كلمات من حلم الماضي، للدكتورة أسماء زيادة

طويل هو الدرب الذى لابد لنا أن نسلكه كى نؤسس لروح فكرية جديدة وحرة, تنطلق من شفافية في الطرح، ومصداقية في النصح والنقد، وثقة في الذات لا يضعفها أن نتتناولها بالتسديد والنصح والنقد بل يعزز مكانتها ويقويها…..

في ضوء ذلك أعرض لموقفين عرضا لي هذا الأسبوع:
– الموقف الأول: لا أدري لماذا اعتبر مقالي الأخير – الذى عنوانه: “والربانية مؤسسية وشورى وشفافية ونظم …” – ” ردا ” على سلسلة المقالات التى كتبها أخي الفاضل الدكتور وصفي أبو زيد، وغيره من الإخوة الكرام، عن الربانية…. فهِم هذا بعض القراء الكرام، ونشرت بعض المواقع المقال بعنوان: أسماء زيادة ترد على د/ وصفي أبوزيد ….! والذي أريد إيضاحه للقارئ الكريم أنه، ليس بالمقال شيء من معنى كلمة ” الرد” التي تعني التخطئة والرفض لما قيل… بل إن الحقيقة على العكس من ذلك تماما؛ فهى تجىء في معرض التضام والتعاون، والتضافر على إتمام النظر للصورة من جميع جوانبها، وزواياها………. بل إننى أتفق كليا مع ما أورده الكتاب الكرام في معانى الربانية وحقائقها غير أننى أكمل معهم الصورة حتى لا تجىء من جانب دون آخر، كما أشرتُ …….
– والموقف الثانى: أننى كنت علقت على صورة نشرت للأخ المهندس سعد الحسينى محافظ كفر الشيخ … كانت الصورة له مع عدد من المسئولين يجلسون على منصة مرتفعة يستمعون لشكاوى المواطنين بشكل جماعي، في اليوم المحدد لذلك ØŒ كما يشير الخبر، وقلت: “لا يعجبني هذا المنظر، ولا أقبله لنفسي وأهلي ووطني ومشروع نهضتنا الذي ينبغي له أن يبدأ من عند كرامة الإنسان وتكريمه .. لماذا لا يلتقي أخي الكريم المهندس الحسيني كل مواطن على حدة في جلسة كريمة ومحترمة تحفظ على الناس ماء وجوههم، وتستر ظلاماتهم وشكاتهم؟ لقد استحضرت بأثر من هذه الصورة صورةَ المصريين البؤساء على أبواب الولاة الظالمين … كرامة المصرى وتكريمه أغلى من كل حاجة تقضى” .
اتفق أغلب المداخلين من القراء الكرام على رفضهم واستيائهم من الصورة، غير أنهم انقسموا ثلاث فرق؛ أتجاوز عن أولها التى وجدتها فرصة تطعن بها في الإسلاميين والجماعة، وأذهب إلى الفريقين الآخرين، وهما ما يعنيانى الآن: الفريق الذى انبرى في إيجاد المبررات للصورة، ولعل منها اضطرارهم للمكان أو ما شابه … بينما رأى الفريق الآخر أنه ما كان لي أن أعلن عن هذا الاستياء من الصورة على الملأ في ظل حالة التربص التي يتربص بها أعداء الفكرة الإسلامية، وأعداء الجماعة، وكل من يمثلها، حتى وإن بلغوا غاية النجاح فيما يؤدون من أعمال …
وإلى أحبتي جميعا أقول: حين كان يخطئ محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن القرآن الكريم يعاتبه سرا، وإنما كان يعاتبه ويصحح له المسار في قرآن يتلى حتى يوم الدين ..
في الحركات الكبيرة والتجمعات القوية يكون النقد الذاتي سمة من سماتها، وميزة من مميزاتها؛ لم يكتف شيخ حركة النهضة، ومفكر الأمة الإسلامية الشيخ راشد الغنوشي بأن يعترف بأخطاء ارتكبتها الحركة في بعض الممارسات، بل وثّق هذا النقد في كتابات مطبوعة تقرؤها الجماهير كلها .. ليصح المسار، وترشد الخطى ..
ولقد أذكر أنه في أحد المواقف ذهب الشيخ محمد الغزالى رحمه الله إلى الإمام الشهيد حسن البنا باعتراضات على أشياء في الجماعة، فقال له الإمام: اكتب هذا وانشره في الجريدة …!
هذا ولقد عاهدنا الله عز وجل وبايعنا رسولنا على “النصح لكل مسلم” ولقد قلتها للدكتور مرسي، وهو قول موثق ومسموع، في لقائه مع الرموز النسائية بالوطن، إبان حملته للانتخابات الرئاسية: بأننا سنكون عونك إن منَّ الله علينا باختيارك رئيسىا لمصر العظيمة، لكن اعلم أننا سنراقبك ونحاسبك ونقومك، ونخلعك إن حدت عن الطريق … ونساء الجماعة قبل رجالها …..
لقد ولجنا هذه الميادين كلها، وارتضينا أن نحمل أمانة الوطن منطلقين من رسالة ربنا بالكرامة والعزة والخير لكل إنسان يسير على صعيد هذا الوطن الطاهر…. ومقتضى ذلك أن ننبه في كل لحظة إلى أى خطر، وأقل خطأ نقوم به، وعلينا أن نقوم، ونصلح، ونعتذر.
والأهم من التفاصيل يا سادة أن نؤسس لرؤى جديدة في الجماعة، ومع الوطن كله .. رؤى لا ترى لبشر عصمة، ولا لمسئول مكانة تجعله فوق الاستدراك والملاحظة والتسديد.. لا خير فينا إن لم نقلها، ولا خير فيهم إن لم يسمعوها … لكن المهم أيضا، أن نقولها بضوابطها الأخلاقية، ولغتها الراقية … وأن يعيرها المسئول عنايته واهتمامه، فيصحح طريقته ويضبط مساره …..
أعلم أنه ربما لم تُثِر الصورة حفيظة قطاع كبير من الناس لطول إلفهم أن يروا هذا من المسئولين، وهو ما يجعلنى أهزهم وأثير حفيظتهم حتى لا يعودوا يألفون هذا، أو يتنازلون عن شىء من حقوقهم وكرامتهم .. وتلك رسالة كبيرة يجب علينا القيام بها لتطهير أنفسنا من الشوه النفسي الذي جعلنا نقبل الاستعباد، ويسهل علينا الهوان.
أهم أعمدة مشروع نهضتنا والخير الذى نحمله لمصر … أن نحفظ لكل نفسٍ كرامتها وعزتها وثقتها بنفسها… أن نصوغ العقل الحر اليقظ المشارك لنضمن أن لا تهون الأمة ولا تستكين مرة أخرى.

قلم: د. أسماء محمد زياده – 2013-05-12 13:02:29

Related posts

Leave a Comment