(1)
مجلة المنار، المجلد 10ØŒ صÙر، 1325.
لما لهذا الموضوع من العلاقة الكبرى بجميع مباØثي ÙÙŠ الإسلام التي سبق نشرها ÙÙŠ المنار الأغر، رأيت أن Ø£Ùيض القول Ùيه بما يزيل ما ران على قلوب كثير من الناس من الشبهات والإشكالات التي يقذ٠بها المسلمين دعاةٌ من المسيØيين، لا يميزون بين الغث والسمين. ÙˆÙ„Ø¥ÙŠØ¶Ø§Ø Ø§Ù„Ù…Ø³Ø£Ù„Ø© إيضاØًا تامًّا، رأيت أن أضع مقدمة هامة تمهيدًا للبØØ«ØŒ ودعامة للÙØص، Ùنقول: غير خا٠على Ø£Øد أن الأمة العربية قبل الإسلام كانت أمة أمية، يقل Ùيها وجود من يعر٠القراءة والكتابة معرÙØ© جيدة، وكان جل اعتمادهم ÙÙŠ جميع ما يروونه من أنسابهم وأشعارهم وغيرها على ØÙظهم لها ÙÙŠ صدورهم، ولم يعر٠أنه كان عندهم كتاب ما من الكتب ÙÙŠ أي موضوع كان، وغاية ما كانوا ÙŠÙهمونه من Ù„Ùظ (كتاب) أنه أي صØÙŠÙØ© مكتوب عليها؛ من Ù†ØÙˆ الجلود أو العظام أو الØجارة أو الجريد، بل إن Ø§Ù„ØµØ§Ù„Ø Ù„Ù„ÙƒØªØ§Ø¨Ø© من كل هذه الأشياء كان لديهم قليلاً؛ ولذلك لم يستغنوا بنوع واØد منها عن باقيها، ولم يكن عندهم الورق الذي نعرÙÙ‡ الآن، وهذا اللÙظ ما كان يطلق عندهم إلا على ورق الشجر وعلى رقاع من الجلود رقيقة، والإطلاق الأخير مستعار من الأول. ولا تجد ÙÙŠ اللغة العربية اسمًا خاصًّا بما يشبه ورقنا المعرو٠سوى Ù„Ùظ واØد وهو (الكاغد) وهو Ùارسي معرب، وقد أدخلته العرب ÙÙŠ لغتها بعد النبي صلى الله عليه وسلم؛ Ùلذا لم يرد ÙÙŠ كلامهم قبله عليه السلام ولا ÙÙŠ عصره، ولم يرد ÙÙŠ Ø£Øاديثه ولم نسمع أنه كان مما يكتب عليه القرآن ÙÙŠ Øياته عليه السلام، والغالب أن هذا اللÙظ دخل ÙÙŠ اللغة العربية بعد ÙØªØ Ø§Ù„Ù…Ø³Ù„Ù…ÙŠÙ† لبلاد Ùارس، وأما Ù„Ùظ (القرطاس) Ùهو أقدم ÙÙŠ اللغة، وورد ÙÙŠ القرآن الشريÙØŒ وكان معناه عندهم الصØÙŠÙØ© من الأشياء التي كانوا يستعملونها للكتابة، ثم أطلقوه Ùيما بعد على الكاغد أيضًا Øينما عرÙوه، وصاروا يسمون به كل ما يكتبون عليه من الصØÙØŒ هذا وإن ما ورد ÙÙŠ كلامهم من Ù„Ùظ (كتاب) كانوا يريدون به ما يطلق عليه ÙÙŠ عرÙنا اليوم Ù„Ùظ (خطاب) أو جواب، ومنه قوله تعالى ÙÙŠ قصة سليمان: {اذْهَب بÙّكÙتَابÙÙŠ هَذَا ÙَأَلْقÙهْ Ø¥ÙلَيْهÙÙ…} (النمل: 28) ØŒ ومنه كتب النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى الملوك؛ يدعوهم إلى الإسلام، ومثل الكتاب: السÙر والزبور والسجل والدÙتر، Ùإن معانيها كلها متقاربة، وما كانوا ÙŠÙهمونها كما Ù†Ùهمها الآن؛ ولذلك لما جمع القرآن بعد النبي، اختلÙت الصØابة ÙÙŠ ماذا يسمونه به وتوقÙوا؛ لأنهم لم يعهدوا مثله من قبل، ثم استقر رأيهم أخيرًا على تسميته بالمصØÙØ› تبعًا لأهل الØبشة ÙÙŠ تسمية مجموعاتهم بذلك، والمصØÙ: الكتاب، بالمعنى الذي Ù†Ùهمه Ù†ØÙ† الآن عند الإطلاق؛ لأنه مأخوذ من أصØ٠أي جمع الصØÙ. وكل صØÙŠÙØ© كتاب عند العرب كما ذكرنا، وكانت أيضًا كتب بعض الأمم غير العربية عبارة عن قطع من الجلود أو القماش، يختل٠عرض الواØدة منها من 12 إلى14 قيراطًا، وكانوا يلÙونها على قضيب من الخشب ملصق بأØد أطراÙها كما تل٠الخرائط الجغراÙية الآن. وهذا هو الطي المذكور ÙÙŠ قوله تعالى: {يَوْمَ نَطْوÙÙŠ السَّمَاءَ ÙƒÙŽØ·ÙŽÙŠÙÙ‘ السÙّجÙÙ„ÙÙ‘ Ù„ÙلْكÙتÙب} (الأنبياء: 104) ولا تزال التوراة مطوية كذلك عند السامريين إلى اليوم. هذا الذي تقدم، ليس خاصًّا بمشركي العرب، بل يشمل أيضًا أهل الكتاب منهم، ولذلك لا نسمع بوجود نسخه كاملة من التوراة أو الإنجيل بينهم كالنسخ الموجودة الآن، ولم يكن عندهم سوى أجزاء قليلة منهما مكتوبة على قطع متÙرقة من الجلود أو العظام أو الخشب أو Ù†Øوه. Ùلذا وصÙهم القرآن الشري٠بقوله: {أَلَمْ تَرَ Ø¥ÙÙ„ÙŽÙ‰ الَّذÙينَ Ø£ÙوتÙوا نَصÙيباً Ù…Ùّنَ الكÙتَاب} (آل عمران: 23) ØŒ وخاطبهم بقوله: {يَا أَهْلَ الكÙتَاب٠قَدْ جَاءَكÙمْ رَسÙولÙنَا ÙŠÙبَيÙّن٠لَكÙمْ ÙƒÙŽØ«Ùيراً Ù…Ùّمَّا ÙƒÙنتÙمْ تÙخْÙÙونَ Ù…ÙÙ†ÙŽ الكÙتَابÙ} (المائدة: 15) وقال Ùيهم: {وَنَسÙوا Øَظاًّ Ù…Ùّمَّا Ø°ÙÙƒÙّرÙوا بÙÙ‡Ù} (المائدة: 13) وقال لهم:] Ù‚Ùلْ مَنْ أَنزَلَ الكÙتَابَ [1] الَّذÙÙŠ جَاءَ بÙÙ‡Ù Ù…Ùوسَى Ù†Ùوراً ÙˆÙŽÙ‡Ùدًى Ù„Ùّلنَّاس٠تَجْعَلÙونَه٠قَرَاطÙيسَ [أي صØÙًا متÙرقة (الأنعام: 91) ] تÙبْدÙونَهَا وَتÙخْÙÙونَ ÙƒÙŽØ«Ùيراً وَعÙÙ„ÙّمْتÙÙ… مَّا لَمْ تَعْلَمÙوا أَنتÙمْ وَلاَ آبَاؤÙÙƒÙمْ [وقال أيضًا: {Ùَوَيْلٌ Ù„ÙّلَّذÙينَ يَكْتÙبÙونَ الكÙتَابَ بÙأَيْدÙيهÙمْ Ø«ÙÙ…ÙŽÙ‘ ÙŠÙŽÙ‚ÙولÙونَ هَذَا Ù…Ùنْ عÙند٠اللَّه٠لÙيَشْتَرÙوا بÙه٠ثَمَناًّ Ù‚ÙŽÙ„Ùيلاً Ùَوَيْلٌ لَّهÙÙ… Ù…Ùّمَّا كَتَبَتْ أَيْدÙيهÙمْ وَوَيْلٌ لَّهÙÙ… Ù…Ùّمَّا يَكْسÙبÙونَ} (البقرة: 79) وهذا كله يدل على أن كتبهم المقدسة ما كانت تامة ولا Ù…Øصورة بين دÙتين، بØيث لا تقبل الزيادة ولا النقصان، وإنما كانت مبعثرة ÙÙŠ رقاع منثورة، وأن بعض صØÙهم كان Øقًّا والبعض الآخر كان باطلاً. أما ما ورد ÙÙŠ القرآن من Ù†ØÙˆ قوله تعالى: {وَكَيْÙÙŽ ÙŠÙØÙŽÙƒÙّمÙونَكَ وَعÙندَهÙم٠التَّوْرَاة٠ÙÙيهَا ØÙكْم٠اللَّه} (المائدة: 43) ØŒ Ùمعناه أن عندهم أجزاء من التوراة Ùيها Øكم الله ÙÙŠ المسألة التي تØاكموا Ùيها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، Ùكما يطلق Ù„Ùظ القرآن ويراد به أجزاء منه، كذلك يطلق Ù„Ùظ التوراة أو الإنجيل ويراد به بعضها أو أجزاء منها، وهذه مسألة شائعة ÙÙŠ القرآن الشري٠وÙÙ‰ اللغة، ومن ذلك قوله تعالى: {شَهْر٠رَمَضَانَ الَّذÙÙŠ Ø£ÙنزÙÙ„ÙŽ ÙÙيه٠القÙرْآنÙ} (البقرة: 185) أي بعضه أو جزء منه. قدمنا لك هذه المقدمة؛ لتعلم أن العرب ما كانت تعر٠الكتاب ولا الورق بمعنييهما عندنا، وأوضØنا لك Ùيها درجة معرÙتهم القراءة والكتابة، وذكرنا لك ما كانوا عليه يكتبون. بعث Ù…Øمد – صلى الله عليه وسلم – Ùيهم ÙˆØالتهم كما علمت، وأوØÙŠ إليه هذا القرآن ليبلغهم إياه، Ùانظر ماذا Ùعله هذا الرسول الأمين Øتى نشر بينهم الكتاب المبين. علم قوة ذاكرتهم واعتمادهم عليها ÙÙŠ نقل أخبارهم وأشعارهم، Øتى إن كثيرًا منهم كان يسمع الأبيات من الشعر أو القصيدة الطويلة تتلى عليه ÙÙŠØÙظها من أول مرة، Ùداوم صلى الله عليه وسلم على Øضهم على تلاوة القرآن، وبالغ ÙÙŠ Øثهم على ØÙظه وضبطه. ÙˆÙرض عليهم قراءته ÙÙŠ الصلوات، وبقي