امرأة من تلا للسيد شعبان جادو

هذا الشيخ زيدان من صان عرضك، وحفظني في بيته!

الآن الساعة العاشرة مساء ،وفي القرية يكون هذا وقت متأخر لمن لايزال خارج بيته،فالهجانة يمسكون بمن يجدونه،لقد قتل العمدة في صراع قبلي،لا شأن له بهذا حين انتهى من صلاته،مر على التجار،حيث يعد نفسه لسوق المواشي،مر بمحطة قطار الدلتا عندها يقع بيته في الجهة المقابلة ،وجد امرآة تقف حائرة،،الظلام مرعب،الرياح الهوجاء تنذر بعاصفة شديدة،إنها تتلفع برداء الحياء،يبدو من وجهها أنها ذات تنعم ،تفحصها جيدا،دارت به وساوس الشيطان،أتكون طرفا في عصابة الغجر الذين سرقوا بقرة علام؟
ربما تكون امرأة هجرت زوجها،فالفقر والصبابة يفسدان النساء،هكذا كان يسمع الصييت في مولد الدسوقي ينشد حكاياته،سألها أين تذهبين ؟
أخبرته أنها ستركب القطار القادم من سنهور المدينة متوجهة إلى تلا !
القطار سيبيت هنا حتى الفجر !
تأوهت في حسرة ٠
أطرقت بطرف عينيها إلى الأرض،الحزن خيم على وجهها.طلب منها أن تأتي معه،لي بيت قريب هنا لا تخافي ،الله يسترك ،لن أترككك لذئاب الليل !
مشت جواره،الخوف ألجأها إلى هذا،كنت عند أهلي في أبو غنيمة،تأخر القطار،لم تنطق بغير هذه الجملة.
طرق الباب،فتحت له زوجته،زمت على شفتيها،بئس ما أتيت به،شبت في صدرها نار،يعرف غيرتها،تركت عصابة رأسها جمالا لا يقاوم،الشعر حين أبانت عن خصلاته بدت وكأنما هي سبكية ذهب تموج في بحر دسوق حين يأتي المساء،طراوة يديها تشعر بأن صنفا من النساء هبط من الجنة أو لعلها جنية أتت لتسرق زوجها وتذهب به بعيدا،دارت بها الأوهام ودت لو تناولت طعامها أو حتى أخذته وذهبت لحال سبيلها،هل هو راعي النساء؟
تعرفه يحب هذا الصنف،كثيرا ما سمعته يتندر عليها،أن كانت خلوا من هذا،أفاقت عليه يخبرها،:
إنها ستبيت عندنا الليلة،أعدي لها الطعام،ما عندنا غير عدس وعبش،ابتسمت لها : فضل من الله ونعمة؛وهل يعقل أن تطمع في غير هذا؟
أمرها أن تذبح ذكر البط،لكن الليل تأخر.
إكرام ضيف الله واجب.
استجابت في تثاقل!
في تجرؤ قالت : أجهز معك.
تناولوا طعامهم،نامت معها،غير معقول أن تدعها وحدها،الحذر أمان،من يدري ماذا وراءها؟
أذن الشيخ للفجر،طلب منها أن تعد الفطور،وتجهز لها زيارة مسافر،أركبها القطار،بعدما دفع لها خمسة مليمات أجرة حتى لا تجرج من أي كان!
عرض عليها مالا زيادة في الطمأنينة.
آوى إلى مخدعه بعدما تناول عشاءه،ثمة طرقات على باب البيت الذي يؤجره ، لم يكن يعلم أن هذا الطعام لن يكمله،انقبضت نفسه إنه ليل،العيون تترصده،لقد سرق الحرامية في سوق تلا البقرتين حصيلة تجارته!
سأل عن العمدة ،دلوه على شيخ الخفراء!
لم يكن يعلم أنه شيخ المنصر،في سخرية سأله وماذا أفعل لك؟
صوته طرق أذنيها،لقد سمعت مثل هذا من قبل،تحينت أن تراه،أرسلت ولده إليه: هذا الشيخ زيدان من صان عرضك،وحفظني في بيته!
دخلت بأطيب الطعام،عرفها سرت البشرى في وجهها،نادى شيخ الخفراء: ابحثوا حالا عن بقرتي الشيخ زيدان،ثم نادى في الناس أن بيعوا له والمال عندي،ومن يومها والشيخ زيدان صار من كبار التجار،توارث أبناؤه سيرته الطيبة،وجادت تلا بأبقارها.

Related posts

Leave a Comment