خواطر دار السلام
الخَاطÙرَة٠التَّاسÙعَة٠وَالتّÙسْعÙونَ
الخÙدَاع٠العÙلْمÙيّÙ
ستقولÙ: أيّ٠تناقÙض٠يØÙ…ÙÙ„Ùه٠العنوان٠بينَ الصّÙÙة٠والموصوÙÙØ› Ùالعلم٠والخداع٠عَدوَّان٠لَدÙودانÙØŒ وخَصْمان٠مÙتناوئانÙØŒ وبَØْران٠لا يلتقيانÙØŒ بينهما برزخٌ لا يبغيانÙØŒ وَمَا يَسْتَوÙÙŠ البَØْرَان٠هَذَا عَذْبٌ ÙÙرَاتٌ سَائÙغٌ شَرَابÙه٠وَهَذَا Ù…ÙلْØÙŒ Ø£Ùجَاجٌ؟!
ÙأقولÙ: رÙوَيْدَكَ، لا تعجَلْ عليَّ؛ Ùالشيطان٠الذي لبَّسَ على الإنسان٠عبادتَهÙØŒ وأÙسدَ عليه آخرتَهÙØŒ ومزَّقَ Øبالَ الوصل٠بين قلبÙه٠وربّÙÙ‡ÙØŒ ألا يستطيع أنْ ÙŠÙلَبّÙسَ عليه أمرَ العلمÙØŒ وأنْ ينØرÙÙŽ به عن غاياتÙه٠السَّامية٠إلى دَرْك٠التناÙÙس٠الدّÙنْيَويّ٠المَقيتÙØŒ وأنْ يخلطَ الØابلَ بالنابلÙØŒ والخاثرَ بالزَّبادÙØŸ Ùإذا النَّاس٠Øَيارَى ÙÙŠ مَتاهة٠مÙضÙلَّةÙØŒ لا يَصْدق٠عليها إلا قول٠شيخ٠المَعَرَّةÙ:
كَأَنَّنَا ÙÙÙŠ Ù‚ÙÙَار٠ضَلَّ سَالÙÙƒÙهَا *** نَهْجَ الطَّرÙيقÙØŒ وَمَا ÙÙÙŠ القَوْم٠خÙرÙّيتÙ!
Ùالواقع المرّ٠يÙثبت٠يومًا بعد يوم٠اØتلالَ شياطين٠الإنس٠مساØات٠شاسعةً من أرض٠العلمÙØŒ وإنزالَهم كتائبَ من المÙرْتزقة٠ÙÙŠ تلك الأراضي المØتلَّةÙØŒ Ù…ÙتدثّÙرينَ بعباءات٠طالما كانتْ مقصورةً على الأÙصَلاءÙØŒ Ùصارتْ نَهْبًا للدّÙخَلاءÙØŒ وكَلَأً Ù…ÙباØًا للجÙهَلاءÙ!
وسبيلي أنْ Ø£ÙØ´Ùيرَ ÙÙŠ عÙجالة٠مÙØ®Ùلَّة٠–لأنَّ البَسْطَ والإسÙارَ ÙŠØتاج٠إلى أسÙار٠-إلى جÙملة٠من المجالات٠التي استنْسَرَ Ùيها البÙغَاثÙØŒ وتَثَعْبَنَ الØÙÙاثÙØŒ وانقلبتْ Ùيها كلّ٠الآيات٠الربانيَّة٠إلى آيات٠شيطانيَّة؛ Ùلا جرمَ أنْ ترى المؤذّÙÙ†ÙŽ قابضًا على صليبÙÙ‡ÙØŒ والإمامَ ÙŠÙصلّÙÙŠ على جنابةÙ!