على هذه الØالة بضعًا وعشرين سنة Øتى كثر Ùيهم القراء، وكانت السورة الواØدة ÙŠØÙظها الألو٠من الناس، والقرآن كله ÙŠØÙظه الكثيرون منهم. لم يكت٠صلى الله عليه وسلم بذلك؛ بل أمر بكتابته، واختار طائÙØ© منهم لتكتبه له على ما تيسر له إذ ذاك من الجلود والعظام والجريد والØجارة وغيره مما كانوا يعرÙونه، وأكثر ÙÙŠ ترغيبهم ÙÙŠ التعلم ÙˆÙ…Ø¯Ø Ø§Ù„Ù‚Ø±Ø§Ø¡Ø© والكتابة بنØÙˆ قوله: يوزن يوم القيامة مداد العلماء بدماء الشهداء، ومثل ذلك ÙÙŠ الأØاديث كثير. ورد ÙÙŠ القرآن الشري٠أيضًا قوله تعالى: {Ù† وَالْقَلَم٠وَمَا يَسْطÙرÙونَ} (القلم: 1) وقوله: {اقْرَأْ وَرَبÙّكَ الأَكْرَم٠* الَّذÙÙŠ عَلَّمَ بÙالْقَلَم٠* عَلَّمَ الإÙنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} (العلق: 3-5) وذم الله تعالى أهل الكتاب بقوله: {ÙˆÙŽÙ…ÙنْهÙمْ Ø£ÙÙ…ÙّيÙّونَ لاَ يَعْلَمÙونَ الكÙتَابَ Ø¥Ùلا أَمَانÙÙŠÙŽÙ‘ ÙˆÙŽØ¥Ùنْ Ù‡Ùمْ Ø¥Ùلاَّ يَظÙÙ†Ùّونَ} (البقرة: 78) وألزم تعالى المؤمنين بكتابة الدَّين ÙÙŠ الآية المشهورة ÙÙŠ آخر سورة البقرة؛ وبذلك وجدت Ùيهم الرغبة ÙÙŠ تعلم القراءة والكتابة، وأخذ عدد الكاتبين بينهم يزداد شيئًا Ùشيئًا، وكتب كل ما نزل من القرآن كثير من المسلمين ÙÙŠ عهده عليه الصلاة والسلام. ولم يمت إلا بعد أن كانت جميع السور مرتبة الآيات، مكتوبة ÙÙŠ السطور عند الكثير منهم، Ù…ØÙوظة ÙÙŠ صدور الجماهير وبعد أن سمعوها منه مرات عديدة ÙÙŠ الصلوات والخطب وغيرها، وسمعها هو أيضًا منهم. والخلاصة أن النبي عليه السلام تبع أقرب الطرق لتعميم نشر القرآن المجيد بين Ø£Ùراد الأمة العربية، وعمل Ø£Øسن ما يمكن عمله بالنسبة لمعلوماتهم ÙˆØالتهم. سمت Ù†Ùوسهم بعد ذلك للعلا بما بثه Ùيهم واستعدت للرقي، Ùلما كثر اختلاطهم بمن جاورهم من الأمم، أخذوا ينقبون ويÙتشون ÙÙŠ Ø£Øوالهم بعيون مبصرة وعقول Ù…Ùكرة؛ كي يعثروا على جديد يقتبسونه أو Ø¥ØµÙ„Ø§Ø Ø¥Ù„Ù‰ بلادهم يسوقونه، Ùبصروا بما لم يبصروا به من قبل. ووجدوا أن لتلك الأمم طريقة أخرى ÙÙŠ تدوين معلوماتهم لم تكن تخطر على بالهم. وهي أن يكتبوها على صÙØات صØ٠من نوع واØد، يضمون بعضها إلى بعض مرئية على Øسب ترتيب عباراتها، وربما رأوا أنواعًا أخرى من القرطاس Ø£Øسن من التي كانوا يعرÙونها؛ كأوراق البردي بمصر مثلاً. دعاهم داعي الÙزع عند قتل سبعين من القراء يوم اليمامة إلى المبادرة والإسراع ÙÙŠ جمع القرآن على طريقة تلك الأمم؛ خوÙًا عليه من الضياع من تلك الرقاع المختلÙØ©ØŒ Ùعقدوا ÙÙŠ الØال اجتماعًا، واستقر رأيهم إجماعًا على العمل على تلك الطريقة. وهكذا جمع القرآن، ووجد بين العرب أول كتاب بالمعنى الذي Ù†Ùهمه Ù†ØÙ† الآن، وتØقق وعد الرØمن: {Ø¥Ùنَّا Ù†ÙŽØْن٠نَزَّلْنَا الذÙّكْرَ ÙˆÙŽØ¥Ùنَّا Ù„ÙŽÙ‡Ù Ù„ÙŽØَاÙÙظÙونَ} (الØجر:9) . اختل٠المسلمون ÙÙŠ ترتيب سور القرآن وطرق قراءته. وتبع ذلك اختلا٠مصاØÙهم؛ لأن الرسول لم يلزمهم باتباع ترتيب مخصوص ÙÙŠ السور، ولم يجمعهم على قراءة واØدة، سور القرآن كل منها ككتاب قائم بذاته كما قال تعالى: {رَسÙولٌ Ù…Ùّنَ اللَّه٠يَتْلÙÙˆ صÙØÙÙاً Ù…Ùّطَهَّرَةً * ÙÙيهَا ÙƒÙتÙبٌ Ù‚ÙŽÙŠÙّمَةٌ} (البينة: 2-3) Ùليس ثم Ùائدة كبيرة ÙÙŠ التزام ترتيب مخصوص، ولÙظ (سورة) مأخوذ من سور المدينة سميت به القطعة المخصوصة من القرآن؛ لأنها طائÙØ© مستقلة بذاتها. Ùكأنه صلى الله عليه وسلم ترك بين المسلمين 114 كتابًا، كل منها Ù…ØÙوظ مكتوب مرتبة آياته، وجمعها بالطريقة الØاضرة لم يكن معروÙًا ÙÙŠ عهده، وإنما Øدث بعده بقليل، وإن كانت ÙÙŠ زمنه مجموعة عند بعضهم ÙÙŠ الصØ٠المتنوعة التي ذكرناها. أما اختلا٠القراءات Ùهو نوعان: اختلا٠بسبب اللهجات كالإمالة وعدمها، واختلا٠آخر ÙÙŠ الكلمات كتغيير شكلها أو إعرابها أو بعض ØروÙها أو Ù†ØÙˆ ذلك، ولكل من النوعين Ùوائد، ÙÙوائد الاختلا٠بسبب اللهجات هي: (1) تسهيل نطقه ÙˆÙهمه ÙˆØÙظه لقبائل العرب (2) إظهار أنهم يعجزون جميعًا عن الإتيان بمثل سورة منه كما تØداهم بذلك، ولو بلغاتهم المختلÙØ©ØŒ وأن عجزهم عن المعارضة ليس ناشئًا عن نزوله بلهجة واØدة لا يعرÙها كثير منهم. ÙˆÙوائد اختلا٠الكلمات هي: (1) تسهل ØÙظه على كل Ø£Øد. وبيان ذلك أن من أراد ØÙظ القرآن كثيرًا ما يسبق لسانه بنطق مخصوص. Ùإذا علم أن هذا خطأ جاهد Ù†Ùسه لتقويم لسانه، ولكن إذا علم أن قراءته جائزة لم ÙŠØتج إلى هذا العناء مثلاً إذا أراد أن ÙŠØÙظ قوله تعالى: {كَلاَّ بَل لاَّ تÙكْرÙÙ…Ùونَ اليَتÙيمَ * وَلاَ تَØَاضÙّونَ عَلَى طَعَام٠المÙسْكÙينÙ} (الÙجر: 17- 18) Ùيجهد Ù†Ùسه ÙÙŠ العدول عن ذلك، ولكنه إذا علم أن هذه قراءة جائزة لا ÙŠØتاج إلى التعب. وهذا الأمر يدركه جيدًا من عانى ØÙظ القرآن الشريÙ. ومن ألزم بإصابة غرض واØد لا غير، ليس كمن Ø£Ø¨ÙŠØ Ù„Ù‡ إصابة أي غرض من بين بضعة أغراض. ولا تنس ما لتسهيل ØÙظ القرآن على الأمة من الÙوائد، Ùإنه أعظم طريقي القرآن ÙÙŠ نقله وروايته، وخصوصًا ÙÙŠ الأزمنة القديمة وبين الأمم الساذجة. (2) تكثير المعاني، Ùبتعدد القراءات تكثر المعلومات وتزداد الÙوائد. وقد يكون بعض المعاني مبينًا للبعض الآخر. (3) تخÙي٠بعض الأØكام Ùمثلاً قوله تعالى ÙÙŠ آية الوضوء: {وَامْسَØÙوا بÙرÙØ¡ÙوسÙÙƒÙمْ وَأَرْجÙÙ„ÙŽÙƒÙمْ} (المائدة: 6) بالكسر، ÙŠÙهمنا أن الغسل المÙهوم من قراءة الÙØªØ ØºÙŠØ± واجب على التعيين وأن Ø§Ù„Ù…Ø³Ø ÙŠÙƒÙÙŠ. Ùلهذه الأسباب ولغيرها كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقرئ المسلمين القرآن بأوجه مختلÙØ©Ø› ولذلك قال كما تواتر عنه (أنزل القرآن على سبعة Ø£ØرÙ) الØديث، ولÙظ السبعة تستعمله العرب Ø£Øيانًا للمبالغة ÙÙŠ الكثرة، ÙÙŠØتمل أن يكون هذا هو المراد هنا، وأن المراد سبع لهجات العرب الشهيرة، وهو لا يناÙÙŠ أن هناك قراءات أخرى غير اللهجات؛ إذ Ù„Ùظ الØديث لا ÙŠÙيد القصر. وقع الخلا٠بين المسلمين ÙÙŠ هذه القراءات إلى أن اشتد ÙÙŠ زمن عثمان – رضي الله عنه -Ø› إذ كان بعضهم إذا تلقى قراءة وسمع من غيره ما يخالÙها نازعه ÙÙŠ ذلك، واتهمه بالتØريÙØŒ Ùخشي أن ÙŠØصل بينهم من الاختلا٠ÙÙŠ القرآن ما Øصل بين أهل الكتاب. ورأى أن يجمع المسلمين على مصØ٠واØد، ينسخون عنه ويرجعون إليه ÙÙŠ ضبط مصاØÙهم؛ Øتى لا يكون