تراÙÙ‚ صدور مجلة «شعر» ÙÙŠ بيروت عام 1957 وطرØها لتطوير الشعر العربي (عبر Ø§Ù„ØªÙ„Ø§Ù‚Ø Ù…Ø¹ الشعر والنقد الغربي – الأمريكي خصوصا) والØماس لنشر قصيدة النثر عربيا، مع علاقة أهم الÙاعلين Ùيها مع الØزب السوري القومي الاجتماعي، إضاÙØ© إلى الطابع الأقلياتي للمجموعة الأساسية Ùيها (يوس٠الخال، أدونيس، خالدة سعيد، Ù…Øمد الماغوط، جبرا ابراهيم جبرا، أنسي الØاج الخ…).
https://www.alquds.co.uk/%D9%87%D9%84-%D9%83%D8%A7%D9%86%D8%AA-%D9%82%D8%B5%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%AB%D8%B1-%D8%A7%D9%86%D9%82%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%A7-%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%9F/
والسؤال هنا: هل يمكن، إيجاد علاقة أو رابط بين النزوع الانقلابي الذي ساد اتجاهات النخب السياسية العربية، والتي كان الØزب السوري القومي الاجتماعي «رائداً» Ùيها كما سنرى، وما طرØته Øركة مجلة «شعر» من طروØات «تØديث» الشعر العربي عبر «انقلاب» على Ù…Ùاهيم الشعر العربية التقليدية يناظر ما Øصل ÙÙŠ الساØات السياسية العربية من انقلابات عسكرية (أو ما يصÙÙ‡ أدونيس بـ»ساعة الهتك العظيم وخلخلة العقول»).
نتØدث هنا عن إيمان جزء كبير من النخب السياسية العربية، منذ الأربعينيات ÙÙŠ القرن الماضي، بقدرة الانقلابات العسكريّة على تغيير الواقع الاجتماعي والسياسي وعلى «تØديث» المجتمعات العربية بالقوة، وهذا كان إيمانا واعتقادا طاغيا ÙÙŠ المشرق العربيّ، وكان للØزب السوري القومي الاجتماعي، ثم Øزب البعث، وبعدها «الناصرية» أثر كبير ÙÙŠ نشره ÙˆÙÙŠ تعميم الÙكرة «الانقلابية» ÙÙŠ الأوساط العسكرية والÙكرية ÙÙŠ مشرق العرب ومغربهم، وعلى Ù…Øاولة تتبّع التطبيقات الممكنة لهذا «الإيمان» ÙÙŠ مجال الشعر.
تراÙقت Ù…Øاولات أنطون سعادة، مؤسس الØزب السوري، لإنشاء تنظيمات وأØزاب مع نشاط Ùكري وأدبي لاÙت، ومن الكتب التي كتبها ÙÙŠ بداياته روايتين بعنوان «Ùاجعة Øب» و»سيدة صيدنايا» وكتاب نقد أدبي ÙˆÙكري مهم هو «الصراع الÙكري ÙÙŠ الأدب السوري» الذي صدر عام 1942ØŒ وناقش Ùيه سعادة آراء كتاب وشعراء منهم أمين الريØاني وشÙيق معلو٠وخليل مطران وطه Øسين ومØمد Øسين هيكل وعباس Ù…Øمود العقاد متوصلا إلى رأي أن مجموع آراء هؤلاء لا ÙŠØصل منها «غير اضطراب ÙÙŠ الÙكر، وتشتت ÙÙŠ الشعور ÙŠØرمانك إدراك Øقيقة الأدب عموما، والشعر خصوصا، ورسالة الÙن».
كان سعادة ÙŠØاور الشخصيات الÙكرية والصØاÙية كيوس٠الخال وغسان تويني ÙˆÙايز صايغ وكانت له خصومات مع كتاب مهجريين مثل إيليا أبوماضي والشاعر القروي.
سبب تخبّط كل هؤلاء، ÙÙŠ رأي سعادة، أنهم ÙŠØاولون Ùهم عصرهم من خلال الأدب وبالاقتباس من أدب شكسبير وغوته، وليس من درس وضعيّة بلدانهم، وأن القضية المهمة هي Ø£Øوال الشعب والبلدان، وليس Ø£Øوال الأدب، وأن «التغيرات أو الانقلابات السياسية يعقبها تغير ÙÙŠ الأدب وأساليبه».
