الØمد لله رب العالمين!
كان الناس ÙÙŠ مبتدأ Øياتهم على الأرض يعيشون Ùرادى أو ÙÙŠ جماعات صغيرة، وكانت الأرزاق تكÙيهم، إلا أنه بعد زيادة عدد السكان وانØسار الموارد ظهرت اللّصوصية والاغتصاب بأشكال مختلÙØ©Ø› Ùظهرت Øاجة السكان الماسّة إلى تكوين الدول، وكانت الدول ÙÙŠ بداياتها دول العائلات والقبائل. كانت الدول تنشأ ÙÙŠ الأساس Ù„Øماية Ø£Ùرادها، وكان الأÙراد يقومون بدÙع الضرائب للسلطة الØاكمة وجيشها نظير هذه الخدمة العظيمة، وكانت السلطة تنتقل من الملك إلى خلÙÙ‡ بشرعية التوريث، وكانت الشرعيّة الأهم والأبْرز ÙÙŠ تشكيل الدول هي شرعية الغزو واستخدام القوة (شرعية الأمر الواقع). ولقد أوجد الإسلام بالÙتوØات الإسلامية شرعية جديدة، هي شرعية نشر الØÙ‚ والعدل والØرية والمساواة ومكارم الأخلاق، شرعية تØرير الناس من عبادة الناس إلى عبادة رب الناس، وضمان Øرية الاعتقاد- شرعية تأمين الدولة الإسلامية من أعدائها الØاليين أو المØتملين (الÙرس، والروم، والأقاليم الموالية لهما)ØŒ وإجراء ضربات استباقية. تأثّر نابليون بالثقاÙØ© الإسلامية، وبرر غزوه لمصر بأنّه جاء ليخلّص المصريين من اضّطهاد المماليك ونشر العلم والØضارة! وتبنى الغزاة الأوروبيون هذه الÙكرة، Ùكان اØتلال الدول الإسلامية وتدميرها بØجة نشر الديمقراطية واØترام Øقوق الإنسان!
لم يرسل الله الأنبياء إلى الملوك والشعوب إلا لتوجيه Ø§Ù„Ù†ØµØ Ù„Ù‡Ù… وإرشادهم إلى ما يجب أن ÙŠÙعلوه لتكون Øياتهم Ø£Ùضل، لكن هذا الأمر اختل٠مع نبي الله موسى Ùˆ من بعده النبي داوود وسليمان ونبي الله Ù…Øمد أيضا -عليهم الصلاة والسلام!- إذ أمروا بأن يكونوا السلطة السياسية والمرجعية الدينية القيميّة الأخلاقيّة والتشريعيّة ÙÙŠ الوقت Ù†Ùسه. انتقل الملك بعد رسول الله -صلى الله عليه، وسلم!- إلى الصدّيق أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي -رضي الله عنهم جميعا!- وذلك بالشرعية القرشية وبشرعية القدرة على Ø§Ù„Ø¥ØµÙ„Ø§Ø ÙˆØ§Ù„ÙƒÙاية ÙÙŠ إدارة شؤون الدولة؛ “إنّ الأرض يرثها عبادي الصالØون”.
كان الØكم ينتقل بين الملوك ÙÙŠ Ùرنسا بشرعية التوريث، وبانتشار الÙساد والÙقر والÙشل أراد الÙرنسيون Ø¥Øداث تغيير Ù†ØÙˆ الأÙضل؛ لقد Øاولت الثورة الÙرنسية إيجاد شرعية جديدة بخلا٠التوريث، وتوصلت إلى شرعية الأقدر على تØقيق وتنÙيذ Ø§Ù„Ø¥ØµÙ„Ø§Ø Ù…ØªØ£Ø«Ø±Ø© بالÙكرة الإسلامية. وبعد كثير من التجارب الإنسانية العالمية استقر الÙكر السياسي العالمي على شرعية الانتخابات برغم اختلا٠شروطها وأسلوب تنÙيذها بين دول العالم.