Ùيها اختلا٠ولا تكثر Ùيها هذه القراءات، وأخبر جمهورًا عظيمًا من أصØاب رسول الله بذلك، ÙواÙقوه على رأيه، Ùأمر بكتابة المصØ٠على طريقة قريش ÙÙŠ الرسم، وكان الكتَّاب Ùريقا من الصØابة أيضًا، Ùكتب عدة مصاØ٠بهذه الطريقة بعد التØري والتدقيق ومراجعة ما كتب قبل ذلك، وبعد السماع من الØÙاظ وإن كان الكاتبون هم أيضًا من الØÙظة، ثم أرسلت هذه المصاØ٠إلى الآÙاق التي انتشر Ùيها الإسلام، ÙˆÙيها الجماهير من الصØابة ومن أخذ القرآن عنهم ØÙظًا وكتابة، ÙواÙقوا جميعًا على استعمالها والتعويل عليها، وأعدموا غيرها مما عندهم. وكان ذلك بعد ÙˆÙاة النبي بخمس عشرة سنة (أي سنة 25 هجرية) . هذا ومن علم طباع العرب وغلظها وشدة إيمانهم وتمسكهم بدينهم، وعر٠ما كان عليه الخلÙاء الراشدون من الأخلاق، وأنهم ما كانوا ليستبدوا بالأمر ÙÙŠ شيء، Øتى لو أرادوه لما قدروا عليه؛ وعر٠Øال عثمان وسبب قتله من عر٠ذلك كله أيقن أنهم لو كانوا وجدوا ÙÙŠ مصاØ٠عثمان عيبًا لرÙضوها، ولأثيرت Øروب وأريقت دماء، وكان دم عثمان ÙÙŠ أولها، ولارتد كثير من الناس عن الإسلام لهذا السبب، ولَعَاب المسلمين بتØري٠القرآن من خالطهم أو دخل Ùيهم من أهل الكتاب وغيرهم، ولما اتÙقوا جميعًا على قبول هذه المصاØÙØŒ ولوجدت مصاØ٠مختلÙØ© بينهم إلى اليوم. Ùعدم Øصول شيء من ذلك يدل على أن هذه المصاØ٠هي عين ما تلقوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخصوصًا لأن الذين تلقوها بالقبول ما كانوا جاهلين ØرÙًا واØدًا من القرآن، بل كانوا ØاÙظين له ØÙظًا جيدًا ÙÙŠ الصدور من قبل وجود هذه المصاØ٠وكثير منهم كانوا ممن تلقوه كله أو بعضه مباشرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. هذه المصاØ٠العثمانية لم تكن منقوطة ولا مشكولة، ورسمها ÙÙŠ كثير من المواضع يخال٠ما Ø§ØµØ·Ù„Ø Ø¹Ù„ÙŠÙ‡ الناس Ùيما بعد من قواعد رسم الكلمات العربية، ولكن جرى المسلمون على تقليد هذا الرسم ÙÙŠ جميع بقاع الأرض؛ على مخالÙØ© بعضه لما وضعوه من القواعد؛ ÙŠÙعد Ù…ØاÙظة منهم على عمل الصØابة رضوان الله عليهم، وتØاشيًا لعمل أي تصØÙŠØ Ø£Ùˆ تØرير ÙÙŠ الكتاب، ولم يخرجوا عنه إلا ÙÙŠ الأزمة الأخيرة ÙÙŠ كلمات قليلة كتبوها على مقتضى طريقتهم، على أن أكثر مصاØÙهم لا يزال إلى اليوم كالكتْبة الأولى، لكنها ÙÙŠ الغالب منقوطة مشكولة. أما القراءات، Ùاستمرت مختلÙØ© بين المسلمين إلى زمننا هذا، Ùهم وإن كانوا أجمعوا على المصاØ٠العثمانية إلا أن القراءات التي كانوا يقرأون بها من قبل – هي وكانت غير مخالÙØ© للرسم العثماني مخالÙØ© يعتد بها – استمروا على القراءة بها Ùيما بعد، أما التي تخالÙه، Ùأخذت تتلاشى من بينهم شيئًا Ùشيئًا. وعليه Ùوجود المصاØ٠العثمانية Ø£Ùاد المسلمين ثلاث Ùوائد: (الأولى) إجماعهم على مصØ٠واØد ÙÙŠ الكتابة. (الثانية) تقليل الاختلا٠بينهم ÙÙŠ القراءة. (الثالثة) اتÙاقهم على ترتيب مخصوص للسور، ولعل هذا الترتيب كان يستØسنه الرسول، وإن لم يوجبه كما سبق. تواتر من هذه القراءات المختلÙØ© سبع، روى كلا منها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الجم الغÙير من أصØابه، وأخذ عنهم ÙÙŠ البقاع المختلÙØ© الجماهير من التابعين، Ùأخذ عنهم من بعدهم وهكذا إلى اليوم. وهذا القراءات المتواترة ÙŠØتملها رسم المصاØÙØŒ ولا تخالÙÙ‡ كما قلنا مخالÙØ© يعتد بها أو صريØØ© إذا جردت من النقط والشكل كما كانت. اشتهر بين التابعين ومن تبعهم أناس بإتقان هذه القراءات وتعليمها لغيرهم، Ùنسبت إليهم، وسموا أئمتها وإن كانت متواترة بين المسلمين ÙÙŠ جميع البلاد، وهؤلاء هم عبد الله بن كثير بمكة، وعبد الله بن عامر بالشام، وعاصم بالكوÙØ©ØŒ وكذلك Øمزة والكسائي وناÙع بالمدينة، وأبو عمرو بن العلاء بالبصرة ÙˆÙيهم الثلاثة الأول تابعيون، بقي المصØ٠غير منقوط ولا مشكول إلى أن كثرت الأعاجم واختلطت بالعرب، ÙÙشا Ùيهم اللØÙ† Øتى اضطروا إلى ضبطه، Ùكان أول من وضع عليه الضبط أبو الأسود الدؤلي ÙÙŠ أوائل Øكم بني أمية، وكان ضبطه أن يضع نقطة Ùوق الØر٠إن كان Ù…ÙتوØًا، وتØته إن كان مكسورًا، وبجانبه إن كان مضمومًا، واستمرت الØال على ذلك إلى زمن الخليل ابن Ø£Øمد النØوي المشهور، Ùوضع للمصØ٠شكلاً آخر، كان أساسًا للشكل الØالي الذي جرى عليه المتأخرون، وكانت ÙˆÙاة الخليل هذا سنة 170 للهجرة. أخذت طرق كتابة المصاØ٠تتØسن شيئًا Ùشيئًا إلى أن اخترعت المطابع، Ùطبع أول مصØÙ ÙÙŠ مدينة همبورغ بألمانيا سنة 1694 للميلاد، أي ÙÙŠ أوائل القرن الثاني عشر الهجري، وبعد ذلك انتشرت المصاØ٠المطبوعة ÙÙŠ العالم، ÙˆØلت Ù…ØÙ„ المنسوخة باليد، وقد أخذوا الآن يرسمونها بواسطة المصورات الشمسية (الآلات الÙتوغراÙية) ØŒ وهكذا ØÙظ الله تعالى كتابه Øتى وصل إلينا بدون تØري٠ولا تبديل. وكان المصØÙ ÙÙŠ جميع هذه الأطوار المختلÙØ© التي وصÙناها لك مهيمنا عليه بآلا٠الألو٠من الØÙظة ÙÙŠ جميع البقاع الإسلامية، ولا تزال الØال كذلك إلى عصرنا هذا مع ضع٠المسلمين وتأخرهم. ومن عجيب عناية الله بهذا الكتاب المجيد أن قيض لنا اليوم ÙÙŠ مصر؛ من ÙŠØثنا من غير أهل ديننا ومن غير جنسنا على تعميم الكتاتيب ÙÙŠ جميع الأقاليم، من بعد أن ظننا أن زمن الØÙظة انقضى أو كاد ينقضي من بيننا، Ùأجيب دعاء الداعي إلى ذلك، وانتشرت الكتاتيب ÙÙŠ البلاد، وكثرت الØÙاظ مرة أخرى، وتجدد عندنا ألو٠من الأطÙال ÙŠØÙظونه كله ÙÙŠ صدورهم Ùضلاً عن الرجال والشيوخ. نظرنا ÙÙŠ هذا الكتاب المتواتر عن صاØبه نظرة، Ùأيقنا بسببه بدون نظر إلى أي شيء سواه Ù…ÙÙ† صÙدقه عليه السلام ÙÙŠ دعواه، وأنه مبلغ عن الله (راجع مقالنا الدين ÙÙŠ نظر العقل الصØÙŠØ) ØŒ ثم وجدنا Ùيه أن الله يقول: {Ø¥Ùنَّا Ù†ÙŽØْن٠نَزَّلْنَا الذÙّكْرَ ÙˆÙŽØ¥Ùنَّا Ù„ÙŽÙ‡Ù Ù„ÙŽØَاÙÙظÙونَ} (الØجر: 9) Ùعلمنا أن كل رواية ÙŠÙهم منها أن القرآن ضاع منه شيء لابد أن تكون موضوعة مدسوسة، وإن لم ÙŠØªØ¶Ø Ù‡Ø°Ø§ الأمر من سندها؛ لأنها تناÙÙŠ ذلك القول المتواتر عن النبي الصادق. على أن جميع هذه الروايات منقولة عن الآØاد، وقد Ø§ØªØ¶Ø ÙƒØ°Ø¨ كثير من رواتها وهي أيضًا معارضة بأمثالها؛ كالذي روي عن ابن عباس رضي الله عنه ÙÙŠ صØÙŠØ Ø§Ù„Ø¨Ø®Ø§Ø±ÙŠ أنه قال: (ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما بين الدÙتين) وناهيك بابن عباس ثقة ÙÙŠ هذا الموضوع، وقد أجمع المØققون من المسلمين أن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، Ùما زعم الآØاد أنه كان قرآنًا وضاع أو نسخ لا يقبل منهم (راجع مقالتنا ÙÙŠ الناسخ والمنسوخ) ØŒ Ùقد وجد بين الرواة من هو ضعي٠الÙهم أو سخي٠الرأي أو كذوب يريد تشكيك المسلمين ÙÙŠ دينهم، أو يريد أن يؤيد دعوى أو مذهبًا له بأمثال هذه الروايات، ولكن العقلاء لا يقبلونها لئلا يؤديهم ذلك إلى رÙض المتواتر، Ùيكونوا ممن ÙŠØ±Ø¬Ø Ø§Ù„Ø¯Ù„Ø§Ù„Ø© الظنية على الدلالة المقطوع بها، ومن كان كذلك كان من الأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم ÙÙŠ الØياة الدنيا، وهم ÙŠØسبون أنهم ÙŠØسنون صنعًا. بقي عليّ نقطة واØدة ÙÙŠ هذا الموضوع، لا بد لي من الكلام عليها قبل الانتهاء منه؛ وهي دعوى بعض الجهلة الغاÙلين أن ÙÙŠ القرآن Ù„Øنًا، ويذكرون من ذلك قوله تعالى: {Ø¥ÙÙ†ÙŽÙ‘ الَّذÙينَ آمَنÙوا وَالَّذÙينَ هَادÙوا وَالصَّابÙئÙونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بÙاللَّه٠وَالْيَوْم٠الآخÙر٠وَعَمÙÙ„ÙŽ صَالÙØاً Ùَلاَ خَوْÙÙŒ عَلَيْهÙمْ وَلاَ Ù‡Ùمْ ÙŠÙŽØْزَنÙونَ} (المائدة: 69) ØŒ وقوله: {Ù„ÙŽÙƒÙن٠الرَّاسÙØ®Ùونَ ÙÙÙŠ العÙلْم٠مÙنْهÙمْ وَالْمÙؤْمÙÙ†Ùونَ ÙŠÙؤْمÙÙ†Ùونَ بÙمَا Ø£ÙنزÙÙ„ÙŽ Ø¥Ùلَيْكَ وَمَا Ø£ÙنزÙÙ„ÙŽ Ù…ÙÙ† قَبْلÙÙƒÙŽ وَالْمÙÙ‚ÙيمÙينَ الصَّلاةَ وَالْمÙؤْتÙونَ الزَّكَاةَ} (النساء: 162) Ø› لأن مقتضى الظاهر نصب (الصابئين) ورÙع (المقيمين الصلاة) طبقًا لقواعد النØÙˆ المعروÙØ©ØŒ وما مثلهم ÙÙŠ هذه الدعوى إلا كمثل تلميذ ÙÙŠ مكتب سمع من أستاذه بعض نظريات ÙŠÙسر بها ظواهر وجودية طبيعية، Ùظن أنه عر٠كل شيء، وأن أستاذه لا تخÙÙ‰ عليه خاÙية، وبعد ذلك رأى ÙÙŠ الوجود شيئًا يخال٠ما وضعه له المعلم من القواعد، ÙØµØ§Ø Ù‚Ø§Ø¦Ù„Ø§: الطبيعة أخطأت، النظام اختل، الكون Ùسد لأنه خال٠قواعد أستاذي. وما درى أن عقله ÙÙŠ الØقيقة هو الذي اختل ÙˆÙسد، Ùكذلك شأن هؤلاء القوم. القرآن ينبوع الÙصاØØ© والبلاغة ÙˆØجة اللغة الناهضة، وهو أساس ما وضع من القواعد النØوية بعده، Ùلا يليق أن نلزمه بالجري عليها، وأن نجعلها أصلاً له ونØكم بخطئه إذا هو خالÙها، بل الواجب إذا لم ينطبق شيء منه على بعضها؛ أن تعلم أنها معيبة أو أنها غير واÙية بالغرض ÙÙŠ بعض المسائل؛ لعدم Ø¥Øكام وضعها هذا إذا لم يمكنا التطبيق. وما من لغة إلا ÙˆÙÙ‰ أشهر كتبها القديمة وأبلغها ما يخال٠ما وضع من القواعد Ùيما بعد، Øتى يضطر الواضعون إلى استثنائه أو تطبيقه عليها بوجه ما، وكذلك Ùعل علماء اللغة العربية ÙÙŠ أمثال هذه الآيات، Øتى أجروها على قواعدهم كما هو مبين ÙÙŠ التÙاسير، ولا Øاجة بنا لنقل ذلك هنا لعدم أهميته. Ùإن قيل: Ù†ØÙ† لا نقول: إن هذا الخطأ كان ÙÙŠ أصل القرآن، وإنما هو من نساخ المصاØÙ ÙÙŠ زمن عثمان، قلنا: إن هؤلاء النساخ كانوا من الÙصØاء اللدّ، Ùكي٠يقعون ÙÙŠ هذا الخطأ، ويتÙقون عليه ÙÙŠ جميع المصاØ٠التي كتبوها وأرسلوها إلى الأقطار الإسلامية؛ بØيث لا يوجد مصØ٠واØد خاليًا من الغلط ÙÙŠ هذه الآيات بعينها؟ وكي٠تتÙÙ‚ الØÙظة ÙÙŠ جميع الأزمنة على قراءة هذه الألÙاظ المتنازع Ùيها كما كتبت ÙÙŠ المصاØÙØ› مع العلم بأن القراء إنما يتلقون قراءتهم عمن قبلهم بقطع النظر عن مرسوم الخط وعما وضع من القواعد النØوية، وقد توارثوا هذه القراءات بالتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم قبل وجود مصاØ٠عثمان، كما بينا ذلك Ùيما سبق؟ ومن علم عناية المسلمين بالتجويد وضبط القراءات وأØكام نطق اللهجات المختلÙØ©ØŒ وأنهم لا يأخذون ذلك من الكتب بل بسماع من أتقنها ممن تقدمهم، علم Ùساد أمثال تلك الانتقادات الباردة وسقوطها. وصÙوة المقال أن القرآن وصل إلينا بدون تØري٠Øر٠واØد منه أو تبديله Ùهو مكتوب اليوم كما كتبه الصØابة أنÙسهم، مقروء كما قرأه النبي صلى الله عليه وسلم، ولا نعر٠كتابًا آخر ÙÙŠ الدنيا بلغت العناية به من أهله مبلغها بالقرآن، Ùإن الكتب الأخرى التي نعرÙها، لا يخلو كتاب منها من الوصمات الآتية كلها أو بعضها (1) أنها لم تكتب ÙÙŠ زمن الآتي بها أو لم يعر٠باليقين من هو. (2) لم تØÙظ ÙÙŠ الصدور لا من العامة ولا من الخاصة. (3) لم تكن نسخها كثيرة، ÙˆÙÙŠ أغلب الأزمنة القديمة لم تكن ÙÙŠ أيدي العامة. (4) رواها الآØاد، واختلÙت روايتهم. (5) Ùقدت وانقطع سندها؛ إما بسبب الارتداد العام من أصØابها، أو بسبب الاضطهادات الشديدة، وقصد الأعداء إبادتها وإØراقها. (6) وجد أمثالها معارضًا لها، وكثير منها لا ÙŠØ±Ø¬Ø Ø¹Ù„ÙŠÙ‡Ø§ بزيادة ÙÙŠ قوة إسناده. (7) وجود بعض Ùقرات Ùيها تدل على بطلان النسبة إلى من نسب إليه الكتاب. (8) مملوءة بخلط النساخ. (9) مملوءة بالتناقض والزيادة والنقصان والتبديل. (10) وجود اختلاÙات بين نسخها قديمًا ÙˆØديثًا. (11) اختلا٠الطوائ٠ÙÙŠ قبول بعضها أو رÙضه، بل اختلا٠الطائÙØ© الواØدة ÙÙŠ قبول بعض الكتب أو ترجمتها ÙÙŠ بعض الأزمنة ورÙضها ÙÙŠ الأخرى. (12) وجود ما يقطع بعدم صØته Ùيها، والغلطات التاريخية والعلمية وغيرها، واشتمالها على ما يناÙÙŠ الآداب ويÙسد الأخلاق. (13) وجود كثير من اللغو Ùيها وما لا Ùائدة Ùيه، وما يناقض البراهين العقلية القطعية. (14) وجودها منذ أزمنة بعيدة وخلو أهلها إذ ذاك من العلم والتØقيق والتمØيص. (15) مناداة مخالÙيهم ÙÙŠ الأعصر الأولى بأنهم ÙŠØرÙون كتبهم ويبدلونها ويغيرونها، كما جاهر بذلك (سكسوس) الÙيلسو٠الشهير. Ùهذه خمسة عشر وجهًا مما تنتقد به تلك الكتب، وجميعها يتنزه عنها القرآن الشريÙ. وقد ذكرت عدة من شواهدها بالإيجاز ÙÙŠ رسالتي التي نشرت سابقًا ÙÙŠ المنار. ومن أراد Ø§Ù„Ø¥ÙŠØ¶Ø§Ø Ùعليه بالكتب المؤلÙØ© ÙÙŠ هذا الشأن إسلامية كانت أو غيرها عربية أو Ø¥Ùرنجية، والسلام على من اتبع الهدى. (المنار) ذكرتنا هذه المقالة بكتاب تاريخ القرآن والمصاØ٠الذي يؤلÙÙ‡ صاØبنا موسى Ø£Ùندي جار الله الروسي، وإننا وعدنا عند ذكره ÙÙŠ آخر جزء من السنة الثامنة بالعودة إلى تقريظه، وكنا نسينا الكتاب والوعد، وقد Ø£ÙˆØ¶Ø Ù…Ø³Ø£Ù„Ø© جمع القرآن، وأطال ÙÙŠ بيان ØÙظه وعدم ضياع شيء منه، وسننقل منه ذلك ÙÙŠ الجزء الآتي.
