ورأيتهن يصÙÙÙ† شعورهن ÙÙŠ يوم العزاء!
كانت مصÙÙØ©ÙŽ الشعر الوØيدة ÙÙŠ المدينة، على عكس ظرو٠المكان Øيث تنتشر مصÙÙات الشعر ÙÙŠ كل شارع كما هو الØال مع Ù…Øلات الخبز وأÙران صنع الØلوى وأماكن التسوق. كانت ماهرة جدًّا. ÙÙŠ بداية العقد الخامس من عمرها. تنتمي إلى عرق البوشناق الأصليين الذين سكنوا البوسنة والهرسك والجبل الأسود وتركيا. والبوشناق مسلمون سنة Ø£Øنا٠معتدلون ÙŠØبون التصو٠القديم، ويعتزون بدينهم، يصومون رمضان ويÙØيون ليله ويقدسون ليلة القدر، ويصلون لكن ليس جميعهم، ويذهبون للØج والعمرة، ويؤدون الزكاة، لكن قليلات من نسائهم يرتدين الØجاب، Ùارتداؤه ÙÙŠ هذه المدينة وما Øولها ÙŠØتاج إلى صلابة ÙÙŠ الدين، وعزيمة لا تلين مع كل Ù„Øظة. Ùالعادات ÙÙŠ هذا البلد الذي تعيش Ùيه المصÙÙØ© “عريÙة†منسقة ومبرمجة ÙÙŠ أذهان الناس ونÙوسهم، لا ÙŠØيدون عنها شعرة واØدة. Ùالنسوة يذهبن إلى “عريÙة†لتصÙي٠شعورهن مرتين ÙÙŠ الأسبوع الواØد وربما أكثر، ÙÙرد الشعر وتغير ألوانه ضرورة ÙÙŠ Øياتهن ككي الملابس عند الخروج وأكثر، لذا تعمل “عريÙة†طوال النهار ÙÙŠ كل أيام الأسبوع، وبالكاد ØªØ±ØªØ§Ø ÙÙŠ يوم عطلتها الأسبوعية. العمل بالنسبة لها Ù…Ø±Ø¨Ø ÙˆÙ…Ø±ÙŠØ Ù„Ù„Ù†Ùس وإن كان متعبًا. ÙالكواÙير الذي تعمل به يقع ÙÙŠ Øديقة منزلها الواسعة، والبلد أمان جدًّا، Ùهي تتركه Ù…ÙتوØًا وتظل ÙÙŠ بيتها ولا تعود إليه إلا عندما تناديها Ø¥Øدى زائراتها الدائمات. Ù…Øبوبة هي إلى أقصى درجة من الجميع. مكان عملها -على صغر Øجمه- يسع كل الأعراق والأديان. عرÙت٠هذا Øين زرتÙها أول مرة، Ùقد كانت جارتي ÙÙŠ بيت سكنته ستة أشهر خلال أربع سنوات قضيتها ÙÙŠ مدينة جميلة ÙÙŠ الجبل الأسود تسمى “توز†إبّان إقامتي هناك. ÙÙŠ أول زيارة لها تعجبت من مهارتها الÙائقة ÙÙŠ تصÙÙŠÙها الشعر بكل الألوان والأشكال. وعلى الرغم من أصنا٠الشعور وألوانها إلا أني كنت Ø£ÙكْبÙر٠من ترتدى الØجاب ÙÙŠ مدينة هذه “العريÙØ©â€.
كان كل شيء بالنسبة لي مثار دهشة وعجب، غير أن العجب الØقيقي بدأ مع أول Øالة ÙˆÙاة ÙÙŠ المدينة. واعذرني أيها القارئ لانتقالي من “العريÙة†إلى الخوض Ùيما هو ثقيل على النÙس وهو “الوÙاةâ€ØŒ غير أن ما رأيته يستØÙ‚ الرصد والتسجيل.
