØتوى.
المعلومة الـمÙÙَبْرَكَة والمعلومة التي لا يمكن التØقق منها
إن سيطرة الإنترنت على نشر وتوزيع وقراءة المعلومة جعل أمر Ùرز “الصدق من الدعاية والأخطاء” أو “الØقيقة من الخيال” من الصعوبة بمكان. ÙˆØتى الخط الÙاصل بين المعلومة المÙÙَبْرَكَة والمعلومة التي لا يمكن التَّØقّÙÙ‚ منها صار وهميًّا وضبابيًّا. وظهرت على إثر هذا العديد من التعابير الجديدة على الساØØ© الإعلامية. Ù†ØÙ† اليوم بØاجة إلى نماذج وأطر بØثية جديدة لدراسة مصطلØات وعبارات مثل “الأخبار المÙÙَبْرَكَة”ØŒ Ùˆ”الأخبار التي لا يمكن التØقق منها”ØŒ Ùˆ”الØقائق البديلة” Ùˆ”Ø£Øيانًا لا نتÙÙ‚ مع الØقيقة”(8).
لقد صار للخدع والأØابيل أو الأخبار الكاذبة تبعات خطيرة على الناس والإعلام الرئيسي. ÙˆÙÙŠ بعض الأØيان يكون نشر أخبار كاذبة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، كما كانت الØال مع القصص الخبرية المÙÙَبْرَكَة Øول الانتخابات الأميركية على موقع Ùيسبوك، أو الخدعة Øول موت ملكة بريطانيا(9). والخدع والأØابيل لم تعد مقتصرة على الأÙراد، بل Øتى المؤسسات والØكومات قد تتدخل لإقØام أخبار كاذبة من خلال قرصنة مواقع رسمية لبث أخبار Ù…ÙÙَبْرَكَة يكون لها Ø£Øيانًا وقع الصاعقة وتؤدي إلى البلبلة والأزمات كما Øدث عندما تمكَّن القراصنة من اختراق وكالة الأنباء القطرية وبث خطاب منسوب إلى أمير البلاد(10)ØŒ الشيخ تميم بن Øمد آل ثاني، (كما سنÙبÙيّÙÙ† لاØقًا بالاستناد إلى نظرية الهاكطولوجيا).
وقد جعل الانتشار الواسع والمؤثّÙر للأخبار المÙÙَبْرَكَة والتي لا يمكن التَّØقّÙÙ‚ منها كبار المراسلين والكتَّاب ÙÙŠ الصØاÙØ© الرئيسية يتساءلون إن كان بإمكاننا التØدث عن “الØقائق” بعد الآن ÙÙŠ عصرنا هذا، عصر ما بعد الØقيقة(11). وربما لم يعد بمقدورنا غضّ٠النظر عن المعلومة المÙÙَبْرَكَة والمعلومة التي لا يمكن التَّØقّÙÙ‚ منها. ÙˆÙÙŠ عالم تسيطر عليه وسائل التواصل الاجتماعي، التي يستقي من خلالها أغلب الناس معلوماتهم، صار بإمكان الأخبار الكاذبة والأخبار غير الموثقة ليس Ùقط التأثير ÙÙŠ الرأي العام بل ÙÙŠ الوسائل الصØاÙية الرئيسية أيضًا(12).
وهنا يأتي أيضًا دور نظرية الهاكطولوجيا التي عليها دراسة المخاو٠التي تراÙÙ‚ نشر معلومات قبل التأكد منها بصورة قطعية؛ إذ إن هناك خطرًا Ù…ÙØْدÙقًا بالصØاÙØ© الرصينة والمهنية عندما ÙŠØµØ¨Ø Ù†Ø´Ø± الأخبار المÙÙَبْرَكَة جزءًا من الممارسة الصØÙية. لقد كان ثمة ما ÙŠÙشبه الاعتماد الكلي على النشطاء والهواة ÙÙŠ تغطية المعركة ÙÙŠ شرق Øلب؛ Øيث لم يكن هناك ÙÙŠ الميدان مراسل مستقل مهني واØد لنقل أخبار موثَّقة ودقيقة يمكن التَّØقّÙÙ‚ منها. واستثار هذا الوضع Øمية الصØÙÙŠ المخضرم بصØÙŠÙØ© الإندبندنت، روبرت Ùيسك، الذي هاجم الإعلام متهمًا إياه بـ”تسليم الصØاÙØ© إلى وسائل التواصل الاجتماعي”(13).
القراصنة ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي
ÙŠÙقدّÙÙ… القراصنة والمÙسَرّÙبون والمنظمات أو المؤسسات أو المواقع، التي تسعى إلى ترويج ما تØصل عليه من Ù…Øتوى، ذلك المØتوى إلى الصØ٠والقنوات الإخبارية كما هو ÙˆÙÙŠ الغالب مجانًا، وهذا لا يعني أن القراصنة لا ÙŠØصلون على أي دعم مادي. Ùقد ÙŠØدث أن يكون القراصنة مدعومين من طر٠ثالث، وأن يتم اختلاق المØتوى ربما من قبل طر٠ثالث أيضًا لقاء ثمن وبعدها جرى تسليمه للقراصنة من أجل إقØامه ÙÙŠ Ø£Øد المواقع كي ÙŠØµØ¨Ø Ù…ØªØ§Øًا للتغطية الإعلامية أو لمستخدمي ورواد شبكات التواصل الاجتماعي.
إن هناك Ùرقًا بين القراصنة والنشطاء على شبكات التواصل؛ Ùالنشطاء ينشرون المØتوى أو يقومون بتغطية الأØداث كما يرونها ÙˆØسب وجهة نظرهم. Ùعندما تستند الصØاÙØ© إلى شبكات التواصل والنشطاء العاملين ÙÙŠ هذا الÙضاء وليس إلى صØاÙييها المØترÙين، Ùإن ما نقرأه أو نسمعه أو نشاهده كمتلقّÙين لا ÙŠÙقدّÙÙ… لنا إلا وجهة نظر الناشطين وعندها Ù†Ùجبَر على قبول القصة كما يرويها طر٠من أطراÙها ÙˆØسب.