(2)
مجلة المنار، المجلد 10، ربيع الأول، 1325.
هذا ما وعدنا بنشره مما كتبه صاØبنا موسى Ø£Ùندي جار الله الروسي قال: (قال العلماء: أول ما نزل من القرآن {اقْرأْ بÙاسْم٠رَبÙّكَ الَّذÙÙŠ خَلَقَ * خَلَقَ الإÙنسَانَ Ù…Ùنْ عَلَق٠* اقْرَأْ وَرَبÙّكَ الأَكْرَم٠* الَّذÙÙŠ عَلَّمَ بÙالْقَلَمÙ} (العلق: 1-4) ولم ينزل بعده شيء إلى ثلاث سنوات (وتسمى هذه السنوات زمن Ùترة الوØÙŠ) ØŒ ثم أخذ القرآن ينزل ÙÙŠ تضاعي٠عشرين سنة {ÙˆÙŽÙ‚Ùرْآناً Ùَرَقْنَاه٠لÙتَقْرَأَه٠عَلَى النَّاس٠عَلَى Ù…Ùكْث٠وَنَزَّلْنَاه٠تَنزÙيلاً} (الإسراء: 106) ØŒ {ÙƒÙŽØ°ÙŽÙ„ÙÙƒÙŽ Ù„ÙÙ†ÙثَبÙّتَ بÙÙ‡Ù ÙÙؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاه٠تَرْتÙيلاً} (الÙرقان: 32) ØŒ Ùمنه ما نزل Ù…Ùرقًا وهو غالب القرآن، ومنه ما نزل جمعًا كالÙاتØØ©ØŒ والإخلاص والكوثر وأغلب الأنعام. وكلما نزل عليه صلى الله عليه وسلم آية أو سورة وسري عنه، كان ÙŠÙقرئ الصØابة ما نزل ويستØÙظهم ÙÙŠØÙظونه على الÙور عن ظهر قلب، ويعتنون بذلك تمام الاعتناء؛ لأن الØÙظ الØرÙÙŠ ÙÙŠ عصر الرسالة وزمن النزول كان من أعظم العبادات وأقرب القرب، وكانوا إذا ØÙظوا آية من النبي – عليه السلام – يترددون عليه غير مرة؛ ويتلونها أمامه Øتى يزداد تثبتهم من ØÙظها وأدائها، ويسألونه هل ØÙÙظت كما أنزلت Øتى يقرهم عليها، وبعد إتقان الØÙظ والتثبت ÙÙŠ تمام الضبط، أخذ كل واØد منهم ينشر ما ØÙظ: كانوا يعلÙّمونه للأولاد، والصبيان، وللذين لم يشهدوا النزول ساعة الوØÙŠ من أهل مكة والمدينة، ومن Øولهم من الناس، Ùلا يمضي يوم أو يومان إلا وما نزل Ù…ØÙوظ ÙÙŠ صدور جماعة غير Ù…Øصورين، وقد عين جماعة عظيمة من الصØابة على ØÙظ القرآن وإقرائه، وبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم -إلى المدينة قبل الهجرة جماعة من ØÙظة الصØابة؛ يعلمون القرآن لأهل المدينة وأولادها، وكان الرجل إذا هاجر إلى المدينة دÙعه النبي- عليه السلام -إلى رجل من أولئك الØÙظة يعلمه القرآن، ولما ÙØªØ Ù…ÙƒØ© ترك Ùيها معاذ بن جبل لذلك. وكان من أكابر الصØابة – وهم ألوÙ- من يعتني بتعر٠Ùقه القرآن ومعانيه وإتقانه ØÙظًا وكتابة. كانوا لا يأكلون نهارهم، ولا ينامون ليلهم باهتمامهم واشتغالهم بضبط الآيات ÙˆØروÙها ووجوهها، وكان بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم صيØØ© وزجل بتلاوة القرآن، وكان النبي يسمع إلى الملأ منهم، ويØمد الله على أن جعل ÙÙŠ أمته أمثالهم. وبمثل هذا الاهتمام التام لإتقان القرآن ÙÙŠ صدر الإسلام، ØÙظه ألو٠من الصØابة ÙÙŠ تضاعي٠عشرين سنة . ÙˆØيث إن القرآن كان ينزل Ù…Ùرقًا منجمًا، ويØÙظه الذين يعتنون به على مهل ومكث ÙÙŠ تضاعي٠سنوات كثيرة، وذلك أعون ÙÙŠ الØÙظ وأيسر للذكر. وأكثر من ØÙظه كان شرع ÙÙŠ ØÙظه من صباه، وزد عليه ما كان للنبي – عليه السلام – المعصوم من نسيان القرآن، من كمال الاعتناء والاهتمام بالترغيب ÙÙŠ ØÙظه، والأمر بتعاهده، Ùكل من تأمل أدنى تأمل، يتبين ويقطع أن القرآن قد ØÙÙÙظ ÙÙŠ الصدور بتمام الإتقان وأرسخ الØÙظ وأتم الضبط وكامل البيان، وقد نطقت الأØاديث، ودلت الآثار على أن النبي- عليه السلام – كان يوق٠أصØابه على ترتيب آيات السور، ويعلÙّمهم مواضعها من السورة نصًّا، وكان يقرأ السورة ÙÙŠ الصلوات وغيرها، ويسمعونه ÙيعرÙون من ذلك ترتيب الآيات، ÙالصØابة ضبطت عنه عليه السلام ترتيب آي كل سورة ومواضعها، كما ضبطت عنه Ù†Ùس الآيات وتلاوتها. وكانت السورة مرتبة Ù„Øديث Ø£Øمد وأبي داود ÙÙŠ تØزيب القرآن، ÙˆØديث (واثلة) ÙÙŠ إعطاء السبع الطوال والمئين والمثاني؛ بدل الكتب الثلاثة السماوية والتÙضيل بالØواميم والمÙصل، والأØاديث تدل على أن النبي- صلى الله عليه وسلم – كان يختم القرآن وأن الصØابة كانوا يختمون عنده عدة ختمات، وكل ذلك يدل دلالة واضØØ© على أن القرآن كان Ù…ØÙوظًا ÙÙŠ صدور ألو٠من الصØابة، مجموعًا مرتبًا على ترتيب معلوم عند كل واØد منهم. قال معاذ: عرضنا القرآن على النبي عليه السلام- Ùلم يعب منا Ø£Øدا. وكان للنبي عليه السلام كَتَبة؛ يكتبون Ùورًا كل ما نزل إليه على الصØائ٠والقراطيس من الرقوق والأوراق غالبًا، وعلى Ø§Ù„Ø£Ù„ÙˆØ§Ø ÙˆØ¹Ø³Ø¨ النخل Ø£Øيانًا. كان النبي -عليه السلام- يملي عليهم مباشرة، بقول: إن هذه الآية تكتب عقيب آية كذا ÙÙŠ سورة كذا. وكان كتابة ما نزل من القرآن ملتزمة منهم. Øتى زمن الاختÙاء ÙÙŠ أوائل الإسلام، إذ كان المسلمون يتدارسون القرآن من الصØائ٠ÙÙŠ البيوت، وكان المشركون يدعون الدراسة إذ ذاك الهينمة [1] من شواهد Øديث عمر قبل إسلامه مع أخته وختنه. وكانت العرب تكتب كل شيء Ù†Ùيس أو مهم عندهم، كالأشعار الÙصيØØ©ØŒ والخطب البليغة من شواهد ذلك القصائد المعلقة، والصØÙŠÙØ© التي أكلتها الأرضة. وكان كثير من الصØابة لهم علم بالقلم، وكان أنس بن مالك يقول: هذه Ø£Øاديث سمعتها من رسول الله وكتبتها وعرضتها، وكثير من هؤلاء كانوا يكتبون ÙÙŠ الصØائ٠كل آية ØÙظوها، ويعرضونها على النبي -عليه السلام – وعين من هؤلاء جماعة على كتابة الوØÙŠØŒ كانوا متمكنين من الكتابة باللسان العربي كل التمكن كعلي وعثمان وعمر وزيد بن ثابت وابن مسعود وأنس بن مالك وعبد الله ابن سلام وغيرهم. Ùكان النبي يملي عليهم مباشرة؛ Ùيكتبون ما نزل بØضرته، ويعرضون عليه مرة بعد أخرى Øتى يقرهم. بهذا الكيÙية كتب القرآن من أوله إلى آخره ÙÙŠ Øياة الرسول على صØائ٠وقراطيس متÙرقة، وكانت هذه الصØائ٠والقراطيس أغلى عندهم من أنÙسهم، وأنÙس من كل Ù†Ùيس، وأØب إليهم من كل Øبيب جليس. يدل عليه Ø£Øاديث رويناها ÙÙŠ تناÙسهم ÙÙŠ ØÙظ هذه الصØائ٠والقراطيس، ÙˆÙÙŠ Øبهم التبرك بها Ø£Øيانًا ÙÙŠ المجالس. وكل ما ذكرته عن شأن ØÙظ القرآن ÙÙŠ الصدور، وما أجملته بعد ذلك ÙÙŠ كيÙية جمعه ÙÙŠ الصØائ٠وأثبته ÙÙŠ السطور، يدل دلالة قطعية باهرة على أن القرآن زمن النبي -عليه السلام -كان مجموعًا مرتبًا على ترتيب معلوم؛ Ù…ØÙوظًا ÙÙŠ الصدور مكتوبا على ترتيب الØÙظ ÙÙŠ السطور والأØاديث متضاÙرة متساعدة ÙÙŠ ذلك. ولأن إهمال الØÙظ والكتابة والترتيب من النبي، ومن ألو٠مؤلÙØ© من الصØابة