أولًا: العÙÙ„Ùوم٠المزيَّÙÙŽØ©Ù: Ùقد قسَّمَ القدماء٠العلومَ إلى علوم٠مØمودة٠وأخرى مذمومةÙØŒ وعدّÙوا من تلك الأخيرة٠السّÙØْرَ والتَّنجيمَ، وربَّما ضَمّÙوا إليها الكيمياءَ والمنطقَ والÙلسÙةَ… وغيرها، ÙˆØذَّروا من الانخداع٠بعناوين٠كتبهم البرَّاقة٠منْ أمثالÙ: “شمس المعار٠الكبرى”ØŒ Ùˆ”الكبريت الأØمر”ØŒ Ùˆ”غاية الØكيم”. ÙˆÙÙŠ أواخر٠القرن٠الثامن٠عشرَ ظهرَ مصطلØ٠العلوم٠المزيَّÙØ©Ù (Pseudoscience)ØŒ ويعنونَ بها تلك العلومَ التي لا تستند٠إلى Øقائقَ ثابتةَ بدلائلَ قطعيَّة٠أو شبه٠قطعيَّةÙØŒ ÙˆØسبÙÙƒÙŽ منها اليومَ ما انبَعَثَ سَدَنَتÙÙ‡Ù ÙÙŠ كلّ٠واد٠كالجراد٠المنتشرÙØŒ ÙŠØملونَ Øقائبَ التنمية٠البشريَّةÙØŒ ويعرضونَ على الÙارغينَ جÙملةً من الدورات٠“الكورسات” ÙÙŠ علوم٠الطاقة٠الإيجابيَّة٠والسلبيَّةÙØŒ Ùيجمعون أولئك السَّذَّجَ ÙÙŠ قاعاتÙØŒ ويقودونهم إلى جملة٠من الØركات٠البهلوانيَّة٠التي توهمهمْ بطرد٠الظّÙÙ„Ùمات٠الشَّيْطانيَّة٠للطَّاقة٠السَّلْبيَّة٠منْ أجسادهمْ شرَّ Ø·ÙرْدَةÙØŒ وإØلالَ الأنوار٠الملائكيَّة٠للطاقة٠الإيجابيَّة٠مØلَّها. ويقيني أنَّك إذا كنت شاهدتَ جلسات٠“الزَّارٔ قديمًا؛ Ùستعلم أنَّ القديمَ والØديثَ خرجا Ù…Ùنْ مشكاة٠واØدةÙØŒ بلْ من كَنيÙÙ Ù…ÙشْتَركÙØŒ أعني كنيÙÙŽ الدَّجَل٠والتلبيسÙ. والأمر٠عندي لا يعدو أنَّ تلك الØركات٠البهلوانيَّةَ المجنونةَ تÙخَلّÙص٠الجسمَ Ù…Ùنْ تَوتّÙراتÙÙ‡ÙØŒ شأنÙها شأن كثير٠من الألعاب٠الرياضيَّة٠لا أكثر! ولكنَّ الØداثة تقتضي الخروجَ منْ عباءة٠العجائز٠بÙتَمائÙÙ…ÙÙ‡Ùنَّ العتيقة٠إلى Ø®Ùبراء٠التنمية٠البشريَّة٠ذوي الملابس٠الأنيقةÙ!
ثانيًا: الجَوْدَة٠الشَّكليَّةÙ: وأنا ابتداءً لا أشكّ٠ÙÙŠ أنَّ تجويدَ العمل٠وإتقانَه٠من Ù„Ùباب٠الإسلامÙØŒ وأنَّ الإهمالَ والعشوائيَّةَ وجميعَ أخواتÙها النابعة٠من رَØÙم٠ثقاÙØ©Ù “البَلْطَجَة” هي ألدّ٠أعداء٠العلم٠والثقاÙØ©. ولا أشكّ٠كذلك ÙÙŠ أنَّ الجودةَ ليستْ مطلوبةً لذاتÙها، بلْ لغيرها، Ùهي مجرد٠علامة٠على واقع٠يÙÙترض٠أنْ يكونَ جيّÙدًا. ويقيني أنَّ الذي يشتغل٠بتلكَ العلامة٠الظاهرة٠عمَّا تÙشير٠إليه منْ Øقائقَ Øاضرة٠لا يَعْدو ذلكَ المÙريدَ الذي ذهبَ إلى Øلقة٠الذّÙكْرÙØŒ Ùجعلَ يقولÙ: “الله، الله، الله” مؤكّÙدًا العددَ كلَّ مرَّة٠على أصابÙعÙه٠بقوَّة٠وعنايةÙØŒ Ùقال له الشيخÙ: اشتغلْتَ بالعَدَد٠عَن٠المَعْدودÙ! هكذا سمعت٠الخبر٠منْ Ùَم٠شيخÙنا العلَّامة٠مØمد Øسن جبل رØمه الله.
