تبعاً للنظرية النÙسية (المثير والاستجابة) كان الهجوم على اللغة العربية وآدابها أكبر مثير لرواد الÙكر واللغة العرب ÙÙŠ مداÙعة تلك الهجمة التغريبية ورد عاديتها. وقد عرÙنا Ùيما سبق أن تلك الهجمة استخدمت أساليب كثيرة ÙÙŠ زØزØØ© اللغة عن التÙاعل المجتمعي وتجÙي٠منابع الÙكر الإسلامي.. وكان من أهم أساليبها وأخطرها:
أولاً: التهوين من شأن اللغة العربية ÙÙŠ Ù†Ùوس الناشئة من خلال عدم الاهتمام بتعلمها وتعليمها ÙÙŠ المدارس، ثم تØييدها وإزاØتها عن الواجهة المجتمعية من خلال الدعوة إلى العامية وجعل الكتابة بالØر٠اللاتيني.
ثانياً: الهجوم على الأدب العربي- شعراً ونثراً- وإظهار اØتقاره والاستهانة به، والدعوة إلى دÙنه بعد موت Ø£Øمد شوقي، والاØتÙاء بالÙنون الأدبية الØديثة كالقصة والرواية على Øساب الشعر الذي هو وعاء العربية.
ثالثاً: الدعوة إلى تجزئة الأدب العربي من خلال اهتمام كل بلد عربي ناشيء (Øسب سايكس بيكو) بأدبه الخاص (مصري، سوري عراقي.. إلخ)ØŒ ثم التركيز على الأدب الشعبي (الÙلكلوري).
رابعاً: استيراد المذاهب الأدبية الØديثة؛ كالكلاسيكية، والرومانسية، ثم التÙكيكية والبنيوية وغيرها.. مما أثر على طبيعة الأدب العربي ومنهجه النقدي الخاص به.
إرهاصات التيار التأصيلي ÙÙŠ النص٠الأول من القرن العشرين:
أدت الهجمات التغريبية السابقة الذكر إلى ظهور تيار تأصيلي ÙÙŠ الثقاÙØ© والأدب العربيين، بل وأدت بعض٠تطبيقاتها إلى تذبذب بعض دعاتها بين القبول والرÙض لهذه الهجمات الÙكرة والأدبية المتطرÙØ©ØŒ وكان ذلك نتيجة للانÙØªØ§Ø Ø§Ù„Ø´Ø¯ÙŠØ¯ من قبل المثقÙين والمÙكرين العرب على الأÙكار المستوردة التي ÙÙتØت أبوابها Ùانهالت من كل جانب Øتى أوقÙت العقل العربي Øائراً بين Ø§Ù„Ø£Ø´Ø¨Ø§Ø Ø§Ù„Ù…ØªØµØ§Ø±Ø¹Ø© لا يدري ما يأخذ ولا ما يدع.
ولم يكن غريباً أن ÙŠØªØ±Ø§ÙˆØ Ø§Ù„Ù…Ùكر الواØد بين الرأي ونقيضه؛ Ùهذا Ù…Øمد Øسين هيكل يكتب ÙÙŠ مقدمة كتابه (ÙÙŠ منزل الوØÙŠ) قائلاً :†طالما التمسنا ÙÙŠ شرقنا الأدنى أسباب النهوض بعلمنا لنق٠إلى جانب الإنسانية المهذبة.. ولقد خيل إليَّ زمناً كما لا يزال يخيل إلى أصØابي أن نقل Øياة الغرب العقلية والروØية سبيلنا إلى النهوض، وما أزال أشارك أصØابي ÙÙŠ أنَّا ما نزال ÙÙŠ Øاجة إلى أن ننقل من Øياة الغرب العقلية كل ما نستطيع نقله، لكني أصبØت أخالÙهم الرأي ÙÙŠ أمر الØياة الروØية، وأرى أن ما ÙÙŠ الغرب منها غير ØµØ§Ù„Ø Ù„Ø£Ù† ننقله؛ Ùتاريخنا الروØÙŠ غير تاريخ الغرب وثقاÙتنا الروØية غير ثقاÙته.. خضع الغرب للتÙكير الكنسي على ما أقرته البابوية المسيØية منذ عهدها الأول وبقي الشرق بريئاً من الخضوع لهذا التÙكير، بل Øوربت المذاهب الإسلامية التي أرادت أن تقيم ÙÙŠ العالم الإسلامي نظاماً كنسياً.. وبذلك بقي الشرق مطهراً من الأسباب التي أدت إلى اضطراب الغرب الروØÙŠ وإلى ثوراته السياسية التي نشأت عن هذا الاضطراب.. لم تعر٠عصور الازدهار الإسلامي قيداً Ù„Øرية الÙكر ما كان صاØبه بريء القصد يبتغي برأيه سبيل الØÙ‚ ØŒ ولم يعر٠المسلمون أن الذنوب يغÙرها غير الله .. كي٠نستطيع أن ننقل ثقاÙØ© الغرب ÙÙŠ التاريخ ØŒ ÙˆÙÙŠ الثقاÙØ© الروØية هذا التÙاوت العظيم؟؟ لا Ù…Ùر إذن أن نلتمس ÙÙŠ تاريخنا وثقاÙتنا ÙˆÙÙŠ أعماق قلوبنا ÙˆÙÙŠ أطواء ماضينا هذه الØياة الروØية Ù†Øيي بها ما اÙتر من أذهاننا وخمد من قرائØنا وجمد من قلوبناâ€.([1])
وهذا منصور Ùهمي بعد أن يضع أطروØته للدكتوراه بعنوان (Øالة المرأة ÙÙŠ التقاليد الإسلامية وتطوراتها) والتي نهج Ùيها النقد التاريخي العلمي المتØرر من الالتزام بØقيقة الوØÙŠ ÙÙŠ تÙسير سلوك النبي صلى الله عليه وسلم وتشريعاته؛ يصل إلى قناعة راجØØ© تستند إلى نداء من أعماق القلب، يؤكد Ùيها أن نمط الØياة الأوروبية لا يمكن أن يكون مثالاً ÙŠØتذى به ÙÙŠ أمتنا؛ Ùيقول:†Ùليست بيئتي التي أعيش بها ولها ÙˆÙيها هي بيئة الغرب؛ Ùهذه سماؤها غير سماء الغرب، وهذه تربتها غير تربته، وهذا موقعها ÙÙŠ ملكوت الله غير موقعه وهذه لغتنا غير لغته، وهذا ما ورثناه من عادات ومØÙ† وظرو٠وصرو٠غير ما ورث الغرب.. ثم يراد بنا أن نكون كالغربيين، ويØاول داعية ØµØ±ÙŠØ Ø£Ù† يقنعنا بأن نتخذ من الغرب إماماً نأتم به ÙÙŠ كليات ما يسير عليه الغرب ÙˆÙÙŠ جزيئاتهâ€.([2])
وهذه الثنائية المتناقضة التي Øملها المÙكر العربي ÙÙŠ مطلع ما سÙميَ بعصر التجديد تدل دلالة واضØØ© على مدى التردد والØيرة وعدم الثبات الذي وقع Ùيه المÙكر العربي؛ لأنه لم يستطع- آنذاك- أن يلتقط أنÙاسه وهو يركض خل٠المÙاهيم والأيدلوجيات التي غمرت روØÙ‡ وقلبه ÙˆÙكره، وتوالت ضاغطة عليه من الشرق والغرب، وزاد من ÙداØØ© الخطب أن عقله لم يكن مكتملاً ومستغنياً بتراثه ÙˆØضارته؛ Ùقد كان خالي الوÙاض من جذوره الأصيلة التي صورت له على أنها انعكاس لقرون التخل٠والظلام. ولكن الغريب بعد كل هذا أننا وجدنا هوية العروبة والإسلام تكمن صامدة أمام التØديات كمون النواة والجوهر والØقيقة المطلقة.
