من تكاذيب الأعراب

حَدَّثَنا مَوْلانا أَبو مِذْوَدٍ قالَ

زَعَمَتِ الْأَعْرابُ أَنَّ الْأَحْرُفَ اعْتَرَكَتْ

قُلْنا وَكَيْفَ كانَ اعْتِراكُها

قالَ حَدَّثونا قالوا

اَلْحَرْفُ الْأَوَّلُ قالْ

وَالْحَرْفُ الثّاني صالْ

وَالْحَرْفُ الثّالِثُ لا قالَ وَلا صالَ ، وَلكِنْ نالْ

هذا الْحَرْفُ حَكيمْ

يَعْرِفُ كَيْفَ يُداري الْقائِلَ وَالصّائِلْ

حَتّى يَظْفَرَ بِالنّائِلْ

عَرَفَ الْحَرْفانِ الْمَخْتولانِ سُموَّ الثّالِثِ في فَنِّ الْحِكْمَةْ

كانَ الْحَرْفُ الثّالِثْ يُلْقي دَرْسًا بَعْدَ صَلاةِ الْفَجْرِ بِزاوِيَةٍ لِلْأَصْواتِ الْمَجْهورةْ

دَخَلَ الْحَرْفانِ الزّاوِيَةَ عَلى غَفْلَةْ

خُفْيَةْ

عَرَفَهُما شَيْخُ الْحَلْقَةْ

شَيْخُ الْحَلْقَةِ يَعْرِفُ بِالْكَشْفْ

ما لا يُعْرَفُ بِالْوَصْفْ

وَقفَ الشَّيْخُ عَلى غَيْرِ الْعادَةِ قالْ

مَنْ مِنْكُمْ يَعْرِفُ وَقْعَةَ حَرْفَيْنْ

قالوا حَدِّثْنا يا مَوْلانا ما وَقْعَةُ حَرْفَيْنْ

قالْ 

قافٌ وَكافٌ يُكْثِرانِ الشَّغَبْ كِلاهُما قَدْ جازَ حَدَّ الْأَدَبْ

كُلًّا تَراهُ نافِشًا ريشَـهُ كَأَنَّهُ إِنْسانُ عَيْنِ الْحَسَبْ

يَقولُ هذا الْكُتْبُ مِنْ صُحْبَتي مَنْ يَصْحَبِ الْكُتْبَ فَما يَغْتَرِبْ

يَقولُ ذاكَ الْقَلَمُ الْمُرْتَجى وَهْوَ خَديني في صِفاتي رَغِبْ

فَكَهْكَهَ الْكافُ لِأَنَّ الَّذي قَدِ ادَّعاهُ الْقافُ زَيْفُ الْحِقَبْ

فَقَهْقَهَ الْقافُ لِأَنَّ الَّذي قَدِ ادَّعاهُ الْكافُ عَيْنُ الْكَذِبْ

فَكَفَرَ الْكافُ أَما تَسْتَحي يا وَصْمَةَ الْبَدْوِ بِلَفْظِ الْعَرَبْ

فَفَسَـقَ الْقافُ أَأَنْ ضامَني أَهْلُ زَماني أَسْتَحِقُّ السُّبَبْ

غَفْرًا لَهُمْ قَدْ هَدَّموا مَنْزِلي وَما رَعَوْا عَزيزَ قَوْمٍ نُكِبْ

أَزْمانَ أَحْيا مُنْيَةً لِلْأُلى يُفَخِّمونَ اللَّفْـظَ زَيْنَ الْخُطَبْ

يا أَيُّها الْقَزْمُ الَّذي سَبَّني يَكْفيكَ طولًا أَنْ تَعيبَ الْهِضَبْ

فَكَرَّرَ الْكافُ الَّذي قالَهُ وَزادَ بَطْشًا بِبَقايا الْأَدَبْ

فَقَرَّرَ الْقافُ الَّذي قالَهُ وَزادَ فَتْحًا لِطَريقِ الْغَلَبْ

فَكَرَّ حَرْفُ الْكافِ لا يَرْعَوي عَنْ كَسْرِ أَنْفِ الْقافِ هذا الْخَرِبْ

