… ولكن ÙÙŠ اللغة العربية إشكالات تق٠أمام الخطوتين السابقتين، وهي إشكالات بعضها يمكن معالجته وبعضها يعسÙر معالجته، وسنقتصر على الإشكالات التي يَعْسÙر تجاوزها.
ليس عجيبًا بعد تقدّم الØاسوب أن يسعى اللغويون إلى Øَوْسبة اللغات، ومØاولة جعل الØواسيب قادرة على تصØÙŠØ Ø£ÙƒØ¨Ø± قدر من المÙردات والتراكيب، وسيجد كل من يبØØ« ÙÙŠ الإنترنت آلا٠البرامج المعنيّة بالتدقيق اللغوي ÙÙŠ اللغات المختلÙØ©Ø› لكن هذه البرامج تواجهها مشكلات جَمّة ÙÙŠ العربية أهمّها Ù…ÙعْضÙلة المؤنث.
وقد اعتقد د.عصام نورالدين أن الØاسوب قادر على التمييز بين المؤنث والمذكر ÙÙŠ العربية، وقدّم مقاربة لذلك ÙÙŠ كتابيه “Ø§Ù„Ù…ØµØ·Ù„Ø Ø§Ù„ØµØ±ÙÙŠ: مميزات التذكير والتأنيث” Ùˆ”Ù…ØµØ·Ù„Ø Ø§Ù„ØªØ°ÙƒÙŠØ± والتأنيث: المذكر والمؤنث الØقيقيان” Øيث يقول إنه توصل Ùيه إلى أن تاء التأنيث هي Ù…ÙÙ…ÙŽÙŠÙّز التأنيث الأكثر انتشارًا، ولذا Ùهي المميز القياسي، وأن ما عداه يسمع ولا يقاس عليه، Ùالتاء تؤنÙّث لغويًّا الأسماء التي تتصل بها، وأما ما لم تتصل به Ùهو من الأسماء المذكرة لغويًّا. ويقول أيضًا إنه ذكر ÙÙŠ هذا الكتاب أن مميز التاء استعمل ÙÙŠ كلمات اللغة لتمييز المؤنث من المذكر دون النظر إلى وزن الكلمة ولا معناها ولا اختصاصها بالأنثى أو الذكر. وخلَص إلى النتائج الآتية:
1) كل كلمة دخلها مميز التأنيث هي مؤنثة لغويًّا.
2) كل كلمة لم يدخلها مميز التأنيث هي مذكرة لغويًّا. أما ما سمع Ùيه التأنيث ÙÙŠØÙظ ولا يقاس عليه.
3) كل مؤنث Øقيقي (ما له Ùرج) هو مؤنث لغوي (مقعّد).
4) يجوز إدخال مميز التأنيث على الصيغ التي قال النØاة إن التاء لا تدخلها إذا كانت مختصة بالأنثى.
ويمكننا أن نعلق على هذه المØاولة بأن الØاسوب Ù…Øتاج إلى خطوتين للتعامل مع المؤنث:
الخطوة الأولى: اكتشا٠المؤنث ÙÙŠ السياق وتمييزه من المذكر.
الخطوة الثانية: Ù…Ù†Ø Ù‡Ø°Ø§ المؤنث امتيازاته وتطبيق قواعده والخيارات المتاØØ© له على Ø£Ùعاله وضمائره ونÙعÙوته وكل ما يعود عليه.
ولكن ÙÙŠ اللغة العربية إشكالات تق٠أمام الخطوتين السابقتين، وهي إشكالات بعضها يمكن معالجته وبعضها يعسÙر معالجته، وسنقتصر على الإشكالات التي يَعْسÙر تجاوزها. وسبب صعوبة معالجتها إما لأنها إشكالات تطرد ÙÙŠ بابها Ùيقاس عليها أمثلة الباب، أو لأنها إشكالات تتعلق بخَيَارات المتكلمين التي أتاØتها لغتÙهم لهم، أو لأنها إشكالات تتعلق بالقرائن المعنوية للمؤنث التي يصعب على الØاسوب Ùهمها. ونعرض هذه الإشكالات Ùيما يلي:
الإشكال الأول: جموع التكسير:
إن جموع التكسير يَغْلÙب عليها التأنيث المعنوي على اختلا٠أوزانها، ونمثل لها بالأقلام، والمذاهب، والعيون. وثمة أسماء وصÙات من جموع التكسير ليست مؤنثة، وهي الأسماء والصÙات التي تخص جمع العاقل مثل الأقوام والرجال والأصدقاء والأØباب. والإشكال ÙÙŠ جموع التكسير أنها أوزان يقاس عليها، ولا يمكن Øصرها؛ لأن كل كلمة جديدة تدخل العربية على وزن من أوزان جموع التكسير تØتاج إلى أن تÙدْرَج تØت قائمة الأمثلة التي على وزنها، وهي عملية تØتاج إلى متابعة مستمرة. ومثالها الْمَرَاوÙØØŒ والكوابÙØØŒ والْغÙدَد.