وعليه؛ Ùإننا لا نكاد نجد Ù…Ùكراً أو أديباً ÙÙŠ ذلك العصر إلا ووجدنا له آراء مختلÙØ©ØŒ وربما متناقضة ÙÙŠ عامة القضايا التي شهدت صراعاً ثقاÙياً ÙˆÙكرياً. وسواء أكان ذلك عائداً إلى تقدم السن ونضوج العقل، أو راجعاً إلى التذبذب الطبيعي الذي يصيب العقل Ø£Øياناً بÙعل تسارع الأÙكار وتواليها، مما يجعل العقل عاجزاً عن التثبت والتمØيص والتÙكير المتأني.. سواءٌ أكان هذا أم ذاك؛ Ùإن كثيراً من دعاة التغريب- قصداً أو تقليداً، بسوء نية أو بØسن نية- ÙÙŠ ذلك العصر؛ لم يكونوا على مستوى واØد من الإيمان بتلك الأÙكار الجديدة التي كانوا يدعون إليها، Øتى Ù„ÙŠÙ„Ù…Ø Ø§Ù„Ù‚Ø§Ø±Ø¦ لتغريبي كبير مثل طه Øسين مثلاً، رأياً تأصيلياً ÙÙŠ اللغة أو الأدب أو الثقاÙØ© أو الدين؛ يبعث على العجب والتوق٠وإعادة التÙكير ÙÙŠ كثير من الآراء المتطرÙØ© التي كان ينادي بها من قبل أو من بعد.
وهذا التناقض أو الثنائية التي وقع Ùيها هؤلاء نتجت عن انقسام أنÙسهم وعقولهم بين الشرق والغرب، بين وهم التØديث ووهم التخلÙØŒ بين ما ظنوه جموداً ورجعية وتقليداً، وما ظنوه Øداثة وتقدمية وتنويراً، Ùهم كانوا يأخذون من الغرب ضغثاً يظنون معه أنهم صاروا منه، ثم يستيقظون من وهمهم على واقعهم العربي الذي لا ÙŠØµÙ„Ø ØªØ·Ø¨ÙŠÙ‚ هذا الضغث المأخوذ Ùيه.
وقد سلم من هذه الثنائية وذلك التناقض أعلام كانت ذخيرتهم العربية وجذورهم الإسلامية دريئةً لهم من أن يقعوا ÙÙŠ وهم التØديث أو وهم التخلÙØŒ ومثلوا تياراً تأصيلياً خلا من التبعية السلبية المتعصبة للقديم العربي وإن انطلق منه، ومن التبعية للØديث الغربي وإن Ø£Ùاد منه، وكان على رأس هذا التيار علمان كبيران من أعلام الثقاÙØ© والأدب والÙكر العربي، هما: مصطÙÙ‰ صادق الراÙعي، ومØمود Ù…Øمد شاكر اللذين انطلقا من الجذور والثوابت العربية، غير عابئين بالجديد الذي يخط٠بريقه الأبصار، بينما هو ÙÙŠ الØقيقة كالدرهم الزائ٠الذي يتأكد للرائي زيÙÙÙ‡ كلما اشتد لمعانه، وخاضا- ومعهما كثير من أمثالهما- العديدَ من المعارك الأدبية والÙكرية للرد على الدعاوى الهدامة ودØض مزاعم أصØابها، ومنها: معارك الÙصØÙ‰ والعامية، ومعركة الأدب المكشوÙØŒ ومعركة غاية الأدب، ومعركة الأسلوب والمضمون، ومعركة مقومات الأدب العربي، ومعركة الأدب بين التجديد والانØراÙ.. وغيرها من المعارك التي أظهرت طائÙØ© عريضة من أنصار التيار التأصيلي ÙÙŠ الأدب العربي بأقلامهم الجريئة ÙˆÙكرهم الصاÙÙŠ.([3])
كما صدرت مجلات ودوريات تØمل Ùكر أنصار التيار التأصيلي رداً على مجلات وصØ٠أنصار التغريب؛ Ùصدرت مجلات مثل: الÙتØØŒ والرسالة، والنذير، ودار العلوم، ونور الإسلام، والنهضة الÙكرية، والمنار.. وغيرها من المجلات والصØ٠التي استطاعت هذه الأقلام من خلالها أن تجسد تياراً أدبياً له سماته وخصائصه المميزة التي تنطلق من قيم التراث العربي والثقاÙØ© الإسلامية؛ بل وصدرت العديد من الأعمال الأدبية والÙكرية لأنصار ذلك التيار.([4])
وقد كان من أجلÙÙ‘ أعمال هذا التيار التأصيلي (ممثلاً ÙÙŠ الراÙعي وشاكر) أنه لم ينقض٠زمن٠أصØابه بانتقالهم إلى الرÙيق الأعلى إلا وقد أعادوا للأمة أصالتها الÙكرية والأدبية والثقاÙية؛ Ùلم يكن الأمر بينهم وبين التيار التغريبي مقتصراً على الردود العلمية ÙÙŠ المعارك الÙكرية والأدبية التي دارت بين التيارين؛ بل استطاعوا تجاوز سببية هذه المعارك إلى إعادة التأصيل المنهجي للÙكر الإسلامي الذي شمل اللغة العربية وآدابها وثقاÙتها.. ولأن الأصالة هي الاستناد إلى أصل واØد متماسك ثابت الجذور والأسس؛ Ùقد رَدَّ التيار التأصيلي الأمور إلى نصابها، ÙˆØرر Ù…ØÙ„ النزاع، ÙˆØ£Ø²Ø§Ø ØºØ¨Ø§Ø± العصور المتعاقبة عن جوهر الØضارة العربية الإسلامية بÙكرها وثقاÙتها وآدابها من خلال تأسيسه لجذرين عظيمين ÙÙŠ بناء الØضارة الإسلامية، هما: التأصيل الثقاÙÙŠØŒ والتأصيل الأدبي.
التأصيل الثقاÙÙŠ:
الثقاÙØ©- كما يرى شاكر- Ù„Ùظٌ جامع ÙŠÙقصد به الدلالة على شيئين Ø£Øدهما مبني على الآخر([5]):
الأول: أصول ثابتة مكتسبة تنغرس ÙÙŠ Ù†Ùس الإنسان منذ مولده ونشأته الأولى Øتى يشار٠Øد الإدراك البيÙّن، جÙماعها كل ما يتلقاه عن أبويه وأهله وعشيرته ومعلميه ومؤدبيه Øتى ÙŠØµØ¨Ø Ù‚Ø§Ø¯Ø±Ø§Ù‹ على أن يستقل بنÙسه وبعقله.. ولأنه منذ مولده قد استÙودع Ùطرة باطنة بعيدة الغور ÙÙŠ أعماقه توجهه إلى عبادة رب يدرك إدراكاً مبهماً أنه خالقه ÙˆØاÙظه ومعينه؛ Ùهو لذلك سريع الاستجابة إلى كل ما يلبي Øاجة هذه الÙطرة الخÙية الكامنة ÙÙŠ Ù†Ùسه، وكل ما يلبي هذه الØاجة هو الذي هدى الله عباده أن يسموه (الدين)ØŒ ولا سبيل إلى ÙˆØ¶ÙˆØ Ù‡Ø°Ø§ الدين ÙÙŠ ذاته إلا عن طريق اللغة التي لا يعمل العقل إلا بها؛ Ùالدين واللغة منذ النشأة الأولى Ù…Ùتداخلان تداخلاً ليس قابلاً للÙصل.
الثاني: Ùروع منبثقة عن هذه الأصول المكتسبة بالنشأة، تÙخرج الإنسان من إطار التسخير الأول إلى إطار التÙكير الثاني؛ Ùيبدأ العقل عمله المستتب ÙÙŠ الاستقلال بنÙسه، وممارسة التÙكير والتنقيب والÙØص، ومعالجة التعبير عن الرأي الذي هو نتاج مزاولة العقل لعمله، وعندئذ تكون النواة الأولى لما يمكن أن يسمى (ثقاÙØ©)ØŒ ولا سبيل إلى تØقيق ذلك إلا من خلال اللغة والمعار٠الأولى التي كانت ÙÙŠ طورها الأول مصبوغة بصبغة الدين، Øتى لو استعملها الإنسان ÙÙŠ الخروج على الدين الموروث ومناقشته رÙضاً له أو لبعض تÙاصيله.. وهذه هي Øال النشء الصغار Øتى يبلغوا مبلغ الإدراك المستقل المÙضي إلى Øيز الثقاÙØ©.
