أعتقد أنه من المÙيد أن Ù†Øدد المقصود من عنوان هذا المقال قبل أن نشرع ÙÙŠ الØديث عن الموضوع Ù†Ùسه، قد نظن من الوهلة الأولى أن المقصود من العنوان هو النشر العلمى، النشر العلمى جزء من الكتابة العلمية ولكن العنوان يتكلم عن شيء أعم، يتكلم عن نوعية الكتابة Ùˆ نوعية الجمهور.
http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=24072016&id=506169e7-4ce9-465e-9faa-dac176a387e1
الكتابة العلمية معناها إما الكتابة عن العلم أو الكتابة ÙÙŠ أي موضوع (سياسي أو إقتصادى أو..) بطريقة علمية، طبعا الكتابة عن العلم (أي ÙÙŠ موضوع علمى) يستلزم طريقة علمية ÙÙŠ الكتابة وليس مجرد سرد للمعلومات واØدة وراء الأخرى، الطريقة العلمية لتقديم المعلومة تعتمد على ذكر المعلومة ÙˆØ´Ø±Ø Ù„Ù„Ø³Ø¨Ø¨ الذى أدى إلى أن تكون المعلومة بهذا الشكل (وإن لم نعر٠السبب Ù†Ø´Ø±Ø Ù„Ù…Ø§Ø°Ø§ لا نعر٠السبب وما ينقصنا لنعرÙÙ‡) وكي٠نربط هذه المعلومة بمعلومات أخرى ÙÙŠ Ù†Ùس المجال أومجالات أخرى.. وهكذا، ولكن للأس٠ÙÙŠ الكثير من الكتابات التي من المÙترض أن تكون علمية نجد ÙˆØ¨ÙˆØ¶ÙˆØ Ø´Ø¯ÙŠØ¯ تØيز الكاتب رأى معين أو عدم إتباعه طرق التÙكير المنطقى، وتكون نتيجة ذلك إرسال إما معلومة مغلوطة أو ناقصة أو غير مقنعة، وهذه النوعية من الكتابات غير العلمية المتنكرة ÙÙŠ شكل كتابات علمية يكون ضررها أكثر بكثير من Ù†Ùعها إن كان لها أي Ù†Ùع!
قلنا إن الكتابة العلمية ليست مجرد سردا للمعلومات Øتى ولو كانت صØÙŠØØ©ØŒ مجرد سرد المعلومات Ùقط له عدة مساوئ، أولا ستكون الكتابة مملة جدا للقارئ، ثانيا هي ليست Ù…Ùيدة بالقدر الكاÙÙ‰ لأنها لن تثير Ùضول القارئ ولن تدÙعه للتÙكير ولكنها قد تدÙعه للØÙظ ليردد كالببغاء هذه المعلومات أمام الناس ليÙخر بها أو ليشترك بها ÙÙŠ برامج المسابقات!
ثالثا وهو الأهم أنها قد لا تعطى المعلومة التي يريدها الكاتب Øتى وإن كان يظن أنه أعطاها، وأÙضل مثال لذلك يعطيه الÙيزيائى العظيم ريتشارد Ùاينمان الØاصل على نوبل الÙيزياء (والذى تكلمنا عنه عدة مرات ÙÙŠ مقالات سابقة): اÙترض أنك تريد أن تكتب مقالا علميا عن نوع معين من الطيور، إذا اتبعت أسلوب السرد المباشر Ùقد تكتب “هذا الطائر يسمى كذا ولكن ÙÙŠ ألمانيا يسمونه كذا ÙˆÙÙŠ الصين يسمونه كذا…” وتظن أنك تعطى القارئ معلومات عن الطائر والØقيقة أنك تعطى القارئ معلومات عن الناس وكي٠يسمون الطائر، ولكن القارئ Øتى الآن لا يعلم شيئا عن الطائر!
وهكذا تجد الكثيرين ÙŠØÙظون أسماء وتواريخ ويظنون أنهم علماء أو مثقÙون وهم ليسوا أكثر من شرائط تسجيل (أو لنقل مل٠صوت Øيث انقرضت الشرائط!).
مثال آخر يعطيه Ùاينمان عن كتاب علوم للأطÙال، الصورة الأولى ÙÙŠ الكتاب عن لعبة على شكل كلب تعمل بالزنبرك وتØتها سؤال: “كي٠يعمل هذا الشيء؟”ØŒ والصورة التالية لكلب Øقيقى وتØتها Ù†Ùس السؤال، ما أثار استياء Ùاينمان أن الإجابة عن السؤالين كانت “الطاقة تØركهم”ØŒ كان Ùاينمان يتوقع أن الإجابة ستكون Ø´Ø±Ø Ù„Ù…Ø§Ù‡ÙŠØ© علوم الÙيزياء والأØياء والÙروق والتشابه بينهما، ولكن Ù…Ùهوم الطاقة Ù…Ùهوم صعب جدا شرØÙ‡ للأطÙال، والنتيجة أن هؤلاء الأطÙال سيØÙظون أن هناك شيئا يسمى الطاقة ÙŠØرك الأجهزة والكائنات الØية ولكنهم لن يعرÙوا شيئا عن ماهية الطاقة ولا عن الÙارق والعلاقة بين علوم الÙيزياء والأØياء والكيمياء.. إلخ.
