فلسفة الانحراف، (الشذوذ الجنسي)، في 25 أبريل 2016، (مجديات أخي الحبيب الراحل المقدم مجدي صقر، رحمه الله، وطيب ثراه)!

الحمد لله رب العالمين!

الله ذات، غيب، اختصّ لذاته بكمال الجمال في الأسماء والصفات. الألوهية هي الهيمنة والعلو والاحاطة والقدرة، وأكبر مظاهرها الخلق. الرجولة (الذكورة)، هي امتداد متواضع لصفات الألوهية بما فيها من شهامة وابتداء بالمعروف والفضل. الربوبية هي العناية والرعاية والتنظيم والترتيب وأكبر مظاهرها تقدير الأرزاق. الأنوثة (الأمومة)، هي امتداد متواضع لصفات الربوبية؛ لذلك كانت للرجولة (الذكورة) المكانة العليا في نفوس البشر على طول تاريخهم، حتى إن المرأة نفسها تعلي شأن الرجل وتتمني عاده أن يكون أكثر أبنائها ذكورًا. والمرأة السويّة ترتاع إذا شاهدت ذكرا متخنثا، كما أنها تزدري المرأة المسترجلة.
الرجل العادي السوي والمرأة العادية السوية
يلزم الرجل العادي قدر من الاستعلاء والجرأة والإقدام لمواقعة المرأة. وتذكر الأساطير ذلك الفارس الذي يخطف فتاته على حصانه ويأسرها في قلعته ويتخذها زوجة وأمًا، وهي تسعد بجرأته وترضى أن تكون أسيرته؛ فالحياة الجنسيّة الطبيعية تستلزم قدرا من القوة والجرأة من الذكر، وقدرا من الخضوع والاستسلام من الأنثى. إنّ الترتيبات النفسية لدى الرجل والمرأة الضروريّة لتكوين الأسرة، أن الرجل هو السيد المطاع العالي القدر والمكانة، وأن المرأة هي الوزير المخلص والأمين والمعين لهذا القائد والربان على أن يصلا بالأسرة إلى غاية وجودها. أمّا إذا ما كانت الزوجة مساوية للزوج في المكانة النفسيّة في الأسرة أو تعلوه، فسيكون ذلك شذوذا لا تستقر معه الحياة الزوجية! الأسرة هي وحدة المجتمع الأولى، ولكل فرد فيها اهتمامه وأولياته؛ فالأب اهتمامه الأكبر بأبنائه ثم عمله ثم زوجته. والأم اهتمامها الأكبر بزوجها ثم أبنائها ثم عملها. أما الأبناء فاهتمامهم الأكبر بمستقبلهم ثم أمهم ثم أبوهم. الاهتمام هو الانشغال الذهني وقصد المنفعة. ومكان المرأة خلف زوجها، يحميها وهي تقويه وتدفعه للأمام. ومكان الأب خلف أبنائه، يدفعهم للمستقبل الذي يراه ببصيرته وحسه الأبوي. والأبناء في صغرهم ينظرون تحت أقدامهم كي لا يتعثروا، وبمرور الزمن ومع اكتساب الخبرات ينظرون للأفق البعيد ليأخذوا المجتمع كله بأيديهم؛ يقول الله: “وما منّا إلّا له مقام معلوم”. وقد تترسخ اَحيانا في نفوس بعض الرجال صفات التواضع والرحمة والحياء واللطف والوداعة، بالقدر الذي لا يمكنه من مواقعة الأنثى؛ فلا يرغب في خدش حيائها ولا حياء نفسه، ويفضّل أن يعيش في سلام نفسي مع المجتمع رجالًا ونساءً وأطفالًا، ويجد معاشرة الأنثى أمرا شاقا على نفسه، ويسمى مثل هذا الرجل “الحصور”.
فلسفة الشذوذ
إنّ الله الذي خلق فسوي وقدّر فهدى، جعل لكل من الذكر والأنثى من الصفات ما يكفيه ويلزمه لأداء دوره في الحياة، فالمرأة يستهويها اندفاع الرجل وهجومه وشجاعته، وتستنكر عليه الحياء والخجل حتّى شدة التهذيب. والرجل يستهويه خضوع المرأة واستكانتها حتى لو افتعلت ذلك. وأي زيادة أو نقصان عما فطر الله الناس عليه يُعدّ شذوذا وانحرافا عن المنهج السوي القويم.
صور الشذوذ الجنسي
1) الذكر يقهر الأنثى. إذا زادت الرغبة في الاستعلاء والاستكبار والهيمنة عند الذكر، طمع في إحداث قدر أكبر من القهر للأنثى، فيرغب في مواقعتها بالدبر، وعندها يفتقد الزوجان الحب والتناغم والتفاهم، وتنحصر علاقتهما في الإشباع الجنسي فقط، فإذا تهاونت المرأة وتضاءلت أمام نفسها وأمام الذكر قبلت مواقعته لها في الدبر.
