طالبَ العلم .. Ø£ÙسÙØÙ’ لتأمÙّلك
http://saaid.net/Doat/mishari/2.htm
بسم الله الرØمن الرØيم
سعة الاطلاع مطلبٌ لبلوغ مدارج العلماء، لكنَّ الرسوخَ وتخلÙّلَ أعطا٠التØقيق لا ÙŠÙنال إلا بالتأمÙّل وتقليب المعار٠على صÙØ§Ø¦Ø Ø§Ù„Ø¹Ù‚Ù„ دون Ùتور ولا ملل، Ùجوهر المجاهدة ÙÙŠ طلب العلم ليس ÙÙŠ أطر النÙس على قراءة أكبر قدر من الكتب، بل ÙÙŠ أطرها على التØÙ†Ùّث ÙÙŠ Ù…Øراب المعاني الغائرة والإشكالات المرهقة.
وللعلم ÙرØØ©ØŒ لا تÙنَال بØصد أكبر قدر من الÙوائد والـمÙÙ„ÙŽØØŒ ولا بالترنÙّم – Øين تÙسأل – ببضعة أبيات من هذه المنظومة أو تلك، وإنما تÙنَال Øين ÙŠØªØ±Ù†ÙŽÙ‘Ø Ø¹Ù‚Ù„Ùƒ من رَهَق التأمÙّل ÙÙŠ دهليز مسألة٠مظلمة٠الآخر، ويتهادى Ùكرك ذليلًا خل٠أذيال قضية مغلقة، Øتى إذا ما أزÙÙَت ساعتÙÙƒ انسدل لك خيط٠الÙتØØŒ وانØلَّت عقد الإشكال .. ثمَّةَ الÙرØØ©
يسجÙّل الجاØظ ذلك، ويبين كي٠تنÙصم عرى الØزم مع Ùيوض هذه الÙرØØ© Ùيقول: (للعلم سَورة، ولانÙتاØÙ‡ بعد استغلاقه ÙرØØ©ØŒ لا يضبطها بشريٌّ وإن اشتدَّت ØÙنكته وقويت Ù…Ùنَّته ÙˆÙضلت قوَّته) .. ما أضيقَ العلمَ لولا ÙسØة٠الÙرØÙ!
صنَّ٠القراÙÙŠ كتابه العجاب (الÙروق) وابتدأه بذكر الÙرق بين الشهادة والرواية .. وأØسب أنه بهذا الابتداء أراد أن يقذ٠ÙÙŠ روع القارئ أن هذا الكتابَ المتلقَّى كتاب٠تأمÙّل، وليس كتابًا تÙدرك مضامينه بطر٠العقل ÙˆØاشية الÙكر .. كي٠ذلك؟
قال ÙÙŠ مطلع كلامه عن هذا الÙرق: (ابتدأت٠بهذا الÙرق بين هاتين القاعدتين لأني أقمت٠أطلبه Ù†ØÙˆ ثمان سنين Ùلم أظÙر به).
2900 يوم والمسألة٠مسرَّØØ©ÙŒ ÙÙŠ Øيز النظر والتأمÙّل! وهكذا العلم.
بينما نرى هذا النموذج المشرق ÙˆØªÙ†Ø´Ø±Ø Ù„Ø°ÙƒØ±Ù‡ وذكر أمثاله صدور التØقيق، نرى ÙÙŠ الضÙَّة الأخرى كثيرًا من الطلبة لم يأخذوا من العلم إلا Ùتاته، ولم تØتÙÙ„ عقولهم بالتأمÙّل Ùيه والنÙوذ إلى أعواصه وأغواره، بل قنعوا بظاهر٠من القول، وبادئ٠من الرأي، (وما الآÙØ© العظمى إلا واØدةٌ، وهي أن يجيء من الإنسان ويجريَ Ù„Ùظه ويمشيَ له أن ÙŠÙكثÙّر ÙÙŠ غير تØصيل، وأن ÙŠÙØسÙّن البناء على غير أساسÙØŒ وأن يقول الشيءَ لم يقتله علمًا)[1].
