الØمد لله رب العالمين!
كان رسول الله -صلى الله عليه، وسلم!- يطو٠علي قبائل العرب ÙÙŠ المواسم والأسواق، يعرض عليهم Ù†Ùسه ودعوته، يطلب منهم Øمايته ونصرته Øتي يبلّغ عن الله رسالته، Ùكان بعضهم يشترط عليه أن يكون لهم الأمر من بعده، يعنون خلاÙته ÙÙŠ الملك، لكنّه كان يأبى عليهم. Ùور ÙˆÙاة النبي سعى المسلمون ÙÙŠ المدينة لاختيار خليÙØ© له، ÙˆØاول الأنصار من أهل المدينة خلاÙØ© رسول الله، لكن جموع المسلمين اتÙقوا على تولية أبي بكر الصديق صاØب النبي ورÙيق دربه. يروى أنه اجتمع الأنصار ÙÙŠ سقيÙØ© بني ساعدة، يتشاورون Ùيمن يخل٠رسول الله -صلى الله عليه، وسلم!-Ùانطلق المهاجرون وعلى رأسهم أبو بكر وعمر ليتداركوا الأمر، Ùقام خطيب الأنصار، وقال: Ù†ØÙ† أنصار الله وكتيبة الإسلام، وأنتم معشر المهاجرين ورهط نبيّنا، تريدون أن تخذلونا من أصلنا وتØصنونا من الأمر، Ùلمّا سكت تقدم أبو بكر، Ùقال: Ùما ذكرتم من خير Ùأنتم أهله، وما تعر٠العرب هذا الأمر (خلاÙØ© النبي)ØŒ إلاّ لهذا الØÙŠ من قريش؛ هم أوسط العرب نسبًا ودارًا، وقد رضيت لكم Ø£Øد هذين الرجلين أيهما شئتم، Ùأخذ بيد عمر بن الخطاب، ويد أبي عبيدة بن الجراØØŒ Ùقال قائل من الأنصار: أنا جذيلها المØÙƒ وعذيقها المرجب (يعني داهيتها)ØŒ منّا أمير Ùˆ منكم أمير، Ùكثر اللّغط، وارتÙعت الأصوات، Øتى Ø®Ùشي الاختلاÙØŒ Ùقال عمر: يا معشر المسلمين، إن أولى الناس بأمر نبي الله ثاني اثنين إذ هما ÙÙŠ الغار، وأبو بكر السبّاق المسن، يا معشر الأنصار، ألستم تعلمون أن رسول الله قد أمر أبا بكر أن يؤم الناس، Ùأيّكم تطيب Ù†Ùسه أن يتقدم أبو بكر! ابسط يدك يا أبا بكر، Ùبسط يده، Ùبايعه، وبايعه المهاجرون، ثم بايعه الأنصار.
إنّ Ø£Øداث سقيÙØ© بني ساعدة تشير إلى الآتي:
1) لم ÙŠØدد رسول الله Ø£Øدًا من المسلمين لخلاÙته. وكل ما يدّعيه البعض من استخلا٠رسول لأبي بكر أو لعلي بن أبي طالب، هو Ù…Øض كذب، ولم تكن أكثر من إشارات أو تلميØات من رسول الله ÙŠÙهمها ويÙسرها كل طر٠على هواه.
2) لم يكن أبو بكر أو عمر أو علي Øتى أبو عبيدة بن الجراØØŒ على قائمة اختيارات المسلمين ÙÙŠ السقيÙØ© أصلًا، ولكنهم كانوا يتشاورون ÙÙŠ تولية أنصاري قيل إنه سعد بن عبادة
3) إن نقاشًا تشاوريًّا منطقيًّا Øرًّا قد جرى بين أصØاب رسول الله مهاجرين وأنصارًا، لاختيار خليÙØ© لرسول الله، وإنه قد جرى بصورة طبيعية دون إرهاب أو إجبار من طر٠لآخر، وكل طر٠أدلى بدلوه Ùيه.
4) إن تولية أبي بكر زمام الأمور كانت عن قناعة جميع الØاضرين بأØقيته ÙÙŠ خلاÙØ© رسول الله، وإن لم يكن برغبة الجميع.
تولى أبو بكر، وقام ÙÙŠ الناس خطيبا، ÙØمد الله، وأثنى عليه، وقال: أيها الناس إنّما أنا مثلكم، وإنّي لا أدري لعلكم تكلّÙوني ما كان رسول الله يطيق! إن الله اصطÙÙŠ Ù…Øمدًا على العالمين، وعصمه من الآÙات؛ Ùإن استقمت Ùتابعوني، وإن زغت Ùقوّموني، وإنما أنا متّبع، ولست بمبتدع، وإن رسول الله قبض وليس Ø£Øد من هذه الأمة يطلبه بمظلمة ضربة سوط Ùما دونها، وإن لي شيطانا يعتريني، Ùإذا أتاني Ùاجتنبوني لا أؤثر ÙÙŠ أشعاركم وأبشاركم، وإنكم تغدون وتروØون ÙÙŠ أجل قد غيّب عنكم علمه، وإن استطعتم أن لا يمضي إلا وأنتم ÙÙŠ عمل صالØØŒ ÙاÙعلوا، ولن تستطيعوا ذلك إلا بالله، وسابقوا ÙÙŠ مهل آجالكم من قبل أن تسلمكم آجالكم إلى انقطاع الأعمال؛ Ùإن قومًا نسوا آجالهم وجعلوا أعمالهم بعدهم؛ Ùإياكم أن تكونوا أمثالهم! الجد الجد، النجاة النجاة، الوØا الوØا؛ Ùإن وراءكم طالبًا Øثيثًا وأجلًا أمره سريع! اØذروا الموت، واعتبروا بالآباء والأبناء والإخوان ولا تغبطوا الأØياء إلا بما تغبطون به الأموات!
