القول المحدَّث في أوزان بحر المجتث، لنعمان لطفي عبده تلميذي المصري النجيب

يعد علم العروض من العلوم التي اختص بها العرب، وهو علم رياضي، تقوم فيه الأجزاء والتفاعيل على كميات ثابتة تتكون منها الأبحر الشعرية، وكان بعض هذه الأبحر أسعد حظا من بعض، فبعضها شاع وكثر واعتنى به الشعراء فأكثروا من النظم عليه، كبحر الطويل والبسيط والخفيف، وبعضها قل نصيبه من اهتمام الشعراء، فجاءت عليه قصائد معدودة، كالمديد، وبعضها ندر ولم يأت منه غير البيت والبيتان والقطعة القصيرة ولم تأت منه قصائد طويلة، حتى نفى البعض أن يكون من أوزان العرب كالمجتث والمقتضب والمضارع.
ومعلوم أن بعض الأوزان تتشابه وتتحد إذا كثرت في القصيدة الزحافات والعلل، حتى يظن القارئ أنها من بحر آخر غير الذي كتبت عليه، كتشابه بحري الكامل والرجز، فتفعيلة الكامل مُتَفَاعِلُنْ (///o//o) لو دخلها الخبن وهو سكون الساكن الثاني لصارت مُتْفَاعِلُنْ (/o/o//o) وأشبهت تفعيلة الرجز مُسْتَفْعِلُنْ (/o/o//o)ØŒ وكذلك مشابهة مجزوء الوافر للهزج، فتفعيلة الوافر مُفَاعَلَتُنْ (//o///o) إذا دخلها العصب – وهو إسكان الخامس المتحرك – لصارت مُفَاعَلْتُنْ (//o/o/o) وأشبهت تفعيلة الهزج مَفَاعِيلُنْ (//o/o/o).
ولما كان العروضيون أجمعوا على أن وزن المجتث لم يأت تاما وإنما جاء مجزوءا، وما جاء تاما من الأبيات حكموا عليه بالشذوذ، كان البحث عن الأوزان التي قد تختلط بصورة المجتث التام، مما أدى إلى رسوخ فكرة أنه لم يأت تاما، وتبين من البحث أن مجزوء البسيط يتطابق مع صورة المجتث التام، وعليه فما نسب من الأبيات والقصائد إلى مجزوء البسيط، كان يمكن ببساطة وإمعان نظر أن تنسب إلى تام المجتث، ومحو هذه الفكرة الراسخة الخاطئة عن هذا البحر.
كما أجمع العروضيون على أن المجزوء من المجتث لم تأت له إلا صورة واحدة وهي ذات العروض الصحيحة والضرب الصحيح، لكن بالبحث في القصائد والموشحات التي كتبت على مجزوء المجتث تبين أن الموشحين والشعراء قد أثْرَوا هذا البحر واشتقوا وفرعوا له صورا لم تكن له قديما، مما يوجب على المشتغلين بالعروض أن يدرجوها تحت صور هذا البحر، وهو ما قمت به في هذا البحث.
والله ولي التوفيق.

[gview file=”http://mogasaqr.com/wp-content/uploads/2018/05/القول-المحدَّث-في-أوزان-بحر-المجتث،-لنعمان-لطفي-عبده-1.pdf”]

Related posts

Leave a Comment