الراحل إلى الماضي للسيد شعبان جادو

وجد الحروف التى كان يخفيها ØŒ نعم هي ØŒ موضوعة في إطار ذهبي اللون ØŒ مسح عينيه جيدا “متحف تلة العفريت”
لكن شجرة الجميز ما تزال باقية على أخشابها وإن تساقطت أوراقها !
 الراحل إلى الماضي !
يوشك جواده أن يفك قيده ، يغادر مربضه ، يسافر حيث الضفة الأخرى من الجانب الأيمن ، تقلب على الشوك ، للرحيل ألف سبب وسبب!
يريد أن يلوي عنقه ، لكن ما به طاقة فقد
هرم جسده ، انحنى ظهره ، الصدأ العدو الأزلي للذاكرة التي تتأبى على الكسر ، ربما تسعفه ، لم يمض عليه غير يوم واحد في أرض آبائه وفجأة
وقف يحدث نفسه : سأعد زادي ، سأجمع البقايا ، فقد وجب الرحيل !
ما عاد يعرفه في تلك القرية أحد ، حاول أن يستدعي صور الأماكن التى أحبها يوما ، فقد كان يجلس تحت شجرة الجميز ، يلهو تحتها ، نعم هو الآن تذكر :
” تلة العفريت ” كان هذا لقبها ØŒ الشجرة والساقية ØŒ وبالقرب من هذا المكان كانت تأتي – يا لقسوة الزمن ! –
“أمينة ” تحمل معها دميتها Ø› تمشط شعرها ØŒ تلبسها ثيابا من ورق شجرة الجميز ØŒ كان يحفر في ” تركيب دياب ” يخرج بقطعة من الطين ØŒ يأخذ في تشكيلها ØŒ كان بارعا في الكتابة بالطين ØŒ يجعل الأرض سبورة ØŒ يشرع في رص تلك الأشكال في مساحة قدر صفحة من كتاب ØŒ لا ينتبه أن الوقت يمضي ØŒ كل ما يتذكره ” أن أمينة “ذات يوم أخبرته أنها لن تلعب بعد مع الدمية Ø› فقد حان وقت الاحتجاب ØŒ أخبرتها جدتها أن” الغجرية “ستأتي يوم الثلاثاء ØŒ وابتسمت في خجل : جدتي أخبرتني أنني قد صرت مثل تلك الشجرة !
ساعتها أحس بالغربة ، بل جلس وحده حزينا ، لمن سيجمع تلك الكلمات ؟
أخذ يدور في كل ناحية ØŒ أزاح بعض وهن من ذاكرته ØŒ ارتدى نظارته الطبية Ø› أصابته بعض” المياه البيضاء” ØŒ طريق الزراعية وفي نهايته عند ترعة “أبو طبل” كانت أرضهم ØŒ نعم وأشجار الجوافة التى كانت على الشاطيء كانت ثمارها مشاعا للعابرين ØŒ لم يمنع أبوه أحدا ØŒ بل كان يملأ ” الزير ” بماء “السواري” كما كانت تطلق عليه جدته ØŒ أخذ يمشي مستندا على كتف حفيده ØŒ أراد أن يخبره عن المكان ØŒ صعب عليه أن يتكلم ØŒ أصبحت تلك الترعة مقلبا للنفايات ØŒ انكسر ” الزير ” ماتت أشجار الفاكهة ØŒ العلامات تاهت ØŒ اختفت بل حتى وجوه العابرين تغيرت ØŒ لا الثياب ثياب من غادرهم من خمسين عاما ØŒ نعم يوم أن احتجبت أمينة سافر في قطار الدلتا ØŒ أخبروه أن أباه سيعمل في “شبرا” فرح أنه سيكون في أم الدنيا ØŒ نعم ولها سور كبير سيدخلها من باب الحديد !
ما يحب أن يتذكر كان يصحو من نومه على أمل أن يجدها ، اختفت وراء ستار كثيف من دخان المصانع ، حتى اللبن ما عاد يجده كل صباح ، إنها حبات من الفول وأرغفة بيضاء لم تختمر ، انتهت تحت سياط الاغتراب معالم طفولته ، بدأ البحث عن التلة ، يا للحظ هي كما هي ، لكن يقف عند بدايتها خفير ، سأله لم تقف هنا ؟
لم يجب عليه ، بل لوح بهراوته ، كان أشبه بعجل عم حمدان ، كان يقف مع الأطفال يضحكون حين يرمي بالبقرة أرضا ، ما كان يعرف إلا أنهم يؤدبون البقرة حتى تأتي باللبن ، هكذا أخبرته جدته !
وجد الحروف التى كان يخفيها ØŒ نعم هي ØŒ موضوعة في إطار ذهبي اللون ØŒ مسح عينيه جيدا ” متحف تلة العفريت”
لكن شجرة الجميز ما تزال باقية على أخشابها وإن تساقطت أوراقها !

Related posts

Leave a Comment