ÙˆÙÙŠ عصرنا هذا الذي تلعب Ùيه شبكات التواصل الاجتماعي دورًا بارزًا، نلØظ بزوغ نجم القراصنة والهجمات الإلكترونية والأخبار الكاذبة. وبات هذا الواقع، كما يقول باتريك كوكبرن (Patrick Cockburn)ØŒ ÙŠÙمَثّÙÙ„ خطرًا على المتلقين “الذين أصبØوا عرضة إلى مزيد من الدعاية بدلًا من الأخبار”(14) الموضوعية. ويقول مات تايبي (Matt Taibbi): إن ما نلاØظه Øاليًّا من ترويج ونشر Ù…Øتوى دون تØقّÙÙ‚ يبدو وكأنه نعمة Øلَّت على الصØاÙØ© من Øيث تواÙر المعلومات(15). ويØدث كل هذا، كما ترى مارغريت سوليÙان (Margaret Sullivan) بينما الثقة ÙÙŠ الإعلام والصØاÙØ© “هي ÙÙŠ الØضيض”ØŒ وتÙØذّÙر من أن الاستمرار ÙÙŠ نشر معلومات لا يمكن التَّØقّÙÙ‚ منها يضع الصØاÙØ© على “مسار أخلاقي خطير قد لا يكون هناك خلاص منه”(16).
ويبدو أن القرصنة ونشر الادعاءات التي لم يتم التØقق منها بدأت تÙشكّÙÙ„ تهديدًا للصØاÙØ© الرصينة. ÙˆÙÙŠ هذا السياق يقول جين مارتنسون (Jane Martinson): إن الصØاÙØ© المهنية يجب أن تØذر من التعامل مع “أي ادّÙعاء مهما كانت القيمة والأهمية الإخبارية التي ÙŠØملها؛ لأن مثل هذه المواق٠قد تؤدي بالصØاÙØ© إلى التهلكة”(17)ØŒ ويظهر أن دور الصØاÙØ©ØŒ أو على أقل تقدير لنقل: بعض الصØاÙØ©ØŒ أمسى اليوم يلتقط أي معلومة أو رسالة والعمل على نشرها وترك مهمة التَّØقّÙÙ‚ والتوثيق والتأكد من المصداقية إلى المتلقي. ودخل الإعلام الخبري ÙÙŠ عصرنا ÙÙŠ Øرب المعلومات التي بات من العسير معرÙØ© ما الذي باستطاعتنا الوثوق به وماذا يجب علينا قبوله وكأنه موثَّق. إضاÙØ© إلى ذلك، Ùإن طبيعة الØقيقة أصبØت على المØÙƒ.
والهاكطولوجيا كنظرية تدرس الØقبة الجديدة التي تمر بها الصØاÙØ© والتي Ùيها أخذ دورها ÙƒØارس يغربل المعلومات والمزاعم قبل نشرها كإجراء مهم لتØقيق المصداقية والدقة بالتراجع. وهناك اليوم من يرى أن عملية غربلة المعلومات والادعاءات لم تعد من الأهمية بمكان؛ لأن الوسط الذي تعيش Ùيه الصØاÙØ© لم يعد موائمًا لتطبيق مبادئ مثل النزاهة والموضوعية. ويقول رئيس تØرير موقع بزÙيد (BuzzFeed)ØŒ بن سميث (Ben Smith): إن الإعلام الخبري “له الØÙ‚ المطلق ÙÙŠ نشر معلومة لم يتم التَّØقّÙÙ‚ منها” ÙÙŠ عالم يستØوذ عليه الاتصال الرَّقمي، ÙÙ€”Ù†ØÙ† اليوم نعيش ÙÙŠ بيئة تÙرض عليك التعامل مع بيانات وأقوال كاذبة ومÙبركة”(18). وقد أثنى سميث على ما قام به موقعه بشأن نشر معلومات غير موثَّقة Øول امتلاك روسيا ملÙًّا عن دونالد ترامب خلال وجوده ÙÙŠ Ùنادق موسكو.
وسميث ليس ÙˆØيدًا ÙÙŠ موقÙÙ‡ هذا؛ Ùقد أتاه Ù…Ø¯ÙŠØ Ù…Ù† الصØÙÙŠ الأميركي، غلين غرينولد (Glenn Greenwald)ØŒ معتبرًا أن سميث “قدَّم خدمة جليلة للصØاÙØ©” بقراره نشر مادة لم يبذل أي جهد للتَّØقّÙÙ‚ منها. ومن الذين داÙعوا عن موق٠سميث كان بول وود (Paul Wood) من هيئة الإذاعة البريطانية؛ الذي قال: إن الزمن الذي كانت Ùيه الصØاÙØ© تؤدي دور الرقيب والØارس الذي يمنع نشر أي مادة لم يتم غربلتها من Øيث الدقة والمصداقية والتوثيق قد أصبØت وراء ظهرنا. ويضي٠وود: “كان هناك زمن يجب عليك أن تقوم بدور الØارس والرقيب على المعلومة وتقول لمتلقيك: اعتمد علينا وليكن لديك ثقة بنا، Ù†ØÙ† Ù†ØÙظ ولا ننشر أي شيء يصلنا، ولدينا الكثير من الأسرار لن نبلغك بها ومع ذلك عليك الوثوق بنا. بإمكانك القول: إن تلك الØقبة كانت Øقبة جيدة أو Øقبة سيئة، بيد أنها لم تعد توائم العصر الذي نعيشه اليوم”(19).
