عفوا حذاء مشترك للسيد شعبان جادو

ذئب عمي سلطان يقترب كل ليلة من حظيرتنا،الجراء الصغيرة صاحبته،عرف كيف يترك لها الفتات،

في أحيان كثيرة تحدث أشياء يصعب علي تفسيرها،ربما هي خارج المنطق فلا قيمة لها،صرت واهن الجسد،أحمل عبء السنين على ظهري،التعب نال مني،أعيش في عالمين لا يوجد رابط بينهما، أول أمس ارتحلت مرة ثانية حيث عالم فرض علي أن أتواجد فيه،لا بد من الذهاب مبكرا،ولأنني عجل دائما ،الذاكرة غامت حين بحثت في خزانة الأحذية لأدس قدمي في ذلك الحذاء الأسود،لم أستبن أي واحد هو لي،ولأن الأحداث متداخلة،والأفكار مضطربة،فقد هاتفني ولدي غاضبا ؛أنني بدلت إحدى فردتي الحذاء،حمدت الله أنهما تتشابهان كثيرا،وأن لم ألبس واحدة من حذاء زوجتي،يحدث كثيرا أن يكون الجورب هكذا،غلبتني سخرية توشك أن تحيلني هازئا،اليوم تغيم رؤية الوطن تحت وقع النشوة الكبرى؛ المعدمون يهتفون بالفوز في ملهاة تضرب أوتاد الخيمة،السمار ينشدون أهازيج النصر،لكنهم لا يلتحفون غير العراء،ولا يتناولون سوى بضعة أرغفة يابسة ،ما تفيد تلك السخافة إلا مزيدا من التسول،الأواني فارغة،شرائح البطاطس بيضاء فلا لحم لدينا،ولن نتناول المرق!
ولأنني كاتب قصة تشغلني مفرداتي،تبحث فكرتي عن بطل ليمثل على خشبة المسرح،من بعيد تأتي كلماتها ،ما عاد العراق سوى ثوب خلق،بغداد يؤمها ابن العلقمي،ودمشق ألف وجه كاذب يكتب لها الدستور،كل العواصم صارت مدن ملح،المخدرون يقبعون في الزاوية المعتمة يلوكون الحكايات القديمة ،يجترون الأحداث نفسها،ذاكرتهم متوقفة عند بطولات الزعيم الخالد،وفي نهاية اليوم البطيء مثل دودة الحائط المتشح بالعفونة واللزوجة يزحفون إلى مخادعهم،يضاجعون الفقر ،ويتناولون أرغفة الدعم التى تشبه صكوك الغفران،وفي الصباح يصلون قبلة البيت الحرام،حقا بلغ بي العذر نهايته،فالجورب ذو ألوان متعددة،من كل أرتدي،حتى الكتب على المائدة مضطربة،أحاول أن أمزق ذلك الثوب المسدل حجابا عن عيني،القطار كان يمر من هنا،منذ سنوات كنا نبتاع الآن العملة الخضراء زاحمت الجنيه،العتمة تطبق مثل ذئب عم سلطان ؛يالها من حادثة تعاود ملحة كلما سمعت نباح الكلاب خارج البيت،إنه يقتنص الفراخ من الكن،أمي كانت تفجع كل صباح في دجاجاتها،الآن هو يبيعنا البيض الواحدة بجنيه ونصف،لم يعد يمزق بطونها ،ما سرقه طوال سنين الغفلة التى أدمنا فيها الحكي،حتى غفلنا عن أحذيتنا،بل سرق منا عطر القارورة اليتيمة،رائحة أجسادنا أشبه بخزانة عتيقة دس فيها الزمن أشياءه!
أحاول جاهدا أن أتخلى عن بعض أفكاري،ما يضيرني أن أرتدي شارة هؤلاء!
لساني يعجز أن يؤدي بعض تلك الحروف الهجين،يكفيه الانفصال عن واقع مدلس،الملهاة تسير فيها الشياه ولاتدري أن المقصلة منتصبة،ذئب عمي سلطان يقترب كل ليلة من حظيرتنا،الجراء الصغيرة صاحبته،عرف كيف يترك لها الفتات،صرت غير آمن،سأترك الحديقة،ما عادت تعطي ثمارها،سأتاجر في المعلبات وحلوى الأطفال،لا سأجمع قطع الحديد،وأغطية العصائر المعلبة،في ” بنها” كنت أشاهد رجلا يبيع المياه في عربات القطار،لم تعد بي حاجة لحذاء متسق،سأتسول حافيا،حتى الكتب ما أجدت نفعا،ولا زجاجة العطر بقادرة أن تمحو الرائحة.

Related posts

Leave a Comment