إن الثورة هي الاعتراض الغاضب، Ùإن كان الغضب شعبة من الجنون Ùالثورة هي قمّة الغضب، ويÙعدّ الأنبياء بجهادهم ÙÙŠ نشر دعوتهم أروع ÙˆØ£ÙˆØ¶Ø Ø§Ù„Ù†Ù…Ø§Ø°Ø¬ الثورية عبر التاريخ الإنساني، التي تستØÙ‚ الدراسة واستلهام الأÙكار. لم يرسل الله الأنبياء إلى الناس لمهادنة الباطل أو مسايرة الÙساد أو لمجرّد إعادة تقسيم الثروة والسلطة أو لاستØداث ظالمين كالظالمين أو أشد بأسا وبطشا كما Ùعلت معظم الثورات عبر التاريخ الإنساني، ولكنه أرسلهم لنصرة الØÙ‚ وتØديد الØقوق والواجبات ونشر العدل والمساواة وترسيخ دعائم دولة القانون؛ لذا كانت الØكمة والموعظة الØسنة أهم وسائل الأنبياء لمواجهة الباطل والÙساد؛ يقول الله لموسى وهارون: “اذهبا إلى Ùرعون إنه طغى Ùقولا له قولا ليّنا لعلّه يتذكر أو يخشى”. يروى أن رجلا جاء النبي -صلى الله عليه، وسلم!- يشكو إيذاء جاره له، Ùأمره النبي بنصيØØ© جاره والصبر عليه، Ùلما تكررت الشكوى أمره النبي أن ÙŠØمل متاعه ويجلس به ÙÙŠ الطريق، Ùكلّما مر عليه Ø£Øد من الناس شكا له إيذاء جاره له، Ùأخذ المجتمع ÙÙŠ مهاجمة الباغي وتوبيخه Øتى ك٠يده، Ùكأنّ هذه الصورة هي التي أقرها النبي Ù…Øمد -عليه الصلاة والسلام!- للثورة السلميّة على كل ظالم ÙÙŠ المجتمع الإسلامي، وجعل الاØتجاج Ø§Ù„Ù…Ø³Ù„Ø Ù‡Ùˆ آخر الدواء، والله أعلم!
يذكر أنه لما Øدثت الÙتنة بين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأمير المؤمنين معاوية بن أبي سÙيان رÙض سعد بن أبي وقاص أن ينØاز إلى أيّ منهما، وقال من جاء يقاتلني ÙÙ€”سو٠أتّخذ سيÙا من خشب”ØŒ كناية عن المسالمة وعدم الرغبة ÙÙŠ الانجرار Ù„Ùتنة. وامتلأ التاريخ الإسلامي والعالمي بالثورات الدموية التي Ø±Ø§Ø Ø¶Øيتها الآلاÙØŒ والتي لم تØدث الإصلاØات المرجوة منها، والتي استبدلت بظالم أظلم، وبÙاسد Ø£Ùسد! لقد كان التر٠الذي يعيشه الملوك والقداسة التي تØيط بهم وبأشياعهم مع عدم إمكانية Ù…Øاسبتهم على أخطائهم وعدم وجود آلية عادلة لانتقال السلطة تعلي Ø§Ù„ØµØ§Ù„Ø Ø§Ù„ÙˆØ·Ù†ÙŠ على الأطماع والأهواء الشخصية، من أهم أسباب اندلاع الثورات عبر التاريخ الإنساني.
ولقد شهد التاريخ المصري القديم والØديث والمعاصر الكثير من الثورات الشعبيّة ضد الاØتلال الأجنبي، وكذلك ضد الÙساد والانØراÙØŒ كان من أشهرها:
ثورة الإمام العز بن عبد السلام الذي هاجم بها الÙساد المالي والانØرا٠القانوني ÙÙŠ عهد الملك Ø§Ù„ØµØ§Ù„Ø Ù†Ø¬Ù… الدين أيوب أواخر الدولة الأيوبية. ثبت العز بن عبد السلام على موقÙÙ‡ الإصلاØÙŠ بطريقه اعتراض سلمية، ولم ÙŠØرض Ùيها الشعب على قتال الØاكم. Øتى ÙÙŠ زمن سي٠الدين قطز والظاهر بيبرس لم يتوق٠نشاط الإمام العز بن عبد السلام عن Ø¥ØµÙ„Ø§Ø ÙˆØªÙˆØ¬ÙŠÙ‡ الناس والملوك والأمراء، كما عمل على دعم الدولة والØاكم ومساعدته ÙÙŠ إجراء الإصلاØات الضرورية للدولة وكذلك ÙÙŠ مواجهه أعداء الدولة.