ÙثقاÙØ© كل أمة وكل لغة هي Øصيلة أبنائها المثقÙين بقدر مشترك من أصول٠وÙروع٠كلها مغموس ÙÙŠ الدين المتلقى عند النشأة، وما دام الدين واللغة هما أساس ثقاÙØ© كل أمة Ùباطل كل البطلان أن يكون ÙÙŠ هذه الدنيا على ما هي عليه ثقاÙØ© يمكن أن تكون ثقاÙØ© عالمية يشترك Ùيها البشر جميعاً على اختلا٠لغاتهم ومللهم ونØلهم وأجناسهم وأوطانهم؛ Ùهذا- كما يرى شاكر- تدليس كبير يراد به Ùرض سيطرة أمة غالبة على أمم مغلوبة.([6])
وهذا التدليس الذي شعر به شاكر وأØسه ÙÙŠ أسس ومبادئ التيارات الثقاÙية الجديدة ÙÙŠ جيله، والتي مثلت ÙÙŠ نظره خروجاً عن مبادئ الثقاÙØ© العربية الإسلامية، هو الذي جعله ينطلق ÙÙŠ تأصيله الثقاÙÙŠ من Ùكرة الصراع الØضاري الذي نشب بين الØضارتين: العربية والغربية، مؤكداً على أن الÙساد لم يدخل إلى ثقاÙتنا إلا بعد الاØتكاك الصامت المخي٠الذي Øدث بيننا وبين الثقاÙØ© الغربية الØديثة المتغلبة..
ورغم أن هذا الصراع ليس جديداً تماماً Ø› Ùهو ممتد عبر تاريخ الأمة الإسلامية منذ أول يوم من أيامها، وقد مر بمراØÙ„ عديدة وشهد جولات كثيرة، إلا أن الجولة الجديدة من هذا الصراع قد اكتسبت سمات نوعية جديدة؛ لأن الخصم هذه المرة بات يعر٠خصمه جيداً؛ Ùهو قد أدرك بعد الجولات الدموية السابقة أن قهر المسلمين والانتصار عليهم بالقوة العسكرية أمر صعب شديد الوعورة، وأن تÙكيك المسلمين للقضاء عليهم هو عملية تÙكيك ثقاÙÙŠ بالدرجة الأولى، تمØÙˆ هويتهم وتطمس دينهم ولغتهم وبنيانهم السياسي والاجتماعي.
وعليه؛ Ùإن شاكر لا يرى التغيرات الÙكرية العميقة التي طرأت على الثقاÙØ© العربية إلا ÙÙŠ سياق صراع تاريخي قديم متجدّد بين العالم الإسلامي والعالم الغربي المسيØÙŠØŒ وأن ما سÙمى بالنهضة العربية الØديثة كانت هي البداية الØقيقية Ù„Ùساد Øياتنا الأدبية والاجتماعية بمعناها الشامل، أي Ùساد Øياتنا الثقاÙية؛ †لأن هذا الÙساد لم يدخل على ثقاÙتنا دخولاً يوشك أن يطمس معالمها ويطÙئ أنوارها، إلا بعد التصادم الصامت المخي٠الذي Øدث بينها وبين الثقاÙØ© الأوروبية الØاضرة، وإذا Ù†ØÙ† أغÙلنا هذا التاريخ ولم نتبينه تبيناً واضØاً، Ùكأننا أغÙلنا القضية كلها، وأسقطناها إسقاطاً من عقولنا، وخالÙنا سنة العقلاء والمميزين ÙÙŠ التبصر والتبين وترك التساهل عند مواطن الخطرâ€.([7])
ومن هنا انطلق التيار التأصيلي ÙÙŠ رؤيته الثقاÙية مؤكداً على أن التجديد لا بد أن يكون تجديداً تأصيلياً ذا معنىً Ù…Ùهوم، وينشأ نشأةً طبيعية داخل الثقاÙØ© العربية المترابطة الØية ÙÙŠ Ù†Ùوس أصØابها، ثم هو لا يأتي إلا من متمكن النشأة ÙÙŠ ثقاÙته ولسانه ولغته، متذوق٠لما هو ناشئ Ùيه من آداب ÙˆÙنون ومعارÙØŒ مغروس٠تاريخه ÙÙŠ تاريخ أمته وعقائدها ÙÙŠ زمان قوتها وضعÙها، Ù…Øساً بذلك كله Ø¥Øساساً خالياً من الشوائب، ثم لا يكون التجديد تجديداً إلا من خلال Øوار ذكي Ùاعل٠بَنَّاء٠بين تÙاصيل كثيرة مترابطة تنطوي عليها هذه الثقاÙØ©ØŒ وبين رؤية جديدة ناÙذة Øين ÙŠÙ„ÙˆØ Ù„Ù„Ù…Ø¬Ø¯Ø¯ طريق آخر يمكن سلوكه؛ Ùيقطع تشابكاً من ناØية ليصله بناØية أخرى وصلاً يجعله أكثر استقامة ووضوØاً، ويØÙ„ عقدة من طر٠ليربطها من طر٠آخر ربطاً يزيدها قوة وسلاسة. Ùالتجديد Øركة دائبة داخل ثقاÙØ© متكاملة مترابطة يتولاها الذين يتØركون ÙÙŠ داخلها Øركة دائبة، عمادها الخبرة والتذوق والإØساس المره٠بالخطر عند الإقدام على القطع والوصل والØÙ„ والربط، Ùإذا ÙÙقد هذا كله كان القطع والØÙ„ سلاØاً مدمراً للأمة ولثقاÙتها، وينتهي الأمر بأجيالها إلى الØيرة والتÙكك؛ إذ يورث كلÙÙ‘ جيل٠منها جيلاً بعده ما يكون به أشد منه Øيرة وتÙككاً.([8])
ولا شك أن المتأمل لهذه الرؤية التأصيلية بمØترزاتها الواقعية سيكتش٠مدى العمق الذي وصل إليه التأصيليون ÙÙŠ تأصيلهم للثقاÙØ© العربية الإسلامية من خلال ما يمكن أن يٌسمى بـ (التجديد التأصيلي أو التأصيل التجديدي) الذي ÙŠÙارق كل المÙارقة ما كان يدعو إليه أمثال طه Øسين ÙÙŠ كتابه (مستقبل الثقاÙØ© ÙÙŠ مصر) Øين نادى بأن نسير سيرة الأوربيين ونكون شركاء لهم ÙÙŠ الØضارة، خيرها وشرها، Øلوها ومÙرÙّهَا، ما ÙŠØب منها وما يكره، وما ÙŠØمد منها وما ÙŠÙعاب.. لنتخلص- بجرة قلم- من الثقاÙØ© العربية المتكاملة المغزوة، ونÙØÙÙ„ÙŽÙ‘ Ù…Øلها الثقاÙØ© الأوربية الغازية.. وواضØÙŒ أن هذه الرؤية رؤية استلابية تغريبية مشوهة دعا إليها (نهضويون وتنويريون!!) مثل سلامة موسى، ولويس عوض، وطه Øسين، وقامت على مسلمة تغريبية مضلÙلة Ù…Ùادها أن كل شيء ÙÙŠ الغرب مرتبط بعضه ببعض؛ Ùإما أن نأخذه كله أو نتركه كله.([9])
