استقرار المكانة

أواخر خمسينيات القرن الميلادي العشرين استقر بالدكتور كمال بشر مجلسه من أحد مدرجات كلية دار العلوم بمبناها القديم الكريم، وأقبل يهدر بما تلقاه عن فيرث أستاذه الإنجليزي الكبير، من دقائق نظريته في اعتبار المعنى اللغوي ودلالة السياق، فإذا طالبٌ نائم يقطع عليه بغطيطه هديرَه وكأنْ لا أثر لأيٍّ من هذه التهاويل الحديثة؛ فصاح فيه: تنبه؛ فتنبه!
ثم كان من الطالب في المحاضرة اللاحقة ومنه، مثلُ ما كان في السابقة، ثمتَ كان في الثالثة مثل ما كان في الأوليين -قال الدكتور محمود محمد الطناحي- فطلب منه أن يأتيه في مكتبه.
هرول الطالب إلى الدكتور كمال بشر بمكتبه، وقد أيقن بضياع العام أو المادة أو اليوم، فإذا أستاذه يتلطف به سائلا: ما لك كلما حضرت محاضرتي نمت! فقال: وماذا يفعل من سهر الليل كله يعمل ليعول أبويه وإخوته! فاضطرب لكلامه الدكتور كمال بشر، وطلب الأخصائي الاجتماعي، وخصص له مرتبا يغنيه عن عمل الليل!
وقد علم ذلك محمود محمد الطناحي فيمن علمه من الطلاب -قال- فكانت للدكتور كمال بشر في أنفسهم مكانة لم تمحها الأيام وأقرانها، ولا الخصوم وأقوالها!

Related posts

Leave a Comment