نـÙØ´Ùرَتْ هذه المقالة ÙÙŠ مجلة “العلوم” البيروتية المØتجبة اليوم، بالعدد التاسع من السنة الثانية عشرة، أيلول 1967Ù….
مقدّÙمة :
نـÙØ´Ùرَتْ هذه المقالة ÙÙŠ مجلة ( العلوم ) البيروتية المØتجبة اليوم ØŒ بالعدد التاسع من السنة الثانية عشرة ــ أيلول 1967Ù… .
كانتْ لدينا نسخة من ديوان ( أشعة ملونة ) لشاعر العربية Ø£Øمد الصاÙÙŠ النجÙÙŠ ØŒ أيَّام كان مقيما Ù‹ بلبنان ØŒ طـÙبعَتْ كما أخال سنة 1939Ù… ØŒ استـÙهـÙلـَّتْ بمقدّÙمة ضاÙية بعض الشيء٠Øول وظيÙØ© الÙنون الشعريَّة ودورها ÙÙŠ Ø¥ØµÙ„Ø§Ø Ø§Ù„Ù…Ø¬ØªÙ…Ø¹Ø§Øª الإنسانية ØŒ كتبها الأستاذ المرØوم جعÙر الخليلي ØŒ تسبقها صورة ÙوتوغراÙية يبين Ùيها الشاعر يتوسَّط ÙÙŠ جلسته أصÙياءه وعÙشراءه : جعÙر الخليلي Ù†Ùسه ØŒ والمربي اللبناني العامل وقتها ÙÙŠ ثانوية النج٠الأشر٠إسكندر Øريق ØŒ ثمَّ الأستاذ الراØÙ„ عبود زلزلة مدير الثانوية المذكورة وقت ذاك أو قبله ببضع سنوات .
وأخيرا Ù‹ طبع الديوان مرَّة ثانية ØŒ واستبعدَتْ منه الصورة والمقدّÙمة ØŒ مع أنَّ الصورة المستبعدَة Ù…Ùيدة للقارئ إلى Øد٠، من Øيث الاستدلال على أنَّ الذاكرة قد تخون Ø£Ùهام الرجال المشتغلينَ بالقضايا الأدبية والÙكرية ØŒ وتضللهم وتختلط عندهم المعلومات والØقائق والوقائع ØŒ Ùمثلا Ù‹ : جاء ÙÙŠ Ø£Øد أجزاء موسوعة الخليلي الشهيرة ( هكذا عرÙتهم ) ØŒ أنَّ الصلة انبتتْ أو Ùترَتْ أو انقطعَتْ كليا Ù‹ بينه وبين الأستاذ عبود زلزلة ØŒ لأنـَّه استعان به كشاهد إثبات أمام المØكمة ÙÙŠ قضيَّة تخصّ٠مسألة النشر ÙÙŠ صØÙŠÙته ( الهات٠) ØŒ Ùلمْ تعجبه شهادته أو أنـَّه خيَّب ظنـَّه منذ بداية ثلاثينيات القرن الماضي ØŒ Ùكي٠تلاقيا ÙÙŠ جلسة الصاÙÙŠ عام 1939Ù… ØŒ والتقطتْ له ولجماعته صورة ÙوتوغراÙية ØŸ .
نص المقالة المنشورة عام 1967م :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لعلَّ الصاÙÙŠ النجÙÙŠ أزهد٠أهل الشاعريَّة ÙÙŠ التوÙر على صياغة قصائد المناسبات العارضة التي يعنى بها عادة بتصوير ضروب الأØداث الملØØ© والخطوب الداهمة ØŒ وذاك يعني بØال ضآلة نصيبه من الإسهام ÙÙŠ ابتعاث العرام والنخوة ÙÙŠ Ù†Ùوس الآدميينَ Øين تكون مصائرهم عرضة للعواقب الوخيمة ØŒ إنْ لم يتجهَّزوا لمواجهتها بما ينبغي لهم من التØامي والمجانبة Ø› Ùشعر المناسبة إنْ لم يغتن ٠بالشمول الإنساني ÙŠÙتقد الØاجة للانتÙاع به ÙÙŠ تربية النÙوس وتهذيب السلائق وترهي٠الأذواق بمجرَّد انطواء المناسبة التي استتبعته واقتضَت٠الاطلاع به ØŒ ويظلّ٠بعد هذا أشبه بالمدونات التاريخيَّة وأعلق بها منه إلى الشعر الخالد ØŒ ومداه من Øيازة الإعجاب والتهليل لا يتعدى ظرÙÙ‡ الماثل ويتجاوزه بمقدار ØŒ ولا عبرة بعد٠بما يستØÙثّ٠عليه إنشاده ويبتعثه من التصÙيق المدوّÙÙŠ والثناء الØسن ØŒ Ùهو إنْ استجاش شعورا Ù‹ واستنÙر عاطÙØ© ÙÙŠ وقته ØŒ Ùإلى أمد٠مØدود٠بØدود المناسبة ومرهونا Ù‹ بها ØŒ إذ هي منقضية منطوية إثر سابقات٠عليها من سانØات العصور .