ثم إن الثقاÙات المتباينة- كما يؤكد شاكر- تتØاور وتتناقش وتتناظر، ولكنها لا تتداخل تداخلاً يؤدي إلى الامتزاج الكامل أو الجزئي، ولا يأخذ بعضها عن بعض شيئاً إلا بعد عرضه على أسلوبها ÙÙŠ التÙكير والنظر والاستدلال؛ Ùإن استجابت له أخذته وعدلته وخلصته من الشوائب، وإن استعصى نبذته وتركته.. ولذلك نرى شاكر ينتقد بشدة استخدام ألÙاظ٠مثل: الخطيئة، والخلاص، والÙداء، والصلب، التي انتشرت على ألسنة الشعراء والأدباء ÙÙŠ ستينيات القرن العشرين؛ لأنه رأى أن هذه الألÙاظ بدلالتها العقدية لا تمت إلى العقيدة الإسلامية التي هي أساس الثقاÙØ© العربية الإسلامية بصلة. وقد Ùصَّل شاكر القولَ ÙÙŠ هذه الألÙاظ وأعادها إلى جذورها الأولى Øين ردَّ على Ù…Øمد مندور الذي داÙع عن لويس عوض ÙÙŠ معركة (أباطيل وأسمار) الشهيرة، مدعياً أن المسلمين يعتبرون أن جميع الديانات السماوية جزءاً من تراثهم الروØÙŠØŒ بل جزءاً من تراث البشرية جمعاء، وأن مثل هذه الألÙاظ لا تمثل خروجاً عن الإسلام ولا عن الثقاÙØ© العربية الإسلامية.. Ùكان أن وق٠شاكر ÙÙŠ وجه مندور كما وق٠ÙÙŠ وجه لويس عوض، وبيَّن دلالة هذه الألÙاظ الأربعة ÙÙŠ العقيدة النصرانية، وأنها تتعلق بالمعصية الأولى لأبينا آدم Øين أكل من الشجرة هو وزوجه بعد أن أزلهما الشيطان عنها، Ùصارت معصيته (خطيئة) عند النصارى أوقعته هو وأبناءه تØت سلطان العقوبة التي يستØقها البشر جميعاً بسببها، لتØقيق ناموس العدل الذي ناقض- ÙÙŠ العقيدة النصرانية- ناموس الرØمة؛ Ùكان لا بد من إيجاد شيء يجمع بين الرØمة والعدل ليÙقدم ÙƒÙدية للبشر Øتى يتخلصوا من عقوبة خطيئة أبيهم آدم، ولأنه لا بد للÙدية أن تكون طاهرة غير مدنسة، وليس ÙÙŠ الكون ما هو طاهر بلا دنس إلا الله سبØانه وتعالى، أوجبت المشيئة أن يتخذ الله جسداً يتØد Ùيه اللاهوت والناسوت ÙÙŠ بطن امرأة من ذرية آدم هي مريم،†Ùيكون ولدها إنساناً كاملاً من Øيث هو ولدها، وكان الله- تعالى عن ذلك علواً كبيراً- ÙÙŠ الجسد إلهاً كاملاً، Ùكان Ø§Ù„Ù…Ø³ÙŠØ Ø§Ù„Ø°ÙŠ أتى ليكون Ùدية لخلقه، وهذا هو (الÙداء)ØŒ ثم اØتمل هذا الإنسان الكامل والإله الكامل أن ÙŠÙقدم ذبيØةً ليكون ذبØÙ‡ تمزيقاً لصك الدينونة المصلت على رأس بني آدم، Ùمات Ø§Ù„Ù…Ø³ÙŠØ Ø¹Ù„Ù‰ الصليب، ÙاستوÙÙ‰ ناموس العدل بذلك Øقه، واستوÙÙ‰ ناموس الرØمة بذلك Øقه، وهذا هو (الصلب)ØŒ وكان اØتمال ذلك كله ÙƒÙارة لخطايا العالمين تخلصهم من ناموس هلاك الأبد، وهذا هو (الخلاص)ØŒ ولما كان البشر كلهم Ø®Ùطاة بخطيئة أبيهم آدم وأمهم، Ùهم هالكون هلاك الأبد، ولا ينجيهم من عقاب الشريعة الإلهية العادل المخي٠سوى إيمانهم Ø¨Ø§Ù„Ù…Ø³ÙŠØ Ø§Ù„Ùاديâ€.([10])
وظاهرٌ أن عقيدة التوØيد الإسلامية لا تؤمن بمثل هذه الدلالات لهذه الألÙاظ، وليس لهذه الألÙاظ عند المسلمين ولا عند عرب الجاهلية هذه المعاني، Øتى ولو كانت الألÙاظ واØدة، ومعصية آدم عند المسلمين معصية كسائر المعاصي تمØوها التوبة والاستغÙار، وليس لمولود أن يرث خطيئة والده، Ùليس للإنسان إلا ما سعى، ولا تزر وازرة وزر أخرى، Ùإذا Ù…ÙØيت المعصية بالتوبة، وبطل أن يرث الولد معصية أبيه، بطلت Ùكرة الخطيئة من أساسها، وإذا بطلت Ùكرة الخطيئة من أساسها بطل تبعاً لذلك ما ترتب عليها من (Ùداء وصلب وخلاص).
وعلى هذا النسق التØليلي التأصيلي سار تيار التأصيل مواجهاً دعاة التغريب الذين كان غالب همهم تØقيق الغلبة للثقاÙØ© الغربية ÙÙŠ مجتمعنا وعلى ثقاÙتنا؛ Ùكانت غالب٠معاركه- Øتى ما كان ظاهرها أدبياً بØتاً- تأصيلاً ثقاÙياً يرد به عليهم، وقد وصل ÙÙŠ هذا الأمر Øد انتقاد لاÙتات أسماء المØال التجارية ÙÙŠ شوارع العواصم العربية التي لا يكاد زائرها يجد بين أل٠مØÙ„ منها Ù…Øلاً باسم٠عربي خالص ØŒ بينما ÙŠØرص عدو الأمة على تأصيل ذاته ÙÙŠ الأرض المغتصبة؛ Ùنراه يسمي الضÙØ© الغربية لنهر الأردن بـ (يهوذا والسامرة).. كما نعى على أنظمة التعليم ÙÙŠ كثير من البلدان العربية تدريسها العلوم باللغة الأجنبية وعدم تعريبها، ورأى أن الطريق إلى التأصيل الثقاÙÙŠ يبدأ من اللغة التي يجب أن يشعر كل واØد منا أنه ليس موجوداً إلا بها، وأنها هويتÙÙ‡ وكيانÙÙ‡ وشرÙÙÙ‡.([11])
ومن هنا كانت عناية هذا التيار الÙائقة بالتراث وخبرته العميقة به، وعمله الدائب ÙÙŠ استخراج كنوزه ونشرها على الناس ÙÙŠ إطار التأصيل التجديدي والتجديد التأصيلي للثقاÙØ© العربية الإسلامية والدÙاع عنها، والوقو٠ÙÙŠ وجه (التنويريين!!) الذين عÙنوا بنقل تجارب الغرب الØضارية، مدÙوعين ÙÙŠ ذلك- إن Ø£Øسنا الظن بنواياهم- بما يروه من تقدم تقني وعلمي غربي، أو بما سيطر على Ùكرهم من وجوب مواكبة العصر واعتبار عامل الزمن، مع أن وجوب مواكبة العصر واعتبار عامل الزمن لا يستلزم الØØ· من قدر ثقاÙة٠قدمت للبشرية ÙÙŠ وقت من الأوقات كثيراً من الخير والنÙع، وما زالت قادرة على تقديم هذا الخير والنÙع شريطة أن ÙŠÙØسَنَ Ùهمها ويÙØسَنَ تقديمها، ولا يستلزم أيضاً التشكيك ÙÙŠ دين الأمة وقرآنها، أو رÙض التراث جملةً والسخرية منه ومن رموزه، والدعوة إلى نبذه واستبداله بغيره.
