القرآن التركي

“في أوائل العام 1649 ظهرت نسخة من هذا الكتاب بالإنجليزية، نشرها تاجر الكتب جون ستيفنسن في لندن، عن ترجمة فرنسية سيئة ترجمها شخص يدعى دور راير في العام 1647.

دان مجلس العموم الكتاب وهو لا يزال في المطبعة، وكان مجلس العموم في ذلك الوقت حساسا جدا لأي مطبوعات تحمل في رأيهم آراء هدامة. وفي التاسع عشر من شهر مارس في العام 1649 صدر الأمر إلى قائد أمن المجلس، لاصطحاب قوة والبحث عن المطبعة التي كانت تطبع القرآن في ذلك الوقت، والقبض على صاحبها، ومصادرة الماكينات والأوراق، واعتقال القائمين على الطباعة. سجن بائع الكتب بطبيعة الحال، وصودرت جميع النسخ، وفي الواحد والعشرين من مارس أحيل الموضوع برمته إلى مجلس الدول للحكم بتبرئة السجين أو استمرار حبسه أو اتخاذ أي إجراءات يراها المجلس الموقر من أجل إعدام النسخ أو مواصلة الطباعة. وأما مجلس الدولة فيبدو أنه ترك الأطراف في حيرة؛ فقد حذر من [التدخل في هذه الأمور وأوصى بتركها للمتخصصن فيها]. والحق أن الكتاب نشر رسميا في الثالث والعشرين من أبريل في العام 1649ØŒ وطبع مرتين في ذلك العام. وعلى رغم أن هذف الكتاب وفق ما جاء في تصدير المترجم الذي وضع عنوانه [إلى القارئ المسيحي]ØŒ هو التأكيد على [سلامة العقيدة المسيحية في عقله]ØŒ خصوصا عند اطلاعه على حياة محمد المناوئة لتعاليم المسيح، والتي وضعها المترجم في آخر الكتاب- فقد اعتبره أحد القراء على الأقل هجوما مقنَّعا على المسيحية، ودانه بشدة، في رسالة نشرها بعنوان [إجابة بلا سؤال، أو الطلب الانشقاقي من أجل التسامح الشيطاني مع الأديان الأخرى]ØŒ ومؤرخة في [العام المبارك الذي سمح فيه بنشر القرآن التركي في أرجاء المملكة في العام 1649]ØŒ ورفعت إلى رتشارد هولدزورث، الذي وافته المنية بسلام في شهر أغسطس من ذلك العام. يرى كاتب الرسالة نشر القرآن كمثال لما يحدث عند ممارسة هذا الضرب من التسامح الديني الذي دافع عنه العقيد برايد. ويزعم أنه [في أيام الملكة إليزابث والملك جيمس وطيب الذكر الملك تشارلز، كان جلب القرآن -ولا نقول ترجمته- من أعمال الخيانة، فضلا عن أن الترجمة الإنجليزية -بالاجتراء نفسه- تحذف عن عمد [جميع القصص المسرفة والسخيفة والمضحكة والمجدفة والمستحيلة، التي من شأنها أن تجعل من هذا السفر كتابا مرفوضا من الناس جميعا]. ومما لا شك فيه أن هذا رأي متطرف، لكنه يظهر الشك الذي كان يُستقبل به كتاب المسلمين من قبل أوساط المسيحيين على اختلاف مشاربهم، وهو ما كان ضمن العقبات الرئيسة أمام إعادة طبعه، على رغم إجماع جميع المستعربين الذي لا يزالون يقومون بواجبهاتهم، على أن طباعةالقرآن لا غنى عنها لدراسة العربية”ØŒ 64-65.

Related posts

Leave a Comment