فَقَعْقَعَ الْقافُ لِقَطْعِ الَّذي أَهانَهُ وَهْوَ الْمَكينُ النَّسَبْ

حَرْفانِ صارا ضُحْكَةً لِلْأُلى قَدْ أَشْعَلوها وَمَضَوْا مِنْ كَثَبْ

فَمَـنْ رَأى أَيَّهُما فَلْيَقُلْ تَبَّـتْ يَدا مَنْ خانَ حَرْفًا وَتَبّْ

أَسْرَعَ هذانِ الْحَرْفانِ إِلى الشَّيْخِ بِصَدْرِ الْحَلْقَةِ

قَبَّلَ كُلٌّ يَدَهُ يَبْكي غَفْلَتَهُ يُعْلِنُ تَوْبَتَهُ يَطْلُبُ دَعْوَتَهُ

فَتَوَجَّهَ شَيْخُ الْحَلْقَةِ تِلْقاءَ الْقِبْلَةِ صاحْ

اَللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُما

أَلِّفْ بَيْنَهما

أَحْسِنْ نُطْقَ النّاطِقِ لَهُما

اَللَّهُمَّ قِنا هَمْسَ الْمَجْهورِ وَجَهْرَ الْمَهْموسِ

وَلا تَفْتِنّا بَعْدَ ذَهابِ الْفُصحاءْ

اَللَّهُمَّ اقْبَلْ مِنْ عَبْدِكَ حَرْفِ الرّاءْ

ثُمَّ قالَ أَبو مِذْوَدٍ

قاتَلَ اللّهُ الْأَعْرابَ ما أَصْدَقَ تَكاذيبَهُمْ

 

 

Related posts

2 Thoughts to “من تكاذيب الأعراب”

  1. أ.محمود رفعت:
    لا تحسنوا الظن به يا أستاذنا!
    فهو أصعب الحروف منالا، وأكثرها اختلافا، يكد لسان الناطق به؛ فيطالبه بتكرار ضرب نفسه في أول غار حنكه الأعلى، فإما فشل الناطق، مثل أغلب الناس فحوله غينا أو ياء، وإما ترك لسانه وحنكه متعبين من الضرب!
    ثم هو حرف مذبذب لا هو الرقيق الخفيف، ولا هو الفخيم الثقيل، بل مذبذب بين هذا وذاك، بحسب ما يكون غيره، كلصٍ تافه في عصابة، لا قيمة له، ولا وزن، ولا حكمة له، ولا رأي، يراهم يصعدون فيصعد، ينزلون فينزل، فما أهونهم عليه؛ إذ يتركونه فلا يأمرونه بخير أو بشر، وما أهونه على نفسه؛ إذ يترك الصوامت، ويتبع الصوائت، أفلا ينظر إلى نفسه في مرآة!
    أفلا يستحي من نفسه!
    صامت يحتل على الورقة مسافة رأسية وأفقية، ويتبع فتحة أو كسرة، أيهما سبقت إلى زمامه!؟
    أفلا يرى كم يهزأ بالحركات معظم العرب فيتركوها استخفافا وهوانا، لكنهم لم يتركوه يوما!
    لو أنصفنا لعاملناه معاملة الصوائت، ولو حدث لأهملتُه إهمالا شديدا!

    1. رَرَأْرَأْرَأْ هَهَأْهَأْهَأْ رَرَأْرَأْرَأْ هَهَأْهَأْهَاءْ
      رَرَأْرَأْرَأْ هَهَأْهَأْهَأْ رَرَأْرَأْرَأْ هَهَأْهَأْهَاءْ
      كَذَاكَ الْمُبْتَلَى يَكْبِتُهُ الرَّأْرَاءُ وَالْهَأْهَاءْ

Leave a Comment