القصيدة في الاختيار، لعارف حجاوي

الدوحة 22 نسيان (أبريل) 2016

15 رجب 1437

الشعر عزيز على قليل الموهبة، ومن قط قلمه قطة نثر التوى عليه الشعر! وقل ناثر قضى حياته في النثر فأفلح في الشعر؛ كأنهما ضدان! والناثر الذي ينثر على مسامعك هذه الكلمات كان قد نثر كلامه في سني عمره في تقارير صحفية وبرامج إذاعية وتلفزية وفي شرح وفي تعليم؛ فعز عليه الشعر! اشتاق بعض الشوق إلى أن يقول الشعر، ولكنه لم يشتق بما يكفي! والشاعر الشاعر لا يرى الدنيا ولا يعيش الحياة إلا بالشعر. يقول صاحب هذه السطور واصفا حالته وهو قاعد يختار لقارئيه قلائد شعر الشعراء، ومخاطبا القصيدة:

أراوغها كي تستقيم قوافيها أخاشنها طورا وطورا أداريها

يخادعني منها الذي لا أريده ويجلس كالملسوع فوق كراسيها

أعالجها لم أدخر أي حيلة وفالُجها استعصى على من يداويها

تَضاحكُ مثلَ البِكر سِيقت لأشيبٍ تظن مزاحا ما ترى ليس يعنيها

فما انفض عنها العرس حتى اختلى بها وضاقت عليها حفرة وقعت فيها

بكت فرقا والبعل عجزا وعُنَّةً فليس الذي يبكيه ما راح يبكيها

تقول له دعني وفي سره لها يقول دعيني تاه من قد غوى تِيها

ملكت دنانيرا وتقت إلى الصبا وعجزي عن العذراء منيَ يحميها

أتيتُ بقاموسي وألفيَّتي إلى القصيدة أبغيها وأخشى تعاليها

فألفيتها تهوى البريء ولو به جنون بل المجنون أقصى أمانيها

فيا شعر يا ولّاد يا خلْق فُتَّني لأن علومي شوهتنيَ تشويها

أعاقر نثرا نارُ قلبي به خَبَتْ ولكن شوقي للقصيدة يُذكيها

وأقطف شعر الآخرين فواكهًا محرمة لكن لغيري أجنيها

جلستُ على سور الحديقة وانجلى لعيني حفلٌ راقصٌ في مغانيها

أراهم وكلُّ اثنينِ كفًّا بخصرها وخدًّا على خدٍّ مشَوْا في نواحيها

سفينة نوح ذي وربُّك راعيها وما كنتُ حتى لو دُعيت بآتيها

ذروني والطوفانَ لستُ بمشفق ففي النفس طوفانٌ وفيها الذي فيها

وما اعتزل النُّسّاكُ إلا لأنهم سفينتُهم فيهم وفيهم موانيها

توارى شراعُ العمر في الموج وانقضَتْ حياتي وفي نفسي أمور أواريها

Related posts

Leave a Comment