وليس شرطا Ù‹ أنْ لا يعدَّ الشاعر ملتزما Ù‹ بالتعبير عن قضايا مجتمعه إنْ هو أغÙÙ„ تصوير مشكلاته العامة والاضطلاع بتمثيل متطلباته ØŒ Ùقد لا يكون ملما Ù‹ بدقائقها عارÙا Ù‹ بمداخلها ومخارجها جملة ØŒ وقد يكون من جهة ثانية على نصيب٠من الإلمام والعرÙان لكن لا للØدّ٠المÙسَاع٠الملØ٠على معاناة تجربة الإØساس الÙني الصادق الذي يلهم عادة بالتأدية السليمة والتعبير الموائم والقالب المناسب Ø› Ùالشاعر المعني بالتØذير من الانطباع بسجيَّة العقوق والنكران ØŒ المتطلب الأÙراد أنْ لا يتورَّطوا بهما وينزعوا إليهما ÙÙŠ مسالك تصرّÙÙهم ومنازع سلوكهم ØŒ شاعرٌ Øميم بارٌ بالإنسانيَّة ØŒ توَّاقٌ لأنْ تصÙÙˆ Øيوات الناس من الشوائب والأكدار ØŒ ويظلّ٠بعد هذا ÙÙŠ مجمل تطلعاته وآرابه أبقى على مدى الأعصار والأدهار ØŒ من آخرينَ استهواهم الهÙتا٠العاص٠بمجامع قلوبهم ØŒ المستعجل بهم للتوÙر على صياغة الشعر ذي المعاني المكرَّرة المÙعَادة والمضامين الجاهزة المملولة ØŒ Øتى لنكاد Ù†Ù„Ù…Ø Ø«Ù…Ù‘ÙŽØ© أكثر من شبه للمعنى والمبنى بين شاعر وشاعر ØŒ ÙالصاÙÙŠ النجÙÙŠ على هذا ليس من هؤلاء ØŒ Ùهـو الشاعر الذي اعتزل Øياة القوم ØŒ ونأى بنÙسه عن دنياهم غـير آسـÙ٠ولا Ù…Øزون ØŒ وقد يكون أمَتَّ إلى شعراء الصعلكة ÙÙŠ الجاهليَّة بكلّ٠ما يعتلج ÙÙŠ وجدانهم من الشعور الØاني الرقيق ØŒ والØسّ٠الإنسانيّ٠المطبوع الممزوج بألوان شتى من السّÙخط والنقمة والموجدة ØŒ على ما يعتري عالمهم من الكلوØØ© والجهامة وكلّ٠صور Ø§Ù„Ù‚Ø¨Ø ÙˆØ§Ù„Ø´Ù†Ø§Ø¹Ø© ØŒ منه إلى شعراء ( الشعارات ) إذا جاز التعبير ØŒ وإن عدَوا عليه وأربوا من جهة ثانية ÙÙŠ القدرة والإمكان من مناجزة الغاشمينَ والظالمينَ Ø› غير أنـَّه تميَّز عنهم ÙÙŠ شمول تجربته واستلهامه ÙˆØÙŠ الشاعريَّة من مشاهد ومواق٠لا عهدَ لهم بالاستلهام منها والتوسّÙÙ„ إليها أو لا تخطر لهم ببال أو وجدان ØŒ وإنْ استوى وإيَّاهم على المدى الأرØب والغاية المتطلبة والغرض المنشود والهد٠المرجو ÙÙŠ ختام المسعَى ونهاية الجهد .