الإشكال الثاني: الأوصا٠التي ØªØµÙ„Ø Ù„Ù„Ù…Ø°ÙƒØ± والمؤنث:
إن المؤنث من Øيث اطراد علة تأنيثه ينقسم إلى مؤنث قياسي تطرد علة تأنيثه ÙÙŠ بابه، ومؤنث سماعي ÙŠØÙظ ولا يقاس عليه، ويهمنا أن Ù†Ø·Ø±Ø Ù‡Ø°Ø§ لنعرب عن إشكال كبير تواجهه Øوسبة الأسماء المؤنثة هو الأوصا٠القياسية التي ØªØµÙ„Ø Ù„Ù„Ù…Ø°ÙƒØ± والمؤنث، وتَذْكÙرÙها كثير من كتب النØÙˆ والصرÙØŒ نذكر منها: ÙَعÙيل بمعنى Ù…Ùعول مثل: قَتÙيل. ومÙÙْعَل مثل: Ù…Ùغْشَم. ÙˆÙَعÙول بمعنى Ùاعل للمبالغة مثل: صَبÙور. ÙˆÙَعّالة للمبالغة مثل: نَسّابة. ÙˆÙَعÙولة للمبالغة مثل: ÙَرÙوْقة. ÙˆÙÙعَلَة للمبالغة مثل: ضÙØÙŽÙ„ÙŽØ©. ومÙÙْعالة للمبالغة مثل: Ù…ÙØْذامة. ومÙÙْعال للمبالغة مثل: Ù…Ùسْقام. ومÙÙْعÙيل للمبالغة مثل Ù…ÙعْطÙير.
Ùهذه الأوزان تÙØªØ Ø¨Ø§Ø¨Ù‹Ø§ مقيسًا لكل الأوصا٠التي تأتي على زÙنَتÙها، ولبعضها ضوابط كما هو Øال وزن ÙَعÙيل بمعنى Ù…Ùعول إذ يشترط Ùيه أن يتقدمه الموصو٠وإلا قيل (مررت٠بقتيلتهم). وكذلك إذا خرج من الصÙØ© إلى الاسم جاز إلØاق التاء به: ذَبÙÙŠØØ© ولَقÙيطة. ومن الملØوظ أن ما أدخلت عليه العرب تاء التأنيث من الأوصا٠الواقعة على المذكر والمؤنث ÙŠØÙظ ولا يقاس عليه؛ لأنه لم يطرد بل جاء ÙÙŠ بعض لهجات العرب، أو ورد ÙÙŠ كلمات Ù…Øدودة، ومَن يذكره من المصنÙÙ‘Ùين ÙŠÙنَبÙّه على ذلك.
الإشكال الثالث: دخول قرائن التأنيث اللÙظية على غير المؤنث:
تدخل قرائن التأنيث اللÙظية على غير المؤنث دخولًا قياسيًّا تارة ودخولًا سماعيًّا تارة أخرى، وذلك ÙÙŠ الØالات الآتية:
1- تدخل تاء التأنيث على الأوصا٠للمبالغة مثل نسّابة، راوية، ÙَرÙوقة. وللدلالة على النسب مثل المهالبة والأشاعثة. وللتعويض مثل الجØاجØØ© والÙرازنة. وللدلالة على الجماعة مثل البصرية والمروانية. كما تدخل على أسماء الÙاعلين المنقوصة ÙÙŠ Øال جمعها مثل الْهÙدَاة والرّÙماة.
2- تدخل الأل٠المقصورة على بعض الأسماء للدلالة على الجمع مثل الأسرى والجرØى، أو المصادر مثل الذكرى، أو صÙØ© الرجÙÙ„ مثل الكَيÙصَى (الذي يأكل ÙˆØده).
3- تدخل الأل٠الممدودة على الجمع مثل الأصدقاء والكرماء.
4- تدخل الأل٠والتاء على مصادر الأÙعال التي لامها تاء Ù†ØÙˆ الÙَوَات، والثَّبَات، والْمَمَات، والشَّتَات، والسّÙبَات، والإثبات، والإخبات، والإنصات.
