قد تشعر بالدهشة من عنوان هذا المقال لأنك تظن أن البØØ« العلمي أهم عنصر لبناء دولة قوية، وقد تظن أنك تعر٠ما أقصد من العنوان بأن البØØ« العلمي يستلزم تكنولوجيا من ورائه لتØويله إلى أجهزة وخدمات.. إلخ، الØقيقة أنني أقصد شيئاً مختلÙاً ولبيان ما أقصده دعني أبدأ ببعض الأمثلة.
https://www3.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=10022019&id=541c0051-1a61-46da-b147-d9b0f87c0822
ÙÙŠ سنة 1930 أنشأت الولايات المتØدة الأمريكية مركزاً للأبØاث بالقرب من جامعة برينستون ÙÙŠ ولاية نيوجيرسي يسمى معهد الدراسات المتقدمة (Institute of Advanced Studies)ØŒ Ùكرة هذا المركز أن يوÙر بيئة للعلماء الكبار للتÙكير Ùقط Ùلا يوجد تدريس أو إجتماعات أقسام أو أية مسئوليات إدارية Ùقط التÙكير ÙÙŠ البØØ« العلمي، من الرعيل الأول ÙÙŠ هذا المركز أسماء تعتبر من النجوم الساطعة ÙÙŠ سماء العلم ÙÙŠ النص٠الأول من القرن العشرين مثل ألبرت أينشتاين وكيرت جودل، المÙاجأة أن الكثير ممن عمل ÙÙŠ هذا المركز لم يقدم الإنتاج المنتظر منه!
السبب الأساسي لهذا أنك ÙÙŠ هذه “الجنة العلمية” لا تواجه مصاعب أو معوقات من أي نوع وبهذا تصل إلى نوع من الرÙاهية لا تساعد على الإنتاج، الÙيزيائي العظيم ريتشارد Ùاينمان رÙض عرضاً بالإنضمام إلى هذا المركز وقال إنه ÙŠØب أن يكون Ù…Ùيداً وأن البØØ« العلمي قد ÙŠÙشل ولكن وهو يعمل بالجامعة Ùإنه على الأقل يدرس للطلبة … إذا البØØ« العلمي Ùقط لا يكÙÙŠ.
الكثير من مقالات كاتب هذه السطور ÙÙŠ الماضي (وإن شاء الله الكثير من المقالات القادمة) تتØدث عن عقول مصرية لامعة ÙÙŠ المائة عام الأخيرة، هؤلاء العلماء أثروا الØياة العلمية والثقاÙية ÙÙŠ مصر وواجهوا تØديات كثيرة وكبيرة مثل قلة الإمكانيات والبيروقراطية … إلخ، إذا Øاولنا تتبع Øياتهم والإÙادة منها سنجد أنهم كانوا يعملون ÙÙŠ عدة أشياء بجانب البØØ« العلمي … وهذا ما تØتاجه مصر الآن.
إذا كنت تريد أن تعمل ÙÙŠ البØØ« العلمي Ùقط ولا شيء آخر Ùأرجوا أن تسأل Ù†Ùسك الأسئلة الآتية: ماذا لو قضيت عدة سنوات من عمرك ÙÙŠ مشروع بØثي ثم Ùشل أو لم يأت بالنتائج المرجوة؟ ماذا ستكون قد قدمت لهذا العالم؟ هل تØب Ùعلاً البØØ« العلمي أم تØب نظرة الناس إليك كباØØ« علمي؟ أرجو ألا ÙŠÙهم القارئ أنني لا أريد من الباØثين خاصة الجيل الجديد أن يعملوا ÙÙŠ البØØ« العلمي، ما أرجوه أن يجعلوا جزءاً من وقتهم لشئ آخر.
