مظهر الخافي بنظم الكافي في علمي العروض والقوافي

أهمية هذا الكتاب من أهمية صاحبه الخليلي نفسه عند العمانيين وغير العمانيين والتراث العماني الأصيل والتراث العربي والعرب أجمع؛ لأنه كتاب عربي، وتراثنا العربي هو الدم الذي يتدفق في عروقنا، كيان متصل تزيده الأيام تمكنا وضخامة وجلالة.

http://2015.omandaily.om/?p=234896

حوار – سالم الجابري –
الدكتورُ محمد جمال صقر كاتب وأديب ولغوي، أستاذ بجامعتي القاهرة والسلطان قابوس، تلميذ الأستاذ محمود محمد شاكر شيخ العربية -رحمه الله، وطيب ثراه- صاحبُ نظرية النصية العروضية، ذو النشاط الملحوظ على صفحات شبكة المعلومات، ولا سيما موقعه www.mogasaqr.com- هو ضيف حوارنا هذا في جانب من نشاطه العلمي.

من خلال أحدث أعمالك أرجو إطلاع القراء على أشغالك أستاذًا في الجامعة؟
الإشارة إلى أحدث الأعمال توحي بأن يكون الأستاذ دائم العمل، تنقسم أعماله على أقدم وقديم وحديث وأحدث. معنى هذا أنه في عمل مستمر، وهذا هو المأمول من أستاذ الجامعة. في هذا السؤال تنبيه على هذا المعنى – ولا شك – فإن الأستاذ ينبغي ألا يخيب فيه ظن القراء. وأنا لدي أعمال كثيرة، ولكنني سوف أشير إلى أحدثها أو إلى آخرها تمامًا؛ فأنا أعمل عن طيب خاطر وسعادة، وأشارك في الحياة الثقافة العمانية، ولا أكتفي بأنني جئت إلى هنا للعمل وتحصيل المال والعودة إلى بلادي، لا، أنا أرى أنها فترة لا تعوض، من عمر الإنسان، أنا أتيت إلى هنا في عنفوان شبابي، وفي غمرة قوتي وفتوتي؛ فكيف أضيع هذا الوقت! لا يمكن. لهذا أشارك في الحياة الثقافية العمانية؛ فهذا العمل من اهتماماتي، وهو تحقيق إحدى المخطوطات العمانية لأحد أهم علماء عمان، وهو كتاب «مظهر الخافي بنظم الكافي في علمي العروض والقوافي» لسعيد بن خلفان الخليلي، الذي ولد سنة 1811م وتوفي سنة 1871م.

أظن أن توضيح مفردات عنوان الكتاب سيدل القراء على مفردات مضمونه؟
هذا صحيح فعنوان الكتاب عنوانه طريف: «مظهر الخافي بنظم الكافي في علمي العروض والقوافي»! ما معنى أن تنظم الكتاب؟ أن تحول الكتاب إلى شعر حتى يسهل على الطلاب حفظ معلوماته، وهذه طريقة ما زال العمانيون مفتونين بها إلى الآن على اختلاف تخصصاتهم. تجد الطالب أو الأستاذ إذا أراد حفظ بعض المعلومات نظمها في شعر؛ فتحويل المعلومات إلى عبارات منظومة تحفظ، ظاهرة معروفة، ولا سيما في عمان، وما زالت. و«الخافي» تعني الغامض؛ فالعنوان كأنه يقول: أنا مظهر الغموض؛ فهذا تفسير العنوان الذي يدل فعلاً على مجال الكتاب؛ فالكتاب في علم العروض الذي ابتكره الخليل بن أحمد العالم العماني الرباني القديم الجليل.

