عند تخرّجك من المدرسة، آخر مراØÙ„ التعليم الشامل والمتجانس، ÙŠØدّد لك المجتمع مسارات معدودة لتختار منها ما يضمن لك دخلًا ثابتًا، ولمØيطك وجاهةً، ولوطنك إنتاجيةً. Ø³ÙŠØµØ¨Ø Ø¬Ø²Ø¡Ø§Ù‹ من هويتك، ومعياراً لقيمتك، وقد يكون لعنةً تلاØقك بقية Øياتك. هذه سمة الØياة المعاصرة التي تهيئ الÙرد من Ø·Ùولته إلى التخصص من خلال التعليم النظامي ابتداءً من المدرسة وصولا إلى الجامعة.
إن تخصص الأÙراد سبب رئيسي لتطور أي مجتمع، Ùقد أكدّ الاقتصادي “آدم سميث†قبل أكثر من ٢٠٠سنة -ÙÙŠ كتابه “ثروة الأمم†الذي يعدّ Ø£Øد أهم الكتب ÙÙŠ التاريخ- أهمية تقسيم العمل ÙÙŠ زيادة الإنتاجية. شركة السيارات التي تقسم العمل بين الأÙراد، كلٌّ ÙÙŠ مجاله المعين، ستتÙوق على شركة السيارات التي تقوم بتدوير الموظÙين للعمل ÙÙŠ كل المجالات. من خلال انÙراد كل عامل ÙÙŠ “تخصصهâ€ØŒ تتطور مهارته ويزداد خبرة ÙÙŠ أداء مهمته، ÙˆØªØµØ¨Ø Ø§Ù„Ø´Ø±ÙƒØ© أعلى ÙƒÙاءة. وهكذا الأمر ÙÙŠ كل الدول المتقدمة ÙˆØال عامة الشركات.
Øين تتقدم للوظيÙØ©ØŒ ستÙسأل مباشرة عن تخصصك، عن علمك الواسع ÙÙŠ مجالك الضيق. ومع زيادة المتخصصين، تزداد الإنتاجية ويزداد التطور. التخصص Øقيقة باقية معنا. مع ذلك، Ùقد تغلغلت Ùكرة التخصص ÙÙŠ العقل المعاصر إلى أن أصبØت مسلّمة مخيÙØ©ØŒ Ùالتخصص ÙŠÙناÙÙŠ الÙضول والمرونة والØرية الإنسانية. هو شرٌ لا مناص منه كما وصÙÙ‡ عالم الÙيزياء “إيروÙÙ† شرودينغر†ÙÙŠ Ø£Øد كتبه. Ùطأطأة الرأس المستمرة ÙÙŠ مجال واØد Ùقط لها ضريبة لا Ù…Ùر منها، هي Ù…Øدودية الأÙÙ‚ والانÙصال عن الواقع ونسيان لغة العامة والتوجس من الانغماس ÙÙŠ المجالات الأخرى رغم أهميتها ÙÙŠ التكوين الÙكري للإنسان.
لقد أضØت التخصصات العلمية والتقنية ذريعة لتجاهل الÙلسÙØ© والتاريخ والÙنون والآداب، وكأنها معار٠هامشية لا تضÙÙŠ شيئاً. بينما للتخصصات الإنسانية والاجتماعية والأدبية امتيازًا عن تلك الطبيعية ÙÙŠ نظرتها المØيطة للإنسان وقربها من النÙس البشرية. على الجانب الآخر، Ùإن المتخصص ÙÙŠ المجالات الأدبية قد لا يجد Øرجاً من جهله وتجاهله لأمور علمية كثيرة، وكأن التخصص الأدبي يخلق عجزاً عن Ùهم العلوم الطبيعية.
المرونة هي Ø¥Øدى أجمل الملكات الأساسية للبشر، والتخصص ليس عذراً لتجاهل النظرة الشمولية للإنسان والطبيعة والØياة، والابتعاد عن Ù…Øاولة توسيع المدارك والآÙاق. هناك أمثلة لا تÙØصى ممن أبدعوا لأنهم تعددوا ÙÙŠ تخصصاتهم، لكن سرد تلك القصص قد يخلق صورة سلبية عن Ø£Øادية التخصص رغم أهميتها الماسة اليوم. مع ذلك، Ùإن هناك Ø§Ù‚ØªØ±Ø§Ø Ø¨Ø£Ù† تكون هناك جائزة شبيهة بنوبل لمن يتميز ÙÙŠ جمعه بين التخصصات المختلÙØ© نظراً لأهمية ذلك ÙÙŠ المسيرة الإنسانية Ù„ÙÙƒ أسرار الكون.