وذا لا يعني بØال أنَّ جÙلَّ شعراء المناسبات هـم شعراء ( شعارات ) ÙÙŠ عمومهم ØŒ Ùمن بينهم القدوة الذي لا تستجلي ÙÙŠ مجمل شعره شعارا Ù‹ أو سمة له ØŒ إنـَّما يبلغ من سموق الشاعريَّة واقترابها من أوج التعبير الÙني على Øد أنْ ينشده الطر٠وينخط٠البصر ØŒ والشعر٠بعد٠ÙÙŠ عموم النظرة تعبير عن عاطÙØ© قبل أنْ يكون كلاما Ù‹ موزونا Ù‹ مرهونا Ù‹ بقاÙية٠، Ùكلّ٠من الوزن والقاÙية هما ÙÙŠ ختام التØصيل ( عرض ) لازم إذا جاز التعبير ØŒ قبل أنْ يكونا شرطين ٠واجبين ٠يستدلّ٠بهما عليه Ø› والشعر كذلك لا يستتبع بطبيعة الØال كد الخاطر وإجهاد الذهن لابتعاث العبارة المتينة والتركيب القوي الصلد بقصد الإيØاء والتدليل على خصب الشاعريَّة وجودة القريØØ© وسمو الإØساس ØŒ Ùثمَّة شاعرٌ بسيط التعبير متوضّÙØ Ø§Ù„Ø£Ø¯Ø§Ø¡ معهودٌ عنه Øرارة الانÙعال واعتلاجة الØس ØŒ أميز٠بالأصالة وأدلّ٠عليها من آخر ÙŠØوجك لاجتلاء معانيه وتÙسير مضامينه استعانة بمعجم Ù…Ùردات يعين ÙÙŠ معرÙØ© أصول الرواسم البالية المهجورة والرجوع به إلى مصادرها الأولى وما يتÙرَّع عنها وما يشتقّ٠منها من الألÙاظ العديدة عدد الØصو وذرَّات الرمل والتراب .
Ùهل تواÙرَتْ هذه الخصائص والسمات المتوجبة للشاعريَّة المطبوعة القمينة بالتخليد وجدارة البقاء بالنسبة للصاÙÙŠ النجÙÙŠ ØŒ واقترب منها هو أيضا Ù‹ على بعض الآماد والØدود ØŸ ØŒ الجواب عن التساؤل ذا قد يكون بالإيجاب مع شيء٠من التØÙظ وأخذ النÙس بالاØتراس من إطلاق التعميم والقول الÙصل بالنسبة لمجمل شعره ØŒ ÙالصاÙÙŠ النجÙÙŠ إذ تÙرَّد عن شعراء جيله بالموØيات والمعطيات ØŒ ولم يجعل وكدَه٠دواما Ù‹ أنْ يتخيَّر منها ما يجدر بالشاعريَّة الخصبة أنْ تستقي منها وتنهل وتسترÙد ØŒ Ùقد استنÙد مجهوده وطاقته ÙÙŠ العَبّ٠من موارد مشوبة لا ØªÙ†Ø¶Ø Ø¨Ø§Ù„Ø±ÙˆØ§Ø¡ والصÙاء ØŒ واستغرق من بعد ÙÙŠ التعبير عن موضوعات لا تمتاز إلا بالغثاثة والتÙاهة قصد أنْ يوÙÙŠ منها على معطى أصيل أو مضمون إنساني ØŒ Ùجانبه التوÙيق ØŒ وتØاماه هو كذلك بمساÙØ© أشواط Ø› ولÙرط استهوانه لكÙاياته وممكناته وتÙريطه بهما ØŒ استهدÙÙ‡ الناقدونَ بالذمّ٠، وألØÙوا ÙÙŠ إزجاء الاتهام له بالإسÙا٠والابتذال ÙÙŠ كثير من معانيه ومبانيه ØŒ وكشأن الناس دواما Ù‹ ÙÙŠ إرسال الأØكام المتخرّÙصة ØŒ ألØÙ‘ÙŽ عليه البعض Ø¨Ø§Ù„Ù‚Ø¯Ø ÙˆØ§Ù„ØªØ¬Ù†ÙŠ ØŒ على Øين كلت أعينهم عن النظر ÙÙŠ معطياته الشامخة الطيبة العطاء ØŒ ومالت بهم موجدتهم وأوغارهم عن تقييم تلكم المعطيات على وجه٠موسوم بالإنصا٠والقبول .