الهاكطولوجيا والأزمات بمنطقة الشرق الأوسط
سأØاول ÙÙŠ هذا القسم من الورقة مناقشة نظرية الهاكطولوجيا من منظور الأزمات ÙÙŠ الشرق الأوسط وما ÙŠØدث ÙÙŠ هذه المنطقة من هجمات إلكترونية وقرصنة. وسأشير إلى أهم الÙرضيات والمقدمات المنطقية للنظرية التي جرى تقديمها أعلاه تØت عنوان “نظرية الهاكطولوجيا”.
لن نغالي إذا قلنا: إن الأخبار الكاذبة والقرصنة والتسريب ÙÙŠ الشرق الأوسط قد وضع المنطقة على ما يشبه “برميل بارود”. وليس ÙÙŠ الأمر غرابة أن يكون الشرق الأوسط مرتعًا للهجمات والقرصنة الإلكترونية والأخبار الكاذبة ونظريات المؤامرة. وتكمن الخطورة Øاليًّا ÙÙŠ الطرق المÙعقَّدة والمتطورة التي يلجأ إليها الناس للقرصنة ونشر الأخبار الكاذبة وما يتبعها من آثار مدمّÙرة على المنطقة ودولها وشعوبها(20).
Ùما هي نظريات المؤامرة يا ترى؟ نظريات المؤامرة شكل من أشكال الأخبار الكاذبة ولن نجاÙÙŠ الØقيقة إذا قلنا: إنها ظاهرة مألوÙØ© ÙÙŠ الشرق الأوسط. لقد ترعرعت الكثير من الØكومات ÙÙŠ هذه المنطقة ومعها مؤسسات Øيوية مع Øملات التضليل والØروب الدعائية. وكانت المنطقة هذه ولا تزال تÙرْبÙÙƒ وتÙذْهÙÙ„ أعداءها قبل أصدقائها لبزوغ وانتشار هذه الظاهرة وتضع مواطنيها ÙÙŠ Øالة من الالتباس والغموض(21).
ومن الصعوبة بمكان ÙÙŠ عالم تستØوذ عليه الثورة الرَّقمية، معرÙØ© أسماء ونوايا الذين يقودون الهجمات الإلكترونية والقائمين على المواقع التي تبث الأخبار الكاذبة وتÙشيع نظريات المؤامرة. وهكذا رأينا كي٠أن الأخبار الكاذبة التي ÙŠÙرجعها البعض إلى مواقع ومصادر ÙÙŠ روسيا انتشرت بشكل سريع ومؤثّÙر على شبكات التواصل الاجتماعي لاسيما تويتر، ورأينا كي٠أن مجموعات المعلّÙقين المعبَّئين وأØيانًا مدÙوعي الأجر لعبوا دورًا ÙÙŠ تقرير نتيجة الانتخابات الرئاسية ÙÙŠ الولايات المتØدة لعام 2016(22).
ويبدو أنه ليس بمقدور أي باØØ« أو Ù…ØلّÙÙ„ تخمين مقدار الأثر الذي سيتركه تنامي وازدهار البيئة التي تترعرع Ùيها الهجمات الإلكترونية ونظريات المؤامرة والأخبار الكاذبة ÙÙŠ منطقة مثل الشرق الأوسط. والسبب واضØØ› ÙÙÙŠ الشرق الأوسط هناك شهية كبيرة للتعامل مع أنصا٠الØقائق. ÙˆØين تكون ÙÙŠ متناول الذين يبثون التضليل، ويروجون أنصا٠الØقائق ونظريات المؤامرة، أجهزة رقمية Ùائقة التطور ØªØ³Ù…Ø Ù„Ù‡Ù… بالدخول غير الشرعي إلى منصات إعلامية رسمية، عندها ربما بإمكاننا تخمين مقدار الأذى السياسي والاقتصادي والاجتماعي ÙˆØتى الثقاÙÙŠ الذي قد يقع.
وأمام هذا الواقع لا يجوز الركون إلى أنه ستكون هناك نهاية سريعة أو Øلٌّ مقبول للقرصنة والهجمات الإلكترونية ونشر الأخبار الكاذبة والدخول غير المشروع على مواقع رسمية أو غيرها ÙÙŠ سبيل الØصول على المعلومة غير المتاØØ© أو إقØام معلومات كاذبة ونشرها وتوزيعها وكأنها صادرة من الموقع ذاته وليست دخيلة. وعليه، هناك إمكانية كبيرة Ù„Øصول تعويق أو تعطيل لموقع رسمي ÙÙŠ سبيل بث أخبار كاذبة، لاسيما إذا أخذنا الاستقطاب المتزايد والهائل الذي يميز منطقة الشرق الأوسط الآن.
وتÙظهر التجربة والدراسات التي استندت إلى نظرية الهاكطولوجيا أن إمكانية القرصنة والهجمات الإلكترونية ونشر الأخبار الكاذبة ÙÙŠ تÙجير الأوضاع لا تزال كبيرة وتأخذ أبعادًا خطيرة ÙÙŠ المجتمعات الضعيÙØ© وغير المستقرة التي تتقاذÙها أمواج النزاعات القبلية والمناطقية والمذهبية كما هي الØال ÙÙŠ الشرق الأوسط. وتكتسب الهجمات الإلكترونية ÙˆØملات نشر الأخبار الكاذبة أهمية بالغة ÙÙŠ تعبئة الناس لاسيما عندما تركز ÙÙŠ تغطيتها على مواضيع تتعلق بالهوية. ÙÙÙŠ لبنان مثلًا ينتاب الناس قلق كبير نتيجة الوضع الخطير ÙÙŠ سوريا وقرع الطبول لجولة قتال أخرى بين Øزب الله وإسرائيل. ÙˆÙÙŠ لبنان، كما ÙÙŠ الأقطار الأخرى بمنطقة الشرق الأوسط، أخذ الناس يستقون المعلومات والأخبار من خلال رسائل نصية على الأجهزة الذكية والرَّقمية الØديثة التي يمتلكونها. وقد أصبØاليوم بإمكان أي شخص أن ÙŠÙشكّÙÙ„ مجموعة كبيرة يشترك معها ÙÙŠ تبادل الرسائل النصية التي ÙÙŠ كثير من الأØيان تØتوي روابط أو اقتباسات من قصص خبرية غير موثقة ولا يمكن الاعتداد بها، بمعنى آخر أنها تقع ÙÙŠ خانة الأخبار الكاذبة(23).
