مزاد للسيد شعبان جادو

… تهيأ ليوم النخاسة الكبرى في نادى الدجل ،إنهم يعرضون وجوده في ذلك المزاد المعد سلفا!

ثيابه التي تهرأت في السنوات السابقة؛فقد ترك رصيف الشوارع على جسده علامات: منها ماهو بارز يشي بألف أثر لعالم تسكنه الأوجاع،أحب مغادرة عالمه، نسي رغباته التي نازعته في خيالات المراهقة؛حيث كان يرتقب طيفها يلوح له من بعيد،يحلو له ذلك الخدر،بداخله جراح لما تشفى بعد.
مرت الأيام وكلما عاوده الحنين بات ينتحب؛أن غادرت حياته دون عودة.
أنكره عالمه المثقل بألف وجه للخداع،تبا للمثل تهوي بصاحبها في قرارة بئر لا نهاية له.
النسيان دواء عز عليه أن يتعاطاه،من يملك شراءه من خزانة يقف عليها ألف حارس؟
تمادى في وهمه الذي آنسه من جانب حلم تسلل عبر ممرات تلتحف العتمة،أشباح تلوح له مثل ذبالة مصباح بدائي تحركها الريح في يوم عاصف،انتبه من تلك الوساوس،تهيأ ليوم النخاسة الكبرى في نادى الدجل ،إنهم يعرضون وجوده في ذلك المزاد المعد سلفا!
بحث عن الورقة الصفراء،كثيرا ما تلمسها في واحدة من أغرب حالاته،الوجد والهوى أن يعدد ذكر آبائه،تلمس في بعض الصفحات سبرة رواه جده عن أبي زيد الهلالي،ظن نفسه صلاح الدين يتبختر به جواده عند الصخرة المباركة،تذكر أنه ركب القطار حيث باب الحديد،يومها سار منتشيا،يعانق رائحة المجد القادمة من الفسطاط،صلى هناك ركعات طيبات،تسلل حتى دخل القلعة،الحراس منشغلون بتبديل الشارات،سمنت جيادهم فهي مثقلات بأعباء الترهل.
المقامرة انقلبت مغامرة،وجد خارطة منزوية،يقال إن الزيف أبقاها في سترة جنرال ثمل بداء العجب،الوخزة آلمته،طعنة نفذت إلى شغاف قلبه،المهرجون ينتشون ألا وطن!
تقرحات جسده تخرج رؤوس الشياطين،الهول عم المكان،الرؤية حجبت وراء أسداف ظلام لا نهاية له!
الحراس المنشغلون بيوم الزينة تشمموا أنفاسه،أطلقوا كلابهم تعدو خلفه،جرى في المكان،تحت ركام من حجارة التيه توارى،الزمان هو الآخر يشي به،ندت من عينه دمعة حفرت أخدودا في وجهه،أنبتت شتلة أينعت زهرة.
انكفأ على نفسه،ثيابه تقاصرت،لحيته تطلق ساقيها للريح،نثرها متسربلا بداء الخيبة مثل عصف ذرته الريح في يوم عاصف.
استجمع قواه التى خذلته مرة ومرة،عند قبر الجندي المجهول كتب اسمه،ساعتها شعر بذاته التى توارت رغما عنه؛استعاد هويته المنسحقة،رفع يده ملوحا بشارته التي تأبى الخنوع.
تحركت الغربان،جعلت على كل جبل منه جزءا،البراعم الآتية من رحم أمهات لم يولدن بعد،ربما ينثرونه قطرات عطر يتماوج مع زرقة البحر.
كل ما يشغله في تلك اللحظة هل ستأتي لتودعه؟
النسيان سيلتهم ذاكرتها بكل تأكيد،شيء واحد يدفعه للتعلق بذلك الطيف أنها تنفست عبق هذا الثرى.

Related posts

Leave a Comment