بين يديَّ ديوان قديم لأØمد الصاÙÙŠ النجÙÙŠ ØŒ هو : ( أشعة ملونة ) ØŒ يضمّ٠بينَ دÙتيه أشتانا Ù‹ ملونة من خوالج ØسّÙÙ‡ ورعشات وجدانه وخطرات Ùكره ØŒ وقد آثر صوغها بمقطعات تØتوي على البيتين ٠والأربعة ØŒ ÙˆØتى البيت الواØد ÙÙŠ الأقلّ٠القليل ØŒ وذا لا ينÙÙŠ بطبيعته اقتداره من نظم المطولات ØŒ أو ينبي بعجزه عن الإدلال بها ØŒ يتجلى ÙÙŠ هاته الأشتات المبعثرة ضـروب من سخريَّته وبـَرمÙـه بالØياة والأØياء ØŒ بمقدار ما يبين Ùيها شعوره بالÙØ±Ø ÙˆØ§Ù„Øبور أو Ø¥Øساسه بالوجد والسآمة ØŒ ولا يظهر منها أنـَّه يرمÙÙŠ إلى Øمل الآخرين على التسليم له بوجهة نظر وتأمينه على نزعة Ùكرية على غرار ما يتوسَّل لهذه البÙغية شعراء الخطابة Ø› Ùليس ÙÙŠ الديوان الصغير Ù…Ù„Ù…Ø Ø¹Ù„Ù‰ تصاديه ØÙيال الØوادث السياسيَّة التي تلمّ٠بالمَوَاطÙÙ† وتعص٠بها من آن ٠لآن ØŒ إنـَّما ÙŠÙتاØ٠للقارئ المتذوّÙÙ‚ أنْ يستكنه ما يتصارع ÙÙŠ Ù†Ùس هذا الشاعر الإنسان وينشب ÙÙŠ قرارة وجدانه من لغوب مضطرم ولوعة مشبوبة ØŒ هما أعود عليه بتجربة الشعور الÙني وما تلهم به من المعاني الأصيلة ØŒ التي إنْ تأتـَّتْ له معها أنْ يخلص بها إلى أداء Øلو متناغم وتعبير Ùني زاخر بعمق التجربة Ù†Ùسها ØŒ تسنى له على هذا أنْ ينÙØ° إلى قرارات النÙوس ØŒ وتØلّ٠منها هي كذلك ÙÙŠ الأعماق البعيدة ØŒ Ùيهيج اللغوب اللغوب ØŒ وتبتعث اللوعة اللوعة ØŒ ÙˆÙŠÙ‚Ø¯Ø Ø§Ù„Ø²Ù†Ø§Ø¯ الزناد ØŒ Ùيضطرّ٠ذووها لاعتماد مواق٠مناظرة مشاكلة لنÙس موقÙÙ‡ المتعمَّد ØŒ وتلك هي رسالة الشعر الخلاق ØŒ شعر الأرض والناس والطبيعة لا الشعر المØلق ÙÙŠ سماوات الخيال الهائم ÙÙŠ مجالات المطلق ØŒ Øيث لا قصـدَ ÙŠÙرتجَى ØŒ ولا رسالة تØمل معنى التØقيق والتبليغ .
ليس ÙÙŠ ديوان الصاÙÙŠ ثمَّة سياسة تØكي عن ضيقه٠بخدعها ــ أي السياسة ــ وألعابها البهلوانية ØŒ إنـَّما Ùيه ÙلسÙØ© ØŒ وليس أوغل ÙÙŠ الخطالة والضلال عن القصد والبعاد عن الجادة القويمة ØŒ ممَّن يخال أنَّ الشاعر لا ÙŠØوجه التÙقه بمبادÙئ الÙلسÙØ© والإلمام بقواعدها الأوليَّة ÙÙŠ أقلّ٠تقدير باعتبارها Ù…Øض Ø£Øاج Ù Ù…Ùستغلقة وألغاز غامضة أخلق أنْ ÙŠÙترك الاضطلاع بتÙسير رموزها ÙˆÙكّ٠طلاسمها ÙˆØ´Ø±Ø Ø¯Ù‚Ø§Ø¦Ù‚Ù‡Ø§ إلى ذويها أنÙسهم ØŒ إذ الشاعر Ù…Øوجٌ إلى الÙكر الثاقب والمعاني بنات الÙكر ØŒ والشعر لا يقتصر ÙÙŠ استجماع خصائصه واØتÙاله بها على الخيال والعاطÙØ© Ø› غير أنـَّنا Ù†Øسب أنَّ Ø¬Ù†ÙˆØ Ø§Ù„Ø´Ø§Ø¹Ø± إلى تشرّÙب مبادئ الÙلسÙØ© لا يستلزم منه بالمرَّة أنْ يجيء نتاجه الشعري ناضبا Ù‹ من الرهاÙيَّة خلوا Ù‹ من الرقة غير مشØون بØرارة الانÙعال ØŒ أو زاخر بالرعشة الأصيلة رعشة الوجدان المطبوع الذي لا ÙŠØكي عن جÙا٠الØسّ٠أو بلادة الشعور أو Ù…Øول العاطÙØ© ØŒ Ùليس أقمن من الشاعر بالتدبّÙر ÙÙŠ مصير الإنسان والتمعّÙÙ† ÙÙŠ واقع Øياته والتÙكر ÙÙŠ التماس الØلول الØاسمة للكثير من معضلاته ومشكلاته ØŒ وما بالغلاظة والمÙخاشنة يستقيم غرضٌ ويÙرام قصـدٌ ويÙسعَى لغاية٠مرجÙوَّة Ø› استهلَّ الشاعر النجÙÙŠ ديوانه بهذه الأبيات :
عÙندÙÙŠ عÙÙŠÙوبٌ بنÙسÙÙŠ سَوÙÙŽ أظهـÙرÙهَا لأنَّ إخــÙـَـاءَهَا مـَـكــرٌ وَتـَدجـÙيـلÙ
وَالعَـيـْب٠يَـجـدÙر٠أنْ يَـبـدÙÙˆ Ù„ÙـيَـعـرÙـَه٠كـÙـلّ٠الأنام Ùـَلا يَـعـرÙوه٠تـَضـلÙـيـلÙ
إنـّÙÙŠ وإنْ كنت٠ÙÙÙŠ جهل ٠له صغرَتْ Ù†ÙسÙÙŠ Ùأجهَل Ù…Ùني العَصر٠والجيلÙ
بَـعÙـوضَـة أنا ÙÙـي الدنيا ÙˆÙŽØÙـيـنَ أرَى بَـعـضَ الـوَرَى ÙـَكأنـّÙÙŠ بينهم ÙÙيلÙ
********
ÙالصاÙÙŠ على ما تقدَّم نزاع إلى إماطة الØجب الصÙاق وهتك الأستار المØجبة لعديد من المواضع التي لا يملك المرء من رؤيتها إلا أنْ يزداد شعورا Ù‹ بالقر٠والمرارة ØŒ ولربَّما تسَّجرَتْ Ù†Ùسه غيظا Ù‹ وتÙجَّرَتْ بالأسى والأرم ØŒ وهو لا ينوي إعÙاء ذاته من انكشا٠معايبها وانجلاء سوءاتها ØŒ على ما يميّÙزها من Ø§Ù„Ù‚Ø¨Ø ÙˆØ§Ù„Ø¯Ù…Ø§Ù…Ø© شأن آخرين ممَّن يلجّÙون ÙÙŠ إطلاق نعوت الذام والمعابة ØŒ مدÙوعينَ إليها بداÙع من سخط٠أو موجدة على الغير ØŒ معÙينَ ذواتهم ÙÙŠ الوقت Ù†Ùسه من المعائب والسوءات ØŒ منزّÙهينَ إيَّاها من الأخطاء والوقوع Ùيها مما يستوجب المؤاخذة والانتقاد .
وليس أمقت٠منه للدجل والمكر ØŒ ÙØسبÙÙ‡ تعرية لنÙسه من وطأة الشعور بالإثم لامتلائها بالعيوب ØŒ أنْ يربو على كثيرين ÙÙŠ استجماعه لخصائص من شأنها أنْ تـÙعَÙـّÙÙŠ على المعائب وتضÙÙŠ عليها Øجبا Ù‹ ØŒ بالمقابلة بين ذاته وذات آخرين هو أعÙّ٠منهم نقيبة وأقوم سليقة وأمتن خلقا Ù‹ .
وقد يبخس٠هذا القصيد Øقه من التهليل والاØتÙال أداؤه التقريري وصياغته المÙتكلـّÙÙØ© بكش٠الأسباب التي تسيغ بØال التستر على المعايب على غرار ما يعنى الÙلاسÙØ© والشÙØ±Ù‘ÙŽØ§Ø Ø¨Ø¥ÙŠØ¶Ø§Ø Ø§Ù„Ù…Ù‚Ø¯Ù‘Ùمات والتماس الأسباب واستخلاص النتائج ØŒ ولأنَّ ليس كلّ٠هذه الشيات ممَّا يروق بها الشعر أو يسوغ ÙÙŠ الأÙهام أو تغري بمعاودة إنشاده وتلاوته .