لقد أكد الصديق ÙÙŠ خطاب توليه الآتي:
1) أنه مواطن عادي، ليس له من القداسة أو العظمة ما كان لرسول الله،
وأنه يجب عليهم كمواطنين ÙÙŠ الدولة، دعمه ومساندته، وألا يتوقعوا منه أمورًا خارقة للطبيعة كما كان لرسول الله.
2) أن دولة الإسلام سو٠تتØول من دولة قانون يرشدها ويهديها الوØÙŠ من السماء، إلى دولة قانون ينظّمها ويديرها بشر عاديون يصيبون ويخطئون ويولَّوْن ويعزلون.
3) المعاني الإسلامية الثابتة بأن الموت قدر مقدور، وأنه يجب علي الإنسان ÙÙŠ Øياته إنجاز أقصى ما يمكنه من أعمال صالØØ©ØŒ لأن الØياة قصيرة، والموت يأتي Ùجأة.
الصدّيق أبو بكر (ذو الكÙÙ„)
لكأنّي أرى الصدّيق صبيّا يلهو ÙÙŠ أزقة مكة، وقد اختار الأمين صاØبا، قيل ÙÙŠ الأثر: Ø§Ù„Ø£Ø±ÙˆØ§Ø Ø¬Ù†ÙˆØ¯ مجنّدة، ما تشابه منها ائتلÙØŒ وما تناÙر منها اختلÙ. كان الصدّيق رجلا خبيرًا بالدنيا وأØوالها؛ Ùقد امتهن التجارة، Ùعر٠الأسÙار والأخبار والأشعار والمناقب والملاØÙ… والأنساب، وخبر السياسة واÙدارة المواق٠الصعبة وقيادة الرجال؛ Ùكان له المنطق السليم والÙهم الجيّد والرؤية الثاقبة، وكان ÙÙŠ Ù†Ùسه تواضع وتبسّط جعلا منه صديق الضعÙاء ومنقذ الأرقّاء. وقد أخبرنا رسول الله أنه لم يعرض أمر النبوة على Ø£Øد من الناس إلا كان منه تردد إلا أبا بكر.
كان الصدّيق رجلًا Øديدًا، وكان على إثر رسول الله -صلى الله عليه، وسلم!- وكانت ÙلسÙته ÙÙŠ الملك الأسوة الØسنة؛ Ùقد كان يتأسّى برسول الله ÙÙŠ كل شيء، Øتى لكأنّي أراه ÙÙŠ طرقات المدينة يتØسس خطا رسول الله، لا يتعداها. وما كان إنÙاذه لجيش أسامه إلا إلهاما من إلهامات النبوّة. يروى أنّه لما توÙÙŠ رسول الله -صلى الله عليه، وسلم!- نجم النÙاق وارتد من ارتد من Ø£Øياء جزيرة العرب، وامتنع ناس من أداء الزكاة، ولم يبق للجمعة مقام ÙÙŠ بلد غير مكة والمدينة؛ Ùأشار كثير من الناس على أبي بكر منهم عمر بن الخطاب، ألّا ÙŠÙÙ†ÙÙØ° جيش أسامة، لاØتياجهم إليه Ùيما هو أهم، Ùامتنع الصديق عن ذلك، وقال: والله لا Ø£ØÙ„ عقدة عقدها رسول الله، ولو أن الطّير تخطّÙتنا والسباع من Øول المدينة، ولو أن الكلاب تخطّÙت بأرجل أمهات المؤمنين لأنÙذت جيش أسامه! كلمة لا يستطيعها Ø£Øد إلا أبا بكر؛ Ùكان خروجه من أكبر المصالØØŒ Ùساروا لا يمرون بØÙŠ من Ø£Øياء العرب إلا أرعبوا منهم وقالوا ما خرج هؤلاء من قوم إلا وبهم منَعة شديدة، وأشار البعض على عمر بن الخطاب أن يطلب من أبي بكر تغيير أمير الجيش أسامه (17 سنة)ØŒ بأمير آخر ØŒ Ùأخذ أبو بكر بلØية عمر، وقال: ثكلتك أمك، يا أبن الخطاب! أؤمّر غير أمير رسول الله! روي أنه لما ارتدّت Ø£Øياء الأعراب، انØازوا إلى مسيلمة الكذاب، وطليØÙ‡ الأسديّ، وجعلت ÙˆÙود العرب تقدم على المدينة، ÙŠÙاوضون الصدّيق ØŒ يقرون بالصلاة Ùˆ يمتنعون من أداء الزكاة، Ùأبى عليهم، ووق٠موقÙا مشهودًا، وقال: والله لن أدع أن أقاتل على أمر الله Øتى ينجز الله وعده، والله لو منعوني عقالا لجاهدتهم، مؤكدًا أنّه لن يستهل Øكمه إلًا من Øيث انتهى النبي، Ùعر٠الناس من الصدّيق الثبات على الØÙ‚. ولما Ø§Ø³ØªØ±Ø§Ø Ø£Ø³Ø§Ù…Ø© وجنده وجاءت صدقات كثيرة، عقد الصديق Ø£Øد عشر لواء دÙعة واØدة، وغلبت جيوش الصديق كل من عاداها. لقد ظنّت الأعراب أن الصدّيق رجل هيّن ليّن ضعيÙØŒ وسيضطر إلى مهادنتهم وقبول شروطهم، ولن يلبثوا أن يتعبون Øتى تنقرض الدعوة المØمدية وتتلاشى الدولة كما تلاشت سابقاتها، لكن ما Øدث غير ذلك؛ Ùقد قيّض الله للإسلام رجلا؛ لقد كان الصدّيق بØÙ‚ رجلًا Øديدًا!
قراءة ÙÙŠ Øروب الردة
لقد كانت أمة العرب شراذم (همجًا)ØŒ قليلي الخير والÙضل، وكان لزاما أن ينهض لهذه الأمة من يجمعها كما Øدث لأمم أخرى، لكن لم يكن من السهل على الأعراب الهائمين على وجوههم بصØراء جزيرتهم كالإبل الغراب، أن يجدوا أنÙسهم على Øين غرة منهم مقيّدين بنظام ودولة وقانون. لقد أبى عليهم كبرياؤهم أن ينصاعوا لمØمد ÙÙŠ المدينة، وإن كانوا قد اضطروا إلى ذلك ودخلوا ضمن دولته، Ùقد جاءتهم الÙرصة سانØØ© بعد ÙˆÙاته ليتØلّلوا من هذه التبعية! كل هذا العبث كان مكنونا ÙÙŠ قلوب أعداء الدولة العربية الإسلامية، وتÙجّر بعن٠بعيد ÙˆÙاة النبيّ Ù…Øمد، لكنّه كان مختلÙًا ÙÙŠ درجات Øدّته؛ Ùمنهم من رÙض دÙع الضرائب (الزكاة)ØŒ ومنهم من طلب إلغاء الصلاة والتي كانت أكبر مظاهر التطور الثقاÙÙŠ الذي Ø£Øدثه الاسلام ليوØد شعب الجزيرة الممزّق! ظهر الصدّيق أبو بكر -رضي الله عنه!- رجل قانون أكثر منه رجل سياسة، وعالج الموق٠على أنه خروج على القانون وتØدÙÙ‘ لسيادة الدولة، وكأني أنظر إلى عيون أصØاب رسول الله وهي تØدّق ÙÙŠ الصديّق وهو يثور على المرتدّين بثقة وقوة وثبات نادر، كأنه سيد هذا العالم؛ Ùإما أن الرجل لا يدرك Øقيقة الموق٠الصعب الذي هو Ùيه سياسيا واقتصاديا وعسكريّا، وإما أنه يري أبعد وأعمق ÙˆØ£ÙˆØ¶Ø Ù…Ù…Ø§ يرونه. كان الصدّيق تكلم رجاله بØدة وثبات رجل يرى المستقبل ولا يخشي عواقب الأمور Ùˆ لا يهاب الخطأ أو الÙشل، وكأنّه كان يصنع التاريخ كما يريد. لم يكن أمام أصØاب النبي إلا أن يطيعوا أوامره بØذاÙيرها، لأنّ الموق٠كان غاية ÙÙŠ الالتباس، وكأنّ عقل الصدّيق ÙˆØده هو الذي كان يعر٠طريق الخروج من الأزمة منتصرا وأكثر قوة.
الصدّيق أبو بكر (دولة الإسلام القوية)
كان لزامًا على الدّولة الإسلاميّة الناشئة، أن تضمن لنÙسها Øدودًا آمنة، وأن تقول كلمة Ùصل ÙÙŠ جارتيها Ùارس Ùˆ الروم. لمّا Ùرغ خالد بن الوليد من اليمامة بعث إليه الصدّيق أن يسير إلى العراق، وشرع أبو بكر يجهز السرايا والجيوش لإمداد خالد.
بعث خالد كتابًا إلى أمراء كسرى:
من خالد بن الوليد إلى مرازبة أهل Ùارس، سلام على من اتبع الهدى! أما بعد؛ ÙالØمد لله الذي Ùضّ خدمكم وسلب ملككم ووهّن كيدكم! إن من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيØتنا Ùذلكم المسلم الذي له ما لنا وعليه ما علينا؛ Ùإذا جاءكم كتابي Ùابعثوا إليّ بالرّهن واعتقدوا مني الذمّة، وإلا Ùوالذي لا إله غيره لأبعثنّ إليكم قوما ÙŠØبّون الموت كما تØبون أنتم الØياة!
Ùلما قرأوا الكتاب أخذوا يتعجّبون، Ùجمع هرمز (نائب كسرى)ØŒ جموعًا كثيرة وسار بهم إلى كاظمة، وقد ربط الجيش ÙÙŠ السلاسل لئلاّ ÙŠÙروا! طلب خالد من الصدّيق المدد Ùأرسل له رجلًا (القعقاع بن عمر)! قاتل المسلمون، وانهزم الÙÙرس، وغنم المسلمون متاعهم، وبعث خالد بالÙØªØ ÙˆØ§Ù„Ø¨Ø´Ø§Ø±Ø© والخÙمس (خمس الغنائم)ØŒ إلى أبي بكر. قاتل خالد الÙرس ÙÙŠ موقعة المذار والولجة وأليس والأنبار وعين التمر ودومة الجندل والØصيد والÙراض ومواقع أخرى كثيره تعز عن الØصر؛ قال الصديق: يا معشر قريش، إن أسدكم قد عدا على الأسد، Ùغلبه على خراذيله، عجزت النساء أن يلدن مثل خالد!
أراد الصدّيق أن يبعث إلى الشام كما بعث إلى العراق، Ùشرع ÙÙŠ جمع الأمراء من أماكن متÙرقة من جزيرة العرب، ولما اجتمع من الجيوش ما أراد قام Ùيهم خطيبا، Ùقال: ألا إن لكل أمر جوامع Ùمن بلغها Ùهي Øسبه ومن عمل لله ÙƒÙاه الله، وعليكم بالقصد Ùإن القصد أبلغ! ألا إنّه لا دين لمن لا إيمان له، ولا إيمان لمن لا خشية له، ولا عمل لمن لا نيّة له. ألا وإنّ كتاب الله Ùيه من الثواب على الجهاد ÙÙŠ سبيل الله لما ينبغي للمسلم أن ÙŠØب أن يخصّ به، هي النجاة التي دلّ الله عليها، إذ نجى بها من الخزي، وألØÙ‚ بها الكرامة.
