قصيدة عمانية ظفارية جبالية، ترجمها عن ترجمتها الإنجليزية هلال الحجري

هذه قصيدة تَرجمتُها من الشِّعْر الجَبّالي في ظفار، ولكن ترجمتي للأسف ليست مباشرة من الجبالية وإنما من الإنجليزية. وهي قصيدة غزلية للشاعر محاد بن عبيدان البرعمي، ترجمتْها إلى الإنجليزية أستاذةُ اللسانيات والإثنوجرافيا ميرندا موريس، ونشرتها في مجلة الدراسات العمانية سنة 1985. القصيدة من فن شعري معروف في ظفار باسم “دبرارت”ØŒ يصف فيها الشاعر فتاة قد تكون حقيقة أو رمزا اسمها “شيخة بنت يوسف”. أهدي هذه الترجمة لجميع أصدقائي من الأدباء في ظفار؛ عسى أن تكون دافعا لهم في ترجمة المكنونات الشعرية الجميلة من الأدب الجبّالي مباشرة دون وسيط لغة أخرى!

آهِ ما أقْسَى تصاريفَ الزمانْ **وَصْفُها أكبرُ مِنْ كُلِّ بَيَانْ
رَحَل العُمْرُ وغابت شَمْسُه ** يا أمانينا لقد فات الأوَانْ
أنتَ يا دَهْرُ هَلاكٌ وأذى ** حَسْبُنا منكَ دوامُ الحَدَثَانْ
كُفَّ يا قلبي عن الشكوى وقُلْ: **لكِ يا “شيخةُ” حُبٌّ وأمَانْ
يوسفٌ ليس أباها –والذي **خَلَقَ الأجناسَ من إنْسٍ وجَانْ-
إنها نَفْثُ مَلاكٍ عاطرٌ ** نزلتْ للأرضِ من رَوْحِ الجِنَانْ
أوْ إذا شِئْتَ فقُلْ: هِيْ نِعْمةٌ ** خَصّها الرَّحْمنُ، لا بِنْتُ فُلانْ
قد بَراها الله إبداعًا مَضَى ** في البَرَايا، ما لها في الخَلْقِ ثانْ
نشأتْ في بَيْتِ مَجْدٍ فارِهٍ ** يحتويها العِّزُّ مِنْ كُلِّ مَكانْ
هل تُريدُ المَنَّ والسَّلْوى مَعًا؟ ** أّرْغَدُ العَيْشِ لها طَوْعُ بَنَانْ
لو مَشَتْ خَلْخَالُها وَشّى بها ** وَرَوى الحِنّاءَ مِنها القَدَمانْ
حسَدَتْها حُسْنَها ضُرّتُها ** غَيْرَةٌ في الصّدْر يطويها الجَنَانْ
ولَها شَعْرٌ كَثيفٌ ناعِمٌ ** أحْلى ما يُضْفَرُ مِنْ شَعْرِ الحِسانْ
عَقَصَتْه نِسْوَةٌ أحْبَبْنها ** هل درى الحاسدُ كيف الشَّعْرُ كانْ؟!
وَارِفٌ يَنْسَابُ مِنْ مَفْرِقِها **مِثْلَ ليلٍ بعده الصُّبْحُ اسْتَبَانْ
لا تَسْلْ عن حاجِبيْها؛ فهما ** كهِلَاليْنِ تراءا للعِيَانْ
وإذا ما ابتسمتْ عن شارِقٍ ** خِلْتَ بَرْقا لاحَ عن بُعْدٍ وبَانْ
وَإذا ما نَطَقَتْ، غَيْثٌ هَمَا ** أَكْرَمَ اللهُ به أرْضَ اللُّبَانْ
عَينُها النّجْلاءُ يَفْري سيفُها ** كَبِدَ النّاظِرِ من لَمْحِ السِّنانْ
تَتَرُكُ العاشِقَ مَذْهولًا، ولا ** يَسْتَطيعُ الثأرَ مِنْ ذاك الطّعِانْ
لو تَبدّتْ في نِساءٍ حولها ** لَرَأيْتَ البَدْرَ سُلْطانَ الزّمانْ
عاليًا في الأُفْقِ وَضّاحًا يُرَى ** في سَمَاء صَحْوُها مثْلُ الجُمانْ
مَجْمَعُ الحُسْنِ تَراه سافِرًا ** يَرْتديه جِيدُها والمَنْكَبانْ
مِنْ ذَواتِ العِزِّ ما غَطّتْ يَدًا ** والنَّصيفُ الحُرُّ يَكفيه البَنَانْ
مِنْ بَناتِ المُلْكِ أَغْلى جَوْهَرًا ** طِلْبَةُ العالَمِ مِنْ قاصٍ ودَانْ
لمْ تَنَلْها لَنْدَنٌ، واشِنطنٌ ** كيف للعُربانِ بالوَصْلِ يَدانْ؟!
إنها مَعْبودَةٌ في أهْلِها ** هل رأيتَ البَدْوَ عُشّاقَ الهِجَانْ؟!
كيف لا؟ والسِّمْطُ من مَبسَمِها ** عاطِرٌ أبْيضُ مثْلُ الأُقْحُوَانْ
ولها أَنْفٌ أَشَمٌّ ناعِمٌ ** لو نَسيمُ الرِّيحِ مَسّتْه لَبَانْ!
إنها مَرْجُ وُرُودٍ يانِعٍ ** في ذُرى “سَمْحانَ” والغَيْثُ استكانْ
“عَيْنُ جَرْزيزٍ” تُحاكي صفْوَها ** هل رأيتَ الدُّرَّ مَكْنونًا يُصَانْ؟!
هذه “شَيْخَةُ” إنْ غَنّيْتُ في ** وَصْفها الدّهْرَ، لَمَا وَفّى اللِّسانْ!

Related posts

Leave a Comment