5- استمرار الناس منذ القديم إلى يومنا ÙÙŠ تسمية كثير من أعلام الذكور بأسماء مختومة بقرينة من قرائن التأنيث اللÙظية، ويكÙÙŠ أن Ù†ÙØªØ ÙƒØªØ§Ø¨ الاشتقاق لابن دريد لنجد الوَÙْرة الواÙرة من هؤلاء الأعلام، Ùمنهم: عَطÙيَّة بن الØارث، وأعْشَى هَمْدان، ومÙزَيْقÙياء بن عامر، ÙˆØَيَّا بن عادÙيَاء.
الإشكال الرابع: تَقَلّÙب بعض الأسماء بين التذكير والتأنيث:
كان أبو عمرو بن الØاجب الكردي، الدويني الأصل، الإسنائي المولد (571-646هـ) قد نظم “القصيدة الموشØØ© ÙÙŠ الأسماء المؤنثة” ÙÙŠ ثلاثة وعشرين بيتًا ليجمع Ùيها كل الأسماء المؤنثة التي ليست لها علامة تأنيث؛ معتقدًا أن طالب العلم لو ØÙظها Ù„Ø§Ø±ØªØ§Ø Ù…Ù† شرÙÙ‘ المؤنث ÙÙŠ العربية! وقد تعقَّب رأيَه Ù…Øقق قصيدته د.طارق نجم عبدالله باØثًا ÙÙŠ شتى كتب التراث ليتدارك عليه تÙصيلات تتعلق بالأسماء الستين التي قال ابن الØاجب إنه لابد من تأنيثها، ويمكن أن نصن٠ما تضمنته تعقيبات المØقق طارق على ابن الØاجب على النØÙˆ الآتي:
1- بعض الأسماء من المشترَك اللÙظي، Ùتكون مذكرة إذا عÙÙ†ÙÙŠÙŽ بها Ø£Øد معانيها المشترÙكة، ومن ذلك الرÙÙ‘ÙŠØ Ø¥Ø° تÙذَكَّر إذا Ù‚ÙصÙد بها الأرج والنَّشْر.
2- لا يتÙÙ‚ العلماء على وجوب تأنيث كل الأسماء الستين التي أوردها ابن الØاجب، بل يرون أن بعضها مما ÙŠÙذَكَّر ويÙؤَنَّث ولو لم يكن من المشترك اللÙظي، ومن ذلك الدلو، والجØيم، والنار.
3- بعض تلك الأسماء الستين ألÙاظ أطلقت على أسماء ذات جنس Øقيقي؛ لكنها ألÙاظ تقال للمذكر منها وللمؤنث، Ù†ØÙˆ العقرب والأرنب، والثعلب.
4- بعض الأسماء الواجبة التأنيث التي ذكرها ابن الØاجب قد تعامل معاملة المذكر إذا ØÙÙ…Ùلَتْ على معنى Ù„Ùظ مذكر مثل الأرض Øينما ÙŠØملها الشاعر على معنى البساط.
5- تختل٠القبائل العربية ÙÙŠ نطق بعض تلك الأسماء، ومع اختلا٠النطق يختل٠الجنس، Ùبنو تميم يقولون “العÙضÙد” Ùيؤنثون، وغيرهم يقول “العَضÙد” ÙÙŽÙŠÙØ°ÙŽÙƒÙّر.
6- بعض تلك الأسماء مختلَÙÙŒ ÙÙŠ عÙرÙوبَتÙها، ÙالÙردوس اختلÙوا Ùيها أرومية أم نبطية أم عربية؟ ولأجل عدم التثبت من أصلها وردت مذكرة ومؤنثة.
