عصام أبو زيد

في سيارة آخر مراحل إيابنا من القاهرة أحد أيام عام 1996 الجامعي تراءينا، فعرفني، فهش لي وبش مسرورا بتقارب البيوت، ثم زارني في أثناء ما بقي له بكلية دار العلوم من جامعة القاهرة وبعد تخرجه وعمله معلما في المدارس الخاصة، يمر بي فأعرف كل مرة أنه تنقل من عمل حسن إلى عمل أحسن، حتى انضم إلى طلاب الماجستير بقسم النحو والصرف والعروض من كليتنا، ثم سجل رسالته، ولاحت له فرصة عمل في السعودية فاغتنمها، يعمل ويبحث حتى اكتفي، فاستقال من عمله ليكمل رسالته ويُناقَش فيها. ثم لاحت له فرصة عمل أخرى في السعودية، وكان قد سجل للدكتوراة، فاغتنمها، يعمل كذلك ويبحث حتى اكتفى، فاستقال ليكمل رسالته كذلك ويُناقَش فيها. ثم لاحت له فرصة عمل ثالثة في السعودية، وكان قد حصل على الدكتوراة، وهناك عرف ذلك أحدُ محبيه السعوديين، فأغراه بإرسال شهاداته إلى ابنه المسؤول في جامعة الطائف عن التوظيف، وأثنى له عليه بما علم من حاله، فوعده خيرا، ثم طلب منه الاستقالة والعودة إلى مصر ليستقدمه استقدامهم الخاص، ففعل، ولكنه تأخر عنه حتى أرابه فيه، فصار عند نفسه كمن أَفْلَتَ الحقيقةَ للوهم، ثم أجابه إلى ما وعده! صار في جامعة الطائف السعودية أستاذا مساعدا (مدرسا جامعيا في الاصطلاح المصري)، يعمل فيها ويبحث على ما تعود، ثم تقدم للترقي فيها إلى درجة أستاذ مشارك (أستاذ مساعد في الاصطلاح المصري)، ثم إلى درجة أستاذ. ولم يكتف بترقيه في الاعتبار الجامعي السعودي؛ فمن حق كل مصري يعمل خارج مصر في إحدى الجامعات أن يتقدم للترقي في الاعتبار الجامعي المصري، ولكنه عندئذ هو الذي يتحمل الرسوم؛ ففعل مرة ثم مرة حتى صار أستاذا! ولقد رأيت أن أشركه في مناقشة رسالة دكتوراة أشرفت عليها في جامعة السلطان قابوس وليس في يدي منه غير حسن ظني به -وهو كثير- فإذا به يفوقه والله جادًّا غير هازل وصادقًا غير مجامل، حتى كان عضو اللجنة من القسم ينظر إليّ قائلا بتبسُّمه: هذا الذي دعوتَه! ولم يدر أنني كنت كلما أخذ على عمل الطالب أتبسم طربا وفرحا بالشاب الرزين الجليد الطموح الصدوق الطليق، تلميذي النجيب الدكتور عصام أبو زيد.

Related posts

One Thought to “عصام أبو زيد”

  1. تعليق الدكتور عصام أبو زيد:
    https://www.facebook.com/esam.abozied/posts/2854004994717787?comment_id=2854151198036500&notif_id=1588163909442390&notif_t=feed_comment_reply
    “هذا أستاذي أيها اﻷحباب فليرني كل امرئ منكم أستاذه!
    أستاذي الذي أدين له بالفضل ما دمت حيا، العالم اللغوي العروضي الشاعر اﻷديب الفذ، لم يكتف بأنه كان – ولا يزال – مفجر الطاقات، وباعث الهمم، ولم يفتأ يتحرى مواطن التحفيز لطلابه؛ فيشرفني بصحبته في إحدى مناقشاته العلمية، بكلية الآداب، من جامعة السلطان قابوس الغراء، ثم ها هو ذا يطوق عنقي بكلماته؛ فيغمرني، ويؤثرني، ويقدمني، ويعرفني، ملخصا سيرتي ومسيرتي.
    إنه أستاذي المبجل اﻷستاذ الدكتور محمد جمال صقر
    أسأل ربي أن يكافئه ويجزيه عني خير الجزاء”!

Leave a Comment