التأصيل الأدبي:
نستطيع تلمس معالم التأصيل الأدبي عند هذا التيار التأصيلي من خلال المنهج الذي اكتشÙÙ‡ الشيخ Ù…Øمود شاكر أثناء قراءته المتأنية العميقة للتراث العربي كله تÙسيراً، ÙˆØديثاً، ÙˆÙقهاً، وعلوم قرآن، وعلوم كلام، ومللاً ونØلاً، وأدباً، وبلاغة، ونØواً، ولغة، وتاريخاً.. وغيرها من علوم الدين والعربية وتراث المسلمين ÙÙŠ شتى المجالات، معتمداً الأقدم Ùالأقدم Øتى انÙØªØ Ù„Ù‡- كما قال-:†الباب على مصراعيه Ùرأيت٠عجباً من العجب، وعثرت٠يومئذ على Ùيض غزير من مساجلات صامتة Ø®Ùية كالهمس، ومساجلات ناطقة جهيرة الصوت، غير أن جميعها إبانة صادقة عن الأنÙس والعقولâ€.([12])
وقد مر معنا ÙÙŠ الØديث عن المنهج الأصيل أن Ù…Øمود شاكر Øَدَّ- من خلال قراءته العميقة للتراث- Øدوداً لهذا المنهج وشطره شطرين: شطر ÙÙŠ تناول المادة، وشطر ÙÙŠ معالجتها بالتطبيق. Ùأما شطر المادة Ùيتطلب قبل كل شيء جمعها من مظانّها على وجه الاستيعاب المتيسر، ثم تصني٠هذا المجموع، ثم تمØيص Ù…Ùرداته تمØيصاً دقيقاً، وذلك بتØليل أجزائها بدقة متناهية، وبمهارة ÙˆØذق ÙˆØذر، Øتى يتيسر للدارس أن يرى ما هو زي٠جلياً واضØاً وما هو صØÙŠØ Ø¨ÙŠÙ†Ø§Ù‹ ظاهراً، بلا غÙلة وبلا هوى، وبلا تسرع.
وأما شطر التطبيق Ùيقتضى ترتيب المادة بعد Ù†ÙÙŠ زيÙها وتمØيص جيدها باستيعاب أيضاً لكل اØتمال للخطأ أو الهوى أو التسرع، ثم على الدارس أن يتØرى لكل Øقيقة من الØقائق موضعاً هو ØÙ‚ موضعها، لأن أخÙÙ‰ إساءة ÙÙŠ وضع Ø¥Øدى الØقائق ÙÙŠ غير موضعها خليق أن يشوه عمود الصورة تشويهاً بالغ Ø§Ù„Ù‚Ø¨Ø ÙˆØ§Ù„Ø´Ù†Ø§Ø¹Ø©.([13])
وقد رأى شاكر أن المنهج الذي اهتدى إليه بشطريه: (تناول المادة، والتطبيق) عامٌ ÙÙŠ كل علم، وأصلٌ ÙÙŠ كل أمة، وأساس ÙÙŠ كل ثقاÙØ© Øازها البشر على اختلا٠ألسنتهم ومللهم، ولكي ÙŠÙخرج منهجه من هذه العمومية ربطه ابتداءً بما يسميه (ما قبل المنهج) أو (مقدمات المنهج)ØŒ Ùلكي يصل الباØØ« إلى شطر المادة ويكون قادراً على جمعها من مظانّها على وجه الاستيعاب المتيسر، ثم تصني٠هذا المجموع، ثم تمØيص Ù…Ùرداته تمØيصاً دقيقاً، ولكي يصل إلى شطر التطبيق ويكون قادراً على ترتيب المادة بعد Ù†ÙÙŠ زيÙها وتمØيص جيدها باستيعاب أيضاً لكل اØتمال للخطأ أو الهوى أو التسرع يجب أن تكتمل لديه مقومات ما قبل المنهج، وهذه المقومات هي: اللغة، والثقاÙØ©ØŒ والأصل الأخلاقي.
وشطر التطبيق- كما ذكر شاكر- هو الميدان الذي تصطرع Ùيه العقول وتتناصى Ùيه الØجج، وهو المرآة العاكسة Ù„Øضارات الأجناس وثقاÙات الأمم، لأن التطبيق ÙŠÙظهر بجلاء ÙˆÙˆØ¶ÙˆØ Ù…Ø±Ø¬Ø¹ÙŠØ© الباØØ« وثوابته المستمدة من ثقاÙته ولغته ودينه؛ إذ لكل ثقاÙØ© ÙˆØضارة منهج لا يجوز أن تÙدرس علومها وآدبها بغيره؛ ولذلك نجد شاكر دائب التركيز على التأصيل الثقاÙÙŠ للأمة دون أن يغÙÙ„ التأصيل الأدبي، بل هو ينطلق ÙÙŠ تأصيله الأدبي من تأصيله الثقاÙÙŠØ› ولا نكاد نجد له Øديثاً عن التأصيل الأدبي إلا وجدنا له بجانبه Øديثاً عن التأصيل الثقاÙÙŠØŒ وما ذاك إلا لأن شاكر يرى أن سبب الاستلاب والتبعية والتغريب ÙÙŠ الأدب والتعليم هو الاستلاب الثقاÙÙŠ الذي أنتج هذا الخلط الهائل ÙÙŠ الأدب واللغة؛ لأن الأدب إنما هو مظهر من مظاهر ثقاÙØ© الأمة، تتركز Ùيه خصائصها وسماتها المميزة لها، Ùإن استÙلب هذا الأدب وتغرَّب Ùلا بد أن تكون الثقاÙØ© التي أنتجته مستلبةً أيضاً.
وقد ظهرت Ù…Ù„Ø§Ù…Ø Ù‡Ø°Ø§ التأصيل ÙÙŠ معركة (الجديد والقديم) التي خاضها الراÙعي أمام أدعياء التجديد مؤصلاً للتجديد وعلاقته بالأدب العربي من خلال استناده إلى الأدبين: الأموي والعباسي؛ Ùقال:†وقد نقل عبد الØميد الكاتب أشياء من الأساليب الÙارسية Ùأدخلها ÙÙŠ كتابته، وترجم العلماء عن اللغات المختلÙØ© أكثر مما يترجم ÙƒÙتَّاÙب هذه الأيـام.. وظهرت الأÙكار المتباينة، وتعددت الأساليب ÙÙŠ الكتابة، واÙتنَّ المتأخرون من القرن الرابع إلى التاسع ÙÙŠ Ùنون من الجد والهزل، ÙˆÙÙŠ نكت٠بديعية لم يعرÙها العرب إلى أن اختلط لسانهم، ÙˆÙÙŠ كل ذلك لم يقل أديب ولا عالم ولا كاتب أنَّ له مذهباً جديداً من مذهب قديم، لأنهم كانوا أبصر باللغة وأقدر على تصريÙها وأعلم بØكمة الوضع Ùيها وأØرص على وجود الÙائدة منهـا والانتÙاع بها.â€([14])ØŒ ومعنى ذلك أنَّ الراÙعي لا ÙŠØصر Ùكرة المذهب الجديد ÙÙŠ عصر من العصور الأدبية؛ بل يخلص إلى أنه كلما اØتجنا إلى تراثنا القديم ÙÙŠ كل عصر، كنا ÙÙŠ Øاجة Ø£ÙŽÙ„ÙŽØÙ‘ إلى بناء معان ومشاعر جديدة، ومن ثم العمل على صهرها ÙÙŠ بوتقة واØدة لإنتاج أعمال أدبية راقية.([15])