7- من العجيب أن ÙŠÙلْزÙÙ… ابن الØاجب Ù„Ùظةَ الÙÙلْك بالتأنيث، وقد وردت ÙÙŠ القرآن مذكرة ومؤنثة دالة على المÙرد تارة وعلى الجمع تارة أخرى، Ùتذكيرها وهي Ù…Ùردة ÙÙŠ قوله تعالى: {وترى الÙÙلْكَ مَوَاخÙرَ Ùيه…}. وتأنيثها وهي Ù…Ùردة ÙÙŠ قوله تعالى لنبيه Ù†ÙˆØ Ø¹Ù„ÙŠÙ‡ السلام: {ÙأوْØَيْنا إليه٠أن٠اصْنع٠الÙÙلْك٠بÙأعْيÙÙ†Ùنا ووØْيÙنا Ùإذا جاءَ أمرÙنا ÙˆÙارَ التَّنّÙور٠ÙاسْلÙكْ Ùيها Ù…ÙÙ† ÙƒÙÙ„ÙÙ‘ زَوجَيْن٠اثنين٠وأهْلَكَ إلا Ù…ÙŽÙ† سَبَقَ عليه القولم}. وتأنيثها وهي جمع٠قÙلَّة٠ÙÙŠ قوله {…Øتى إذا ÙƒÙنْتÙمْ ÙÙŠ الÙÙلْك٠وجَرَيْنَ بÙÙ‡Ùمْ بÙرÙÙŠØÙ Ø·ÙŽÙŠÙّبَةم}. وتأنيثها وهي جمع٠كثرة٠ÙÙŠ قوله تعالى {وسَخَّرَ Ù„ÙŽÙƒÙم٠الْÙÙلْكَ Ù„ÙتَجْرÙÙŠÙŽ ÙÙŠ البØر٠بأمرÙهم}
الإشكال الخامس: الØمل على المعنى أو اللÙظ:
يمكننا أن نص٠إمكان المتكلم أن ÙŠØمل كلمة على معناها تارة وعلى Ù„Ùظها تارة أخرى- أكبر مشكلة تواجه الØاسوب ÙÙŠ التمييز بين المذكر والمؤنث، ذلك لأنه ÙŠÙØªØ Ø¨Ø§Ø¨Ù‹Ø§ للمتكلمين بأن يتØدثوا عن المؤنث بالتذكير، ويتØدثوا عن المذكر بالتأنيث، وهو باب لا تØده قيود كثيرة؛ بل يكÙÙŠ أن يكون بين Ù„Ùظتين رابط معنوي وتكون Ø¥Øداهما من المذكر والأخرى من المؤنث Øتى يستعمل المتكلم Ø¥Øداهما على خلا٠جنسها Øملًا منه على معنى الأخرى. ولأهمية هذا الØمل وضع له أبو Øاتم سهل بن Ù…Øمد السجستاني (ت255هـ) بابين ÙÙŠ كتابه “المذكر والمؤنث”ØŒ وهما:
1- “باب من العدد ÙŠÙØْمَل الكلام Ùيه على اللÙظ مرة وعلى المعنى والأصل مرة”: تقول ((هذه غَنَمٌ ذكور؛ لأن الغنم مؤنثة اللÙظ، ÙØملت الكلام على قدر اللÙظ)).
2- “باب من الإضاÙØ© ÙŠÙØْمل الكلام Ùيه على المضا٠إليه لا على المضاÙØŒ وهو على المضا٠أØسن وأكثر”ØŒ ومنه قوله تعالى: {Ùَظَلَّتْ أعناقÙهم لها خاضعين}ØŒ ((كأنه قال: ÙظلّÙوا لها خاضعين، ولم يذكر الأعناق)).
ولك أن تتخيل كي٠يمكن للØاسوب أن ÙŠÙرق بين رجل اسمه عَرَÙات والموضع المقدس المعرو٠ÙÙŠ مناسك الØج، قال سيبويه عن أستاذه الخليل بن Ø£Øمد: ((وقال ÙÙŠ رجل اسمه (Ù…ÙسْلÙمات) أو (ضَرَبَات): هذا ضرباتٌ كما ترى، ومسلمات كما ترى، وكذلك المرأة لو سميتها بهذا انصرÙت)). واستÙاض ابن الأنباري ÙÙŠ تخيل Øالات عدة من هذا النوع ومناقشة Øكمها.
الإشكال السادس: خصوصيات المؤنث:
راعت العرب خصوصية الأنثى، Ùلم تر داعيًا إلى تأنيث أوصاÙها التي لا يشاركها Ùيها الذكور، قال السجستاني: ((Ùإذا كان نعتًا لا Øظّ Ùيه للذكر لم تØتج Ùيه إلى الÙصل، ÙØØ°Ùت الهاء ليكون اللÙظ أقل وأخÙ. تقول: امرأة Øائض؛ لأن الرجل لا ÙŠØيض)).
ثم إن العرب راعت المؤنث عمومًا ÙÙضّلت ÙÙŠ Ùعله إذا Ùصل بينهما Ùاصل ألا تلØقه تاء التأنيث، يقول سيبويه: ((وقال بعض العرب: قال Ùلانة، وكلما طال الكلام Ùهو Ø£Øسن، Ù†ØÙˆ قولك: Øضر القاضيَ Ùلانة)). والمؤنث العاقل المÙرد إذا باشر الÙعل Ø£ÙÙ†Ùّثَ ÙعلÙÙ‡ إلا ÙÙŠ الأÙعال الجامدة: ((واعلم أن Ù†Ùعْمَ تؤنث وتذكر، وذلك قولك: Ù†Ùعْمَت٠المرأة. وإن شئت قلت: Ù†Ùعْمَ المرأة؛ كما قالوا: ذهب المرأةÙØŒ والØØ°Ù ÙÙŠ Ù†Ùعْمَتْ أكثر)).