وهذا ما Øصل بعد أقلّ من 7 سنوات: لقد شجع انقلاب Øسني الزعيم ÙÙŠ سوريا ÙÙŠ 31 آذار (مارس) سعادة ÙˆØزبه على «تغيّر أو انقلاب سياسي» شبيه، Ùجرت مراسلات بين الطرÙين، وبعد اشتباكات الØزب العسكرية مع Øزب الكتائب ÙÙŠ 9 Øزيران (يونيو) من العام Ù†Ùسه واكتشا٠السلطات مخابئ عسكرية لجأ سعادة إلى سوريا Øيث منØÙ‡ الزعيم اللجوء السياسي ليعلن من هناك «الثورة الشعبية» ÙÙŠ 1 تموز (يوليو) Øيث Øاولت Ùرق عسكرية للØزب الاستيلاء على مخاÙر ومواقع لبنانية لكن المØاولة Ùشلت، وتبعت ذلك ضغوط مصرية وسعودية (وقرض مالي من الرياض!) أدت لتسليم سعادة بعد 5 أيام من «الانقلاب» ليعدم بسرعة بعد 3 أيام من تسليمه.
لم يوق٠إعدام سعادة التأثير الانقلابي Ù„Ùكره ÙˆØزبه، بل أعطاه طابعا مأساويا و»دينيا» بين مناصريه. لقد ترك الزعيم تلاميذ كثرا ÙÙŠ أوساط الجيشين السوري واللبناني كما ÙÙŠ أوساط الصØاÙØ© والÙكر والأدب، وساهم ذلك ÙÙŠ التخطيط لانقلابات جديدة للانتقام لمقتله ولتØقيق أهدا٠«النهضة السورية»، وكان ذلك سريعا جدا مع انقلاب سامي الØناوي ÙÙŠ 14 آب (أغسطس) ومع إعدام Øسني الزعيم ورئيس وزرائه Ù…Øسن البرازي ÙÙŠ يوم الانقلاب Ù†Ùسه، وبذلك تم التخلص من «الطر٠الأول» ÙÙŠ صÙقة تسليم وإعدام سعادة، وبعدها تم اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رياض Ø§Ù„ØµÙ„Ø ÙÙŠ 16 تموز (يوليو) 1951.
كانت هذه الØوادث تعبيرا عن الأثر الهائل للÙكر «الانقلابي» ضمن السياسيين والعسكريين، والذي طبع سوريا والعراق ومصر بطابعه اللاØÙ‚ØŒ ومعلوم أن اثنين من أكبر الشخصيات المؤثرة ÙÙŠ الانقلابات العسكرية السورية، أكرم الØوراني (الذي خرج من الØزب السوري لاØقا وكان من مؤسسي Øزب البعث)ØŒ وأديب الشيشكلي، كانا عضوين ÙÙŠ الØزب السوري وتØت التأثير الهائل لشخصية سعادة.
Ù…Ùهوم طبعا أن أثر سعادة ÙˆØزبه والÙكر الانقلابي عموما على النخب السياسية والعسكرية ساهم بمØاولات كثيرة لقلب نظم الØكم ÙÙŠ المنطقة ÙˆÙÙŠ نشر الÙكر الانقلابي عموماً (سنجد أكرم الØوراني، صانع الانقلابات الكبير ÙÙŠ سوريا، ÙÙŠ منصب نائب رئيس جمهورية الوØدة، جمال عبد الناصر، ثم ÙÙŠ الانقلاب عليه!)ØŒ ولكن كي٠انعكس هذا الÙكر الانقلابي ضمن النخب الÙكرية والأدبية ÙÙŠ المشرق؟
إلى مواهبه ومشاغله الكثيرة، Ùإن سعادة كان شديد الاهتمام بمØاورة الشخصيات الÙكرية والصØاÙية كيوس٠الخال وغسان تويني ÙˆÙايز صايغ وكانت له علاقات مع كتاب وإعلاميين، كما كانت له خصومات واضØØ©ØŒ منها ما أثارته صØÙŠÙØ© «الزوبعة» ÙÙŠ بوينس أيرس (واØدة من المدن الكثيرة التي عاش Ùيها سعادة) عام 1941 عن خلاÙها مع رشيد الخوري (الشاعر القروي) وإيليا أبو ماضي قائلة إنه «لمّا كانت الØرب بين النهضة القومية وأعدائها (الداخليين)ØŒ أصØاب الخصوصيات والرجعة، واقعة Ùلا بدّ أن تشمل الأدب أيضاً، لأنها Øرب كلية بين Ù†Ùسيتين وما Ùيهما من قوى وعناصر»، مع تهديد ØµØ±ÙŠØ Ù„Ù„Ù‚Ø±ÙˆÙŠ بأن القطّ لا يصØÙ‘ أن يضع Ù†Ùسه «ÙÙŠ مخالب الأسد».