ولما توجّهت الجيوش إلى اليرموك بعث هرقل مئتين وأربعين ألÙا، Ùبعث الصØابة إلى الصدّيق يستمدونه، Ùكتب الصديق إلى خالد بن الوليد، أن يستنيب على العراق ويقÙÙ„ بمن معه إلى الشام، Ùإذا وصل إليهم Ùهو الأمير! واشتبك الÙريقان، ÙˆØمل الروم على المسلمين ÙكشÙوهم، ثم Øمل خالد بالخيل على الروم وزØ٠عليهم! Ù‚Ùتل منهم مئة وعشرون ألÙا، ومن المسلمين ثلاثة آلا٠(وغلبت الروم)! وقدم البريد إلى خالد بأن الصدّيق قد توÙÙŠØŒ واستخل٠عمر بن الخطاب. عزل عمر خالد بن الوليد خشية أن ÙŠÙتتن به الناس ويقدسوه لكثرة انتصاراته، وأمّر أبا عبيدة عامر بن الجراØØŒ ثم نودي بالرØيل إلى دمشق.
لقد أنجز الصدّيق -رضي الله عنه!- بعظيم همته وثباته ورسوخه ويقينه بالØÙ‚ØŒ ÙÙŠ شهور ما لم تنجزه أمم أخرى ÙÙŠ عشرات السنين، ولم لا؛ Ùقد قال الله له من قبل: “لا تØزن”! ولم يمنعه ذلك من الخو٠من الله والوجل والØذر! كان الصديّق للإسلام كذي الكÙÙ„ØŒ الذي تكÙّل بإتمام ما بدأه النبي؛ Ùإن كان النبي Ù…Øمد قد أكمل الله به الدين ونشر به الدعوة Ùقد رسّخ الله بالصدّيق أركان الدولة وثبت به دعائم الشريعة؛ رØÙ… الله الصدّيق أبا بكر، ورضي عنه؛ لقد كان بØÙ‚ رجلا Øديدًا!
عمر (صانع الØضارة)
لم ÙŠØدد رسول الله للمسلمين آلية معينة لانتقال السلطة من Øاكم سل٠إلى Øاكم يخلÙØŒ لكنّه أكّد وجوب ØµÙ„Ø§Ø Ø§Ù„Øكام، واشترط الكÙاية والمهارة والقدرة على إدارة شؤون الدولة، وذلك ÙÙŠ شخص الØاكم والهيئة المعاونة له، وألا يكون الØكم ملكا عضوضا متوارثا، كما أوجب اØترام الØاكم القوي الأمين وطاعته ولو كان هذا الØاكم عبدًا رقيقًا، ÙÙŠ سابقة إنسانية لم يعرÙها تاريخ البشرية المعلوم سياسيًّا وعسكريًّا وإداريًّا من قبل! لقد كانت للصدّيق أبي بكر المكانة الأسمى ÙÙŠ قلوب وعقول المسلمين؛ Ùتاريخ الصدّيق وجهاده اللّصيق برسول الله -صلى الله عليه، وسلم!- ÙÙŠ تبليغ الدعوة وإنشاء الدولة ثم مواقÙÙ‡ العظيمة المØوريّة ÙÙŠ تاريخ الإسلام دينا ودولة، جعلته Ù…Øلًّا للثقة الشديدة لدى عامة المسلمين وخاصتهم، Øتى إنه لو أمرهم بمبايعة عمر بن الخطاب لأطاعه الجميع وإن كانوا كارهين أو متخوّÙين Øياء من رد كلمة الرجل Ø§Ù„ØµØ§Ù„Ø Ø§Ù„Ø«Ù‚Ø© أبي بكر!
استخل٠أبو بكر صاØبه عمر بن الخطاب من بعده، Ùاستقرت بولايته شرعية الخلاÙØ© الإسلاميّة العربيّة القرشيّة، أساسًا للØكم ÙÙŠ الدولة الإسلاميّة. كان الصدّيق يخشى تنازع الأقران والأنداد على الخلاÙØ© -Ùهو برجاØØ© عقله ÙˆØكمته المشهودة المشهورة، لا يمكن أن تخÙÙ‰ عنه مثل هذه الأمور- Ùقرر أن يستقر الØكم من بعده لرجل ØµØ§Ù„Ø Ù‚ÙˆÙŠ أمين Ù…ØÙ„ ثقه الجميع -وإن لم يكن Ù…ØÙ„ ترØيب من الجميع- واستخل٠الصدّيق صاØبه عمر بن الخطاب! العجيب من أمر الشيخين أبي بكر وعمر، أنهما كلاهما تØوّلت شخصيته تØوّلا جذريّا وتبدلت بعد توليه الخلاÙØ©Ø› Ùقد عر٠الصدّيق قبل الخلاÙØ© برقته ووداعته وسماØته ولين طبعه، Ùما أن ولي أمر المسلمين وخرجت عليه الØركات الانÙصالية، Øتى بدا رجلًا آخر لم يعرÙÙ‡ المسلمون من قبل، من الØزم والØسم والشدّة التي واجه بها الانÙصاليّين. وكان عمر بن الخطاب مشهورًا بين الناس بØدّته وشدّته ÙÙŠ الØÙ‚ واندÙاعه Ùيه، وما أن ولي أمور الخلاÙØ© Øتى بدا الجانب الليّن الهيّن السهل من طباعه للÙقراء وأصØاب الØاجات!
بعث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه!- إلى سعد بن أبي وقاص بالمبادرة إلى القادسيّة، ونصØÙ‡ بقوله: بادرهم بالضرب والشدة، ولا يهولنّك كثرة عددهم وعدتهم؛ Ùإنهم قوم خدعة ومكر، وإن أنتم نويتم الأمانة رجوت أن تنصروا عليهم ثم لم يجتمع لهم شملهم أبدا إلا أن يجتمعوا وليست معهم قلوبهم؛ إنّ النصر على قدر النيّة، والأجر على قدر الØسنة، وسلوا الله العاÙية، وأكثروا من قول “لا Øول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم”ØŒ واكتب إليّ بجميع Ø£Øوالك وتÙاصيلها، واجعلني بكتبك إليّ كأني أنظر إليكم، واجعلني من أمركم علي الجليّة، وخ٠الله وارجه، واعلم أن الله قد توكّل لهذا الأمر؛ ÙاØذروا أن يصرÙÙ‡ عنكم ويستبدل بكم غيركم!