الذين يتيقنون أن السبب ÙÙŠ عزهم وسعادتهم هو القرآن، وأنه هو أساس دينهم وشريعتهم، وأنه هو الذي يقربهم إلى الله -عز وجل – والذين كانوا يبذلون جميع ما يستطيعون وما يتصوره العقل ÙÙŠ سبيل ØÙظه كما أنزل مصونًا عن أدنى شائبة – الإهمال من مثل هؤلاء شيء Ù…Øال لا ريب Ùيه. ثم توÙÙŠ رسول الله يوم أكمل الله لنا ديننا ورضي لنا الإسلام دينا، والإسلام قد ظهر ÙÙŠ جميع جزيرة العرب؛ ÙˆÙيها مدن وقرى كثيرة كاليمن والبØرين وعمان ونجد وجبلي طي وبلاد مضر وربيعة وقضاعة والطائ٠ومكة كلهم قد أسلم، وبنوا المساجد ليس Ùيها مدينة ولا قرية ولا Øلة أعراب إلا وقد قرئ Ùيها القرآن ÙÙŠ الصلوات، وعلمه الصبيان والنساء وكتب. ومات رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والمسلمون كذلك؛ ليس بينهم اختلا٠ÙÙŠ شيء أصلا، كلهم أمة واØدة، ودين واØد، ومقالة واØدة، ثم تولى الأمر أبو بكر سنتين وستة أشهر Ùغزا Ùارس والروم ÙˆÙØªØ Ø§Ù„ÙŠÙ…Ø§Ù…Ø© وزادت قراءة الناس القرآن، وجمع الناس المصاØ٠جمعًا مبتدأ، كأÙبيّ وعمر وعثمان وعلي وزيد وابن مسعود وسالم. ولم يكن بين المسلمين اختلا٠ÙÙŠ شيء زمن خلاÙته، وما كان من ظهور الأسود العنسي ÙÙŠ صنعاء ومسيلمة باليمامة وانقسام العرب أربعة أقسام: طائÙØ© ثابتة على الطاعة، وطائÙØ© مانعة للزكاة، وطائÙØ© معلنة بالردة، وطائÙØ© متوقÙØ© متربصة لمن تكون الغلبة. Ùقد أَخرَج إليهم أبو بكر البعوث، وجهز إليهم عصابة من المسلمين Ùقتل الأسود ومسيلمة، ولم يمض عام واØد Øتى راجع الجميع الإسلام، Ùلم تكن هذه الÙتن إلا كنار اشتعلت ÙانطÙأت للساعة. Ùبعد أن سكنت هذه الÙتن، Ø£Øس عمر الÙاروق بضرورة جمع القرآن ÙÙŠ كتاب واØد؛ على مشهد من جميع الصØابة وملأ من الØÙظة والكتبة، ولما استقر رأي أبي بكر وعمر على ذلك، Ø£Øضرا زيد بن ثابت، وأبديا له ما عزماه. واستعظم زيد ذلك أولا، واستسهل نقل الجبل، شأن كل مقتدر على عظام الأمور، يقدر الأمر ØÙ‚ قدره، Ù…Øتاط عاقل، لا يغÙÙ„ عما يلزم عليه ÙÙŠ القيام بأعظم Ø§Ù„Ù…ØµØ§Ù„Ø Ø¹Ù† كمال الاقتدار، وواجب الاØتياط، وعظيم التثبت، وبالغ الجد والاجتهاد، ووÙور السعي، غير مغتر بما له من الخصال، وإن كان Ùردًا Ù…Ùردًا Ùائقًا على أقرانه وأهل عصره. وواÙÙ‚ أخيراً Ùعزم على ما عزما عليه. والإنسان مهما بلغ ÙÙ‰ الاقتدار وعلو الهمة، قد يكون إذا وقع عليه أمر عظيم وعزمه وتصوره من جميع وجوهه؛ غير غاÙÙ„ عن وسائل تØصيله وأسباب الوصول إليه يعتريه طبعًا نوع من التردد وشيء يشبه التوقÙ. لكنه لا يلبث Ùيزول، ويمضي العازم على عزمه، وجمع أبو بكر الØÙظة المشهود لهم بالضبط والإتقان. وكان أهمهم زيد وأبي بن كعب وعثمان وعلي وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن السائب وخالد بن الوليد وطلØØ© وسعد ÙˆØذيÙØ© وسالم وأبو هريرة وعبادة بن الصامت أبوزيد وأبو الدرداء وأبو موسى الأشعري وعمرو بن العاص واجتمعوا برياسة زيد بن ثابت ÙÙŠ منزل عمر ليتشاوروا ÙÙŠ كيÙية جمعه وتخصيص أعمال كل واØد منهم. ثم أخذوا يوالون اجتماعاتهم ÙÙŠ مسجد المدينة؛ لكتابة القرآن. وكلهم كانوا ÙŠØÙظونه عن ظهر قلب، وكانوا قد اعتنوا قبل بكتابته جملة مرار من ذاكرتهم ليتØققوا من ضبطهم له ÙˆØÙظهم إياه، وجاء من كان كتب مصØÙًا بمصØÙه، وأØضروا كل الصØائ٠والقراطيس التي كتبوا Ùيها القرآن بØضرة النبي -عليه السلام – وإملائه، وعهدوا إلى بلال أن ينادي بأنØاء المدينة، أن من كانت عنده قطعة عليها شيء من القرآن، Ùليأت بها إلى الجامع، وليسلمها إلى الكتبة المجتمعين لجمع القرآن على مشهد الصØابة، وجيء بعدد كثير من القطع، وما كانوا يقبلون قطعة Øتى يتØققوا أنها كتبت بين يدي النبى ÙˆØضرته؛ إذ كان غرضهم أن لا يكتب إلا من عين ما كتب بين يديه، وما كانوا ÙŠÙعلون ذلك إلا مبالغة ÙÙŠ الاØتياط، ومغالاة ÙÙŠ التØÙظ، وإيغالا ÙÙŠ الضبط. وكانوا يقابلون القطع بعضها ببعض لئلا يبقى مجال شك ÙÙŠ تمام الضبط. وكتب القرآن زيد بن ثابت جميعه. قال زيد: Øتى وصلنا إلى آية {لَقَدْ جَاءَكÙمْ} (التوبة: 128) من سورة التوبة ÙÙقدناها، ÙˆÙتشناها لنجدها مكتوبة ثم وجدناها مكتوبة عند أبي خزيمة ابن أوس بن زيد الأنصاري. وقال زيد: Øتى وصلنا إلى سورة الأØزاب، ÙÙقدت آية من سورة الأØزاب Øين نسخت الصØÙØŒ قد كنت أسمع رسول الله يقرأ بها Ùالتمسناها لنجدها مكتوبة، Ùوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري {Ù…ÙÙ†ÙŽ المÙؤْمÙÙ†Ùينَ رÙجَالٌ صَدَقÙوا مَا عَاهَدÙوا اللَّهَ عَلَيْهÙ} (الأØزاب: 23) ÙألØقناها ÙÙŠ سورتها ÙÙŠ المصØ٠وتم جمعه. وجمع عمر جميع الØÙظة والصØابة وقرأه عليه. ولم يقع من Ø£Øد منهم اعتراض Øين العرض، ولم يسمع ولم يظهر بعد أيضا. وبعد إجماع أكابر الصØابة على هذا الترتيب ÙÙŠ هذا المصØÙØŒ لا يمكن أن يقال أنهم رتبوا ترتيبًا سمعوا النبي -عليه السلام -يقرأه على خلاÙÙ‡. وإجماعهم على هذا الترتيب وإقرارهم عليه بلا خلا٠من Ø£Øد منهم؛ أقوى برهان على أنهم وجدوا ما Ø£Ùادهم علمًا لا يدع عندهم ريبا. Ùتقرر أمر القرآن تقريرًا قطعيًّا ÙÙŠ هذا المصØÙ. وكان ذلك أعظم Ùرض قام به سلÙنا الصØابة، وأهم شيء Øدث ÙÙŠ الإسلام، وأÙضل مَنّ لهم علينا إلى يوم القيامة وتوÙÙŠ أبو بكر وهو أعظم الناس أجرًا ÙÙŠ المصاØÙØŒ وتولي الأمر بعده عمر ÙÙتØت بلاد الÙرس طولاً وعرضا، ÙˆÙتØت الشام كلها، والجزيرة ومصر كلها، ولم يبق بلد إلا وبنيت Ùيه المساجد، ونسخت Ùيه المصاØÙØŒ وقرأ الأئمة القرآن وعلمه الصبيان ÙÙŠ المكاتب شرقًا وغربًا، بقي كذلك عشرة أعوام وأشهرا والمسلمون لا اختلا٠بينهم ÙÙŠ شيء، ملة واØدة ومقالة واØدة. والمسلمون إذ مات عمر، وإن لم يكن عندهم زيادة على مائة أل٠مصØ٠من مصر إلى العراق إلى الشام إلى اليمن Ùما بين ذلك، Ùلم يكن أقل من ذلك؛ لأن الخليÙØ© عمر الذي كان يموت همًّا بأمر المسلمين؛ والذي ØÙر الخليج بعد عام الرمادة Ùساقه من النيل إلى القلزم، Ùلم يأت الØول Øتى جرت Ùيه السÙن، ÙØمل Ùيه ما أراد من الطعام لأجل المدينة ومكة وما بينهما، خليÙØ© هذا شأنه، لم يكن ليترك بلدًا ÙتØها ومدينة وقرية تولى أمرها بلا مصØ٠يقرأ Ùيه أهلها.
