نظرية الاعتقاد (1) للدكتور طارق سليمان النعناعي

تعدديةُ الخالقِ باطلةٌ، وتعدديةُ المخلوقِ صحيحةٌ.

ثُنَائِيَّةُ التقسيم ِ العامِ: إلى خالقٍ ومخلوقٍ؛ كلُّ كائنٍ لم يُوجِدْ نَفْسَهُ فهو مخلوقٌ، وكلُّ مَنْ لمْ يَدَّعِ أَنَّهُ خالقٌ فهو مخلوقٌ، ومَنْ يَدَّعِ أنَّهُ خَالقٌ فليُرِنَا خلقَهُ، أو فَليُخالفْ مَا عليهِ الخلقُ.
مفهومُ التعدديةِ تطبيقًا عَلَى صِنْفَيِّ التقسيمِ: تعدديةُ الخالقِ باطلةٌ، وتعدديةُ المخلوقِ صحيحةٌ. فتعدديةُ الخالقِ باطلةٌ؛ لأنها تعدديةٌ غيرُ ملحوظةٍ، وغيرُ منطقيةٍ، وغيرُ مُدَّعَاةٍ. غيرُ ملحوظةٍ: لوحدةِ فلسفةِ الخلقِ، ودقةِ النظامِ، وتناسقِهِ. وغيرُ منطقيةٍ: لعدمِ التناقضِ، ولاستمراريةِ الخلقِ، ولعدمِ انفصالِهِ. وغيرُ مُدَّعَاةٍ حقيقةً في الادِّعَاءِ: لأنها لمْ يَقُلْ بها أحدٌ – غيرُ اللهِ – وغيرُ مُدَّعَاةٍ كذبًا في الادِّعَاءِ: لعدمِ إقامَةِ الدليلِ على الدَّعْوَى الكاذبةِ.
أَمَّا تعدديةُ الخلقِ فصحيحةٌ؛ لأنها تعدديةٌ ملحوظةٌ بالحواسِ، وتعدديةٌ معلومةٌ بوسائل التقنياتِ العلميةِ الحديثةِ، وتعدديةٌ ظَنِّيَّةٌ. الملحوظةُ بالحواسِ الخمسِ: السمعُ، والبصرُ، والشمُ، والتذوقُ، واللمسُ. وبالتقنياتِ العلميةِ الحديثةِ: مجهريةٌ وإشعاعيةٌ، وغيرُهُمَا. وَظَنِّيَّةٌ: بوجودِ الملائكةِ والجنِ وعالَمِ الغيبِ، والأخيرةُ غيرُ خاضعةٍ للتجربةِ المعمليةِ، لكنها ظنيةٌ عامةً، وتجريبيةٌ خاصةً عندَ بعضِ الخلقِ.
نتيجةُ الثنائيةِ في التقسيمِ مِنْ حيثُ التعدديةُ: خالقٌ واحدٌ، ومخلوقاتٌ متعددةٌ. ومن المنطقيِّ أنَّ القوانينَ والسننَ التي تنطبقُ على المخلوقاتِ لا يمكنُ أنْ تنطبقَ أو تُطَبَّقَ على الخالقِ، وأولُ هذهِ القوانينِ قانونُ أنَّ لكلِّ مخلوقٍ خالقًا، ولكلِّ صنعةٍ صانعًا؛ أي سؤال: مَنْ خلقَ الخالقَ نفسَهُ؟ فالسؤال بهذه الصيغةِ خلطٌ شديدٌ وخطأٌ عقليٌّ، للأسبابِ الآتيةِ:

Related posts

Leave a Comment