تأمَّلْ ÙÙŠ علم، ÙÙŠ كتاب، ÙÙŠ مسألة ..
تأمَّلْ لتخليق Ùكرة، لصناعة مدخل، لزرع إشكال ..
تأمَّل .. ÙÙ€ (إنَّما تÙدرَك الدقائق بالتأمÙّل) كما يقول الزرنوجي.
التأمÙّل٠مشروع Ùكرة، والاطلاع٠المجرَّد٠مشروع معلومة، وإنما يتمايز الطلبة بقدر استØواذهم على الأÙكار المنتÙجة، لا المعلومات المعلَّبة، وقلÙّب طرÙÙƒ ÙÙŠ جنبات التراث المعرÙÙŠ للعلماء بشتى طبقاتهم، ستجد السادة هم من كانت الأÙكار هي المØرÙّكَ الأكبرَ لعلمهم، وبها تقلَّدوا مناصب التØقيق، بخلا٠من نصب Ù†Ùسه لاجترار المعلومات المنثورة عند الشركاء .. ولست٠أÙرض بذلك تقابلًا بين الأÙكار والمعلومات، Ùليس يستغني طالب العلم عن أيÙÙ‘ منهما، غير أن الشأن ليس مقصورا على امتلاك ترسانة معلومات، بل الشأن٠ÙÙŠ توظيÙها واستثمارها لبناء Ùكرة متكاملة، وكما أن الأسد مجموعة خرا٠مهضومة، ÙالمØÙ‚Ùّق٠من طلاب العلم مجموعة معلومات مهضومة، أمَّا غيرÙÙ‡ Ùـمجموعة خراÙ٠معلوماتية متجاورة، وشتَّان ما هما.
ثم إنَّ التأمÙّلَ من خواصÙÙ‘ التكوين الذاتي التي Ùَضَل بها التكوينَ الجمعيَّ، وذلك أنَّ لطالب العلم ÙÙŠ تلقÙّيه طريقين متوازيين، وهما: التكوين الذاتي، والتكوين الجمعي .. ولا غنى له عن Ø£Øدهما، ولكلÙÙ‘ من هذين الطريقين خواصّ، والتكوين الذاتي الذي ينكÙئ Ùيه الطالب على Ù†Ùسه ويكون به ØÙلسَ مكتبته Ø£Øظى بالتأمÙّل، بخلا٠التكوين الجمعي الذي يكون Ùيه الطالب٠أسيرَ مصدر آخر ÙŠÙرض عليه نمطًا زمانيًّا ومكانيًّا ومعرÙيًّا معينًا.
وهذا التكوين٠الذاتيÙÙ‘ التأمÙّليÙÙ‘ أكثر٠تصالØًا مع نَزَعات الذات، Ùإنَّ للذات انجذابات٠طبعيَّةً غيرَ مراعاة٠ÙÙŠ التكوين الجماعي، وذلك يؤخر من موقع التأمÙّل ÙÙŠ خارطة التكوين المعرÙÙŠØŒ Ùإن مقدمات التأمÙّل تختل٠باختلا٠الطلبة من جهة الاستعداد الذهني والتهيؤ النÙسي، ولا ÙŠØقق التوازن ÙÙŠ رعاية هذه المعطيات مثل٠التكوين الذاتي.
تÙÙƒÙّر٠ساعة خيرٌ من (قراءة) ليلة ..
والقراءة٠بلا تÙكير لا توصل إلى شيء من العلم كما يذكر ابن باديس ..
وأن تقرأ كتابًا ثلاث مرات أنÙع من قراءتك ثلاثة كتب كما يقول العقَّاد ..
طالبَ العلم .. Ø£ÙسÙØÙ’ لتأمÙّلك
—————————————–
[1] دلائل الإعجاز للجرجاني (32-33).