ما موضوعات هذا الكتاب؟
صحيح أن السؤال السابق يشير إلى المجال، ولكن المجال شيء والموضوعات شيء آخر؛ فالموضوعات فيها تفصيل، وهي موضوعات علم العروض الذي يتكلم في أوزان الشعر وقوافيه وقضاياهما. والمطلوب من هذه الموضوعات أن يفهم متعلمه عمل الآخرين حين يقدمون له الشعر، وأن يستطيع أن يقول مثل ما يقولون، لماذا؟ لكي يستطيع محبو علم الشعر أن يميزوا صحيح الشعر من خطئه، ويستطيع محبو فن الشعر أن ينظموا ويسيروا على منواله وينجحوا، كما في أي مجال. والأوزان هي بحور الشعر الستة عشر المعروفة، ولها مقدمات نظرية قبلها، ينتقل بعدها إلى البحور بحرًا بحرًا، حتى إذا ما انتهى انتقل الى علم القافية.
والقوافي مسائل خاصة بأواخر الأبيات، وهي أهم أجزاء الأبيات؛ فلها إيقاع خاص وعناية خاصة، يجنّبها علماء العروض جانبًا، ويعتنون بها عناية خاصة، وفيها قضايا متعددة مختلفة: أجزاء القوافي وألقابها ومحاسنها ومساويها….

ما طبيعة عملك بهذا الكتاب؟
عملي التحقيق، ولست محققًا محترفًا -وإن سبق لي هنا في عمان خاصة، أن حققت بعض الأعمال؛ إذ حققت ديوان الكحالي من صحار- ولكن لي تجارب في نقد التحقيق، وقرأت في صنعة التحقيق كثيرًا، وما ينبغي للمحقق أن يلم به من الثقافة العربية والإسلامية؛ فالتحقيق هو تقديم الكتاب القديم الذي لم يخرج من قبل إلى الناس، في طباعة حديثة، على ما أراد صاحبه، بالإمكانيات الحديثة التي تفيد القارئ المعاصر. وهذا العمل مركب: تدقيق وتصحيح وتوثيق وفهرسة…، وغيرها.

ما أهمية هذا الكتاب في سياقه العلمي؟
أهمية هذا الكتاب من أهمية صاحبه الخليلي نفسه عند العمانيين وغير العمانيين والتراث العماني الأصيل والتراث العربي والعرب أجمع؛ لأنه كتاب عربي، وتراثنا العربي هو الدم الذي يتدفق في عروقنا، كيان متصل تزيده الأيام تمكنا وضخامة وجلالة. ومن هذه الجهة تعتني به وزارة التراث والثقافة، ولاسيما قطاع التراث منها.
فأهمية الكتاب من أهمية الفائدة التي يقدمها، ومن حرص المتلقين على هذه الفائدة؛ فهو ينتمي إلى علم العروض، وأهميته من أهمية علم العروض؛ فأهم شيء في الشعر عروضه، والشعر هو عصب اللغة العربية؛ فالعناية بالشعر أهم مظاهر العناية باللغة العربية، والعناية بالعروض أهم مظاهر العناية بالشعر.
من المستفيدون من هذا الكتاب؟
هذا الكتاب متخصص؛ فالمستفيدون هم طلاب علم عروض الشعر المبتدئون، وطلاب فن نظم الشعر، وهم من عموم المثقفين؛ وهنا ثلاث مراحل معروفة من مراحل الطلب: مرحلة المبتدئين، و مرحلة المتوسطين و مرحلة المتقدمين. لقد كان كتابنا من كتب المبتدئين، ولكن بعد الإضافات التي أضيفت إليه يمكن أن يكون لمرحلة المتوسطين؛ إذ ارتفعت قليلا درجته. والعروض روح الشعر، والعمانيون معنيون بالشعر كثيرا؛ ولا غنى لأحد عن أن يعرف حكاية العروض؛ فالاستفادة نوعان: التأهيل لفهم أعمال الآخرين، أو التأهيل لعمل مثل أعمالهم.

بماذا تنصح من يقرأ هذا الكتاب؟
عندي نصيحة قديمة محفوظة لمن يريد أن يتعلم العروض، تقول: ينبغي لدارس علم العروض أن يكون قد تعلم شيئًا من علوم العربية، لينجح بناء علم العروض على ضبط النطق وعلى ضبط اللحن؛ فلا جمال عروضًا لحنيًا إلا على أساس لغوي صوابي.
كذلك أنصحه بأن يستفيد من فهارسه؛ فمفتاح كل كتاب فهرس جامع كما كان محمود محمد شاكر -رحمه الله- يقول ويكتب على وجوه أغلفة كتبه؛ فقد جزّأت الأفكار وعنونتها بين يدي فَهْرَسَتِها للقراء، جمعًا واستيعابًا وتيسيرًا.

Related posts

Leave a Comment