الجنوليون=٣

فأما الظن فما أكثر ما حيرها، وأما الأمل فما أقل ما صبرها!

الجنولية -وما أدراك ما الجنولية!- حفيدة أبيها وبنت زوجها وأخت بنيها، الرخية الشديدة، السهلة الصعبة، الحانية القاسية، القريبة البعيدة، السكّيتة المنطيق، الضحوك النحوب، الحيية الجريئة، اللطيفة العنيفة، المؤمنة المخيفة، المغدقة الممسكة، الحليمة الغضوب، المتقنة المهملة، المحبة المبغضة، الصافحة الفاتكة، الصحيحة العليلة، الغنية الفقيرة، الصبور الملول، القوية الضعيفة!
سبحان الذي خلقها، فسواها، فعدلها، فركبها في صورتها الحسنى التي تعددت ألوانها واختلفت وائتلفت، ثم اجتمعت وانتشرت حتى تلون بها ما حولها ومن حولها، وهي التي لم تكد تشبّ حتى أُخذت من الخامس الابتدائي، فزوجت، فنقلت إلى حيث لا شيء إلا الظن والأمل؛ فأما الظن فما أكثر ما حيرها، وأما الأمل فما أقل ما صبرها!
يا ما كان أضيعها في بيت أبيها الشيخ الجليل الهرم الهِمّ، الذي أنجبها على حَرف؛ فكانت أصغر من بعض بني أخيها الكبير وأهون على زوجه، حتى استقل بها أخوالها وخالاتها وأبناؤهم وبناتهم أهل الفن الأغنّ والعلم المطمئن، الذين لولا زواجها لم تبرح فيهم سيدة مسموعة مرئية!
ثم يا ما كان أنبهها في بيتها الذي أنجبت فيه بما نجُبت، وأدبت بما تأدبت، وحمت بما احتمت، حتى كان بنوها إذا حَمي وطيس الحياة أووا إلى ركنها صغارا وكبارا، واعتصموا بحبل الله فيها؛ فانتفشت وحدها خلقا آخر، تصول وتجول كأنها ذات أشبال رِيعت بأشبالها، حتى يطمئنوا!

Related posts

Leave a Comment