ويصدم الشاعر Øال أهل الØسّ٠والشعور إذ هم عائشون ÙÙŠ رØاب مجتمعات لا ترعى إلا كلَّ ذي Øس جامد٠وشعور بليد٠، خلو من الكÙايات والمواهب ØŒ Ùلا يعود عليها بÙائدة أو Ù†Ùع ØŒ بينا يعيش الشعراء الموهوبون عيشة هي أدنى إلى الكÙا٠والتقتير بمقدار :
أيَا شعراءَ الـدهـر هَـلْ ÙÙـي كـÙؤوسÙكـÙÙ… Ù…ÙŽÙ† الدهر٠صابٌ Ù…Ùثلَ مَا ذقت٠من كاسي ØŸ
Ùـَليْتَ لنا كونا Ù‹ سÙÙˆÙŽÙ‰ كـَون ٠ذا الوَرَى أيَØـيَـى أخـÙـو ØÙ€Ùـس ٠بـÙكـَـون ٠بـÙلا ØÙ€ÙـسّÙ
********
ولا يشين٠البيت الأخير الذي ÙŠØكي عن شعور متقد٠وعاطÙة٠جائشة٠وانÙعال صادق ÙˆØÙرقة٠معتلجة٠مشبوبة ØŒ أنْ يتوسَّل بØر٠( الباء ) بديل Øر٠الجر ( ÙÙŠ ) ÙÙŠ معرض التأدية ØŒ Ùالثانية Ø£Øرى بالتوسّÙÙ„ وأخلق بالاقتÙاء ØŒ لولا أنْ يخلَّ ذلك بشرط التنغيم والجرس ØŒ وذا لا يعني بØال أنَّ الشاعر لا يتعهَّد شعره بالصقل والتهذيب Ø› Ùلمْ ÙŠÙته أنْ يأخذ Ù†Ùسه ÙÙŠ تدبّÙر عواط٠الناس من Øوله Øيال بعضهم البعض ØŒ Ùقد استلÙت نظره ما يشوب Øياتهم من ضروب العداوات والمخاصمات التي قد تستجدّ٠لأتÙÙ‡ الأسباب والدواعي .
وقد أزرَى الصاÙÙŠ النجÙÙŠ بالمغرورينَ والØمقى ممَّن لا يكلÙونَ ذواتهم عناء النظر إلى بواطنهم ØŒ والوعي بØقيقة Ù†Ùوسهم ØŒ على غرار ما تطلبه وألزمَ الإنسان به الÙيلسو٠سقراط ØŒ باعتبار أنَّ معرÙØ© الإنسان Ù†Ùسه قد تكون منطلقا Ù‹ Ù…Ùضيا Ù‹ به بالتالي إلى معرÙØ© الØقيقة الكليَّة أو الاقتراب منها ØŒ لولا أنْ صرÙتهم عنها مقتضيات المعاش والسعي ÙÙŠ ابتغائه وما يترتب عليه عادة من Øمل Ù†Ùوسهم على مراكب خشنة هي والاستقامة والسوائيَّة على تمام المناقضة والاختلا٠والتبايÙÙ† Ø› وما Øال الشاعر الØسَّاس وسـط قـوم هـم أميز بجلاÙØ© الطباع وغلظة السلائق وغرابة الأطوار ØŒ Ùالبديهي أنْ تشتدَّ عليه ظروÙÙ‡ بالقسوة والإيذاء ØŒ وقد يكون ذا لو اقتصرَ على Øرمانه من مؤونة العيش واشتداد ضغط الØاجة عليه ØŒ ولمْ يتجاوزهما إلى مواجهة سÙخر الماكرينَ وذوي الجهل والسÙاهة ØŒ والامتØان بتهكمهم المرّ٠وزرايتهم الشائنة ØŒ ولا مراء أنْ ينتابه شعور بالقسوة على الØياة والأØياء ØŒ لكنـَّما يغطي عليها هذه الرقة ÙÙŠ الØسّ٠التي لا بÙدَّ أنْ تترك مياسمها ÙÙŠ صور تعبيره وضروب أدائه ØŒ Ùيستدلّ٠منها على أخذه Ù†Ùسه بانتØال الأعذار لمَن يستهدÙونه بالكيد ويلاØقونه بالزراية ØŒ وكأنـَّه المرÙÙÙ‚ الرØيم الموطن ذاته على تØمّÙÙ„ الإنكار والعقوق والتجاوز عن المطاعن والمغامز :