ثورة الإمام عمر مكرم الذي هاجم الاØتلال الÙرنسي وخلع Øاكم مصر خورشيد باشا وكان له دور بارز ÙÙŠ تولي Ù…Øمد علي باشا Øكم مصر.
ثورة اللواء Ù…Øمد نجيب (الضباط الأØرار)ØŒ الذي هاجم الاØتلال الانجليزي، وخلع الملك Ùاروق، وأنهى نظام الØكم الملكي ÙÙŠ مصر. لقد كثرت ÙÙŠ مصر وقتها الأØزاب والØركات السياسيّة والأÙكار السلبيّة، وكذلك القادة والزعماء ÙÙŠ مشهد عبثي كان يمرض الوطن أكثر من أن يعاÙيه؛ Ùقد كانوا يتوسلون Ùˆ يتسولون المكاسب السياسيّة والمادية من الاØتلال الإنجليزي كما ÙŠÙعلون الآن مع الأمريكان (الاØتلال البعيد)! لم ØªÙ†Ø¬Ø Ø§Ù„Ø£Øزاب وسياسيوها ولا الجماعات وشيوخها ولا الصØ٠وكتابها ÙÙŠ طرد الاØتلال من مصر، بل زادوا الوطن وهنا علي وهن، وكادت مصر أن تموت بهم ومعهم، ÙˆÙÙŠ خطوة غير متوقعه أنهى الجيش هذا العبث، Ùخرج على الملك، وأخرجه، وأيّده الشعب، وكانت ثورة 1952. ولم يكن لهذه التيارات السياسية ولا الجماعات الأصوليّة يد ÙÙŠ هذا العمل الثوري؛ لذا لم يكن لهم نصيب ÙÙŠ هيئة الØكم الجديد.
Ø£Øداث يناير 2011. كان لتقدم مبارك ÙÙŠ السن ورغبة الأمريكان ÙÙŠ وجود بديل له، الداÙع لإنشائها جماعات سياسية ليبرالية وتقديم الدعم المالي والتدريبي والتنظيمي لها مساعدتها ÙÙŠ السيطرة على مصر لضمان مصالØهم ÙÙŠ الÙترة القادمة، لكنهم أدركوا أن الهوى الديني أقرب لقلوب المصريين من الأØزاب السياسية المتصلة بأÙكار وثقاÙات وتجارب أمم أخرى غريبه عليهم. وكانت تجربة الأمريكان مع Øركة طالبان وتنظيم القاعدة ÙÙŠ Ø£Ùغانستان مريرة؛ Ùتجنبوا إلى Øد ما التعامل مع التيار السلÙÙŠØŒ ÙˆÙضّلوا جماعة الإخوان المسلمين القادرة على تقديم أكبر قدر من التنازلات، والتي كانت تتواصل معها وتدعمها ÙÙŠ الوقت Ù†Ùسه الذي كانت تعامل Ùيه التيار الليبرالي وتدعمه Øتي يكون للأمريكان الÙضل واليد العليا على كل التيارات السياسية المصرية، وتضمن ولاءها وتبعيتها Øال وصول Ø£Øدها للØكم. لقد وصل الإخوان المسلمون إلى Øكم مصر، وراÙقهم تÙكيرهم المتصلّب وقلة خبرتهم وسلوكهم الاستبدادي البغيض، Ùسارعوا كما Ùعل الملك من قبل إلى تقديم التنازلات والتسهيلات للأمريكان (الاØتلال البعيد)ØŒ على Øساب Ø§Ù„ØµØ§Ù„Ø Ø§Ù„ÙˆØ·Ù†ÙŠØŒ ليضمنوا بقاءهم ÙÙŠ السلطة؛ Ùهل يعيد التاريخ Ù†Ùسه!
مصر ما بين النكسة والكبوة
Øكم جمال عبد الناصر مصر، وظلت المØاولات الانقلابية عليه من أصدقائه قبل خصومه، Ùˆ كان قراره تأميم قناة السويس وما تلاه من Øرب 1956. كانت إسرائيل ترغب ÙÙŠ اØتلال سيناء لإقامة منطقة عازلة بين الشعب المصري وبينها ÙÙŠ Ùلسطين Ùكانت نكسو 1967Ø› وبها تØولت المعادلة من تØرير Ùلسطين إلى تØرير سيناء، Ùˆ”لا صوت يعلو Ùوق صوت المعركة”! استطاع المصريون بعون الله وبمعاونة إخوانهم العرب والمسلمين، أن يصنعوا عملا إبداعيّا ÙÙŠØرروا جزءا من سيناء أملا ÙÙŠ تØرير الباقي منها. لم يتقبّل الأمريكان النصر المصري، وأخذوا ÙÙŠ بØØ« وتØديد نقاط القوة التي اعتمد عليها صانع القرار المصري ÙÙŠ تØقيق نصره، وقاموا بتدميرها الواØدة تلو الأخرى، على النØÙˆ الآتي:
1) قتل الملك Ùيصل، الذي تجرأ كثيرا ÙÙŠ الوقو٠بجانب مصر.
