عقلانية تدين أحد كبار المستعربين

“هنا أجد مناسبا أن ننظر في موقف بوكوك من الدين بصفة عامة، ومن المسيحية والإسلام بصفة خاصة.

نستطيع أن نستبط من الشواهد الخارجية أن الرجل كان من رجال الدين المعروفين بالتقوى والورع في الكنيسة الإنجليزية، ومن المواظبين على إقامة الشعائر والطقوس على الأقل على قدر طاقته وقدر ما يتطلبه الحرص والاحتياط في أثناء فترة الثورة التي شهدت منع كتاب الصلوات. على كل حال كان المذهب الأنجليكاني ينطوي في ذلك الوقت وقبل ذلك، على سلسلة واسعة المدى من المعتقدات. كان بوكوك معجبا بكتاب غروشيوس المعنون بحقيقة الديانة المسيحية أيما إعجاب، وكان هذا الإعجاب يدخله في زمرة أولئك الذين كانوا يؤمنون بالمسيحية العقلانية التي توصف بالتسامح مع الاختلافات في العقيدة بين المسيحيين. وكان بوكوك مخلصا للدكتور لود أيما إخلاص، ولكن هذا الإخلاص الشخصي لم يكن يمتد إلى الموافقة على محاولات لود الحثيثة لفرض الامتثال لتعاليم الكنيسة الأنجليكانية في جميع المناطق التي تخضع لسلطة الملك تشارلز الأول. وليس من الصعب أن نقرأ حديث بوكوك عن الفرق الإسلامية في كتاب اللمع، ازدراء مبطنا للنزاعات المحتدمة بين الفرق المسيحية على أساس الموضوعات العقدية، مثل هذه الآراء لم يكن من المتاح التعبير عنها بحرية تامة في العام 1648. الأصعب من ذلك تلك المحاولة لاستنباط المعتقدات اللاهوتية من الكتاب بما في ذلك التعليقات الإنجيلية التي أعاد طباعتها تولز في كتاب أعمال لاهوتية للعلامة الدكتور بوكوك. ومن الواضح جدا أنه كان مهتما غاية الاهتمام بمضمون كتاب الفيلسوف المعلم نفسه، بيد أن الاهتمام بالكتاب لا يشي بقبول جانب من جوانب الكتاب الفكرية، أو يجعل منه واحدا من أوائل الربانيين أو مؤمنا بالقرب الصوفي من الذات الإلهية. قصارى ما يمكن قوله بشيء من الحذر هو أن التركيز على قوة العقل الإنساني ينال إعجاب بعض المفكرين الذين يميلون مثل بوكوك إلى المسيحية العقلانية”ØŒ 86-87.

Related posts

Leave a Comment