أدت الانقلابات العسكرية إلى ديناميّة سياسية واجتماعية مليئة بالاغتيالات والانتقامات وانتهى أغلبها نهايات كارثية، أما «قصيدة النثر» وعموم الشعر الØديث Ùقدّمت مسارا مختلÙا Ùيه كثير من النجاØات، لكن علاقتها بالجمهور ظلت شائكة.
ÙˆØسب أدونيس، الذي التقى أنطون سعادة مرتين أن الأخير كان «رجلا ساØرا»، وأن قتله أثر عليه تأثيرا بالغا، كما يروي أنه Øين ألقى قصيدة ÙÙŠ الجامعة الأمريكية ÙÙŠ بيروت واضعا شعار الØزب على صدره Øصل خلا٠انØسم Ù„ØµØ§Ù„Ø Ø§Ù„Ù‚ÙˆÙ…ÙŠÙŠÙ† «لأنهم كانوا يشكلون أغلبية» الطلاب، وهي إشارة إلى Ù†Ùوذ الØزب الكبير بين النخب الأدبية والطلاب.
من خلال المثقÙين القوميين (السوريين والعرب) ودورهم ÙÙŠ النخب العسكرية والسياسية والثقاÙية تجذرت Ùكرة الانقلاب والسيطرة العنيÙØ© على السلطة السياسية كأداة للتغيير السياسي والÙكري العميق لتØقيق الوØدة السورية (أو العربية) ÙˆÙرض قيم «التØديث» والعلمانية والتقدم.
على المستوى الÙكري كان المطلوب قيام ثورة على منظومة Ùكرية كاملة، بما Ùيها اللغة والتاريخ العربيين، ولم يتجسد ذلك ÙÙŠ الشعر ÙÙŠ الانقلاب على الوزن والقاÙية والترويج لـ»قصيدة النثر» ÙØسب بل كذلك ÙÙŠ Ù…Øاولة نقض المنظومات المرجعية المؤسسة للشعر والسرد العربيين، ومن مظاهر ذلك الاستعانة بأساطير المنطقة القديمة (الإله تموز والÙينيقيين والÙراعنة)ØŒ وكذلك بأساطير الثقاÙØ© الØديثة (عزرا باوند وولت ويتمان مع يوس٠الخال وسان جون بيرس والشعراء الÙرنسيين مع أدونيس الخ…)ØŒ ووصلت هذه المرØلة ÙÙŠ بعض أطوارها المتطرÙØ© إلى النقد العني٠للتاريخ الإسلامي والعربي، ÙˆÙÙŠ بعض الأدبيات للعرب وللإسلام Ù†Ùسه، وليس Ùقط لأسس الشعر والسرد القديمين.
لقد أدت الانقلابات العسكرية إلى ديناميّة سياسية واجتماعية مليئة بالاغتيالات والانتقامات وانتهى أغلبها نهايات كارثية، أما «قصيدة النثر» وعموم الشعر الØديث Ùقدّمت مسارا مختلÙا Ùيه كثير من النجاØات، لكن علاقتها بالجمهور ظلت شائكة، وكما Øصلت ارتكاسات عصابية بشكل جماعي Ù†ØÙˆ التراث والماضي والقيم التقليدية، Øصلت ارتكاسات اجتماعية شبيهة ÙÙŠ ما يخصّ الثقاÙØ© والÙكر والأدب عموماً، ÙالثقاÙØ© لا يمكن Ùصلها عن التطور السياسي والاجتماعي العام.
يبقى المجال Ù…ÙتوØا، بعد هذه الاقتراØات لتقييم تلك الØركة السياسية – الÙكرية، للÙصل أو الربط بين تاريخي المنطقة السياسي والÙكري، Ùتاريخ الأÙكار يتخذ طريقا لا يقل تعرجا وتعقيدا عن تاريخ الأنظمة السياسية، لكنّ الأمر الأكيد أن مآل الÙكر الانقلابي سياسياً كان كارثياً على المنطقة العربية، أما تقييم آثاره ضمن الثقاÙØ© الأدبية Ùأمر آخر بالتأكيد.
كاتب من أسرة «القدس العربي»