2) كانت الثورة الإيرانية على الشاه Ù…Øمد رضا بهلوي Ø¥Øدى صور معاقبة من عاون مصر.
3) السيطرة على منطقة مضيق باب المندب.
4) إثارة الÙتنه بين مصر وليبيا، التي وصلت Ù„Øالة الØرب بينهما، وكذلك بين مصر والجزائر.
5) ضرب التماسك العربي بتØريض الأنظمة العربية الموالية لأمريكا، على إهانة مصر وقطع المعونات الاقتصادية عنها وتعمد إهانة المصريين العاملين لديها ونشر كراهية وعداء المصريين.
6) تدمير الجبهة الداخلية المصرية -وبتÙكيك المجتمع المصري وإنهاكه تØرم مصر القدرة المعنوية على دخول معركة أخرى- بمثل نشر الكراهية بين المسلمين والمسيØيين، ونشر النكات المهينة بين مواطني الأقاليم المصرية لتعميق الكراهية بين Ø£Ùراد الشعب بعضهم وبعض.
7) السيطرة على الجيش واØتكار توريد Ø§Ù„Ø³Ù„Ø§Ø Ù„Ù…ØµØ± وتØجيم التصنيع العسكري وإضعا٠قدرة مصر على التصدير العسكري، وقطع العلاقات العسكرية المصرية العربية ومنع التعاون Ùيما بينهم ÙÙŠ مجال التصنيع العسكري.
8) تØجيم العلاقات المصرية الإÙريقية، ومØاولة السيطرة الإسرائيلية على منابع النيل، مع قطع أو تØجيم العلاقات التجارية المصرية الإÙريقية، وإغلاق السوق الإÙريقية أمام السلع المصرية.
9) إهمال الزراعة، والاعتماد على استيراد الغذاء، وتØويل اعتماد الاقتصاد المصري إلى السياØØ© والصناعة التي تتوق٠عادة زمن الØرب.
10) إعادة الصراعات السياسية والتكالب على السلطة، وإØياء الخلايا السياسية (النائمة)ØŒ لنشر الاضطرابات والÙوضى لإرباك مصر والتعجيل بانهيارها.
إنّ الكبوة التي تمر بها مصر الآن لن تنتهي إلا بجهود العلماء النجباء والمÙكرين المخلصين من أبناء الوطن، الذين لم ينذروا Øياتهم لجمع الثروة ولا يستهويهم بريق الشهرة ولم يأسرهم ويقيدهم Ø·Ù…ÙˆØ Ø§Ù„Ø³Ù„Ø·Ø©. يعلمنا التاريخ أن Ùساد الØاكم من Ùساد الرعية، ÙˆÙساد الرعية ترجمة Ù„Ùساد الØاكم؛
Ùلن ÙŠØµÙ„Ø Øال أمة إلا Ø¨ØµÙ„Ø§Ø ÙƒÙ„ من الرعية والØاكم. ويقع الدور الأكبر ÙÙŠ تØقيق ذلك على أهل العلم والÙكر والرأي ÙÙŠ تربية الشعوب وإصلاØها وتوجيه الØكام وبذل Ø§Ù„Ù†ØµØ Ù„Ù‡Ù… بإصرار وعزيمة وصبر وتجرد عن الطمع ÙÙŠ السلطة أو تØقيق منÙعة شخصية؛ Ùلا يجوز أن تكون غايتهم هي المناصب والØكم، بل يجب أن تكون Øالهم كقول الرجل الصالØ: “إن أريد إلا Ø§Ù„Ø¥ØµÙ„Ø§Ø Ù…Ø§ استطعت”Ø› Ùاللهم، ألهمنا سبيل الرشاد، ØÙظ الله مصر والمصريين!