ذات الحساء للسيد شعبان جادو

أدركت أن السر المنطوي داخلي يوشك ان يزهر بالياسمين مع الفجر ولياليه العشر ، وكان اللقاء !

أمسكت بي في لهفة ، صاحت : أهو انت؟
قلت : نعم !
كانما عادت إليها الروح حين رأتني ،أظنها تخلصت من داء النسيان ، عادت إليها ذاكرتها الملبدة بتجاويف الزمن،جرت الروح في جسدها،علت ابتسامة شاحبة وجهها،يالقسوة الهجر،هكذا أخبرتني!
بدأت في سرد أحلامها المتوقفة منذ غبت عنها ، لم أكن أدري مدى جرمي في حقها، فقط لأنني أشبه ذلك الرابض في مخيلتها، إنها تنتظر عودته كل مشرق شمس، تقف عند باب بيتها ، أخبرتني أنني سافرت بعيدا، اعتقدت صدقها ، بالفعل فعلت هذا، ارتحلت جهة الوطن ، كنت هناك في المنفى ، رغما عني تجرعت آلام القسوة ،يد البطش أرهقتني، القيد كان داميا،جنايتي أنني أحببت هذا الثرى!
كنت مثل صغيرتي سلمى تقف عند الحفرة وتنظر ما بداخلها، تجهد ان تدخلها ؛ تلاعب أرنبا صغيرا ، هكذا استعدت بعضا من حكايتي مع الحلم المنطوي في ذاتي، شردت بي الأحداث بعيدا،لكنها ابتدرتني بالطعام الدافيء ،اشعرتني بأن أمي ما تزال على موعد مع الصباح، قالت : اجلس هنا ،تناول ذلك الحساء !
إنه طعامك المفضل ، كنت دائما تحبه ،ومن يوم أن غادرت أعده لك ،ثم حين لا تأتي كنت أقدمه للسائرين في طريقك ، طعاما يذكرني بك ، بالفعل كل من أتوا إلي مكبلين ومتهمين بذلك الحلم ، أخبروني بقصتها،حتى لقبوها بأم الحساء !
عاهدت الله إذ فك الليل قيدي أن أقبل يديها !
بالفعل كل من نال طعامها أتاها محييا؛ ثم تخبره أنه ولدها، لم يكن بها مس جنون ؛ هي وضعته بيديها في قبره معطرا بذلك الأحمر القاني؛ ومن يومها نذرت أن تقف ببابها كل صباح تطعم العابرين ذلك الحساء، تخبره أنه ولدها ، كم هي رائعة ،كل من مشى في طريقه ولدها !
كانت مثل شجرة الياسمين تعطر المدى بأريجها،هاهي سلمى أمسكت بالأرنب، لعبت مع الجراء، وبقيت أستعيد ذكرياتي معهما ، أم الحساء لم يقتلها اليأس ، وسلمى أفلحت في معرفة سر اللعبة !
كذا أدركت أن ذلك الهم عما قليل سيرحل ، ستأتي شمس الصباح ،تحمل إلينا نبأ ذوبان الجليد !
امتلأت الشوارع بهؤلاء الآتين بالحلم ،إنهم من رضعوا يوما من أثداء الواقفات يحملن البشارة !
أخبرتني إن لم اكن يوما رضعت من ثدييها ؛ عوضتني جزاء ذلك الحساء المعد زادا للماضين على طريق وحيدها!
ومن ذلك اليوم نسيت الوجع، بحثت عن فتاة تكمل معي مسيرتي ، وجدتها إذ طعمت يوما من يدها ، دلتني أنها وحيدتها بعده ؛ شرط أن ابقى معهما بالبيت؛ زوج ابنتها وشبيه وحيدها، أدركت أن السر المنطوي داخلي يوشك ان يزهر بالياسمين مع الفجر ولياليه العشر ، وكان اللقاء !

Related posts

Leave a Comment