وواقÙعÙنا الذي لا شكَّ Ùيه أنَّ المؤسسات٠التي Øصلتْ على ÙˆÙسام٠الجودةÙØŒ وصَكَّ الغÙÙران٠من هَيئَتÙها القوميَّة٠لم يتغيرْ Ùيها شيءٌ ذو بال٠ÙÙŠ الواقع العمليّÙØŒ Ùلا الأستاذ٠الذي ÙŠÙهمل٠ÙÙŠ أدائÙه٠قد انزجَرَ والتزَمَ، ولا الطالب٠الخاوي قد تشبَّعَ بما دَرَسَ وَالْتَهَم، ولا المنهج٠المÙهْلهلَ قد استقامَ عÙوَجÙÙ‡ÙØŒ ولا أنظمة٠التقويم٠قد عدلتْ عن انØراÙÙها، ولا الإدارة٠قد هبَّتْ عليها نسائم٠التَّØديثÙØŒ وإنَّما يومÙها الØاضر٠كأمْسÙها الدَّابرÙØŒ وما أظنّ٠غَدَها ممَّا درجتْ عليه ببعيدÙ!
ثالثًا: الإجازات٠المدÙوعة٠الثَّمنÙ: وهذا بابٌ ÙŠÙدْمي الÙؤادَ، Ùقدْ تكالبَ طلاب٠العلم٠على طلب٠إجازات٠ÙÙŠ القرآن٠الكريم٠وقراءاتÙÙ‡ÙØŒ أوْ ÙÙŠ الØديث٠الشريÙ٠وعلومÙهم وغيرهما، وصاروا يهتمّÙونَ بالسند٠المتَّصل٠كلَّ الاهتمامÙØŒ ناهيكَ عن زَخْرÙة٠الشهادة٠وما عليها منْ أختامÙØŒ ولا شكَّ أنَّ Ù†Ùرًا منَ العلماء٠ما زالوا Ù…Ùرابطينَ على ذلك الثغرÙØŒ ولا ÙŠÙعطونَ الإجازةَ إلا لمستØقّÙها بشروطÙها. ولكنَّ Ù†Ùرًا ممنْ لا يرجونَ لله٠ولا للعلم٠وقارًا قد انØرÙوا عن ذلك، وصارَ بمقدور٠مَنْ لا ÙŠØÙظ٠القرآنَ Øقَّ الØÙظÙØŒ ولا ÙŠÙجوّÙد٠أداءَهَ Øقَّ التجويد٠أنْ ÙŠØصل على تلك الإجازة ÙÙŠ جلسة٠واØدة٠شكليَّةÙØŒ هدÙÙها الأعظم٠دÙع٠الثَّمنÙØŒ والغَوْص٠ÙÙŠ Øَنايا جَذَعَة٠مÙÙ†ÙŽ الضَّأنÙØŒ وبعدها يخرج٠المÙجاز٠وهو يزهو زَهْوَ الطاووس٠بريشÙÙ‡ÙØŒ أو الغنيّ٠بÙرÙياشÙÙ‡ÙØŒ ويذهب٠يÙخايل٠ويÙÙاخÙرÙØŒ ويدَّعÙÙŠ علمَ الأوَّل٠والآخرÙ. وأذكر٠يومًا أنَّني كنت٠مÙØكَّمًا ÙÙŠ Ø¥Øدى المسابقات٠القرآنيَّة٠الكÙبْرى، ÙˆÙÙŠ التصÙية٠النهائيَّة٠دخل Ø£Øد٠المتسابقينَ، وناولني إجازةً ÙÙŠ القراءات٠السَّبْع٠أو العشر٠لا أدري، Ùقلت له: أَمْسÙكْ عليكَ إجازَتَكَ، Ùوالله، ما معي مثلÙها، ولكنَّ شيوخي رØمهم الله أجازونÙÙŠ Ø´Ùويًّا بعد اللَّتَيَّا والَّتÙÙŠØŒ ولمْ تكنْ تلك٠الشهادات٠الورقيَّة معروÙةً يومَها، ثمَّ امتØنْتَ الطالبَ امتØانÙÙŠÙŽ أقرانَه، Ùلم تنÙعْه٠إجازÙتÙه٠يومَ الامتØانÙØŒ وقصَّرَ ÙÙŠ الإجابةÙØ› Ùكانَ من الرَّاسبينَ!