هذا أمر تميزت به دوله الاسلام عن غيرها، أن جعلت المسلم يعيش Øياته مزيجا بين العمل لبناء الدولة ÙˆØ¥ØµÙ„Ø§Ø Ø´Ø¤ÙˆÙ† الدنيا بالعدل والقسط، والعمل لتعمير الآخرة والتعلق بالله بالصلاة والصيام والذّكر؛ لقد أمر الله المسلمين بالتمسك بمكارم الأخلاق ÙÙŠ أصعب الظرو٠التي تعترض Øياتهم، وجعل هذا هو الجهاد الØÙ‚.
Øاصر المسلمون بيت المقدس، Ùأجابوا إلى Ø§Ù„ØµÙ„Ø Ø¨Ø´Ø±Ø· أن يقدم عليهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، Ùقبل عمر الشرط، واستخل٠على المدينة علي بن أبي طالب، وقدم إلى بيت المقدس على جمل أورق ØªÙ„ÙˆØ ØµÙ„Ø¹ØªÙ‡ للشمس، ليس عليه قلنسوة ولا عمامة، تصطÙÙ‚ رجلاه بين شعبتي الرØÙ„ بلا ركاب، وخطب ÙÙŠ الناس قائلا: أصلØوا سرائركم ØªØµÙ„Ø Ø¹Ù„Ø§Ù†ÙŠØªÙƒÙ…ØŒ واعملوا لآخرتكم تكÙوا أمر دنياكم! من أراد وجه الجنة Ùليلزم الجماعة؛ Ùإن الشيطان مع الواØد، وهو مع الاثنين أبعد! ولا يخلون Ø£Øدكم بامرأة؛ Ùإن الشيطان ثالثهما! ومن سرته Øسنته وساءته سيئته Ùهو المؤمن!
قيل له: أنت ملك العرب، وهذه بلاد لا ØªØµÙ„Ø Ø¨Ù‡Ø§ الإبل، Ùقال: Ù†ØÙ† قوم أعزنا الله بالإسلام؛ Ùلا نطلب بغير الله بديلا! Ùعرضت له مخاضه، Ùنزل عن بعيره ونزع Ø®Ùيه Ùأمسكهما بيده وخاض الماء ومعه بعيره، Ùقال له أبو عبيدة: قد صنعت اليوم صنيعا عظيما عند أهل الأرض، Ùصك عمر صدره، وقال: أوغيرك يقولها يا أبا عبيدة! يروى أنه قابل معاوية بن أبي سÙيان وهو أميره على الشام، Ùوجد عليه هيئة الملوك، Ùلامه على ذلك، Ùقال له معاوية: إن هذه البلاد لا يناسبها ما عليه أهل المدينة وهيئاتهم من تقشّ٠وبساطة، وإنّ لكل مكان ما يناسبه، وإنّه لا يظهر ذلك تكبرًا، Ùقبل عمر ذلك منه على مضض!
رÙÙع لعمر -رضي الله عنه!- صك مكتوب Ùيه لرجل على آخر دين ÙŠØÙ„ عليه ÙÙŠ شعبان، Ùقال: أي شعبان، أمن هذه السنة، أم التي قبلها، أم التي بعدها! ثم جمع الناس، Ùقال: صÙوا للناس شيئا يعرÙون Ùيه Øلول ديونهم! وأراد بعضهم أن يؤرخ كما تؤرخ الÙرس، ومنهم من قال أرخوا بتاريخ الروم، وقال قائلون أرّخوا بمولد الرسول -صلى الله عليه، وسلم!- وقال آخرون من مبعثه، وأشار علي بن أبي طالب -رضي الله عنه!- وآخرون أن يؤرخ من هجرته من مكة إلى المدينة، لظهوره؛ ÙاستØسن ذلك عمر والصØابة، Ùأمر عمر أن يؤرخ من هجرة رسول الله، صلى الله عليه، وسلم!
لمّا استكمل عمر ÙØªØ Ø§Ù„Ø´Ø§Ù…ØŒ أرسل عمرو بن العاص Ù„ÙØªØ Ù…ØµØ±ØŒ Ùلمّا Øاصر الإسكندرية جمع المقوقس أساقÙته، وقال لهم: إنّ هؤلاء العرب غلبوا كسرى وقيصر، ولا طاقة لنا بهم، والرأي عندي أن نؤدي الجزية إليهم. وقال لهم عمرو: إنّ الله أرسل إلينا Ù…Øمدًا -صلى الله عليه، وسلم!- وكان مما أمرنا به الإعذار إلى الناس؛ ÙÙ†ØÙ† ندعوكم إلى الإسلام؛ Ùمن أجابنا إليه Ùمثلنا، ومن لم يجبنا عرضنا عليه الجزية، وبذلنا له المنعة، وقد أعلَمنا أنّا Ù…ÙتتØوكم، وأوصانا بكم ØÙظا لرØمنا منكم، وإنّ لكم -إن أجبتمونا بذلك- ذمّة إلى ذمّة. ومما عهد إلينا أميرنا: استوصوا بالقبطيّين خيرًا، لأن لهم رØمًا وذمة، Ùقالوا: قرابة بعيدة، لا يصل منها إلا الأنبياء. معروÙØ© شريÙØ© هاجر، كانت ابنه ملكنا من أهل منÙØŒ Ùأديل عليهم أهل عين شمس، Ùقتلوهم، وسلبوا ملكهم؛ Ùلذلك صارت إلي ابراهيم، عليه السلام!