ثم يدعو الراÙعي إلى الاستÙادة من كل جديد يكÙÙ„ لنا التطور بأدبنا ÙÙŠ Øدود أصولنا وجذورنا؛ Ùيقول:†وإنْ أرادوا بالمذهب الجديد العلم والتØقيق وتمØيص الرأي والإبداع ÙÙŠ المعنى، على أن تبقى اللغة قائمة على أصولها على أن يكون التÙنن (طرائق) كما قيل مثلاً ÙÙŠ ابتداع القاضي الÙاضل الذي سموه الطريقة الÙاضلية، لا مذهب يراد به إثبات ومØو، Ùإننا لا ندÙع شيئاً من هذا ولا ننازع Ùيـه، بل هو رأينا، بل هو رأي الØياة، بل هو قانون الطبيعة، ولكنا مع هذا نزيد عليه أن الأصل ÙÙŠ كل ذلك سلامة اللغة وسلامة القومية، Ùلا ننظر ÙÙŠ آراء الأمم إلا على أننا شرقيون، ولا ننقل من لغات الإÙرنج إلا على أننا أهل لغة لها خصائصها.. وأما إن أرادوا بالمذهب الجديد أن يكتب الكاتب ÙÙŠ العربية منصرÙاً إلى المعنى والغرض، تاركاً اللغة وشأنها، متعسÙاً Ùيها، آخذاً ما يتÙÙ‚ كيÙما يتÙÙ‚ØŒ وما يجري على قلمه كما يجري، معتبراً ذلك اعتبار من يرى أن مخه بلا غلا٠من عظام رأسه، وأن عظام رأسه كعظام رجليه، وأن أصابع قدميه كأهداب عينيه.. إن أرادوا بهذا وأشباهه ما يسمونه المذهب الأدبي الجديد، قلنا: لا، ثم لا، ثم لا، ثلاث مراتâ€.([16])
ÙˆÙˆØ§Ø¶Ø Ø£Ù† الراÙعي لا يخوض ÙÙŠ الØديث عن الجديد إلا ويÙرض شرط إبقاء اللغة على أصولها وجذورها؛ لأن اللغة ليست ÙÙŠ Øقيقتها ملكاً شخصياً Ù„Ùرد من الناس رأى أو رÙؤي له أن يزيد Ùيها وينقص زاعماً التجديد والتØديث، بل هي- كما قال-:†مظهر من مظاهر التاريخ، والتاريخ صÙØ© الأمة، والأمة تكاد تكون صÙØ© لغتها، لأنها Øاجتها الطبيعية التي لا تنÙÙƒ عنها، ولا قوام لها بغيرها، ÙكيÙما قلبت أمر اللغة من Øيث اتصالها بتاريخ الأمة واتصال الأمة بها، وجدتها الصÙØ© الثابتة التي لا تزول إلا بزوال الجنسية وانسلاخ الأمة من تاريخها واشتمالها جلدة أمة أخرى، Ùلو بقي للمصريين شيء متميز من نسب الÙراعنة لبقيت لهم جملة مستعملة من اللغة الهيروغليÙية… وإن ÙÙŠ العربية سراً خالداً هو هذا الكتاب المبين الذي يجب أن يؤدى على وجهه العربي الصØÙŠØØŒ ويØكم منطقاً وإعراباً بØيث يكون الإخلال بمخرج الØر٠الواØد منه كالزيغ بالكلمة عن وجهتها، وبالجملة عن مؤداها ØŒ وبØيث يستوي Ùيه اللØÙ† الخÙÙŠ واللØÙ† الظاهرâ€.([17])
ثم هو يخير دعاة الجديد ÙÙŠ شأن اللغة وعلومها وآدابها بين أمرين لا ثالث لهما: إمَّـا†أنْ Ù†Øرص على الأصل الصØÙŠØ Ø§Ù„Ù‚ÙˆÙŠ الذي ÙÙŠ أيدينا ونØتمل Ùيه ضع٠الضعÙاء ونصبر على مداÙعتهم عن Ø¥Ùساده Øتى ينشأ جيل أقوى من جيل وتخرج أمة خير من أمة Ùتجد الأصل سليماً Ùتبني عليه وتزيد Ùيه، وإمَّا أن ندع Ø§Ù„ØµÙ„Ø§Ø Ù„Ù„Ùساد ونتراخى ÙÙŠ القوة Øتى تØول ضعÙاً Ùإذا جاء من بعدنا وجد الأصل Ùاسداً Ùزاده Ùساداً، ويعود (مذهبنا الجديد) بعد Øين من الدهر مذهباً قديماً ÙيستØدث منه جديد على نمط آخر، ثم يتقادم هذا أيضاً على السÙنَّة٠نÙسها، وهلمَّ إلى أنْ تصير هذه العربية ÙÙŠ بعض أزمانهـا لعنة على كل أزمانها، ÙتÙنسخ جملة واØدة ÙˆÙŠØµØ¨Ø Ø§Ù„ÙƒÙ„Ø§Ù… المأنوس الذي نراه اليوم سهلاً ليناً وهو الجاسي الجل٠الغليظ الذي لا ÙŠØسن ترجمته يومئذ إلا عالم بصير بما كان يسمى من قبل Ùعلاً واسماً ÙˆØرÙاً..â€.([18])
وهذه النظرة (الراÙعية) المثالية للغة، والتي أكسبت اللغة عنده صÙØ© القداسة لارتباطها بكتاب مقدس أولاً، ولشعوره بقيمتها وجمالها وجلالها ÙÙŠ ذاتها ثانياً، هي التي دÙعته للتأكيد على أنه لا يمكن أن تقوم للأدب الأصيل قائمة، ولا للتجديد قيمة، إلا إذا استند على تراث هذه اللغة العريقة وجذورها الضاربة ÙÙŠ أعماق النÙس العربية الأصيلة دون متابعة أو تقليد؛ Ùالمتابعة موات والتقليد مسخ، ولا ÙŠØµØ Ø£Ù† يسمى الأدب أدباً والأديب أديباً إذا لم يكن Ùيهما ما يتمايزا به عن غيرهما، Ùـ†ليس يكون الأدب أدباً إلا إذا ذهب يستØدث ويخترع على ما يصرÙÙ‡ النوابغ من أهله، Øتى يؤرخ بهم، Ùيقال: أدب Ùلان، وطريقة Ùلان، ومذهب Ùلان، إذ لا يجري الأمر Ùيما علا وتوسط ونزل إلا على إبداع غير تقليد، وتقليد غير اتباع، واتباع غير تسليم.†، ويقول واصÙاً الأديب:†كلما أبدع شيئاً طلب الذي هو أبدع منه “.([19])
وبهذا التأصيل لا يترك الراÙعي للمجددين منÙذاً ينÙذون منه؛ Ùهو معهم ÙÙŠ تجديدهم إن أبقى على الأصول والجذور، Ùإن رÙضوه Ùإنما يرÙضون برÙضه الجذور والأصول، ÙÙŠÙتØون بذلك على أنÙسهم أبواب شكوك ÙÙŠ نواياهم ترتÙع عن أن تكون بهتاناً لا دليل عليه أو تهمة لا سند لها. وكأنه ÙŠÙ„Ù…Ø Ø¥Ù„Ù‰ هذه التهم Øين يقول ÙÙŠ مقاله (الجملة القرآنية) :†نبهتني Ø¥Øدى الصØ٠العربية التي تصدر ÙÙŠ أمريكا عندما تَنَاولتْ الكلام على (رسائل الأØزان) بقول٠جاء ÙÙŠ بعض معانيه أني لو تركت (الجملة القرآنية) والØديث الشري٠ونزعت٠إلى غيرهما لكان ذلك أجدى عليَّ ولملأت٠الدهر ثم Ù„Øطمت٠ÙÙŠ أهل المذهب الجديد Øطمةً لا يبعد ÙÙŠ أغلب الظن أن تجعلني ÙÙŠ الأدب مذهباً ÙˆØدي. ولقد وقÙت طويلاً عند قولها (الجملة القرآنية) Ùظهر لي ÙÙŠ نور هذه الكلمة ما لم أكن أراه من قبل، Øتى لكأنها (المكروسكوب) وما يجهر به من الجراثيم مما يكون Ø®Ùيَّاً ÙيستَعْلÙÙ† ودقيقاً Ùيستعظم، وما يكون كأنه لا شيء ومع ذلك لا تÙعر٠العلل الكبرى إلا به.â€([20])ØŒ Ùالقضية إذن لا تتعلق بالأدب قديمه وجديده، وإنما هي وسائل Ùنية استخدمت من قبل المستعمرين وأعوانهم؛ ليÙتوسل بها إلى تجÙي٠المنابع الأصيلة وتنØية المصادر الربانية وسلخ الأدب عن معينه القرآني الذي يمده بالجديد الأصيل دائماً.