رابعًا: الشَّهادات٠العَوارءÙ: وشبيهٌ بتلك٠الإجازات٠“المَضْروبَة” الشهادات٠العلميَّة٠التي تمنَØÙها مدارس٠وجامعاتٌ تقبَع٠ÙÙŠ “بير السّلم”ØŒ وتعتمدÙها وزارات٠التعليم٠العالÙÙŠØŒ وتÙعادÙÙ„Ùها للأسÙ٠كثير٠من الجامعاتÙ. وهذا باب كبيرٌ من أبواب٠التَّدليس٠والتلبيسÙØŒ Ùقد ØدَّثَنÙÙŠ مَنْ أثÙق٠به أنَّ مدرسةَ (كذا) الدوليَّة٠تÙعْطÙÙŠ شهادات٠الثانويَّة٠البريطانيَّة والأمريكيَّة المعتمدةَ من هاتين الدولتين العÙظْمَيَيْن، والمعترÙÙŽ بها ÙÙŠ جÙلّ٠جامعات٠العالمÙØŒ من خلال٠دÙع٠الرسوم٠الدراسيَّةÙØŒ والØضور٠يومَ الامتØانَ Ùقط، وهم يعرÙونَ الامتØانَ، ويÙقَدّÙمونَه٠للطالب٠معَ الإجابةÙØŒ وما لكَ إلَّا أْن تØصÙÙ„ÙŽ على (A) ÙÙŠ جميع٠الموادّÙØŒ Øتَّى لو كنت٠تكتب٠الإنجليزيّ من اليمينÙØŒ ثمَّ تذهب٠بها إلى أيّ٠جامعة٠شÙئْتَ. أمَّا الذي أعرÙÙه٠شخصيًّا Ùهو عددٌ من الجامعات٠المÙتوØة٠التي تØمل٠ألقابًا أمريكيَّةً وأوربيَّةً، والتي تمنØ٠الماجستير والدكتوراه ÙÙŠ العلوم٠العربيَّة٠والإسلاميَّةÙØŒ وقد٠ابتÙÙ„Ùيت٠بتØكيم٠رسالة٠ÙÙيها، Ùآليْتَ ألَّا أعودَ لمثلها يومًا، وانتÙدÙبْت٠للإشراÙ٠على أخرى، وبعد Ù†ØÙˆ شهريْن٠قدَّمْت٠اعتذارًا عن المÙضÙيّ٠ÙÙŠ هذا العبثÙØŒ الذي بمقتضاه Øصل كثيرٌ من الناس٠على شهادات٠الدكتوراه، وباتوا يغضبونَ كلَّ الغضب٠إن لم تنادهم بلقب٠الدكتورÙ!