ماذا يجب أن تعمله بجانب البØØ« العلمي؟ وأØب أن أعيد أننا ÙÙŠ وقت تØتاج Ùيه مصر إلى نشاط من الباØØ« بجانب البØØ« العلمي، لا نملك Øالياً رÙاهية أن نبني مركزاً مثل معهد الدراسات المتقدمة الذي أشرنا إليه، إذا نظرنا إلى Øياة تلك العقول المصرية التي تØدثنا عنها ÙÙŠ مقالات عدة لوجدنا أنهم بجانب البØØ« العلمي أثروا الØياة الثقاÙية والعلمية بل والÙنية ÙÙŠ مصر بأنشطة مثل الآتي:
أول هذه الأنشطة هي إنشاء أو تطوير الكيانات العلمية والثاÙية، كي٠لنا أن ننسي تطوير الدكتور Ø£Øمد زكي عاك٠لمصلØØ© الكيمياء؟ أو إنشاء عالم الØشرات الكبير Øسن Ø£Ùلاطون لأول متØ٠للØشرات ÙÙŠ مصر ÙÙŠ كلية العلوم بجامعة القاهرة؟
Ø£Øد أهم الأنشطة أيضاً تبسيط العلوم للعامة عن طريق المقالات والمØاضرات، من ينسى البرنامج الإذاعي العظيم الذي كان يقدمه الدكتور علي مصطÙÙ‰ مشرÙØ© عن مختل٠المعار٠العلمية وإصداره لعدة كتب لتبسيط العلم للعامة مثل “العلم والØياة” Ùˆ “الذرة والقنابل الذرية”ØŸ
من الأنشطة التي Ù†Øتاجها وبشدة ÙÙŠ أيامنا هذه هو تعهد الجيل الجديد من المعيدين بالرعاية والتدريب ليس Ùقط على البØØ« العلمي ولكن على التدريس أيضاً، عندما تعين الجامعة معيداً Ùلأنه Øصل على تقديرات عالية ولا يوجد أي دليل إن كان ÙŠØسن التدريس، لقد تØدثنا ÙÙŠ مقالات عدة عن أهمية التدريس وإنه لا يقل أهمية أو صعوبة عن البØØ« العلمي ولأنه ليس مجرد “تقرأ كلمتين ÙˆØªØ±ÙˆØ ØªÙ‚ÙˆÙ„Ù‡Ù…” وإن كنت تظن أنه كذلك Ùيجب أن تراجع رأيك هذا وتقرأ عن علم Ù†Ùس التعلم وكيÙية التأثير ÙÙŠ Øياة الطلاب، بØثك العلمي قد ÙŠÙشل ولكن تأثيرك ÙÙŠ طلابك ممتد، ونرى أمثلة كثيرة من تعهد جيل من العظماء للجيل الذي يليه من العظماء أيضاً مثل تعهد العالم العظيم على مصطÙÙ‰ مشرÙØ© لتلامذته سميرة موسى ومØمد مرسي Ø£Øمد.
الخدمات الاستشارية أيضاً من الأشياء التي يمكن للعالم أن ÙŠÙيد بها بلده لأنك تأخذ علمك من المعمل إلى Øياة الناس، هذا يقودنا إلى سؤال عن نوعية البØØ« العلمي الذي Ù†Øتاجه Øالياً ÙÙŠ مصر، هناك نوعان من البØØ« العلمي: البØØ« العلمي لمجرد البØØ« العلمي والخوض ÙÙŠ الأساسيات المجردة النظرية والبØØ« العلمي التطبيقي Ù„ØÙ„ مشاكل معينة، النوع الأول إذا Ù†Ø¬Ø ÙŠÙ†ØªØ¬ أوراقاً بØثية قوية من الممكن أن تÙوز بجوائز لكن هذا البØØ« قد يأخذ عشرات السنين وقد ÙŠÙشل ÙÙŠ النهاية، هذه النوعية من الأبØاث ÙŠØتاجها العالم ولكن ÙÙŠ مصر من الممكن أن نجعلها ÙÙŠ الخطة الطويلة الأجل، أما الآن ÙÙ†Øتاج إلى النوع الثاني من الأبØاث الذي ÙŠØÙ„ مشكلات على أرض الواقع، لننس الجوائز والتÙاخر ونركز على ØÙ„ المشكلات على الأرض على الأقل الآن … هذه وجهة نظري وقد أكون مخطئاً طبعاً.
البØØ« العلمي ليس ترÙاً بل إنه مع التعليم يعتبر من أهم دعائم بناء دولة قوية، بدون التعليم لن يكون هناك بØØ« علمي وبدون بØØ« علمي سنتسول التكنولوجيا التي تجود علينا بها الدول الغربية بأثمان باهظة وبالتأكيد لن يعطوننا Ø£Ùضل ما عندهم … التعليم أمن قومي.