وقد صاØب هذا التأصيل ÙÙŠ الÙكر والمضمون تأصيلٌ آخر ÙÙŠ الشكل والأسلوب ظهر Ø¨ÙˆØ¶ÙˆØ ÙÙŠ أسلوب الكتابة وطرائقها عند أساطين هذا التيار الذين اعتمدوا على أربعة أسس كان لهم أبلغ الأثر ÙÙŠ أصالة أساليبهم ولغتهم ومذاهبهم ÙÙŠ الكتابة:
الأول: القرآن الكريم والØديث الشريÙØŒ وليس أدل على أثر القرآن الكريم والØديث الشري٠ÙÙŠ أسلوب الراÙعي ولغته من كلام ذلك الكاتب الذي كتب ÙÙŠ مجلة أمريكية يقول:†لو ترك الراÙعي الجملة القرآنية والØديث الشري٠، ونزع إلى غيرهما لكان ذلك أجدى عليه ولملأ الدهر.([21])
الثاني: ما ØÙظوه من تراث العرب وكلام ÙصØائهم، وقديماً قال ابن خلدون:†وعلى قدر جودة المØÙوظ وطبقته ÙÙŠ جنسه وكثرته من قلته، تكون جودة الملكة الØاصلة عنه للØاÙظ… ثم تكون جودة الاستعمال من بعده، ثم إجادة الملكة من بعدهما.. لأن الطبع إنما ينسج على منوالهاâ€.([22])
الثالث: القراءة الواسعة ÙÙŠ شتى Ùنون الثقاÙØ© الإسلامية، Øيث لم يكتÙوا بالتبØر ÙÙŠ علوم الأدب واللغة Ùقط، بل كانوا ينظرون إلى الثقاÙØ© الإسلامية على أنها- بÙنونها المختلÙØ©- تراث يكمل بعضه بعضاً لا يجوز للأديب العربي أن يغÙÙ„ عن قراءته والاطلاع عليه.
الرابع: النظر ÙÙŠ الكتب المترجمة والاطلاع على ثقاÙات الأمم الأخرى وتخير الجيد الملائم Ùيها للعربية وأساليبها دون تعصب ضدها أو انبهار بها.
ولعل أبرز مثال على التأصيل الأدبي ÙÙŠ الأسلوب هو مصطÙÙ‰ صادق الراÙعي الذي جمع أسلوبه بين التراثية والتجديد؛ Ùهو رغم اØتÙاله الشديد بالتراث وتأثره بطرائق وأساليب أعلامه ÙÙŠ الكتابة، إلا أنه لم يكن جامداً ÙÙŠ أسلوبه جمود من ÙŠØيا ÙÙŠ زمن غير زمنه، أو يَعقÙÙ„ÙŽ Ù†Ùسه بعقال٠ماض٠لا يخرج من سجنه ولا ÙŠØ¨Ø§Ø±Ø Øدوده، وإنما كان أصيلاً تجديدياً لم تؤثر Ùيه عجمة Øاضره، ولا معجمية ماضيه، بل هو بين العجمة والمعجمية دائب التجديد، Øسن التصرÙØŒ Ù…Øكم النسج، دقيق المعاني، واسع المجاز، على غموض٠لم يسلم منه ÙÙŠ بداياته Øين كان يكتب لنÙسه؛ Ùيرضي Ùنه غير عابئ Ø¨ÙˆØ¶ÙˆØ Ø§Ù„Ù…Ø¹Ù†Ù‰ لدى قارئه، Ùلما كتب ÙÙŠ (الرسالة)ØŒ وواجه الناس مال إلى Ø§Ù„ÙˆØ¶ÙˆØ ÙˆØªØ¨Ø³Ø· ÙÙŠ الأسلوب. وقد قال الزيات عن سبب غموض بعض كتاباته:†كان ÙŠØمل الÙكرة ÙÙŠ ذهنه أياماً يعاودها ÙÙŠ خلالها الساعة بعد الساعة بالتقليب والتنقيب والملاØظة والتأمل، Øتى تتشعب ÙÙŠ خياله وتتكاثر ÙÙŠ خاطره، ويكون هو لكثرة النظر والإجالة قد سما ÙÙŠ Ùهمها على الذكاء المألوÙØŒ Ùإذا أراد أن يعطيها الصورة ويكسوها اللÙظ، جلاها على الوضع الماثل ÙÙŠ ذهنه، وأداها بالإيجاز الغالب على Ùنه، Ùتأتي ÙÙŠ بعض المواضع غامضة ملتوية وهو ÙŠØسبها واضØØ© ÙÙŠ Ù†Ùسك وضوØها ÙÙŠ Ù†Ùسهâ€.([23])
Ù…Ù„Ø§Ù…Ø Ø§Ù„ØªØ£ØµÙŠÙ„ الأدبي ÙÙŠ الأسلوب:
وقد Øكمت مذهب الراÙعي ÙÙŠ الكتابة أصولٌ بنى عليها Ùنه وأدبه، ولعلنا لا نبعد كثيراً إن جعلنا هذه الأصول الأسلوبية ÙÙŠ الكتابة Ù…Ù„Ø§Ù…Ø Ù„Ù„ØªØ£ØµÙŠÙ„ الأدبي ÙÙŠ الأسلوب الكتابي لهذا التيار كله، على تمايز طبعي بين Ø£Ùراده ÙŠÙنشئه اختلا٠الأذواق وتباين الطبائع. وهذه Ø§Ù„Ù…Ù„Ø§Ù…Ø Ù‡ÙŠ:
الأول: التوسع ÙÙŠ مذاهب العربية:
Øيث لم يقتصروا على تقليد أساليب الأوائل؛ لأن الأصالة لا تعني التقليد، وإنما تعني التمثل والتÙرد، تمثل أساليب القدماء وهضم طرائقهم، والتÙرد ÙÙŠ التراكيب والمعاني الخاصة التي تميز كل كاتب عن غيره على أن تكون ÙˆÙÙ‚ طبيعة اللغة وأوزانها وقواعدها.
الثاني: العناية بالتراكيب ومراعاة تناسبها وموسيقاها:
وهي صÙØ© أصيلة ÙÙŠ كتاب العرب الأÙذاذ الذين يغلب ÙÙŠ إنشائهم الاØتÙاء بالنسق والسياق والنظم أكثر من الاØتÙاء باللÙظ المÙرد، وعلى ذلك قام إعجاز القرآن، وبلاغة الØديث النبوي الشريÙ.
الثالث: التÙرد والتمايز:
Ùهم كالأصلاء من كتاب العرب القدماء الذين يتمايزون بأساليبهم عن بعضهم البعض، ولا تكاد تجد تشابهاً بين طرائقهم رغم أنها تخرج كلها من معين لغة واØدة.
الرابع:معاودة النظر والتنقيØ:
وهذه نقطة من ألصق النقاط بمنهج التأصيل، وهي تعيدنا إلى أسس منهج التذوق الذي من أصوله عند أساطين هذا التيار: شدة التØري، والمبالغة ÙÙŠ التوثيق، والغوص على المعاني، وتخير الألÙاظ، وأخذ الكتابة مأخذ الجد، وعدم الرضا بالسهولة التي تÙضي إلى سقوط المبنى والمعنى، أو بالسطØية التي تؤدي إلى الإخلال بجانب من جوانب الموضوع؛ ليملؤوا بالØبر Ùراغاً ÙÙŠ صØÙŠÙØ© أو بياضاً ÙÙŠ كتاب.