خامسًا: المؤتمرات٠التّÙجاريَّة: Ùكمْ من مؤتمر٠يÙدْعَى “علمئّ، يَسْعى إليه المÙؤْتَمÙرونَ أو المÙتآمرونَ لا سَعْيَ الØَجيج٠إلى الØَرَمÙØŒ وإنَّما سَعْيَ السّÙيَّاØ٠إلى الهَرَمÙØŒ ÙيقدّÙمونَ أوراقًا هَزيلةً، رÙبَّما Ù‚ÙŽÙ…ÙŽØ´Ùوها Ù…Ùنْ مَوْلاهÙÙ… “جوجل” قَدَّسَ الله سرَّه، وأدامَ بÙرَّه، ثمَّ ÙŠØصلونَ على خطاب٠القبول٠بعدَ ساعة٠منْ إرسال٠المÙلَخَّصÙØŒ وما عليهمْ إلَّا أنْ يدÙعوا بضعَ مئات٠من الدولارات٠من أجل٠تلك السياØة٠المتدثّÙرَة٠بعباءة٠العلم، والØصول٠على شهادة٠المÙشاركةÙØŒ وبعضهم قَدْ Øصلَ عليها دونَ أنْ ÙŠÙŽØْضرَ، لكنَّه٠دÙع الرّÙسومَ ÙاستØقَّها بÙالمÙشاركة٠الوجدانيَّةÙ. وإنْ تعجبْ Ùعجبٌ ألَّا تÙعْقَدَ بعض٠تلك المؤتمرات٠ÙÙŠ أروقة٠جامعة٠عريقةÙØŒ ÙŠÙقابل٠Ùيها المشارÙك٠العلماءَ والأدباءَ، ويَسْرَØÙ ÙÙŠ رياض٠المكتبات٠Øيث شاءَ، وإنَّما ÙÙŠ شواطئَ سياØيَّة٠مشبوهةÙØŒ على غرار٠جزيرة٠“بالي” (Bali) ÙÙŠ إندونيسيا، أو جزيرة٠“بوكيت” (Phuket) ÙÙŠ تايلاند!
سادسًا: النَّشْر٠المموَّلÙ: Ùكلّ٠مَنْ يعمل٠ÙÙŠ الجامعة٠تؤرّÙÙ‚Ùه٠مؤشرات٠الأداء٠(KPI)ØŒ وتَسÙلّ٠عليهم المجلَّات٠المÙصنَّÙة٠ضÙمْنَ (ISI)ØŒ أو (Scopas) سيوÙَها ÙÙŠ الأØلامÙØŒ Ùلا جرمَ أنْ يقعÙدَ لهم٠الشيطان٠بكلّ٠طريقÙØŒ وأنْ ÙŠÙمَهّÙدَ لهمْ طريقَ النشر٠تمهيدًا، ويÙطْمÙعÙهمْ ÙÙŠ أنْ يزيدَ، Øيث٠تسلَّلَتْ أعدادٌ هائلةٌ من المجلات٠التاÙهة٠إلى ساØات٠التصنيÙÙØŒ ونادتْ على الأول٠والآخرÙ: هَات٠ما عÙنْدك٠هَاتÙ! غاية ما ÙÙŠ الأمر٠أنْ تكتبَ المقالةَ باللغة٠الإنجليزيَّةÙØŒ أو تÙكْتَب٠لك، وأنْ تدÙَعَ رÙسÙومَ النَّشْرÙØŒ وهي بÙضْع٠مئات٠من الدولاراتÙØŒ وبعد أسبوع٠ستجد بØØ«ÙŽÙƒÙŽ منشورًا ÙÙŠ Ø¥Øدى تلك المجلاتÙØŒ أو كتابَكَ ÙÙŠ قالب٠إلكترونيّ٠ممهورًا باسم٠دار٠دوليَّة٠للنشرÙØŒ مَصْكوكًا عليه سعٌر باهظٌ، Ùإنْ أردتَ لنÙسكَ -وأنت المؤلّÙÙÙ -نسخةً واØدةً Ùعليك أنْ تدÙع ثمنَها ورÙسÙومَ الشَّØْن٠لتصلك Øيثما Øَلَلْتَ، وربَّما ÙƒÙنْتَ المÙشْتَرÙÙŠÙŽ الوØيدَ لها. وقدْ قَهْقَهَ الشيطان٠عندما وجدَ سبعةً يكتبونَ أسماءَهمْ على بØث٠نظريّ٠ÙÙŠ Ù†Øو٠عشرينَ صَÙØةً، Ùقال لهم: ألمْ أكنْ قدْ نهيتكمْ عن الإسراÙÙ ÙÙŠ تلك الغوايةÙØŒ Øتَّى لا ÙŠÙÙْتَضَØÙŽ أمرÙÙƒÙمْ وأمْرÙي؟ Ùقالوا: سَيّÙدَنَا المÙطاعَ إنَّما نتقاسم٠رسومَ النشرÙØŒ ونرÙع الـ (KPI)ØŒ Ùقد خَلَت الجÙيوبÙØŒ وظَهرت العيوبÙ! Ùقال: سÙØْقًا لمَنْ علمتهم٠التسوّÙÙ„ÙŽØŒ ÙسبقونÙÙŠ إلى الأبوابÙ!
