من بركات اللغة العربية

بمركز الفيزياء النظرية الدولي في إيطالية، اجتمع الدكتور ميراب الجيورجي والدكتور هشام صديقي السوداني الكريم الفاضل، وائتلفا، وتصادقا، حتى صارا يتزاوران. ومرة دعا الدكتور ميراب صديقه إلى الطعام ببيته، فذهب، وهناك كانت زوجه وابنه ذو خمسة الأعوام.
استأذنه داعيه ليعين زوجه على إعداد الطعام، وبقي معه ابنه.
بالإنجليزية كان الصديقان يتفاهمان، ولا يعرف هذه الطفل غير الجيورجية، وكان متوقِّدا متحمِّسا؛ فبقي يتكلم مبتهجا بصديق أبيه، وكأنه هدية الإنسانية الخفية، التي أرادت بها التكفير عن كبيرة قَطْعِهِ من أهله وبلده، والدكتور هشام لا يعرف من الجيورجية إلا مثلما يعرف هذا الطفل من السودانية، ولكنه ثقل عليه ألا يكافئ شيئا من تحمسه أو توقده!
أخرج الدكتور هشام من جيبه ورقة وقلما -وقد كانت بقيَتْ له من فن الرسم أثارة قديمة- وجعل يخطط والطفل كله عيون على الورقة، حتى إذا ما استوت له صورة قطة وميزها الطفل، طار بها إلى أبويه، وقال كلاما كثيرا ميز منه الدكتور هشام كلمتَيْ “صُورَتِي” Ùˆ”بِسَّة”ØŒ هكذا، مثلما ننطق الأولى بمعناها، وينطق بعضنا الثانية بمعنى قِطّة!
لما وجد الدكتور ميراب عجب الدكتور هشام الشديد قال له: إن في لغتنا الجيورجية كلمات عربية كثيرة، أدخلها فيها المماليك الذين تنقلوا بين جيورجية ومصر ذاهبين آيبين – قال- حتى اسمي أنا هذا “ميراب”ØŒ ما هو إلا كلمة “مِحْرَاب”ØŒ العربية!

Related posts

Leave a Comment