2) اللّواط (الفاعل). إذا زادت الرغبة عند الذكر في التعبير عن استعلائه وتكبّره وتجبره، أتى ذكرا مثله، وليس في هذا الفعل أي شعور اجتماعي أو عاطفي كالذي بين الذكر والأنثى، هو إشباع رغبة نفسيّة مريضة فقط، وتحقيق لجنون العظمة.
3) اللّواط (المفعول به). إذا زاد إحساس الذكر بالضآلة والصغر والاستسلام وازدراء النفس، تواضع قدره أمام نفسه، وشعر بالرغبة في أن يحتويه أحدهم ويهيمن عليه؛ فيرتضي لنفسه النمط الأنثوي، ويقبل أن يؤدي دور الأنثى لذكر آخر، فربما ذهب لأبعد من ذلك، فيعمد لإخفاء معالمه الذكورية التي تشوشّ عليه ترتيباته النفسية الجديدة، وربما أيضا ارتدى ملابس أنثوية.
4) السحاق (الفاعل). إذا تمردت الأنثى على نفسها وعلى مكانتها وتطلّعت نفسها إلى التعالي والاستكبار، ورأت في نفسها القدرة على احتواء غيرها- بحثت عن أخرى تؤدي معها دور الذكر، وربما عملت على إخفاء معالمها الأنثويّة، وارتدت ملابس الذكور.
5) السحاق (المفعول بها). إذا تملّك الأنثى الشعور بالخوف والضعف والخجل أكثر من الطبيعي، قبلت أن تنزوي في علاقة بأنثى مثلها؛ فهي لا تجرؤ على مواجهه ذكر، ولا ترغب في إحداث تغير في ترتيباتها النفسيه.
أسباب الشذوذ الجنسي
أولا أخطاء التربية
إنّ القهر النفسي والإهانة والعنف الذي يتعرض له بعض الأطفال وعدم الرحمة في معاملتهم، كل ذلك يجعل منهم جيلا من الشواذ؛ فالطفل المعذّب تتجه حياته إلى أحد اتجاهين:
1) الشذوذ الفاعل القاهر. وذلك كون الإنسان الطبيعي يسعى لاستكمال نقصه بضعف ما كان يقع عليه من ظلم؛ فيسعى المقهور إلى أن يكون قاهرا، والمظلوم إلى أن يكون ظالما، ولا يكتفي باسترداد حقه ومكانته المفترضة اللائقة به فقط؛ فيبحث عن طرف آخر يمارس عليه القهر والظلم، ويثبت تعاليه والقدرة على الانتقام من مكانته السابقة في طفولته.
2) الشذوذ المفعول به. إذا اقتنع الطفل بمهانة نفسه وضآلته ولم تكن له الهمّة على استرداد قدره ومكانته، ارتضى مكانة الأنثى استمرارا لوضع قائم.
ثانيا العادات الاجتماعية
تطورت في بعض المجتمعات العلاقات الجنسيّة، ولم تكن لهذه العلاقات الجنسية أطر مقدّسة أو حكيمة لضبطها؛ فأصبح الشذوذ والشيوع الجنسي فيها أمرا عاديا ومقبولا وغير لافت، وربما يلجا البعض لممارسة الشذوذ للفت الانتباه وادّعاء الحريّة أو ادّعاء التطوّر السلوكي، فتنشأ أجيال من الشواذ وهم لا يرون خطأ في سلوكهم هذا إلا عند اختلاطهم واتصالهم بمجتمعات وثقافات أخرى.
ثالثا الخلل الكيميائي (الهورموني)
الكيمياء هي سر الوجود، ولأي خلل في التركيبة الكيميائيّة داخل جسم الإنسان أثره الواضح في سلوكه وانفعالاته؛ فإذا زادت أو قلت كمية الهورمونات الذكورية أو الأنثوية، ظهر أثرها في سلوك الذكور تخنثا أو تجبرا زائدا، وفي سلوك الإناث نعومة زائدة أو استرجالا.
أسباب حدوث الخلل الكيميائي
1) عوامل خلقيّة موروثة في جسم الإنسان.