سابعًا: المؤشّÙرات٠البØثيَّة: ونختم٠بالهمّ٠الأعظَم٠لدى المشتغلينَ ÙÙŠ الجامعات٠والمراكز٠البØثيَّةÙØŒ والسَّاعينَ إلى التÙوّÙق٠على أقرانÙهمْ لغايات٠علميَّة٠تارةً، وماديَّة٠تاراتÙØŒ إنَّها مؤشرات٠جودة٠البØوث٠وسعة٠انتشارÙها، أو ما ÙŠÙعرÙ٠بمÙعامÙل٠تأثيرها (Impact Factor)ØŒ Ùقدْ تمخَّضَت٠السنوات٠القليلة٠الماضية٠عن جÙملة٠من المؤشّÙرات٠تقيس٠جودةَ البØوث٠العلميَّةÙØŒ من خلال قياس٠سعة٠انتشارÙها بإØصاء٠عَدَد٠الاقتباسات٠منها ÙÙŠ البØوث٠العلميَّةÙØŒ وأهمّ٠تلك المؤشرات: (H-INDEX)ØŒ Ùˆ(i10-INDEX)ØŒ Ùˆ(G-INDEX)ØŒ وبينها Ùروقٌ معقَّدَةٌ جدًّا ÙÙŠ المعادلات٠الرياضيَّة٠لØساب٠مÙعامÙل٠التأثير٠لديها، وصار همّ٠كÙلّ٠باØث٠أنْ يكتبَ ÙÙŠ سيرتÙه٠الذاتيَّة٠رصيدَه٠من النقاط٠ÙÙŠ تلك المؤشراتÙØ› Ùهو عندهَ أغلى من رصيده ÙÙŠ المصارÙÙØŒ ولك أنْ تقولَ: إنَّه Ø«ÙŽÙ…ÙŽÙ†ÙÙ‡Ù ÙÙŠ بورصَة٠العÙلماء٠والبَاØثينَ.
ولست٠أريد٠الخوضَ ÙÙŠ الوسائل٠الشيطانيَّة٠التي تÙخادَع٠بÙها تلك المؤشرات٠بسيل٠من الاقتباسات٠الزَّائÙØ©ÙØŒ أو المَعاوضة٠الاقتباسيَّةÙØŒ Ùأنا أقتبس٠منك وأنتَ تقتبس٠منّÙÙŠØŒ وهو ما يرÙع٠المؤشّÙرات٠للطرÙينÙØŒ وبخاصَّة٠لدى من يعيشونَ ÙÙŠ دول٠كÙبْرى كالهند٠مثلًا. ناهيك عن تهميش٠غير اللغة٠الإنجليزيَّة٠ÙÙŠ تلكَ المؤشّÙراتÙØŒ Øتَّى وإنْ كان الباØثونَ يعملونَ ÙÙŠ دول٠كبرى كالصين واليابان وألمانيا، ولكنَّهمْ لا يكتبون إلا بلغاتهم الوطنيَّة. وعنْ تجاهÙل٠البØوث٠التي لا سبيلَ إليها؛ لأنَّها لا تعتمد٠على الاقتباس٠الإلكترونيّÙØŒ أو على الانخراط٠ÙÙŠ المنظومات٠العالميَّة٠لكتابة٠الØواشÙÙŠ مثل: (APA)ØŒ Ùˆ(Chicago)ØŒ Ùˆ(Gost)… وغيرها.