قيل إن الاسكندر لما بني الإسكندرية قال: لأبنينّ مدينة Ùقيرة إلى الله، غنية عن الناس، Ùبقيت بهجتها. وأنشأ عمرو بن العاص الÙسطاط عاصمة بدلا من الإسكندرية، وبنى بها جامعه، وبنى الناس Øوله. يروى انه أتى أهل مصر إلى عمرو بن العاص Øين دخل شهر بؤونة، Ùقالوا: أيها الامير، إنّ لنيلنا هذا سنّة لا يجري إلا بها، قال: وما ذاك؟ قالوا: إذا خلت اثنتا عشرة ليلة من هذا الشهر، عمدنا إلى جارية بكر، Ùأرضينا أبويها، وجعلنا عليها من الØلل والثياب Ø£Ùضل ما يكون، ثم ألقيناها ÙÙŠ النيل، Ùقال عمرو: إنّ هذا مما لا يكون ÙÙŠ الإسلام؛ إنّ الإسلام يهدم ما قبله. Ùأقاموا بؤونة وأبيب ومسري والنيل لا يجري، Ùكتب عمرو إلى عمر بن الخطاب بذلك، Ùكتب إليه عمر: إنك قد أصبت بالذي Ùعلت، وإنّي قد بعثت إليك بطاقة داخل كتابي، Ùألقها ÙÙŠ النيل، Ùلما قدم كتابه أخذ عمرو البطاقة، ÙاÙذا Ùيها “من عبد الله عمر أمير المؤمنين، إلي نيل أهل مصر، أما بعد؛ Ùإن كنت إنما تجري من قبلك ومن أمرك Ùلا تجر Ùلا Øاجة لنا Ùيك، وإن كنت إنّما تجري بأمر الله الواØد القهار وهو الذي يجريك Ùنسأله -تعالى!- أن يجريك”ØŒ وألقيت البطاقة ÙÙŠ النيل، ÙأصبØوا يوم السبت وقد أجرى الله النيل ست عشرة ذراعا ÙÙŠ ليلة واØدة، وقطع الله السنّة عن أهل مصر إلى اليوم، والله أعلم! ولا ندري صدق هذه الØادثة من عدمه، لكنها ÙÙŠ نهاية الأمر تؤكد نأي الإسلام عقيدة ÙˆÙكراَ دينا ودولة، عن الهرطقة والزندقة والشعوذة والخزعبلات، والاعتماد على العلم Ùقط، مع دوام الاتصال بالله والتعلق بالØÙ‚.
قال رسول الله -صلى الله عليه، وسلم!-: نعم عبد الله وأخو العشيرة خالد بن الوليد، سيÙا من سيو٠الله، سلّه الله على الكÙّار والمناÙقين. Ùلما Øضرت الوÙاة خالد بن الوليد، بكى، ثم قال: لقد Øضرت كذا وكذا زØÙا، وما ÙÙŠ جسدي شبر إلا ÙˆÙيه ضربة بسي٠أو طعنة Ø¨Ø±Ù…Ø Ø£Ùˆ رمية بسهم، وها أنا ذا أموت على Ùراشي Øت٠أنÙÙŠ كما يموت العَيْر؛ Ùلا نامت أعين الجبناء! قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه!- نادما على عزله خالدًا من إمارة الجيش: رØÙ… الله أبا بكر؛ كان أعلم بالرجال مني! كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه!- Ùريد عصره، وسيد أهل زمانه، ومنشئ دولة الإسلام، وكانت ÙلسÙته ÙÙŠ الملك “العدل أساس الملك”Ø› Ùلم يكن لأØد من السطوة على الأمراء والولاة مثل ما كان له! لقد أتى بابن العاص من مصر، يتكÙّأ ÙÙŠ شكاية اشتكاها مواطن مصري، وعدا وراء الأمراء ÙŠØصبهم لتغير Øالهم عما اعتاده منهم؛ Ùبعدله وصدقه مع الله والناس دانت له الدولة، وخضعت له الممالك، ولم تكن لأØد من بعده كما كانت له، وبعبقريته الÙذة استطاع أن يطوّر هيكل الدولة سياسيّا وقانونيّا وإداريّا، بما يناسب العصر الذي هو Ùيه؛ Ùقويت به دولة الإسلام.
كان -رضي الله عنه!- أول من عس بالمدينة، ÙˆØمل الدرّة، وأدّب بها، وجلد ÙÙŠ الخمر ثمانين، ÙˆÙØªØ Ø§Ù„ÙتوØØŒ ومصّر الأمصار، وجنّد الأجناد، ووضع الخراج، ودوّن الدواوين، واستقضى القضاة، وكوّر الكور. ربما لم يمهل القدر الصدّيق بالقدر الكاÙÙŠ لإØداث تطويرا إداريّ بالدولة، لكن الأمير عمر Ø£Øدث ثورة اÙداريّة تنظيميّة (دولاب عمل Øكومي)Ø› Ùقد استØدث نظمًا اÙداريّة للدولة الإسلاميّة تضمن إدارة جيّدة تناسب Øجمها الجديد الكبير، كما هو الØال ÙÙŠ الإمبراطوريات الØديثة، Ùكانت من أهم جوانب عظمة خلاÙØ© عمر وعبقرية Øكمه، Ùلم يجد المسلمون وغير المسلمين بأسًا أو ضررًا من انتمائهم لهذه الدولة، بل على العكس كان المسلمون وغيرهم من أجناس وديانات الأمم الداخلة ÙÙŠ إطار الدولة الإسلامية يشعرون بالسعادة والسلم والطمأنينة ÙÙŠ Øكم عمر ما لم تعر٠مثله البشريّة إلا ÙÙŠ أواخر القرن الميلادي العشرين؛ لذا يجب على الولاة أن يداوموا على Ø¥Øداث التطوير الإداري والتنظيمي لدولهم، لضمان بقائها وريادتها.
ومن نوادر الرجل Ø§Ù„ØµØ§Ù„Ø Ø¹Ù…Ø±ØŒ أنه قال: لو أني أعلم Ø£Øدًا من الناس أقدر مني على هذا الامر (الخلاÙØ©) لوليته؛ Ùبهذه الكلمة أكد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -وهو أعلم أهل زمانه بالإسلام عقيدة وشريعة- أنه يجوز عزل الØاكم إن كان من الرعية من هو Ø£ØµÙ„Ø Ù„Ù‡Ø§ØŒ أو كان بقاؤه ÙÙŠ السلطة يشكل Ù…Ùسده كبرى؛ Ùالولاية ليست Øكرًا على Ùئة أو Øقا مقدسا لأØد من الناس أو لطائÙÙ‡ من الطوائÙØŒ وهي كذلك ليست إرثا متوارثا، بل هي أمانة وتكليÙØŒ يكل٠بها القوي الأمين القادر على تØقيق العدل والمساواة وسيادة القانون والمØاÙظة على الدولة.