عَجـÙبْـت٠للنـَاس Ù ÙŠÙـدْعَى كلهم بشرا Ù‹ وَذا مـَـلاكٌ وذا يَـبـدÙÙˆ كـَشَـيـطـَـان Ù
هـــذا يَـرقّ٠لÙـذÙÙŠ بÙـؤس Ù ÙÙ€ÙŽÙŠÙطـعÙـمÙـه٠وذاك يَسلب٠خـÙبزَ البَائÙس ٠الـعَـانÙـي
Ø£Øَـاول٠الـسَّـبَّ للإنسَان Ù Ù…ÙÙ† رجÙـل Ù Ù…Ùؤْذ٠ÙÙ€ÙŽÙŠÙـسكÙـتـÙÙ†Ùـي Ø¥Øـسَـان٠إنـسَـان Ù
Øَتـَّى ØَسÙبْت٠وَÙÙعْل٠الناس Ù Ù…ÙختـَلÙÙÙŒ Ø¥Øـسَـانَ ذلÙـكَ تـَكÙÙيـرا Ù‹ عَـن الثانÙÙŠ
********
ولكن Øينَ يتجاوز اليأس مقداره ــ كما يقولونَ ــ لا يتصوَّن الشاعر من تقريع الناس وصبّ٠نقمته عليهم :
يَـا جَـاهـÙـلÙـيــنَ تـَغـÙرّÙهـÙـم أثـوَابÙÙ‡Ùـم ÙـَتـَخـَالـÙÙ‡Ùـم وَهـÙÙ… العَـبـÙيـد٠مÙـلـÙوكـَـا
أنـتـÙÙ… نـَظـَرْتـÙÙ… ظـَاهÙـري ÙضØكتم٠وَنـَظـَرْت٠بَاطÙنكم ÙعÙدْت٠ضَØÙوكـَا
Ùـَلنبْقَ نـَضْØَك٠لسْت٠قط بضَائÙري أهـتـَمّ٠إنْ يـَـك٠بَـالÙـيـَا Ù‹ مـَـنـهÙـوكـَـا
كـلا وَلـَسْـتـÙÙ… تـَØْـÙÙـلـÙونَ بـÙبَـاطـÙـن ٠إنْ كـَان بَاطÙـنـÙكـÙÙ… غـدا Ù‹ مَهـتـÙوكـَا
****
مَهمَا سَخـَرتـÙمْ بـÙÙŠ Ùـَلسْت٠مÙجيْبَكم أنـَـا لا أضـَـيّÙـع٠ÙÙـيْـكـÙÙ… الأوقـَاتـَا
ÙŠÙعطÙـيكـÙÙ… نـَظـَـري إلـَيـكـÙÙ… Ù‚Ùـيـمَـة Ù‹ كالشمس إذ تعطÙÙŠ الجَمَاد Øَيَاتا
يَـنـØَـط ّ٠قـَدري كـÙلـَّمَـا خَاطبتـÙكـم ÙˆÙŽÙŠÙـعÙـيـد٠قـَـدرَا Ù‹ Ù…ÙنـكـÙÙ… قـَـد Ùـَاتـَا
كالنهر ينقص٠ØÙينمَا ÙŠÙعطÙÙŠ الثرَى مَـاءً ÙŠÙÙ€ØÙـيـل٠بـÙه٠الـجَـمَـادَ Øَـيَاتا
****
أرَى Øَشَرَات٠ÙÙÙŠ طريقÙÙŠ تعَرَّضَتْ تـÙهَـاجـÙÙ…Ù Ù…ÙـنـّÙÙŠ الـنـعـلَ باللدَغـَاتÙ
أسÙـيـر٠وَقـَلبي عَـن مَسÙـيريَ مَانÙعÙÙŠ مَخاÙØ© أنْ أقضÙÙŠ عَلى الØَشَـرَاتÙ
عَـطـَÙـْت٠عَلى الØÙسَّـاد لـَمَّا رَأيتـÙÙ‡ÙÙ… ÙŠÙŽÙ…ÙوتـÙونَ غـَيْـظا Ù‹ بانتظـَار ÙˆÙŽÙـَاتÙÙŠ
يَـذوبÙونَ عَـجـزَا Ù‹ Ù…ÙـنهÙـم عَن إذابَتÙÙŠ وَيَـهْـوونَ ذاتا Ù‹ Ù…Ùـن تـَرÙـّÙع ٠ذاتÙÙŠ
ÙÙ€ÙŽÙÙـي كـÙلّ٠يَـوم Ù Ù„Ùـي Øَـيـَاة جَـدÙيـدَة ÙŒ تــÙجَــدّÙد٠لÙـلـØÙــسَّــاد٠ألـÙÙŽ مَـمَـاتÙ
********
والصاÙÙŠ النجÙÙŠ ساخرٌ ساخرٌ Øتى من Ù†Ùسه :
جَسَّ الطÙبيب٠يَدÙÙŠ Ùارتاع Ù…ÙÙ† مَرضÙÙŠ وَقـَـالَ دَاؤÙÙƒ ÙŠÙـعـيـي طـÙـبَّ إبـلÙـيـس Ù