الخامس: الاØتÙاء بالمجاز والعناية به:
لأن المجاز Øلية العربية، بل Øلية كل لغة، ولا يكون الكاتب كاتباً- كما يرى الراÙعي مثلاً- Øتى يبرع Ùيه، ولا ÙŠÙهم العربية على Øقيقتها من لا معرÙØ© له بÙنون المجاز. وقد أكثر الراÙعي من استخدام المجاز رغم أنه (متعب جداً) كما قال، ÙˆØسبنا أن نطالع نماذج من نثره الÙني ÙÙŠ كتبه الثلاثة (Øديث القمر ØŒ ورسائل الأØزان ØŒ والسØاب الأØمر) لنجد Ùنوناً متنوعة من المجاز لم ÙŠØÙˆ مثلها بين دÙتيه كتابٌ ÙÙŠ العصر الØديث، Øتى أطلق الدكتور Ø£Øمد هيكل على أسلوب الراÙعي اسم (البيان المقطر) الذي يهتم ÙÙŠ المقام الأول بجمال الصياغة، وروعة الديباجة، وبÙعد التركيب، واعتصار المعاني، وتوليد الأÙكار، من خلال مجازات مركبة، واستعارات بديعة، وكنايات Ø®Ùية، Ùيأتي بيانه آخر الأمر أشبه بعملية تقطير ألوان من الزهور المعروÙØ© والورود المألوÙØ© والرياØين الشائعة، لاستخلاص عطر مركب مركز غريب، Ùيه جمال، ولكن ليس Ùيه بساطة.([24])
***
ومن الجدير بالذكر- ÙÙŠ ختام هذه السلسة- أن نؤكد على جهود هذا التيار لم تقتصر على تلك الØقبة الزمنية Øسب؛ بل امتدت جهودهم ورسالتهم الÙكرية والأدبية إلى وقتنا هذا، خاصة وأن الهجمات التغريبية لم يهدأ أوارها عبر السنوات والعقود التالية، بل استمرت ÙÙŠ تصدير المذاهب والنظريات الأدبية والنقدية الواÙدة على بيئتنا وثقاÙتنا الأصيلة؛ ليتوزع قسم من أدبنا خل٠الأيديولوجيات المختلÙØ©ØŒ Ùوجدت الماركسية قبل سقوطها أدباء يجسدون Ø£Ùكارها ويدعون- من خلال أعمالهم الأدبية- إلى الالتØاق بها، كما وجدت نقاداً يجتهدون ÙÙŠ تثبيت الواقعية الاشتراكية (الصياغة الأدبية للماركسية)ØŒ وبالمثل تماماً وجدت الكتلة الغربية أبواقاً تدعو بقوة إلى اعتناق Øضارتها وتقليد Ùنونها وآدابها، وهكذا ابتلي الأدب بالمناهج المستوردة التي انتهى منها أصØابها وتم تصديرها بعد تغليÙها بغلا٠جميل لينبهر بها أدعياء الثقاÙØ© عندنا؛ Ùكانت البنيوية، والØداثة، وما بعد الØداثة، على رأس هذه المذاهب التي استوردت، وتوزع قسم واÙر من أدبنا المعاصر وراء هذه المذاهب الأدبية الغربية المستوردة، ÙˆØمل أدواتها الÙنية من جهة، وقيمها وتصوراتها من جهة أخرى، ÙÙقد كثيراً من Ù…Ù„Ø§Ù…Ø Ø§Ù„Ø´Ø®ØµÙŠØ© العربية.
وظهر- تبعاً لذلك- تيار تأصيلي Øديث، وصل ما انقطع وجدد ما رَثَّ، وتولى تØويل الدعوة إلى التأصيل الأدبي إلى واقع عملي يعبر عن Ù†Ùسه ÙÙŠ تطبيقات ميدانية، مثلت الوسطية الأدبية التي استنبتها الدكتور عبد الØميد إبراهيم من الجذور العربية الإسلامية قمتها ومقدمتها، كما كانت الدعوة إلى الأدب الإسلامي بمثابة تتويج عام لجهود هذا التيار الذي انتشر واستوى على سوقه علي يدي سيد قطب، ومØمد قطب، وعبد الرØمن رأÙت الباشا، وأبو الØسن الندوي، وعبد القدوس أبوصالØØŒ ونجيب الكيلاني، وعبده زايد، ÙˆØلمي القاعود، وعبد الباسط بدر.. وغيرهم من الأدباء والمÙكرين الإسلاميين الذين أسهموا وساعدوا ÙÙŠ إنشاء رابطة الأدب الإسلامي.
وقد تماهى مع هذا التيار عدة جهود Ùردية لكتاب وأدباء ومÙكرين، ناقشوا الØداثة بمناهجها المختلÙØ© والمتداخلة، وعملوا على التأصيل لنظرية عربية خاصة، من خلال قراءتهم الواعية للتراث الأدبي والنقدي والبلاغي عند العرب القدماء؛ ليخلصوا إلى أن الجديد المستورد ليس جديداً على التراث العربي؛ بل هو جديد على من لم يقرأ هذا التراث ولم يهتم به.. ويأتي الدكتور عبد العزيز Øمودة بثلاثيته النقدية: المرايا المØدبة، والمرايا المقعرة، والخروج من التيه، على رأس هؤلاء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]Ù€ ÙÙŠ منزل الوØÙŠ Ù€ Ù…Øمد Øسين هيكل Ù€ دار الكتب العلمية Ù€ بيروت 2007Ù… Ù€ Ø·2Ù€ ص 26Ù€22.
[2]ـ الأهرام ـ 25 يونيه 1939م ـ وانظر المعارك الأدبية ـ أنور الجندي ـ ص308-310.
[3]ـ انظر بتوسع : المعارك الأدبية ـ أنور الجندي ـ مكتبة الأنجلو المصرية ـ القاهرة 1983م .
[4]Ù€ يقظة الÙكر العربي Ù€ أنور الجندي Ù€ مطبعة الرسالة Ù€ القاهرة 1971Ù… Ù€ ص271.
[5]Ù€ المتنبي ØŒ رسالة ÙÙŠ الطريق إلى ثقاÙتنا Ù€ Ù…Øمود شاكر Ù€ ص72Ù€74.
[6]ـ المرجع السابق ـ ص76ـ77.
[7]ـ المرجع سابق ـ ص34.
[8]ـ المرجع السابق ـ ص25ـ26.
[9]Ù€ Ù†ØÙˆ ثقاÙØ© تأصيلية ØŒ البيان التأصيلي Ù€ Ù…Øمد Ù…Øمود شاويش Ù€ دار نينوى Ù€ دمشق2007Ù… Ù€ Ø·1Ù€ ص115.
[10]Ù€ أباطيل وأسمار Ù€ Ù…Øمود شاكر Ù€ ص210.
[11]Ù€ Ù…Øمود Ù…Øمد شاكر ØŒ قصة قلم Ù€ عايدة الشري٠ـ كتاب الهلال Ù€ عدد 563 Ù€ القاهرة Ù€ 1997Ù… Ù€ ص 165Ù€166.
[12]Ù€ المتنبي، رسالة ÙÙŠ الطريق إلى ثقاÙتناـ ص8.
[13]ـ المرجع السابق ـ ص22.
[14]Ù€ تØت راية القرآن Ù€ الراÙعي Ù€ ص13Ù€ 14.
[15]Ù€ القديم والجديد مع مصطÙÙ‰ صادق الراÙعي Ù€ بغداد عبد الرØمن Ù€ موقع رابطة الشام Ù€ شبكة المعلومات الدولية (نت) .
[16]Ù€ تØت راية القرآن Ù€ الراÙعي Ù€ مرجع سابق Ù€ ص15Ù€ 17 .
[17]ـ المرجع السابق ـ ص 49ـ50.
[18]ـ المرجع السابق ـ ص17ـ 18.
[19]Ù€ ÙˆØÙŠ القلم Ù€ الراÙعي Ù€ ج1Ù€ ص197.
[20]Ù€ تØت راية القرآن Ù€ الراÙعي Ù€ ص26.
[21]ـ المرجع سابق ـ ص26 .
[22]ـ مقدمة ابن خلدون ـ ص578 .
[23]Ù€ ÙˆØÙŠ الرسالة Ù€ Ø£Øمد Øسن الزيات Ù€ مكتبة نهضة مصر Ù€ القاهرة 1956Ù…Â Ù€ ج1 ص440.
[24]تطور الأدب الØديث ÙÙŠ مصر Ù€ د.Ø£Øمد هيكل Ù€ دار المعار٠ـ القاهرة 1994Ù€ Ø· 6 Ù€ ص387 Ù€ 388