ÙØªØ Ø¹Ù…Ø± الشام كله والعراق وبلاد الÙرس وخراسان وأذربيجان ومصر وبرقة وتونس. كان متواضعا ÙÙŠ الله، خشن العيش والمطعم، يرقّع ثوبه، ويØمل القربة على كتÙه، ويركب الØمار عريان، قليل الضØك، عظيم الهيبة، وكان نقش خاتمه “ÙƒÙÙŠ بالموت واعظا”! قال عنه النبي -صلى الله عليه، وسلم!-: “أشد أمتي ÙÙŠ دين الله عمر”! قيل لعمر: إنّك قضاء (ÙŠØاسب الناس على أخطائهم ويعاملهم Ø¨Ø±ÙˆØ Ø§Ù„Ù‚Ø§Ø¶ÙŠ)ØŒ Ùقال: الØمد لله الذي ملأ قلبي لهم رØمة، وملأ قلوبهم لي رعبا! Ùقد كان الرجل يعي جيدًا أهمية هيبة وسيادة الدولة التي كان يمثلها. ومما كان يقول “اللّهم إني أسالك شهادة ÙÙŠ سبيلك وموتا ÙÙŠ بلد رسولك”Ø› ÙاتÙÙ‚ له أن ضربه أبو لؤلؤة المجوسي وهو قائم يصلي بخنجر، Ùقال: الØمد لله الذي لم يجعل منيتي علي يد رجل يدّعي الإيمان! ودÙÙ† بالØجرة النبوية إلى جانب الصدّيق. رØÙ… الله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب!
أراد رسول الله -صلى الله عليه، وسلم!- تقريب الشيخين أبي بكر وعمر، منه؛ Ùتزوج ابنتيهما عائشة ÙˆØÙصة، رضي الله عنهما! وتزوج عمر بØÙيدة رسول الله أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب. وأراد الله بأبي بكر وعمر خيرًا؛ Ùجمع المسلمون بين جسديهما الطاهرين وجسد رسول الله ÙÙŠ غرÙØ© واØدة. ÙˆÙÙŠ هذا نقول: إن كان رسول الله -صلى الله عليه، وسلم!- قد بذر بذور الإيمان ونشر الÙكرة الØضارية الإسلامية ÙÙŠ ربوع جزيرة العرب، وإن كان أبو بكر الصدّيق -رضي الله عنه!- قد Øمى النبتة الوليدة من أعاصير الانهيار والتÙكّك- Ùإنّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه!- هو الذي أسّس الإمبراطوريّة الإسلاميّة، وقعّد لها قواعد الØكم الرشيد العادل، والله أعلم!
ما بعد عمر
توÙÙŠ رسول الله -صلى الله عليه، وسلم!- ولم يول Ø£Øدًا من بعده، وتوÙÙŠ الصدّيق وقد أمر الناس بأن يبايعوا عمر بن الخطاب، لكنّ عمر جعل الأمر من بعده شورى بين ستة Ù†Ùر من الصÙوة Ùˆ هم: عثمان بن عÙان، وعلي بن أبي طالب، وطلØØ© بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرØمن بن عوÙØŒ رضي الله عنهم! وقد أوصى بأن يصلي بالناس صهيب الرومي ثلاثة أيام Øتى تنقضي الشورى. لم يرد عمر أن تنقضي Øياته قبل أن يبهرنا بجانب من جوانب عبقريته الÙذّة وعلمه المØيط بأØوال زمانه ومتطلباته ودرايته الكاÙية برجال دولته، وكذلك قدرته على اتخاذ القرار المناسب! أدرك المسلمون الأول Øقيقة Øتمية التغّير والتبدّل، وأن لكل يوم Ø£Øواله ومتطلباته التي تختل٠من يوم لآخر؛ Ùكانت الشورى ÙÙŠ اختيار أبي بكر، وكان التنصيب ÙÙŠ اختيار عمر، وكانت الشورى ثانية ÙÙŠ اختيار عثمان.
لما بايع أهل الشورى ختن رسول الله عثمان بن عÙان صعد المنبر خطيبا، ÙØمد الله، وأثنى عليه، وصلى على رسول الله، وقال: إنّكم ÙÙŠ دار قلعة، ÙˆÙÙŠ بقية أعمار؛ Ùبادروا آجالكم بخير ما تقدرون عليه! ألا وإنّ الدنيا طويت على الغرور؛ Ùلا تغرنكم الØياة الدنيا، ولا يغرنّكم بالله الغرور! واعتبروا بمن مضى، ثم جدّوا، ولا تغÙلوا!