وإنَّما أريد٠أنْ أختمَ بأنَّ مكانةَ العالم٠الØقيقيّ٠لا تÙقاس٠بالكمّ٠بل بالكيÙÙØŒ والتأثير٠الØقيقيّ٠إنَّما يقاس٠بمداه٠الأبعد٠لا بالÙÙقاعات٠الوقتيَّة٠ساعةَ النَّشْرÙØŒ وهذا ما أكَّدَه٠التاريخ٠ÙÙŠ العالم٠شرقًا وغربًا، ÙÙÙŠ ثقاÙتنا العربيَّة نجد أنَّ سيبويه (ت180هـ) لم يكتبْ إلا “الكتاب”ØŒ وما أدراكَ ما هو Øتَّى سÙمّÙÙŠÙŽ بقرآن٠النَّØْو، وعبد القاهر الجرجانيّ (ت471هـ) لم يؤلÙÙ’ عÙشْرَ Ù…Ùعْشار٠ما ألَّÙÙ‡ السيوطيّ٠(ت911هـ)ØŒ لكنَّ تأثيره أعظمَ وأجلَّ، وشÙعْرَ أبي الطيّÙب٠المتنبّÙÙŠ (ت354هـ) يبلغ Ù†ØÙˆ 5578 بيتًا، وهو Ù†ØÙˆ السّÙدÙس٠من شعر ابن الروميّ٠(ت283هـ) الذي يبلغ 30515 بيتًا، أو الرّÙبع من Ø´Ùعْر مهيار٠الدَّيْلميّ (ت428هـ) الذي يبلغ 22515 بيتًا، ولا مقارنة بين الأثر الشعريّ٠الذي Ø£Øدثه أبو الطيّÙبÙØŒ وأثر٠غيره٠على مرّ٠العÙصÙورÙ!
ÙˆÙÙŠ الثقاÙة٠الغربيَّة٠نجد٠أنَّ Ùرديناند دي سوسير (Ferdinand de Saussure) الذي ÙŠÙوصَÙ٠بأنَّه أبو اللسانيَّات٠الØديثةÙØŒ ليس له إلا Ù…Øاضراتٌ كان ÙŠÙمْلÙيها على طلابÙه، والتي جÙÙ…Ùعَتْ ÙÙŠ كتاب٠عنوانÙÙ‡Ù: “Ù…Øاضراتٌ ÙÙŠ علم اللسان٠العامٔ، وما أدراكَ ما هو؟ ولا نكاد نعرÙ٠له كتابًا سواه! وقÙسْ على ذلك روايةَ “مرتÙعات وذرينج” (Wuthering Heights) لإيميلي برونتي (Emily Brontë)ØŒ ورواية “صورة دوريان جراي” (The Picture of Dorian Gray)ØŒ لأوسكار وايلد (Oscar Wilde) Ùكلتاهما يتيمةٌ لصاØبها، ومعدودتان ضÙمْنَ روائع٠الأدب٠الإنجليزيّ٠والعالميّÙ!
Ùلا تأسَ أيّÙها الباØث٠الجادّ٠على تلك٠المؤشّÙراتÙØŒ ولا عليكَ أنْ تكونَ من أصØاب٠الواØدة٠بمصطلØ٠ابن سلَّام٠الجÙÙ…ÙŽØÙيّÙØŒ وكَبّÙرْ على أطلال٠سوق٠العَلْم٠المÙÙْعَمة٠بÙالخÙداع٠والمخادعينَ، وأنت تردّÙد٠أبياتًا من القصيدÙØ© اليتيمةÙØŒ لدوقلةَ المَنْبÙجÙيّ٠التي يقول٠ÙÙŠ مطلعها:
هَلْ بÙالطÙّلÙول٠لÙسَائÙل٠رَدّ٠*** أَمْ هَلْ لَهَا بÙتَكَلّÙم٠عَهْدÙØŸ
- * *
نجز ÙÙŠ بندر سري بجاوان – بروناي دار السلام
الجمعة، 5 جمادى الآخرة 1441هـ
المواÙÙ‚ 31 يناير 2020Ù…