رسالة إلى أبي عبد الله الحسين بن منصور الحلاج، في 19 مارس 2013 (مجديات أخي الحبيب الراحل المقدم مجدي صقر، رحمه الله، وطيب ثراه)!


السلام على من اتبع الهدي!
لقد قرأت طرفا من كلامك في الحلول، وإليك رأيي والله أعلم:

كان الله، أولا بلا ابتداء، آخرًا بلا انتهاء.
كان الله بصفاته العلية، مطلق الوجود، وأصل كل موجود.
حفظ الله علمه المطلق في اللوح المحفوظ، فانتقل كل موجود من ذات الله إلى خزائن علم الله، وإذا قدر الله الوجود لمخلوق، من جماد أو نبات أو حشرات أو حيوان أو جن أو إنسان أو ملك أو خلق مما لا يعلمه إلا الله- انفصل وانتقل بقدرة الله الخالق، من خزائن علم الله، إلى عالم الموجودات، وأصبح للمخلوق وجوده الخاص به، لكنه لم ينفصل عن قدرة الله المهيمن على كل شيء.
إنك لما سئلت قبل موتك: من اْنت؟ قلت: أنا الله، إعمالا لنظرية الحلول، التي تدعي أن الله حل بذاته العلية في الموجودات؛ لذا من وجهة نظرك أن جميع الخلائق غير محاسبين ولا معذبين على ذنوبهم؛ فكيف إذن يعذب الله نفسه!
و كان الأجدر بك -سامحك الله!- أن تقول: أنا قدرة الله، أنا عظمة الله، أنا خلق الله.
يقول الله: “وما خلقنا السماوات Ùˆ الأرض وما بينهما إلا بالحق وإن الساعة لآتية” الحجر: 85.
الحق يعني إعطاء المخلوق قدرة وقوة وكفاءة وملكات تناسب وتكافئ الغاية التي من أجلها خلق؛ لذا فإن الحق يسبق العدل. الحق تكليف ومعونة وتهيئة. العدل محاسبة ومكأفاة. الحق ابتداء. العدل انتهاء. “لا يكلف الله نفسا إلا وسعها”ØŒ “وما ربك بظلام للعبيد”.
الموت هو عودة المخلوق بعد تجربة الحياة الدنيا إلى علم الله، فإذا كان مكونًا من أجزاء انفصلت هذه الأجزاء بعضها عن بعض، وعاد كل جزء إلى حالته الأولى؛ فيعود الجسد ترابا، وتصعد الروح إلى بارئها؛ فإذا أراد الله القيامة والحساب تجمعت الأجزاء، وعاد للمخلوق وجوده الدنيوي.
يذكرنا هذا بقضية أخرى شغلت الناس، هي خلق القران؛ فقد ادعى البعض أن القرآن مخلوق، وهذا كلام خاطئ، لأن القران علم من علم الله، ما زال في اللوح المحفوظ، ولكن الله أطلعنا عليه عن طريق الوحي، ولم يجعل الله لهذا العلم وجودًا محسوسًا.
من قال بخلق القران ناس يريدون هدم الإسلام من أصله (القرآن)؛ فإذا كان القرآن مخلوقًا فإنه يحتمل النقص والخطأ، وإن كان كذلك فلا يجوز له تقديس أو تعظيم!
من الملاحظ من قضيتي الحلول وخلق القرآن، أن الإسلام كان يهاجم من الداخل؛ لقد انتصر الإسلام بالمسلمين على أعدائه في المعارك العسكرية،
فأراد أعداؤه هزيمته من داخله، بأن يشككوا المسلمين في حقيقته، فينهزم المسلمون، فينهزم الإسلام!
المصيبة تكمن في أنك تمسكت برأيك و كأنه الحق! ليتك قلت: هذا رأيي، والله أعلم، لكان أهون عليك وعلينا!
اْهلكت نفسك، سامحك الله إن كنت مسلما، وإن كنت غير ذلك يكفك ذلك
!

Related posts

Leave a Comment