كانت شرعيّة تولّي أمير المؤمنين عثمان، هي انتخابه من بين الشخصيّات التي رشّØها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وكذلك الشرعيّة العربيّة القرشيّة. كان أمير المؤمنين عثمان بن عÙّان -رضي الله عنه!- ساØØ© الكرم ÙˆÙضاءه، وكانت ÙلسÙته ÙÙŠ الملك أن الملك عطاء؛ Ùما أن وليى Øتى ضاع٠الأعطيات، واتّسعت دولة الإسلام ÙÙŠ عهده أكثر مما كان لخليÙØ© أو أمير قبله أو بعده، وكان خير أهل زمانه، ولم يكن كأØد بعده. كان بعض المسلمين ممن عايشوا أمير المؤمنين عثمان بن عÙان يعترضون على بعض تصرÙاته ÙÙŠ إدارة شؤون الدولة، ويغلظون له القول، كعزل صØابة رسول الله عن الولايات، وتوليه قرابته من بني أمية، وكان أمير المؤمنين عثمان Ø£Øيانا يجيبهم إلى مطالبهم. لقد خشي المسلمون من كثره بني أمية ÙÙŠ Ù…Ùاصل Ùˆ مراكز الدولة الإسلاميّة، وازداد خوÙهم من تØول شرعية الØكم من الشرعية الإسلاميّة العربيّة القرشيّة عامة، إلى الشرعيّة الإسلاميّه العربيّة القرشيّة الأمويّة. وذكر أن سبب تأليب الناس على عثمان بن عÙان أن رجلا يقال له عبد الله بن سبأ كان يهوديًّا وأظهر الإسلام، وأخذ ينشر ادعاءه أن النبي أوصي لعلي بن أبي طالب بالخلاÙØ© من بعده، ÙاÙتتن به بشر كثير من مصر والكوÙØ© والبصرة. استشار عثمان أمراءه، Ùأشار عليه معاوية أن ينتقل إلى الشام، Ùأبى أن يترك جوار رسول الله، وأشار عليه أن يرسل إليه بجيش ÙŠØميه، ÙرÙض أيضا، وخشي أن يؤذي الجيش صØابة رسول الله من المهاجرين والأنصار. نشأت بمصر طائÙØ© من أبناء الصØابة يؤلبون الناس على Øربه، وخرجوا إلى المدينة يظهرون الØجّ، ÙˆØاصروا بيته، وبعد Ù…Ùاوضات كثيرة بينهم وبين أمير المؤمنين عثمان بن عÙان كلها باءت بالÙشل، طالبوه بالتنازل عن الØكم لغيره من الأكÙاء من صØابه رسول الله، لكنّه رÙض ذلك متعلّلا بأنه رأى رسول الله ÙÙŠ الرؤيا (الØلم)ØŒ يأمره بألا يخلع قميصا ألبسه الله إيّاه، يقصد عدم التنازل عن الخلاÙØ©. أرى -والله أعلم!- أن أمير المؤمنين عثمان بن عÙان قد أخطأ ÙÙŠ أمرين: الأول أن الاØلام أو الرؤى المناميّة، لا يعتدّ بها ÙÙŠ استصدار Øكم شرعي. الثاني أن الخلاÙØ© أو الإمارة والرئاسة هي ØÙ‚ المسلمين ومصالØهم، وليست Øقًّا مقدسًا للخليÙØ© أو الأمير أو الرئيس. وللناس (أهل العلم والرأي Ùيهم)ØŒ الØقّ ÙÙŠ عزل أو إقرار الØاكم طبقا لكÙايته ونجاØÙ‡ أو إخÙاقه ÙÙŠ إدارة شؤون بلادهم. لم يستطع الكثيرون من المسلمين إلى الاّن، أن ÙŠÙرقوا بين قيادة ورئاسة وإمارة رسول الله للمسلمين التي تستند على الØÙ‚ المقدس والتنصيب الإلهي له، وباقي الØكّام Ùˆ الولاة الذين ينصبهم الناس ويعزلونهم. ÙˆÙÙŠ نهاية الأمر قتل أمير المؤمنين عثمان بن عÙان!
قيل: أول الÙتن قتل عثمان، وآخرها خروج الدجال. إنّ الهلكة كل الهلكة أن تعمل السيئات ÙÙŠ زمان البلاء. إن الدولة الإسلامية نجØت ÙÙŠ تØديد القيم العليا التي يجب على الدولة والجماعة والÙرد التمسك بها، ونجØت أيضا ÙÙŠ إيجاد القوانين والشرائع التي تØدد الØقوق والواجبات على الÙرد والجماعة والدولة بما Øقق بالÙعل السلام الاجتماعي ÙÙŠ ربوع الدولة الإسلامية. وكانت قد شرعت ÙÙŠ تØقيق Ù†Ø¬Ø§Ø ÙÙŠ إيجاد آلية انتقال السلطة السياسية، تمثلت ÙÙŠ اجتماع أهل الشورى والرأي على اختيار الØاكم الجديد. لكن هذا Ø§Ù„Ù†Ø¬Ø§Ø Ù„Ù… يستمر! لقد كان الاسلام دينا عظيما كبيرا قويا، وثقاÙØ© رائعة واسعة قادرة على أن تنهض بالÙرد والجماعة والدولة. Ùˆ كان الÙكر الاسلامي بالعظمة التي بها ÙŠØتوي تغيّر الزمان Ùˆ المكان وكذلك جميع التغيرات التي تستجد وتطرأ على Ø£Øوال البشر إلى يوم القيامة؛ Ùعندما اتّسعت الدولة الإسلامية ÙÙŠ عهد الأمير عمر Ø£Øدث من التطوير ÙÙŠ Ùكر ونظام الدولة الإداري والمالي والقضائي والسياسي ما يناسب هذا التطور الكبير ÙÙŠ Øجم الدولة.
ÙÙŠ عهد أمير المؤمنين عثمان بن عÙان اتّسعت الدولة كثيرا وكان لزاما على قيادة الدولة أن تØدث من التطور ÙÙŠ نظامها ÙˆÙكرها الإداري والسياسي ما يناسب Øجم هذه الإمبراطورية الكبيرة والآخذة ÙÙŠ الاتساع، لكن لم يستطع أمير المؤمنين عثمان أن يبتكر ويØدث التطور اللازم لآلية الØكم وإدارة الدولة التي ورثها من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، Ùكان لزاما على الدولة أن تنهار! قتل الأمير عثمان ذو النورين ختن رسول الله -صلى الله عليه، وسلم!- على ابنتيه رقيّه وأم كلثوم، صاØب البئر، والباذل ماله ÙÙŠ سبيل الله، موسّع الØرم، وناسخ المصاØÙØŒ ÙˆÙØ§ØªØ Ø´Ù…Ø§Ù„ Ø¥Ùريقية وقبرص وطبرستان ومنشئ أسطول الدولة الإسلامية، رØÙ… الله الأمير عثمان!