لنأخذ قصة خبرية Ù…ÙزَيَّÙØ© جرى تناقلها على نطاق واسع وأثارت الكثير من الشكوك والدهشة:
ورد خبر عاجل على صÙØات شبكات التواصل الاجتماعي زعم Ù…ÙرَوّÙجوه أنه نقلًا عن وكالة رويترز. وقد بدأ الخبر العاجل بÙقرة أو جملة رأسية على الشكل التالي: “Øزب الله يخط٠ضباط نخبة كبارًا يعملون ÙÙŠ الموساد الإسرائيلي”ØŒ وكانت هناك ترجمة عربية للخبر العاجل والمزور ÙÙŠ Ù†Ùس الوقت؛ Øيث نقل الخبر عن ضباط ÙÙŠ الاستخبارات الإسرائيلية رÙضوا الكش٠عن هويتهم قولهم: “إن إسرائيل ستشنّ٠Øربًا على Øزب الله جرَّاء خطÙÙ‡ لزملائهم”. وجاء ÙÙŠ الخبر نقلًا عن ضباط الاستخبارات الإسرائيلية: “إننا لن نتØمل المسؤولية عن النتائج؛ لأن الشعب اللبناني ÙŠØتضن Øزب الله الإرهابي”. إن Ù…Øتوى مثل هذا الخبر رغم زيÙÙ‡ لابد وأن ÙŠÙثير القلق. ورغم أن صياغة الخبر العاجل تÙتقر إلى الأسس الصØاÙية المطلوبة لكتابة خبر صØÙÙŠ عاجل، Ùإن تناقل معلومات خطيرة كهذه ÙÙŠ منطقة ÙŠØتضن كل برميل من Ù†Ùطها برميلًا من الكبريت قد يكون له نتائج وخيمة لو Ø£Ùسيء تÙسيره(24).
ونعود إلى نظرية الهاكطولوجيا ودورها ÙÙŠ تقديم وتÙسير ظواهر مثل هذه من خلال منطلقات نظرية ÙˆÙرضيات تÙمكّÙننا من استيعابها وشرØها وتÙسيرها والتكهن بمسارها. لو تÙØصنا الخبر ÙˆØلَّلناه لمعرÙØ© مدى تأثيره ووقْعه، يجب علينا إلقاء بعض الضوء على المتلقين الذين استهدÙهم: من هم؟ كم عددهم؟ ما وظائÙهم؟ ما مواقعهم ÙÙŠ اتخاذ قرارات Øاسمة؟ ÙÙŠ أي منطقة جغراÙية يعيشون Øتى ضمن نطاق دول صغيرة المساØØ© مثل لبنان وإسرائيل؟ إضاÙØ© إلى القيام بمØاولة جادة ونزيهة لكش٠المصدر أو المكان الذي انطلق منه الخبر.
تساعدنا نظرية الهاكطولوجيا ÙÙŠ تØليل الخبر لمعرÙØ© إن كان من قام بكتابته أو نشره قرصانًا من قراصنة الإنترنت أو شخصًا مخادعًا استطاع الوصول إلى قائمة بريد إلكتروني تØتوي عناوين طويلة ومهمة. لكن تبقى مسألة البØØ« عن المتلقين الذين يستهدÙهم القراصنة، أو ناشرو الأخبار الزائÙØ©ØŒ واØدةً من أهم المسائل التي على نظرية الهاكطولوجيا مساعدة الباØثين Ùيها؛ لأننا إذا لم نعر٠شيئًا عن الذين يستهدÙهم Ù…ÙرَوّÙجو الأخبار الكاذبة والقراصنة، ÙŠØµØ¨Ø Ø£Ù…Ø± اكتشاÙهم عسيرًا.
وإذا عدنا إلى المثال أعلاه، Ùلا أظن أن الخبر سينطلي على هيئات الاستخبارات الإسرائيلية التي تملك من الوسائل والخبرة ما ÙŠÙمَكّÙنها من كش٠زيÙÙ‡. ولكن هناك أمثلة (سنأتي عليها لاØقًا) جرى اتخاذ قرارات Øاسمة استنادًا إلى القرصنة أو الهجوم الإلكتروني الذي يهد٠إلى نشر وترويج معلومات رغم علم أصØاب هذه القرارات بأنها كاذبة وزائÙØ©. والسياسة اليوم تقودها الÙلسÙØ© الذرائعية التي قد تتخذ مثل هذا الخبر ذريعة للقيام بإجراء ما. أما لو أخذنا الجانب الآخر، وهو Øزب الله، Ùلا أظن أن هذه المنظمة متمرّÙسة ÙÙŠ علم ومهنة الاستخبارات مثل الموساد الإسرائيلي أو تمتلك ذات المصادر والموارد والتقنية لغربلة المصادر ÙˆÙرز الزّÙؤَان عن الØنطة؛ لأن الأسلوب الذي صيغ به الخبر ÙŠÙلَبّÙÙŠ متطلبات كتابة الخبر رغم أن التØليل ÙŠÙظهر أنه يقترب من الأسلوب الدعائي ÙÙŠ تÙاصيله أكثر منه إلى خبر صØاÙÙŠ Ù…Øكم ورصين. Øاليًّا، ليس هناك أي داÙع Ù„Øزب الله وإسرائيل للشروع بØرب؛ Ùالجانبان منشغلان الآن بمسار الØرب ÙÙŠ سوريا. بيد أن شرارة انطلاق الØرب قد لا تتطلب إلا إشارة أو أمرًا من قائد ÙˆØدة عسكرية على الØدود الذي يستلم نصًّا مثل هذا ويصدّÙقه ويصدر أمرًا بإطلاق النار وسرعان ما تÙØªØ Ø§Ù„Ø¬Øيم أبوابها.