لـكÙـنـَّنÙÙŠ سَأدَاوي الـيَـومَ جـÙسـمَـكَ Ù…Ùـن أسقـَامÙÙ‡Ù ØŒ قـÙلـْت٠قبلا Ù‹ دَاو Ù Ù„ÙÙŠ ÙƒÙيسÙÙŠ
قـَالـÙوا جَـرَى الـتـَنـسÙيـق٠قـÙلـْتٌ : إليكم٠عـَنـّÙÙŠ ØŒ Ùـَلـَيـس ÙŠÙـصÙـيبÙـنÙÙŠ برشَّاش Ù
أنا Ø£ØـْـسÙـــــد٠المÙـتـَـقـَـاعÙـدÙيـنَ لأنـَّـنÙـي Ù…ÙـتـَـقـَـاعÙـدٌ لـكÙـن بـÙدÙوْن ٠مَـعـَـــاش Ù
****
إذا مَـا صَـديـقٌ خـَانَ عَهْـدَ ودَادÙÙ‡Ù Ùـَقـَد مَـاتَ وَالتـَأبـÙين٠ÙÙـيـÙÙ‡ ÙŠÙŽÙ„ÙـيقÙ
هـَلـÙمّÙوا ÙـَعَـزّÙونÙÙŠ وَقولوا لكَ البقا ÙÙ€ÙŽÙÙÙŠ كـÙلّ٠يوم لي يموت٠صديقÙ
****
الـدَّاء٠Øـَـرَّمَ لـَـذاتـÙـي بـÙأجـمَـعÙـهَـا عَـلـَيَّ Øَتـَّى كـَأنـّÙÙŠ زَاهÙدٌ وَرعÙ
أرَى الØَياة Ù„ÙÙ…ÙثلÙÙŠ كالمَمَات٠غـَدَتْ إذا أنـَا بـÙØَـيَـاتÙـي لـَسْـت٠أنتـَÙÙعÙ
وإنْ تساوتْ Øياتي والممات معا Ù‹ ÙÙ€ÙŽÙÙيمَ Ù…ÙÙ† ÙقدÙهَا يَعرÙونÙÙŠÙŽ الÙـَزَعÙ
****
Ø£Øـَاط بـÙÙŠÙŽ الإÙـلاس٠مÙـن كـÙلّ٠جَـانب٠ÙأصبَØÙŽ ملءَ العين ٠والسمع والقلبÙ
وَقـَد هـَان Ø¥ÙـلاسÙÙŠ Ù…ÙÙ† الÙلس Ù ÙˆÙŽØدَه٠ولكنـَّنÙÙŠ Ø£Ùلسْت٠Øَـتـَّى Ù…ÙÙ† الصَّØـبÙ
********
وقد تكون٠هذه السخرية من قبيل أخذ الØياة من جانبها اللين السهل وهي أعون للشاعر على تبديد سØائب اليأس والقنوط التي تظلّ٠Øياته ØŒ لكنـَّها على أيَّة Øال أعجز من إمكان اجتثاث الشعور بالاختناق والإØساس بالضياع والاغتراب من غور الوجدان وقرارة النÙس .
وقد تكون ÙÙŠ النماذج الشعرية التي استدللنا بها ما يعين على استخلاص Ùكرة مجملة عن أشعة الصاÙÙŠ النجÙÙŠ الملونة يمكن بها Ø¥Ùراده عن أقرانه من ذوي الشاعريَّة ØŒ Ùالرجل٠ÙÙŠ أشعته الملونة هذه شاعرٌ مبتكر Ù…ÙدÙلٌّ بالبديع البَدع والطري٠المÙØبَّب ØŒ متÙرّÙد بخطراته وأشواقه وأØلامه ØŒ مضيÙÙŒ إلى مأثوراتنا الشعريَّة لونا Ù‹ جديدا Ù‹ من الشعر الساخر الظري٠الذي لا يدلّ٠به على Ù†Ùس راتعة ÙÙŠ أطايب الØياة وبلهنية العيش ØŒ مستمتعة بالÙراغ Øتى ما تجد مندوØØ© عن ملئه إلا بالسخرية ØŒ بلْ هي Ù†Ùسٌ أطبقتْ عليها كلّ٠المكاره والصرو٠، وأثقلتْ عليها بالشجن الØارق والألم الممضّ٠، ÙترÙعَتْ عن الشكاة وأمسكتْ عن التماس التعزية والتهوين Ø¨Ø§Ù„Ø¨ÙˆØ Ø¨Ù…Ø§ يعتلج ÙÙŠ أعماقها من الأشواق والمواجد إلى الأقران والأنداد ØŒ Ùمالتْ إلى اعتماد تلك السخرية جمَاما Ù‹ لها من الأتعاب ØŒ والتمسَتْ منها تعزية مخÙÙØ© وتهوينا Ù‹ ملائما Ù‹ Ù„Ù„Ø¬Ø±Ø§Ø .