مركب غارق للسيد شعبان جادو

سقطت كل النظريات التى تعلمها؛ في وطنه الجنرالض، وهنا البحر، هل سقط الإنسان!

ثمة مكان آخر غير الذي كان فيه بالأمس ØŒ وجد نفسه يتحسس وجهه ØŒ يمسح عينيه ØŒ حرك بصره في كل زوايا الحجرة ØŒ أخذ يجمع بعضا مما حدث له Ø› نعم كان يركب قاربا خشبيا ØŒ أدار رأسه وتساءل أين المرأة الصومالية التي كانت تحمل طفلا رضيعا ØŒ لم يكن الطفل يكف عن البكاء ØŒ كان ممادو الغيني يجهد بساعديه القويين أن يوفر لها ولرضيعها بعض متر Ø› لئلا يختنق الطفل من كثرة الازدحام ØŒ ما عاد في ذاكرته غير ملامح باهتة ØŒ حينما كان طالبا في المرحلة الثانوية نعم بالتأكيد كان عنده معلم بارع في الانجليزية Ø› تعلق به أعطاه ” قاموس إلياس ” وجد نفسه في عالم اللغة ØŒ اتسعت بل نمت ثروته ليس من المال بل من الكلمات ØŒ صارت الكلمة عالمه ØŒ عاش مع الحلم الجميل Ø› أن يكون إنسانا ØŒ وجد نفسه في كلية الإقتصاد ØŒ كان حديث القرية ØŒ دهش حينما دلف أول مرة من بوابة الجامعة ØŒ أحس بأنه يتيم ØŒ المدينة أنكرته ØŒ أصر أن يمد يده ليتعايش معها ØŒ كانت بلا قلب !
حيث عالم المرأة يجذب في إصرار ØŒ أراد أن يبتعد أقام حاجزا بينه وبينها ØŒ كانت فتاة ذات وجه مشرب بالحمرة Ø› لم تكن مثل زميلاته في المرحلة الثانوية ØŒ أفاق على عالم ينكره ØŒ لم يجد غير أن يسهر ليله ØŒ أعاد سيرته مع القلم ØŒ مضت السنوات الأربع ØŒ لم يعد يتذكر غير مشهد دام ØŒ عبد الحميد الديب ØŒ نعم هو ذلك الفتى المثقف ØŒ زميله بالمدينة الجامعية ØŒ كم تعاهدا على العلم ØŒ أحب كل منهما كتابات ” حامد ربيع ” وجمال حمدان ØŒ والمسيري ØŒ أدركهما حب الوطن والانتماء في كتب طارق البشري ØŒ أراد عبد الحميد وياليته ما تمنى Ø› أن يلتحق بالخارجية ØŒ الحقيقة أنه كان مؤهلا لها Ø› يمتلك لغات عدة ØŒ نشط بارع ØŒ كان يسرق بعض وقت ويحضر بعض المحاضرات في دار العلوم Ø› يعمق أصوله ويسقي زرعه ØŒ ثم كانت الفاجعة ØŒ عبد الحميد منتحرا !
أصابته حالة من القهر ØŒ بكى يومها كثيرا ØŒ لا يتذكر هل كان على عبد الحميد أم كان على حلمه الضائع ØŒ ثمة يوم يتذكره جيدا ØŒ يوم أن قهر البغال والحمير ØŒ ساعتها أدرك ثأر ” الديب ” تدافعت الأحداث سراعا في عقله ØŒ عام واحد ØŒ أكان يكفي لكل الكتب أن تجد فيه واقعها ØŒ لكن كتاب ميكافيلي التهم كتب د. الريس ØŒ أتى الجنرال وأطاح بالحلم ØŒ أحس بأن موسم الهجرة إلى الشمال قد بدأت أيامه ØŒ كان وحيدا ليس له من وتد في وطنه غير خمسة قراريط ØŒ باعها ØŒ ركب تلك السفينة ØŒ لا يتذكر كيف كانت تلك الرحلة !
تذكر أمه شعر بالحنين إليها ؟
تساءل هل لو كانت على قيد الحياة ألم تكن تمنعه ؟
وهل لو كان له بقية من حلم ألم يكن الأولى به أن يبقى ﻷجله !
فجأة انتحب بشدة تذكر عبد الحميد حينما رأى الطفل الصغير يسقط مع أمه إلى قاع البحر !
سقطت كل النظريات التى تعلمها ، في وطنه الجنرال ، وهنا البحر ، هل سقط الإنسان؟!
تدافعت تلك الخواطر في نفسه ، ترى أين هي الآن تلك الطالبة التى رآها أول مرة ؟
هل لو تعلق بها أكانت تمنعه من الرحيل ؟
ساعتها وقبل أن يأتي الحارس ليعطيه رقما يعرف به ، أن على أرضه ما يستحق الحياة ﻷجله !
ولأن الوجع يغلبه ،والهم يدق جنبات نفسه؛آثر أن يبكي في صمت، يلتمس في تلك الدموع انزياحا وبرءا ، تعددت المباكي ،وانتزعت الآلام فرحته، ألقت به بعيدا، تناديه الهموم فيمسك طرفا منها ويجهد أن يلقيه في قرارة اليم،ترتد إليه الأحزان ؛لتشتكي غربة الوطن!

Related posts

Leave a Comment