مهما يكن من أمر، Ùإن الخبر المزي٠الذي Ù†ØÙ† بصدده يرسو على أرضية واقعية وصلبة، ولهذا، هناك اØتمال كبير كي ÙŠÙصدّÙقه الناس المعنيون. والسبب يكمن ÙÙŠ السياق، وهو مبدأ تÙعÙير له نظرية الهاكطولوجيا أهمية بالغة. Ùالسياق الذي كان سببًا لإشعال شرارة Øرب 2006 بين إسرائيل ÙˆØزب الله له علاقة بمØاولات الخط٠المتكررة والÙاشلة التي قام بها الØزب ÙÙŠ عام 2005. لذا، Ùإن القرصنة والهجمات الإلكترونية ومÙروّÙجي الأخبار الكاذبة، Øسب بن نيمو (Ben Nimmo)ØŒ يبØثون عن سياق ذي صلة بالمعلومة التي ÙÙŠ نيتهم بثها؛ إذ كلما زاد Ù‚Ùرْب٠المعلومة من السياق، زاد وقعها وعدد متلقيها ولا يضيرهم بÙعدها عن الواقع والØقيقة. إنها آلية تقترب كثيرًا من آلية الكذب؛ Øيث إن أكثر أنواع الكذب تأثيرًا هي التي تبني Ùرضيتها على أمر واقعي ÙˆØقيقي(25).
ويقول نيمو: إن تÙشي أخبار كاذبة مثل هذه ÙŠÙشبه استخدام التقنية المتطورة ÙÙŠ إلقاء المناشير على Ø§Ù„Ù…Ø³Ø±Ø Ø§Ù„Ø°ÙŠ يعمل Ùيه العدو ÙÙŠ ساØØ© المعركة. ويستشهد الباØØ« بما ÙŠØدث ÙÙŠ أوكرانيا؛ Øيث يتم من Øين إلى آخر إرسال رسائل نصية إلى الهوات٠الشخصية والنقَّالة لأÙراد القوات المسلØØ© الأوكرانية أملًا ÙÙŠ تخويÙهم وإنزال الرعب ÙÙŠ قلوبهم كي يتركوا مواقعهم. ÙÙŠ هذه الØالة، يقول الباØØ«ØŒ ليس هناك أدنى شك ÙÙŠ أن المصدر هو روسيا، لكن ليس هناك دليل على ذلك؛ لأن الرسائل النصية هذه لا يمكن تتبعها؛ لأن مصدرها بطاقات هوات٠لا تشي بصاØبها ومكانه؛ Ùهي تنتØÙ„ صÙØ© كونها هوات٠نقالة Ù…Øلية تستند ÙÙŠ بثها إلى سوار٠تبث إشارات من داخل أوكرانيا.
والشرق الأوسط تتقاذÙÙ‡ صراعات Øامية الوطيس أطراÙها شتى وميولها متشعبة. بيد أن ما نلاØظه الآن من Ø£Øداث تظهر لنا تجلي تكتيكات جديدة وغريبة الأطوار ÙÙŠ آن واØد للقرصنة وشنّ٠هجمات إلكترونية وبث الأخبار الكاذبة. واتخذت مؤخرًا هذه الأنماط منØÙ‰ ÙŠÙراد به بذر بذور الشقاق والإرباك والبلبلة والريبة ÙÙŠ شعوب المنطقة وقد وصل تأثيرها السلبي إلى مستوى الدول والØكومات.
ولنأخذ مثالًا آخر للقرصنة وشن الهجمات الإلكترونية ÙÙŠ الشرق الأوسط:
يتعلق الأمر بالأزمة الخليجية بين المملكة العربية السعودية والإمارات والبØرين ومصر من جهة، ودولة قطر من جهة أخرى. ويندرج السبب الذي أطلق شرارة هذه الأزمة ÙÙŠ سياق موضوعنا، ÙˆÙيشكّÙÙ„ مادة خصبة ودسمة للمهتمين بنظرية الهاكطولوجيا. Ùالأزمة التي مضى على اندلاعها، Øتى اليوم، خمسة أشهر جاءت نتيجة نشر تقرير أو خبر كاذب غرزه قراصنة ÙÙŠ وكالة الأنباء القطرية بعد أن تمكنوا من قرصنة موقعها على الشبكة العنكبوتية ضمن هجمة إلكترونية Ù…Øكمة.
وكان لنشر التقرير المزي٠من Ù‚Ùبَل وكالة أخبار Ù…Øلية وقْع الصاعقة على القطريين الذي تØسَّسوا أن وراء الأكمة ما وراءها. وأثارت التغطية الإخبارية الÙورية والشاملة والواسعة والمستمرة له -لاسيما من Ù‚Ùبَل إعلام الدول التي كانت على علم بالتقرير المÙÙَبْرَك ووراء بثه بعد Ù…Øاولة قرصنة إلكترونية ناجØØ©- الشكوك ليس لدى القطريين بل المØللين المهتمين بأØداث المنطقة. ويبدو أن التقرير المزي٠كان Ù…Ùعدًّا له سابقًا ويقع ضمن سياق الأØداث ÙÙŠ منطقة الشرق الأوسط؛ Øيث باستطاعة المتلقي ربط السياق العام للأØداث بالمواضيع التي تطرَّق إليها ولغته وأسلوبه.