(3)
مجلة المنار، المجلد 10، ربيع الآخر، 1325.
ثم أصيب الإسلام بموت عمر، وولي عثمان Ùزادت الÙØªÙˆØ ÙˆØ§ØªØ³Ø¹ الأمر، وسعى الساعون ÙÙŠ إيقاع الخلا٠بنشر الاختلاÙØŒ Ùدعت الØال إلى نشر المصاØ٠المكتوبة على مشهد من الصØابة عظيم، Ùجمع الصØابة، وكانت عدتهم يومئذ بالمدينة تزيد على اثني عشر ألÙًا، Ùطلب المصØ٠من ØÙصة أم المؤمنين، وأØضر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرØمن بن الØارث بن هشام، Ùكتبوا خمسة مصاØ٠من غير تغيير ولا تبديل، عما كان عليه المصØ٠الذي كتبه زيد بأمر أبي بكر. وما ورد عن عثمان ÙÙŠ الأنÙال وبراءة Ùإبداء عما كان يراه قبل من أنهما سورة واØدة؛ إذ لم يق٠على بيان من النبي – صلى الله عليه وسلم – وقد شهد عثمان النسخ الأول، وقد وقع الإجماع Ùيه على هذا الترتيب، ولم يبد عثمان خلاÙًا Ùيه، ولو كان له رأي يراه لوجب عليه أن يظهره، وما جرى بين عبد الله بن عباس وبين عثمان من سؤال وجواب ÙØكاية لما كان يراه عثمان قبل. وعين زيدًا أن يقرئ بالمدني، وبعث عبد الله بن السائب مع المكي، والمغيرة بن شهاب مع الشامي وأبا عبد الرØمن السلمي مع الكوÙÙŠØŒ وعامر بن قيس مع البصري، وقرأ كل مصر بما ÙÙŠ مصØÙÙ‡ على هؤلاء الصØابة، ونسخوا من هذه المصاØ٠الخمسة مصاØ٠لا ÙŠØصى عددها، Ùلم يبق ÙÙŠ الإمكان كيد الكائدين، ولا وهم الواهمين. بقي عثمان كذلك اثني عشر عامًا، Øتى مات، وبموته Øصل الاختلاÙØŒ وابتدأ أمر الرواÙض. ثم تولى الأمر عليّ وملك، وبقي خمسة أعوام وتسعة أشهر خليÙØ© مطاعًا غالب الأمر، ساكنًا بالكوÙØ©ØŒ والقرآن يقرأ ÙÙŠ المساجد ÙÙŠ كل مكان، وهو يؤم به الناس، والمصاØ٠معه وبين يديه، ثم بعده ابنه الØسن. وكان علي يثني ثناءً على أبي بكر وعثمان Ùيما Ùعلا ÙÙŠ المصاØÙ. ولو كان وقع من أبي بكر وعثمان تغيير ÙÙŠ شيء بنقص أو زيادة (ولا يمكن ذلك؛ لامتناع تواطؤ الكثير المتÙرق على التغيير ÙÙŠ شيء، Ùلو وقع من Ø£Øد لظهر ولاÙØªØ¶Ø Ø§Ù„Ù…Ø±ØªÙƒØ¨ من ساعته) ØŒ لما قدر على مذلة التØمل والصبر عليه بعدما تولى الأمر، وهو الذي قاتل أهل الشام ÙÙŠ رأي يسير رآه، ورأوا خلاÙÙ‡. وعلي شهد النسخين، ورأس ÙÙŠ كلا الوقتين:
غالب القول Ùيصلا ÙÙŠ القضايا ناÙØ° الرأي Øائزا للجلايا
Ùلا يمكن أن أبا بكر وعثمان قد أسقطا بعض ما نزل ÙÙŠ أهل البيت. ولم يكن أبو بكر وعثمان إلا كغيرهما من الصØابة ÙÙŠ شأن جمع القرآن. ولو كان نزل شيء ÙÙŠ أهل البيت؛ لتواتر كسائر الآيات، وكَتْم ما شاع وذاع أمر Ù…Øال لا يستطاع [1] . وعلماء الإمامية – رØمهم الله تعالى – أَجَلّ من أن يقولوا: قد وقع نقص ÙÙŠ القرآن بمكر أبي بكر أو أمر عثمان. والشيخ الصدوق أبو جعÙر Ù…Øمد بن علي ابن بابويه، والسيد المرتضى علم الهدى ذو المجد أبو القاسم علي بن الØسين الموسوي، والقاضي نور الله ÙÙŠ مصائب النواصب، والإمام الطبرسي ÙÙŠ مجمع البيان، هؤلاء أعلم علماء الإمامية وأعلام أمتنا الإسلامية، قد قالوا بامتناع وقوع التغيير ÙÙŠ القرآن، وقالوا: إن العلم بتÙاصيل القرآن وأبعاضه كالعلم بكله وجملته. Ùمن رام ÙÙŠ إسقاط بعض آيات نزلت، Ùليسع أولاً ÙÙŠ رÙع كل القرآن، وكتم أخبار انتشرت. وما نقل عن بعض علماء الشيعة من سقوط بعض آيات نزلت، Ùلا أرى أن ذلك كان رأيًا لهم يرونه، إنما ذلك من جملة بقايا أخبار كانت تنشر من عند الذين ÙŠØبون أن تشيع الÙاØشة والÙتنة ÙÙŠ المسلمين، ومن عند الذين يبغون خبالاً ويسعون Ùسادًا ÙÙŠ الدين. وقد كانت مثل هذه الأخبار أنÙع وسيلة ÙÙŠ الØصول على أغراضهم السياسية ÙÙازوا Ùوزًا عظيمًا ÙÙŠ دعوتهم، ونالوا Ùوق ما أملوا ÙÙŠ كسر شوكة الأمة الإسلامية وتÙريق ÙˆØدتهم وقد دس هؤلاء من أباطيل الأخبار شيئًا كثيرًا ÙÙŠ الدين، قد تلقاه واغتَّر به قوم من أهل الخير؛ Ùأدخلوه ÙÙŠ دواوين الأØاديث والأخبار، وأسÙار السنن والآثار. وقد Ù…ÙŽÙ†ÙŽÙ‘ الله علينا؛ إذ جعل Ùينا رجالاً عدولاً ميزوا سنن نبينا عن موضوعات الأخبار، وأكاذيب الآثار، Ùسقونا من بين Ùرث ودم لبنًا خالصًا سائغًا للشاربين. هذا وكل ما ذكرته من تاريخ القرآن والمصاØÙ Ùهو ØÙ‚Ø› لأن الأمر كان ووقع كذلك، ومن ادعى انتصا٠الشمس ÙÙŠ النهار، Ùإنما عليه أن يشير إلى ما هنالك، ومن خال٠Ùلا يعتد به، Ùإن الخلا٠ÙÙŠ ذلك مضا٠إلى قوم نقلوا أخبارًا ظنوا صØتها، لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع بصØته، وإلى قوم أتوا بأقوال لا يقوم لها من عالم الشهود شاهد، ولو أننا سلكنا مسلكهم، واستجزنا التدليس على أنÙسنا، وارتكبنا ما لم يرتكب سلÙنا؛ لأتينا بما يبلس به خصومنا أسÙًا لكن يكÙينا ÙÙŠ بيان الØÙ‚ أن نأتي بما كان، وليس من شأن العاقل أن يتمسك بما بَعÙد عن الØÙ‚ وبان. ÙˆØيث ÙˆÙŽÙَّينا الموضوع بعون الله – تعالى – بما استطعنا من البيان. وكان ذلك خير ما جنينا، وخيار ما اقتطÙنا من Øدائق الأعيان، رأينا من واجب الإØسان علينا أن نأتي بما يدل على امتناع وقوع التØري٠ÙÙŠ القرآن. ونØÙ† الآن نأخذ بØول الله وقوته ÙÙŠ إجمال ما Ùصله العلماء ÙÙŠ ذلك، وأن نجمع ونلتقط ما انتشر ÙÙŠ صØائ٠الدواوين من هنا وههنا وهنالك. البرهان الأول: أن النبي- صلى الله عليه وسلم – انتقل والصØابة ألو٠مؤلÙØ© ما منهم Ø£Øد إلا وهو ÙŠØÙظ قسطًا واÙرًا من القرآن، ÙˆÙيهم مئات ÙŠØÙظونه كله بتمام الضبط والإتقان عن ظهر قلب. ثم إن الكثير منهم تشتتوا إثْر ذلك ÙÙŠ الأقاليم وانتشروا ÙÙŠ الأقطار؛ استيطانا بمواطنهم الأصلية، أو تعينًا لعمل من الأعمال الملكية والدينية. ثم نسخت المصاØ٠ووصلت إلى هذه الأعداد الكثيرة ÙÙŠ المدن والبلاد، Ùلو كان وقع تغيير ÙÙŠ كلمة أو تØري٠ÙÙŠ ØرÙØ› لظهر ولثارت الأمة، وهاجت الخواطر على جامعي المصاØÙØŒ وقاتلوهم قتالا، ولارتد كثير من الناس؛ لأن اندساس أقل تغيير Ùيه بجهل العباد، أو وقوع تصر٠Ùيه الأÙكار وكيد أهل الÙساد، يقضي بأنه غير منزل من عند الله – سبØانه وتعالى – لكنا لم نسمع أن Ø£Øدًا من مسلم وغيره عارض ÙÙŠ شيء من القرآن، وادّعى ذلك Ùيه. ولو وقع Øبة تغيير Ùيه ÙÙŠ العصر الأول، لوقع تغييرات ÙÙŠ العصور الأخيرة، على سنن قانون الطبيعة ÙÙŠ النمو. لكنَّ القرآن