2) تعرّض الفرد لإشعاع ما أو غازات ومواد كيميائية، تعمل على إحداث خلل هرموني أو نفسي، مما يدفع الأفراد المصابين بها للشذوذ. وببعض الأدوية والأطعمة والأشربة والروائح هرمونات ضارة، تعمل على إحداث خلل في إفراز الجسم للهورمونات. قيل إن القوات الأمريكية في أفغانستان، قامت بإطلاق غازات حربية لنشر الشذوذ الجنسي في المجاهدين الأفغان، وأظنّ أنّ انتشار الشذوذ الجنسي في أفغانستان مرتبط بالأساس بنشر غازات كيميائية. ولقد ثبت حقا استخدام إسرائيل لبعض المواد الكيميائية الداخلة في صناعة بعض أنواع اللبان في مصر، لعمل توترات واضطرابات جنسية للشباب والفتيات. ولقد ثبت أن حُقن منع الحمل المستخدمة بمصر تزيد هورمونات الذكورة، فتجعل الأنثى أحيانا تتمرد على أنوثتها، فتنشأ المشكلات الزوجية. إن حوالي 80 % من حالات الطلاق بمصر حديثا، ربما يرجع لمستحضرات منع الحمل الكيميائية، التي حظر استخدامها في الغرب، وما زالت مستخدمه لدينا! وقد لوحظ في الفترة الأخيرة زيادة السلوك الذكوري للفتيات في مصر إلى الحد الذي شوهدت فيه أناث تهاجم الذكور في شجار عنيف، مرورا بقيامهن بمغازلة الشباب، وصولا إلى اغتصابهم! وربما كان انتشار لظاهرة تحرش الشباب الجنسي بالفتيات أسباب كيميائية كتلوث الهواء أو مياه الشرب أو كثره تناول الأطعمة الغنية بالمواد الكيميائية المصنّعة.
فكرة العلاج المقترحة
أولا العلاج النفسي
1) الطرف الفاعل، يجب أن نزيد عنده الخوف من الله والتواضع له، ونزيده رقة وتعاطفًا ورحمة، ونذكّره بانتقام الله وعقوبته له -إن أتبع نفسه هواها، ومات على ذلك، ولم يتب إلى الله!- ونوجب عليه أن يصالح نفسه ومجتمعه.
2) الطرف المفعول به، يجب أن نعيد له ثقته بنفسه، ونغرس فيه الجرأة والشجاعة والإقدام والتمرد على الواقع المؤلم والثورة على الضعف والاستكانة والانتقام بشكل أو بآخر ممن ظلموه أو تجاهلهم، وأن يرفع رأسه؛ فهو في ملك الله، يعيش في مملكته، ويجب عليه أن يصنع لنفسه حاضرا ومستقبلا يليق به. ويجب أن نعلّم المربّين والآباء والأمهات أن رسول الله أمرنا بالعطف على الأبناء واحترامهم وتدليلهم ولاسيما في السنوات السبع الأولى من حياتهم، ثم في السنوات السبع التالية يؤدب الطفل بحزم وانضباط دون قسوة أو عنف، وفي السنوات السبع الثالثة يعامل على أنه رجل يتحمل المسؤولية، ويٌجعل له مكان ومكانة، كي ينشأ إنسانًا سويا صالحا مصلحا.
ثانيا العلاج الهورموني
يحدده الأطباء مع توعيه المستهلكين للسلع الغذائية أو الاستهلاكية التي تؤثر علي توازنهم الهورموني. وقد توصف للطرف السالب بعض الأدوية العشبية التي تعتمد على حُقن الشرج بمزيج من عصير الثوم والبصل أو زيوتهما، وتعطى للطرف الموجب المهدئات.
ثالثا العلاج المجتمعي
يلزم الفرد السوي مجتمع سوي؛ فإذا أصرّ المجتمع على سلوك شاذ وإجبار الأسوياء على مشابهتهم والانسجام معهم، لزم الهجرة منه وتركه. كذلك يجب إعادة الترابط والتجمّع الأسري، وأن يكون الأب والأخ أقرب للفرد من أصدقائه، وألا يُترك الصغير للمجتمع الخارجي إلا بعد التأكّد من قدرته على أن يعيش بمفرده ومواجهه أخطاره. ولابد من التواصل المستمر بين أفراد الجماعة الأسوياء لحماية بعضها من هجمات الانحراف والمنحرفين. ونؤكد أنه ما من داء إلا أنزل الله له دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله- وأن الندم يغسل الذنوب، وأن الصدقة تطفئ غضب الله كما يطفئ الماء النار، وأنّ الله “يدافع عن الذين آمنوا”Ø› فليس في المجتمع الإيماني شواذ أو مرضى نفسيون، وأنّ الشريعة والقيم والأخلاق الإسلاميّة -وكذلك الشرائع السماوية عموما- هي المنهج الضامن لحياة سويّة للأفراد والجماعات، والله أعلم!

Related posts

Leave a Comment