قلنا أعلاه: إن قراصنة المعلومات ومÙسَرّÙبيها والقائمين على الهجمات الإلكترونية يقولون إن غايتهم الأساسية هي الØصول على البيانات التي تضعها السلطات طي الكتمان. ولكن من الخطأ الاعتقاد بأن هد٠القراصنة هو الØصول على المعلومات السرية ومن ثم Ø§Ù„Ø¨ÙˆØ Ø¨Ù‡Ø§ علانية خدمة للمصلØØ© العامة. ÙÙŠ الآونة الأخيرة نلاØظ تغييرًا ÙÙŠ وجهة القرصنة والهجمة الإلكترونية صوب “التجسس لقاء ثمن”(26). وتÙقدّÙÙ… قرصنة موقع وكالة الأنباء القطرية بغرض نشر Ù…Øتوى صادم ومن ثم نسبته لأمير قطر، الشيخ تميم بن Øمد آل ثاني، دليلًا إضاÙيًّا على أهمية نظرية الهاكطولوجيا. ÙÙÙŠ التقرير “المÙÙَبْرَك”ØŒ الذي جرى إقØامه ÙÙŠ موقع وكالة الأخبار القطرية، Ù†ÙÙ‚ÙÙ„ عن الأمير تضامنه مع إيران، ووصÙÙ‡ Ù„Øركة Øماس بالممثل الشرعي للÙلسطينيين، مشيرًا إلى توقعاته -Øسب التقرير- بشأن عزل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب(27).
ورغم Ù†ÙÙŠ قطر للتقرير وما Ù†Ùسب للأمير، الشيخ تميم، والبرهنة من Ù‚Ùبَل وكالات استخبارات مستقلة على أن التقرير Ù…ÙÙَبْرَك(28)ØŒ Ùإن القرصنة أشعلت شرارة أزمة دبلوماسية أدت إلى قيام أربع دول عربية بسØب سÙرائها من قطر ÙˆÙرض عقوبات عليها ÙÙŠ مرØلة بدا أن المنطقة على وشك الانÙجار. والأدهى، أن الدول الأربع بَنَتْ أغلب مواقÙها على المØتوى المÙÙَبْرَك الذي تم بثه من خلال عملية قرصنة ناجØØ©. ليس هذا ÙØسب، بل دخلت معظم وسائل الإعلام الرئيسية على خطّ٠مواق٠هذه الدول ونقلت Ùقرات مطولة من المØتوى المÙÙَبْرَك. وقد نسأل: لماذا كل هذا التهاÙت على أخبار كاذبة ومØتوى Ù…ÙÙَبْرَك جرى بثّÙÙ‡ من خلال عملية قرصنة Ùائقة التطور؟ نظرية الهاكطولوجيا تÙقدّÙÙ… تÙسيرًا لهذه الظاهرة من خلال اتكاء Ø¥Øدى Ùرضياتها المهمة على السياق. إن الذين كتبوا المادة أشاروا لأØداث وأقاويل ذات علاقة مباشرة بسياق الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ÙÙŠ المنطقة.
ودعَّمَت تقارير الاستخبارات الأميركية، التي تم الكش٠عنها، موقÙÙŽ قطر بشأن التقرير المÙÙَبْرَك الذي تم نشره بعد قرصنة موقع وكالة الأنباء القطرية من Ù‚Ùبَل مناÙسيها ÙÙŠ الخليج. واستنادًا إلى هذه التقارير، يبدو أن Øكومة دولة الإمارات ناقشت خطة لقرصنة وكالة الأنباء القطرية، ÙÙŠ 23 مايو/أيار 2017ØŒ أي يومًا واØدًا قبل وقوع الهجوم الإلكتروني. وتقول التقارير: إن القرصنة ربما قام بها الإماراتيون أنÙسهم أو استندوا ÙÙŠ تنÙيذها على طر٠ثالث. وكان مكتب التØقيقات الÙيدرالي الأميركي كش٠ÙÙŠ تØقيق له أن القرصنة كانت من عمل القراصنة الروس. بيد أن المسألة، Øسب نظرية الهاكطولوجيا، لا تختل٠كثيرًا إن كان القراصنة من روسيا أو تابعين Ù„Øكومات معينة أو أشخاصًا مستقلين جرى تجنيدهم من قبل طر٠ثالث(29). ما يهمنا هو تقديم تÙسير علمي رصين لها ضمن إطار ظاهرة قرصنة وتسريب المعلومات لمعرÙØ© دواÙعها والجهات التي كانت وراءها وسياقها.
وما يخصنا ÙÙŠ هذا البØØ« هو أن الأزمة ÙÙŠ الخليج لا تزال قائمة وربما لن نسبر أغوار نتائجها الجيوبوليتيكية الهائلة على المنطقة. ومن ثَمَّ، Ùإن هذه الأزمة تؤكد Ø¥Øدى الÙرضيات المهمة التي تستند إليها نظرية الهاكطولوجيا من أن الإعلام والØكومات تركز على الØدث أو الواقعة التي سبَّبتها القرصنة وتنسى أو تغضّ٠النظر ÙÙŠ الغالب عن عدم قانونية عملية القرصنة هذه والبØØ« عن آليات لمعاقبة مرتكبيها لما سببوه من أذى.
وإن صدَّقنا تقارير الاستخبارات الأميركية، Ùإننا نكون وجهًا لوجه أمام خبر كاذب غايته التأثير ÙÙŠ مسيرة الأØداث ÙÙŠ الشرق الأوسط، وأيضًا خلق Øقائق أو وقائع بديلة، ومعنى ذلك أن هناك Øقيقة مقابلة ومعارضة لكل Øقيقة نمتلكها Øتى وإن كانت لها أدلتها التي لا يمكن دØضها. وتسعى نظرية الهاكطولوجيا إلى تÙسير ظواهر مثل هذه بغية استيعابها وتقديم Ùرضيات أو مقدمات منطقية تضم عددًا من الخصائص التي تميزها ومن ثم التنبؤ بمساراتها وتبعاتها. وأخيرًا ودراسة الأثر الذي تخلÙÙ‡ على الممارسة الصØÙية.