قضى من أجله ثلاثة عشر قرنًا وزيادة، وملأت المصاØ٠وجه الأرض وطباقها، ولم يوجد مصØ٠يختل٠عن الآخر بØر٠واØد. البرهان الثاني: أن القرآن أكبر دلائل النبوة به ظهر الدين وعز شوكة المسلمين، هو آية ظلت أعناق الجبابرة لها خاضعين، Ùأذعنوا له بخÙض Ø§Ù„Ø¬Ù†Ø§Ø Ø·Ø§Ø¦Ø¹ÙŠÙ† لأوامره، عاملين بأØكامه. Ùلا يمكن أن ÙŠÙرضÙÙŠ الأمة تØريÙ٠شيء منه، ولو كان دونه بذل المÙهج والنÙوس. البرهان الثالث: من Ø£ÙŽÙ„ÙŽÙ…ÙŽÙ‘ بتاريخ الصØابة، ونظر نظرة ÙÙŠ صØØ§Ø Ø§Ù„Ø£Øاديث يعلم أتم العلم ما كانت عليه الصØابة من غاية الاعتناء، ونهاية الاهتمام ÙÙŠ ØÙظ القرآن وضبطه، Øتى مقادير المدات، وتÙاوت الإمالات، ويعر٠ما لهم من مزيد العناية ÙÙŠ ضبط الأØاديث، والرواية ØÙظًا وكتابة، ومن ÙˆÙور الاØتياط، وعظيم التثبت عند أدائها، وتبليغها للأمة. والعقل ÙŠØكم طوعًا بالقطع، وضرورة باليقين أن الجم الغÙير والجمع الكثير الذين أخذوا القرآن تلقيًا عنه عليه السلام ÙÙŠ تضاعي٠عشرين سنة، وضبطوه ØÙظًا ÙÙŠ الصدور، وثبتًا ÙÙŠ الصØائ٠والسطور، لا يجوز عليهم التخليط Ùيه ولا التغيير. وشÙعْر٠الأقدمين مع أنه لا يمكن أن يظهر ظهور القرآن، ولا أن ÙŠØÙظ ÙƒØÙظه، ولا أن يضبط مثل ضبطه، ولا أن تمس الØاجة إليه مساسها للقرآن، لو زيد Ùيه بيت أو Ù„Ùظ، أو غÙÙŠÙّر Ùيه Øر٠أو Øركة، لتبرأ منه أصØابه، وأنكره أربابه، وطعن Ùيه عارÙوه، وجØده راووه. وقد شوهد ذلك ÙÙŠ كثير من الأشعار والخطب والأراجيز، يعرÙÙ‡ من يعتني بلغة العرب ورواياتها. Ùإذا كان ذلك مما لا يمكن ÙÙŠ شعر الأقدمين. Ùكي٠يجوز وقوعه ÙÙŠ القرآن مع العناية الصادقة، والضبط المتقن، والعلم بأنه دليل النبوة، ونور الشريعة، وملجأ الأمة؟ البرهان الرابع: أن العلم بالقرآن كله وجملته Ùاق ÙÙŠ Ø§Ù„ÙˆØ¶ÙˆØ ÙˆØ§Ù„Ø§Ø´ØªÙ‡Ø§Ø± أشهر المتواترات من كبار الØوادث، وعظائم الوقائع، ومهمات الأمور، ÙˆØواضر الأØوال، والعلم بآيات القرآن، وسوره، وتÙاصيله، وأبعاضه، عند ØÙاظه ورواته ÙÙŠ العصر الأول، كالعلم به كله وجملته: Ùإن العناية إذ ذاك توÙرت، والدواعي اشتدت، ÙˆØ§Ù„Ù‚Ø±Ø§Ø¦Ø Ø§Ù†Ø¨Ø¹Ø«Øª إلى ØÙظه الراسخ، وضبطه المتقن، والغايات تباينت، والأغراض اختلÙت: Ùمنهم من يضبطه لإتقان قراءته ومعرÙØ© وجوهها وصØØ© أدائها. ومنهم من ÙŠØÙظه لاستنباط الأØكام وبيان تعاليم الإسلام، ومنهم من يقصد بØÙظه معرÙØ© تÙسيره ومعانيه، والوقو٠على غامضه وغرائبه. ومنهم من يعجبه بالغ ÙصاØته، ÙˆÙائق بلاغته، ورائق أسلوبه، وشائق نظمه، وعجيب تأليÙÙ‡. ومنهم من ÙŠØÙظه استلذاذًا بتلاوته واستØبابًا ÙÙŠ كرامته، وتقربًا بقراءته، وتعبدًا بدراسته، ومنهم من ÙŠØÙظه لمجرد التشر٠بشر٠Øمله، والقيام بواجب أدائه وتعليمه وهو الأغلب. Ùبالضرورة لا يمكن على أهل هذه الهمم العالية، والأغراض المتÙاوتة،والغايات المتباينة، مع كثرة أعدادهم وتباعد بلادهم أن يجتمعوا على التØري٠والتغيير، ويتواضعوا على التبديل. البرهان الخامس: لا يخÙÙ‰ على الخبير بعلوم القرآن وطرقه الثابتة؛ أنه لم يَنْقَض٠عصر الرسالة إلا وتتابع التابعون، وأخذوا عن الصØابة مباشرة، وقل Ùيهم من لا ÙŠØÙظ كل القرآن. وكان الرجل لا يكون عظيمًا ÙÙŠ الأعين، ولا يعد صاØب Øديث ما لم ÙŠØÙظ عشرات آلا٠من الØديث. Ùتتبعوا ØÙظه الصØابة ÙÙŠ كل زمان ومكان، Ùما بلغهم أن صØابيًّا كذا، ÙŠØÙظ آية كذا، بلغة كذا من اللغات التي نزل بها القرآن – وسأبين معنى اللغات والأØر٠ÙÙŠ القرآن، بما لا أظن أن الØÙ‚ يتعداه إن شاء الله – إلا ارتØلوا إليه وتلقوا عنه، Øتى جمعوا القراءات التي قرئ بها القرآن بين يدي النبي – صلى الله عليه وسلم -ØŒ ثم جاء قرن كان ØÙظ القرآن عندهم، كأنه أمر لازم، وكأن أقطار ØواÙظهم قد امتدت، ودوائر Ø¥Øاطتهم قد اتسعت. Ùكثر Ùيهم من ÙŠØÙظ مئات ألو٠من الØديث، ومن ÙŠØÙظ أشعار الجاهلية، وأيام العرب، وخطبها، وأمثالها، وأراجيزها، ما لا تسعها ضخام الأسÙار، كانوا ÙŠØÙظون كل ذلك؛ لأجل القرآن وعلومه، Ùوضعوا علوم الرسوم والتجويد والقراءات، وعلوم الدين وكل مبادئها. وكان من أساس دينهم ÙÙŠ الله تشديد النكير على البدع، وشدة الاعتصام بالسنة الثابتة، والمØاÙظة على ما ورد، والوقو٠عند Øد أمر ثبت. وما مضى قرن إلا وجاء الذي بعده Ù…Øققًا باØثًا ÙÙŠ علوم القرآن، جاريًا على ما جرى عليه سلÙÙ‡. كل إنسان Ø£Øاط بعلوم القرآن خبرًا يعلم أن طرقه ورسمه واختلا٠رواياته كلها توقيÙØŒ لم يتصر٠Ùيها Ø£Øد بشيء. Ùوقوع التØري٠ÙÙŠ القرآن من مثل هذه الأمة غير ممكن. البرهان السادس: الصدر الأول كان Ù…Øاطًا بالأعداء من اليهود وغيرهم. وكانوا أشد الناس عداوة للذين آمنوا عمومًا وللنبي – عليه السلام – خصوصًا، واقÙين له ولقومه بالمرصاد، ناصبين لهم Øبائل الÙتن، موغرين عليهم صدور الناس. Ùلو عثروا على أدنى تØري٠أو تغيير؛ لشنوا على جامعي المصاØ٠غارة الÙتنة، وشنعوا عليهم ÙÙŠ جميع القبائل. ولكان ذلك من أعظم الÙرص المساعدة على اتهامهم ÙÙŠ نظر الأمة. وأكبر الوسائل المؤدية إلى تÙريق الجامعة الإسلامية، وتشتيت كلمتها. كانت مدينة النبي- عليه السلام -غاصة بالمناÙقين؛ كان عرÙهم بسيماهم، ويعرÙهم ÙÙŠ Ù„ØÙ† أقوالهم، كانوا ÙŠØضرون ÙÙŠ مجالسه، يسمعون منه، ويقرأون ÙÙŠ من قرأ، ويصلون مع من صلى. وهم ÙÙŠ كل Ù„Øظة، يتوقعون Ù‡Ùوة تصدر منه؛ ليتخذوها ذريعة إلى رد الناس عن الإيمان به، وقد صاØبوا أصØابه بعده، ولم يسمع أن واØدًا منهم قال بتغيير Øر٠من القرآن، وهم أولى الناس بذلك وأقدرهم على Ùرض وقوعه؛ لسماعهم الأصل من النبي. وتتابع الÙتن المساعدة لهم ÙÙŠ طعن الدين بأكبر المطاعن. أمة غربلت أقوال نبيها ونخلتها، وبØثت Ùيها بØØ« تدقيق، ونقدتها، وروت من أخبار العصر الأول ما عليها، قبل نقل ما لها. أمة عنايتها بكلام ربها أضعا٠عنايتها بأØاديث نبيه. يستØيل عليها أنها عكÙت على هذا الدين، ÙˆÙÙŠ القرآن أقل تغيير قاض أنه ليس من عند الله. أمة إذا سمع عالمها بيتًا من الشعر، واستطلع معناه، قال: هذا مأخوذ من قول Ùلان الجاهلي. أيغيب عنها البØØ« ÙÙŠ القرآن؟ هل وقع Ùيه تغيير وشيء جديد أو هو باق على ما كان عليه تنزيل من Øكيم Øميد اهـ.