كفرجة

“إن الذي يدرس تاريخ الحضارات القديمة كحضارة مصر القديمة واليونان، يدرك أن الأديان القديمة لم تكن تفرق بين الذكر والأنثى، وكانت هناك آلهة ذكور وإناث، وكانت الإلهة الأنثى القديمة ترمز إلى الحياة والخير والخضرة والولادة والخصوبة، وكانت الأم هي عصب الأسرة وإليها ينسب أطفالها، لكن ما إن تغير النظام الاقتصادي ببدء الملكية والأسرة الأبوية والطبقات، حتى تغيرت الأديان، وأصبح الإله منصبا ذكَريا فقط، وكذلك منصب الأنبياء، واختفت من البشرية الإلهات الإناث. وكان ذلك ضروريا حتى يبدأ النظام الأبوي والأسرة الأبوية التي انتزع فيها الرجل النسب من الأم ونسب الأطفال إليه من أجل أن يورثهم أرضه وأملاكه. ومن أجل أن تُعرف الأبوية (التي كانت مجهولة في العصر الأمومي)ØŒ كان لابد أن يُفرض على المرأة زوجا واحدا -هكذا- أو ما سمي بالزواج الوحداني، لكن هذا الزواج الوحداني كنظام اجتماعي جديد، كان يتعارض مع طبيعة المرأة البيولوجية والنفسية؛ ولهذا كان على الرجل أن يقمع طبيعة المرأة هذه بجميع الوسائل الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والنفسية والقانونية، واستخدم الدين في النظام الأبوي لقمع طبيعة النساء وإخضاع الزوجة لزوجها الواحد، أما الرجل فلم يفرض على نفسه زوجة واحدة، وإنما أعطى نفسه حق تعدد الزوجات داخل الزواج وتعدد الخليلات أو المومسات خارج الزواج”ØŒ

نوال السعداوي (1931-2021).

Related posts

Leave a Comment