استنتاجات
لقد صار جليًّا أن نظرية الهاكطولوجيا تساعدنا ÙÙŠ تÙسير ظاهرة القرصنة الإلكترونية وما يتبعها من تسريب للمعلومات. وكذلك تمنØنا الÙرصة لتقدير السياق الاجتماعي والسياسي والثقاÙÙŠ والاقتصادي للأثر الذي تخلÙÙ‡ القرصنة وبث الأخبار الكاذبة. وإذا أخذنا سياق منطقة الشرق الأوسط ÙÙŠ عين الاعتبار استنادًا إلى التØليل أعلاه، لرأينا أن قرصنة وتسريب المعلومات ونشر الأخبار الكاذبة سيظل جزءًا Ù…ÙكَمّÙلًا لجمع المعلومات نتيجة للاستقطاب المتزايد والهائل الذي تشهده المنطقة. ويÙظهر التØليل أن القرصنة تأخذ أبعادًا خطيرة ÙÙŠ المجتمعات الضعيÙØ© وغير المستقرة التي تتقاذÙها أمواج النزاعات القبلية والمناطقية والمذهبية وتÙتقر إلى نظم مؤسساتية ديمقراطية Ø´ÙاÙØ©.
وتÙبيّÙÙ† الدراسة أيضًا أن التØليل الهاكطولوجي وطروØاته النظرية ÙˆÙرضياته تÙمكّÙننا من استيعاب ÙˆØ´Ø±Ø ÙˆØªÙسير وكذلك توقّÙع مسار ظواهر ونماذج كالتي تطرقنا إليها ÙÙŠ هذه الورقة. وأية Ù…Øاولة جادة لتطبيق النظرية تØتاج إلى معرÙØ© إثنوغراÙية عن المتلقين: من هم؟ كم عددهم؟ ما وظائÙهم؟ ما مواقعهم ÙÙŠ اتخاذ قرارات Øاسمة؟ ÙÙŠ أية منطقة جغراÙية يعيشون Øتى ضمن نطاق دول صغيرة المساØØ© مثل لبنان أو إسرائيل أو قطر أو البØرين؟
ويكش٠التØليل الهاكطولوجي أن الخبر أو المعلومة يزداد وقعها، رغم عدم مصداقيتها، إذا استندت إلى أرضية واقعية وصلبة قريبة من سياق الØدث وسياق الأشخاص الذين تستهدÙهم. كلما زاد قرب المعلومة من السياق، زاد وقعها وعدد متلقيها ولا يضيرهم بÙعدها عن الواقع والØقيقة. ويÙبيّÙÙ† التØليل أن للقرصنة الإلكترونية وتسريب المعلومات ونشر الأخبار الكاذبة وقعًا هائلًا ÙÙŠ منطقة الشرق الأوسط إلى درجة أن الظاهرة بدأت تأخذ منØÙ‰ خطيرًا ÙŠÙراد به تØقيق مآرب سياسية وجيوبوليتيكية وخلق الإرباك والبلبلة والريبة لدى الشعوب والØكومات.
ويؤكد التØليل Ø¥Øدى الÙرضيات المهمة التي تستند إليها نظرية الهاكطولوجيا من أن الإعلام والØكومات تركز على الØدث أو الواقعة التي سبَّبتها القرصنة وتنسى أو تغضّ٠النظر ÙÙŠ الغالب عن عدم قانونية عملية القرصنة والبØØ« عن آليات لمعاقبة مرتكبيها لما سبَّبوه من أذى.
وتÙبرهن الدراسة، وعلى الخصوص التØليل الخاص بمنطقة الشرق الأوسط، على أن غاية القراصنة وناشري المØتوى المÙÙَبْرَك هي التأثير ÙÙŠ مسارات الأØداث من خلال ربط المعلومة المقرصنة أو الكاذبة مع مجال ÙˆÙضاء وبيئة وسياق المتلقي، وأيضًا خلق Øقائق أو وقائع بديلة، ومعنى ذلك أن هناك Øقيقة مقابÙلة ومعارÙضة لكل Øقيقة نمتلكها Øتى وإن كانت لها أدلتها التي لا يمكن دØضها. وتسعى نظرية الهاكطولوجيا لتÙسير مثل هذه الظواهر بهد٠استيعابها وتقديم Ùرضيات أو مقدمات منطقية تضم عددًا من الخصائص التي تميزها ومن ثم التنبؤ بمساراتها وتبعاتها ودراسة الأثر الذي تخلّÙÙÙ‡ على الممارسة الصØاÙية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د.ليون برخو، أستاذ الإعلام والاتصال بجامعة قطر.
مراجع
(1) Flynn, Kathryn, “The practice and politics of leaking, Social Alternativesâ€, Vol. 30, No. 1, 2011, p. 24-28, (Visited on 15 September 2017): http://www.bmartin.cc/pubs/11sa/Flynn.html
(2) Wall, Matthew, “2,017 tech trends: “A major bank will failâ€, bbc.com, 6 January 2017, (Visited on 22 September 2017): http://www.bbc.com/news/business-38517517
(3) Kinery, Emma, “As Jeff Sessions announces leak crackdown, here are 12 major leaks of the Trump eraâ€, usatoday.com, 4 August 2017, (Visited on 28 September 2017):https://www.usatoday.com/story/news/politics/onpolitics/2017/08/04/here-12-major-leaks-donald-trump-era/539674001/.
(4) Savage, Charlie and Sullivan, Eileen, “Leak Investigations Triple Under Trump, Sessions Saysâ€, nytimes.com, 4 August 2017, (Visited on 2 September 2017):https://www.nytimes.com/2017/08/04/us/politics/jeff-sessions-trump-leaks-attorney-general.html.
(5) Farrell, John A, “The Press Should Skip the White House Briefingsâ€, nytimes.com, 24 January 2017, (Visited on 28 September 2017):https://goo.gl/vvvaA5
(6) Barkho, Leon, “Towards a theory of haktology’’, Journal of Applied Journalism & Media Studies, 6 (1), p. 3-10, 2017.
(7) Ibid.