الكتابة العلمية صعبة للغاية وللأطÙال الصغار أصعب، الكتابة جزء من العملية التعليمية، ÙˆÙÙŠ عصر انتÙت Ùيه الØاجة إلى الØÙظ Ùإن التÙكير المنطقى والكتابة العلمية هما السبيلان الوØيدان لتخريج متعلمين وليس ØÙظة يدخلون برنامج مسابقات!
الآن نعر٠بشكل عام ماهية الكتابة العلمية، كي٠نطوع هذه الكتابة لتخدم أنواع القراء المختلÙة؟
جمهور قراء الكتابة العلمية أيضا متنوع، هناك أهل التخصص والكتابة لهؤلاء تكون عادة ÙÙŠ شكل أبØاث علمية ÙÙŠ المؤتمرات والمجلات المتخصصة وهذا ما نطلق عليه النشر العلمى، ولأهميته سنÙرد له مقال مستقل ÙÙŠ المستقبل إذا كان ÙÙŠ العمر بقية، وهناك الكتابة للعامة وهي صعبة جدا لأنه على الكاتب أن ÙŠØقق هدÙين: أن يقدم مادة علمية صØÙŠØØ© ومكتملة ومكتوبة بطريقة علمية، وأن تكون الكتابة جاذبة للقارئ، تخيل لو كان هذان الهدÙان أمام أعين واضعى الكتب الدراسية!
تØدثنا ÙÙŠ مقال سابق عن أهمية القراءة ÙÙŠ العلوم المختلÙØ© الخارجة عن دائرة تخصصك، من Ø£Ùضل من كتب عن العلوم للعامة وبرع Ùيه بشدة (بالإضاÙØ© إلى ريتشارد Ùاينمان) ريتشارد بريستون (Richard Preston) وجون ماكÙÙŠ (John McPhee) وعالم الÙيزياء النظرية الكبير ستيÙÙ† هوكينج (Stephen Hawking) بالإضاÙØ© إلى أبØاثه العلمية المتخصصة بالطبع، وهناك الكتابة العلمية للأطÙال وهي من أصعب ما يمكن لأنه بالإضاÙØ© إلى الأهدا٠التي ذكرناها عندما تØدثنا عن الكتابة للعامة Ùإنه يجب على الكتابة العلمية للأطÙال أن تنمى عندهم Øب السؤال والتÙكير المنطقى وهذا يستلزم تقديم الأÙكار المعقدة بطريقة سهلة!
وأخيرا هناك الكتابة العلمية لصانع القرار سواء ÙÙŠ المؤسسات السياسية أو العسكرية أو معاهد البØوث العلمية المموÙلة للمشاريع البØثية، وهنا الكتابة تشبه الكتابة للعامة ÙÙŠ نقطة أنها تكون مبسطة أكثر من الأبØاث العلمية وتكون صØÙŠØØ© ومكتملة وجاذبة للقارئ ولكن تختل٠عنها ÙÙŠ الهد٠النهائي، الكتابة للعامة تهد٠إلى تعري٠العامة بالعلوم المختلÙØ© وتنمية عقلية تÙكير علمية ومنطقية عندهم، أما الكتاب لصانع القرار Ùتكون موجهة Ù†ØÙˆ الإجابة عن سؤال معين أو Ù„Ùت النظر لمشكلة معينة أو تقديم ØÙ„ لمشكلة ما، لهذا تكون كل المعلومات المذكورة ÙÙŠ الكتابة من هذا النوع موجهة Ù†ØÙˆ هذا الهد٠ويتم Øذ٠أية معلومات لا تØقق هذا الهدÙØŒ وعملية اختيار ما يوضع وما ÙŠØذ٠هنا ليست سهلة وهي تقريبا مستØيلة إذا لم يكم الكاتب يعر٠بدقة وبدون غموض ما هو السؤال المطلوب الإجابة عنه.
Ù†Øتاج ÙÙŠ مصر وبشدة جميع أنواع الكتابة التي ذكرناها وهذا لا يتأتى إلا إذا آمنا أن التعليم Ø³Ù„Ø§Ø Ø§Ø³ØªØ±Ø§ØªÙŠØ¬Ù‰ وأن الكتابة العلمية والقراءة العلمية (سنتØدث عنها ÙÙŠ المستقبل إن شاء الله) من أهم الأسلØØ© ÙÙŠ القرن الØادى والعشرين!