من عجيب ما ÙŠÙعل أهل هذه المدينة مع Øالة الوÙاة أن يجتمع الرجال والنساء ÙÙŠ Øديقة منزل المÙتوÙÙ‘ÙŽÙ‰ لإلقاء نظرة وداعية أخيرة على الراØÙ„. بعدها يذهب الرجال إلى المسجد لصلاة الجنازة، ÙÙŠ Øين تنشغل النسوة مع “العريÙة†بتصÙي٠شعورهن قبل الذهاب للعزاء، وهو أمر عام ÙÙŠ البلد ولا Øرج Ùيه ولا Ø®Ùية، Ùالتقليد المتبع أن يذهب نسوة البلد إلى العزاء ÙÙŠ أناقة كاملة لا نقصان Ùيها من شعر الرأس إلى Øذاء القديم. ولذا تØتÙظ النساء ÙÙŠ خزاناتهن بملابسهن السوداء الأنيقة المجهزة لتلك المناسبات، ثم يأتي دور “عريÙة†التي تعمل على تزيين شعورهن سريعًا بالÙرد وتهيئتهن Øتى يظهرن ÙÙŠ كامل أناقتهن. ولأن عدد النساء كبير ولا بد من ذهاب الجميع لتقديم العزاء Ùلا بد كذلك من مساعدة الكل لـâ€Ø¹Ø±ÙŠÙة†وتقديم العون لها ÙÙŠ ذلك اليوم الطارئ. وعلى الرغم من أن العزاء يستمر ثلاثة أيام إلا أنه يكون مزدØمًا ÙÙŠ يومه الأول.
عرÙت مدى واقعية هذه الØقائق العجيبة بالنسبة لهذا اليوم Øين سمعت بأذني عم بيرم (زوج عريÙØ©) ذلك الرجل الطيب الذي كان يصلي جميع صلواته ÙÙŠ المسجد وكان جارًا لنا وهو يقول لي:
– “عريÙØ© متعبة جدًّا من يوم الخاطرâ€.
والخاطر عندهم هو يوم العزاء، وهو بالنسبة لها موسم الØصاد الغيبي الذي يأتي بغير Øساب Ùيصيبها بالتعب الشديد Øين تق٠طوال الوقت تجهز النسوة ليذهبن إلى “الخاطر†لأداء العزاء جماعات، وما إن ينتهين من تقديم الواجب وجبر الخاطر Øتى تكون “عريÙة†ÙÙŠ بيتها قد جهزت مجموعة أخرى تستعد للذهاب للخاطر. ابنتها وابنة عم ابنتها والصغيرات اللاتي لا ينبغي ذهابهن للعزاء ÙƒÙنَّ يساعدنها، بينما يصط٠الشبان بسياراتهم لإيصال النسوة الجاهزات سريعًا، Ùيبدو المكان أمام بيتي وبيتها كخلية Ù†ØÙ„ØŒ بينما “بيرم†وأخوه يدعوان لها بالصØØ© والعاÙية هي ومن ÙŠÙساعدنها.
راقبت٠هذا المشهد العجيب التي Ù„Ùت انتباهي بقوة، ÙˆØين ذهبت إلى مكان ذلك “الخاطر†دخلت ÙÙŠ دهشة أكبر. ÙالØزن ممنوع، والبكاء عيب، والصبر واجب، “أليس الله ÙÙŠ الجنةâ€. يا إلهي ما هذا الإيمان بلا Øجاب ولا كلام.
– “أليس الصبر نص٠الإيمانâ€.. قلت ذلك لنÙسي Øين دخلت.
وجدت النسوة يجلسن ÙÙŠ بيت مرتب مجهز كعادتهن، Ùأنا لم أرَ ÙÙŠ Øياتي بيوتًا مرتبة ليل نهار كبيوت الناس ÙÙŠ البلقان، والواقÙات Ùريق من المتطوعات لإعداد القهوة ولتقديمها للمعزيات، وهناك Ùريق الاستقبال والتوصيل إلى Øديقة البيت.
اهتمام بالغ بأدق التÙاصيل ÙÙŠ رباطة جأش وثبات، ÙˆØين تÙراقب أهل المتوÙÙ‰ تزداد عجبًا، Øيث ترى سكونًا وهدوءًا ÙŠÙشبه الصمت الذي تراه ÙÙŠ المساجد، ÙˆØين تتساقط الدموع يسارع Ùريق المثبتات:
– “الله ÙÙŠ الجناتâ€.
تلك العبارة كنت أسمعها بجميع لغاتهن ÙÙŠ أي خاطر ذهبت إليه خلال سنوات طويلة عشتها هناك، هكذا Allah ne Ghenet. وعرÙت أنهم يقصدون أن من غادرهم هو ÙÙŠ الجنات الآن لا Ù…Øالة، ÙÙŽÙ„ÙÙ…ÙŽ الØزن إذن، وأن الجنات لله ومن صنع الله Ùهو معهم ÙÙŠ كل Øال.
إيمان صامت، ودرس عملي ÙÙŠ الصبر. ورغم هذه العبر والدروس البالغة كنت أسرعهن دموعًا وبكاء كعادتنا Ù†ØÙ† النساء ÙÙŠ بلاد العرب!
(23-أغسطس 2016).