(8) Wootson Jr., Cleve R., “The perfect meme for the ‘alternative facts’ era: #seanspicersaysâ€, washingtonpost.com, 22 January 2017, (Visited on 27 September 2017): https://goo.gl/tRoo51
(9)Perrot, Kathryn, “Fake news on social media influenced US election voters, experts sayâ€, abc.net, 14 November 2016, (Visited on 26 December 2016):http://www.abc.net.au/news/2016-11-14/fake-news-would-have-influenced-us-election-experts-say/8024660.
(10)Jones, Marc, “Hacking, bots and information wars in the Qatar spatâ€, washingtonpost.com, 7 June 2017, (Visited on 26 September 2017):https://goo.gl/Y24Mpk
(11) Cockburn, Patrick, “There is more propaganda than news coming out of Aleppo this weekâ€, The Independent, 16 December 2016, (Visited on 29 September 2016): http://www.independent.co.uk/voices/aleppo-crisis-syrian-war-bashar-al-assad-isis-more-propaganda-than-news-a7479901.html.
(12) Balleza, Maureen and Zernike, Kate, “THE 2004 CAMPAIGN: NATIONAL GUARD; Memos on Bush Are Fake But Accurate, Typist Saysâ€, nytimes.com, 15 September 2004, (Visited on 25 September 2017): http://www.nytimes.com/2004/09/15/us/the-2004-campaign-national-guard-memos-on-bush-are-fake-but-accurate.html.
(13) Fisk, Robert, “We are not living in a ‘post-truth’ world, we are living the lies of othersâ€, Independent, 29 December 2016, (Visited on 25 September 2017): http://www.independent.co.uk/voices/donald-trump-post-truth-world-living-the-lies-of-others-a7500136.html.
(14) Cockburn, “There is more propaganda than news coming out of Aleppo this weekâ€, op. cit.
(15) Taibbi, Matt, “Something About This Russian story Stinks, Rolling Stoneâ€, rollingstone.com, 30 December 2016, (Visited on 20 September 2017): http://www.rollingstone.com/politics/features/something-about-this-russia-story-stinks-w458439.
(16) Sullivan, Margaret, “How BuzzFeed crossed the line in publishing salacious ‘dossier’ on Trumpâ€, washingtonpost.com, 11 January 2017, (Visited on 29 September 2017): https://goo.gl/RHqY41
(17) Martinson, Jane, “BuzzFeed was wrong to publish the Trump rumours. Here’s whyâ€, theguardian.com, 12 January 2017, (Visited on 25 September 2017):https://www.theguardian.com/commentisfree/2017/jan/12/buzzfeed-was-wrong-to-publish-the-trump-rumours-heres-why.
(18) Booth, Robert, “BuzzFeed editor defends decision to publish Trump dossierâ€, theguardian.com, 12 January 2017, (Visited on 19 January 2017):https://www.theguardian.com/media/2017/jan/12/buzzfeed-editor-ben-smith-defends-decision-to-publish-trump-dossier.
(19) Ibid.
(20) McKernan, Bethan, “How fake news in the Middle East is a powder keg waiting to blowâ€, Independent, 10 September 2017, (Visited on 20 September 2017):http://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/middle-east-fake-news-consequences-israel-saudi-arabia-syria-lebanon-hezbollah-mossad-qatar-uae-a7936621.html.
(21) Hanna, Michael Wahid and Benaimaug, Daniel, “How Do Trump’s Conspiracy Theories Go Over in the Middle East? Dangerouslyâ€, nytimes.com, 17 August 2016, (Visited on 21 September 2017):https://www.nytimes.com/2016/08/17/opinion/how-do-trumps-conspiracy-theories-go-over-in-the-middle-east-dangerously.html?_r=0.
(22) Allcott, Hunt and Gentzkow Matthew, “Social Media and Fake news in the 2016 Electionâ€, Journal of Economic Perspective, Vol. 31, No. 2, p. 211-236, (Visited on 18 September 2017):https://web.stanford.edu/~gentzkow/research/fakenews.pdf. McKernan, “How fake news in the Middle East is a powder keg waiting to blowâ€, op. cit.
(23) Ibid.
(24) Rickli, Jean-Marc, “Misinformation Could Potentially lead to New Conflict in the Middle East’, Geneva Center for Security Study, 13 September 2017, (Visited on 25 September 2017):http://www.gcsp.ch/News-Knowledge/Global-insight/Misinformation-Could-Potentially-Lead-to-New-Conflict-in-the-Middle-East
(25) Nimmo, Ben, “Vilify and Amplify: How the Kremlin’s Disinformation Machine is Attacking the MH17 Probeâ€, atlanticcouncil.org, 27 September 2016, (Visited on 26 September 2017):http://www.atlanticcouncil.org/blogs/new-atlanticist/vilify-and-amplify-how-the-kremlin-s-disinformation-machine-is-attacking-the-mh17-probe.
(26) Jones, Marc, “Hacking, bots and information wars in the Qatar spat”, washingtonpost.com, 7 June 2017, (Visited on 26 September 2017):https://www.washingtonpost.com/news/monkey-cage/wp/2017/06/07/hacking-bots-and-information-wars-in-the-qatar-spat/?utm_term=.1334c6f03fc4.
(27) . Øسن، Ø£Øمد، “الخط الزمني لليلة الهجوم الإعلامي على قطر”ØŒ عربي21ØŒ 25 مايو/أيار 2017ØŒ (تاريخ الدخول: (2017) يونيو/Øزيران 8 https://goo.gl/B948lT
(28) DeYoung, Karen and Nakashima, Ellen, “UAE orchestrated hacking of Qatari government sites, sparking regional upheaval, according to U.S. intelligence officialsâ€, washingtonpost.com, 16 July 2017, (Visited on 24 September 2017): https://www.washingtonpost.com/world/national-security/uae-hacked-qatari-government-sites-sparking-regional-upheaval-according-to-us-intelligence-officials/2017/07/16/00c46e54-698f-11e7-8eb5-cbccc2e7bfbf_story.html?utm_term=.afe26d8a049a.
(29) Ibid.