وإذا ما تأملنا المجال الأكاديمي، نجد أن المعرÙØ© بدأت كدولة لها لغة واØدة، Ùتعددت لهجات المدن، إلى أن تعددت اللغات ÙÙŠ كل مدينة، ÙØ£ØµØ¨Ø Ø§Ù„Ø¨Ø§ØØ« المتخصص يعجز عن التواصل مع المتخصصين ÙÙŠ المجالات الأخرى، وعن الربط بين لغة تخصصه ولغة المعرÙØ© الأم، ولا يعر٠Øتى مكانه ÙÙŠ الدولة رغم تميزه ÙÙŠ مدينته. ولعلنا نجد ÙÙŠ نظام الدكتوراه الØالي معالم واضØØ© على معضلة التخصص، Ùالدراسات العليا ما هي إلا تخصص ÙÙŠ تخصص. قتلت دقة التخصص Ø§Ù„Ø±ÙˆØ Ø§Ù„ÙلسÙية التي نشأ عليها نظام الدكتوراة، Øيث الأولوية اليوم لخلاصة الدراسات والاكتشاÙات، أما تاريخ التخصص ÙˆÙلسÙته Ùكأنها مضيعة للوقت بمعلومات عÙÙ‰ عليها الزمن، Ùقد أثبت التخصص جدارته، وما جدوى دراسة جذوره أمام كتاب يستعرض آخر المستجدات وأØدث النظريات؟ عندما تتخصص ÙÙŠ مجال ما، Ùإنك تسلم Ùوراً بمسلمات لا وقت للخوض بها بسبب التراكم المستمر للمعلومات المتجددة. هذا يجعل أسئلة الغرباء عن التخصص صعبة Ø£Øيانا، ومزلزلة ÙÙŠ Ø£Øيان أخرى. أصبØت الدكتوراه اليوم أقرب لكونها عملية ميكانيكية ترتكز على قائمة من المهام التي ÙŠØددها المشر٠البØثي، رغم وجود الاستثناءات، لذا Ùقد أخرجت عددًا كبيرًا من العقليات التي لا تÙقه شيئاً بالمنهج العلمي رغم أن الدكتوراه شهادة بالأهلية ÙÙŠ ذلك. لم يعد Øاملي شهادة الدكتوراه بتلك الهيبة العلمية مع سقوط العديد منهم أمام أبجديات التÙكير المنطقي أمام العامة، ÙÙ‡ÙÙ… ÙŠÙهمون تخصصهم لكنهم يجهلون أبعاده وامتداداته الواقعية والاجتماعية والÙلسÙية. جعل هذا عددًا من الباØثين يقترØون عدداً من الØلول لمعضلة التخصص ÙÙŠ الدكتوراه، مثل أن تكون السنة الأولى ÙلسÙية نقدية، يدرس Ùيها الباØØ« نظرية المعرÙØ© والتÙكير النقدي والميتاÙيزيقا ÙˆÙلسÙØ© الأخلاق وعلم الاØتمالات والإØصائيات. بهذا يكون باØØ« الدكتوراه واسع الأÙÙ‚ ذا نظرة شمولية غير Ù…Øصورة ÙÙŠ مجال ضيق، يملك أدوات التÙكير ولا يكتÙÙŠ بالمخزون العلمي Ùقط.
ÙˆÙÙŠ Øياة العامة خارج الإطار الأكاديمي، نجد أن التخصص خلق هاجسًا من الخوض ÙÙŠ التخصصات الأخرى، Ùكلٌّ موسوم بتخصص واØد Ùقط، وإن تجاوز ذلك Ùتلك هوايات لا أكثر. Ø£ØµØ¨Ø ØªØ®ØµØµÙƒ هو ميدانك الذي لا ÙŠØÙ‚ لك الخروج منه، إلا بالتØول إلى تخصص آخر، إلا باختيار عنبر آخر. Ø£ØµØ¨Ø Ø³Ø¤Ø§Ù„: “هل أتبع شغÙÙŠ أم ما يضمن راتبي†يتكرر وكأنهما طريقان ÙÙŠ Ù…Ùرق، وكأن التعمق ÙÙŠ Ø£Øدهما ابتعاد عن الآخر، وهذه صورة خاطئة عن Ù…Øدودية ÙÙŠ المرونة البشرية.
Ø£ØµØ¨Ø Ù‡Ù†Ø§Ùƒ شكل من أشكال النÙور Øتى من الاطلاع على التخصصات الأخرى، بØجة أن Ùهمها صعب لغير المتخصصين. وإن Ø·ÙŽØ±Ø Ù…Ù† لا ÙŠØمل شهادة تخصص معلومة ما وأخطأ Ùيها ÙˆÙجهت له السخرية المبتذلة “من أتى بغير Ùنه أتى بالعجائبâ€ØŒ وكأن لكل إنسان Ùناً واØدًا Ùقط.
إن الإنسان كائن مرÙÙ† بقدرة Ùذة على التعلم والتأقلم، يملك خيالًا واسعًا ويسعى دائماً Ù„Ùهم الوجود، يعيش ÙÙŠ صراع مستمر مع Ùضوله الباعث للØياة للهروب من ÙˆØشية التخصص. مع ذلك، Ùإن التØدث خارج إطار التخصص الجامعي لا يعني التØدث بثقة ÙÙŠ كل الأمور وادعاء Ùهم كل شيء، Ùالشخصية الموسوعية انقرضت منذ زمن طويل جدًا، ولا يمكن لأØد الإØاطة بكل شي. هناك Ùرق بين الموسوعية والتخصص والإØاطة والإلمام والدراية. Ùغير المتخصص لا يعني بالضرورة غير الملم، لعل Ø§Ù„Ø£ØµØ Ù‡Ùˆ أن المرء إذا تكلم من غير إلمام أتى بالعجائب، Ùالمتخصص بنÙسه قد يأتي بالعجائب.
ختاماً، اقرأ ÙÙŠ التاريخ والعلوم والدين والÙلسÙØ© والرياضة والاقتصاد والأدب وكل ما يدÙعك الÙضول Ù†Øوه، تعلم مونتاج الÙيديو وإدارة الأعمال والتصوير الÙوتوغراÙÙŠ وكتابة الرواية واØتر٠كل ما تريد اØتراÙه، ÙالتØرر من التخصّص Ùضيلة.Â