قهوة جاب الله للسيد شعبان جادو

أكواب الشاي تغير لونها إلى حمرة بائسة،المكان به رائحة منفرة،الكل هنا في حال بائسة !

أشاح بالصحيفة التى كانت في يديه،إنه يتذمر كثيرا هذه الأيام،ضاق بوضعه،راتبه لم يعد يكفيه،نظر في ثيابه فهاله أنه لم يشتر جديدا منذ سنتين،تهرأ موضع مقعدته،حقا أنزل الله اللباس زينة وريشا،لكن ثيابه لا تصلح.
ترهقه بمطالب الأولاد،لم يعد في وسعه طاقة،كل الأشياء التى تواجدت في البيت ورثها عن أبيه،القدم يعطي للأشياء بعض عبق،الأوراق تناثرت عفو خاطر،لم تحركه رغبة أن يطالع جديدا فيها؛فكل الأخبار سواء:حروب ونزاعات في تلك البقعة تبرز الشياطين قرونها،تأخر به الوقت في هذا المقهى اليتيم،الكراسي الخشبية تناثرت قوائمها،حتى الحوائط الأربعة صارت باهتة تعلوها صفرة الموت،الزبائن وجوههم بها علة الفقر!
أكواب الشاي تغير لونها إلى حمرة بائسة،المكان به رائحة منفرة،الكل هنا في حال بائسة !
تململ في جلسته،لم يعد به شوق إليها،الوحدة في أحيان كثيرة تسعد صاحبها،من بعيد صوت مغن يعود صداه في تلك الزاوية المنعزلة عن العالم، محلل:ترامب يدك مطار الشعيرات،كوريا الشمالية تستعد لتهديدات أمريكا،أم القنابل تدك جبال أفغانستان،النادل يدير مؤشر الموجة،امرأة تغني بلاعج الحب والهوى،أصواتمتداخلة،زميله يحرك إصبعه في حذاء تمزقت مقدمته،يخبره : العلاوة الاجتماعية ستضاف بداية من شهر مايو !
المتسكعون في الطرقات كثر،صارت مقهى جاب الله ملاذهم الأخير،يلعبون الطاولة بل وفي أحايين كثيرة يتسلون باجترار ذكريات الماضي،النيل كان يمتد بساطا أمامهم،الأسماك تتراقص في تدلل،الصبية يسبحون حتى الشاطيء الآخر،كانت أيام!
خوفته أمه من الجنية التى تسكن المبنى القديم،يقال إن الفراعنة هم من شيدوا الساقية !
كثرت الحكايات عن هذا الطلل الذل سوط؛على النقيض من هذا بعض صبية يعبثون بهواتفهم الرقمية،مقاطع مصورة تنبيء عن عبث بدأ يلوح في نزق!
اشتهى بعض حبات من عنب،تحسس جيبه،تذكر أنها استولت على بطاقة المصرف،لا يتحكم في راتبه،صار مثل خيل الحكومة،يبحثون لها عن رصاصة الرحمة،انتابته حالة من اليأس،إنه بلا ظل،أولاده لا يحفلون به،حتي هي ما عادت ترتدي الثوب المخملي،ضرب الزمن بتجاعيده على نضارتها،أو لعله يراها هكذا!
هتاف يأتي مثل فيضان النيل،الصدور عالية المكان يرتج تحت أقدامهم،على الحائط شارة اليد،رمز لمحنة كبرى،تحسر أن لم يكن معهم،ليته كان هناك!
يقبع في الركن المعتم رجل يرتدي نظارة سوداء،إنه من مخلفات العهد البائد،الصحيفة التي بيديه قلبت حين جاء الطوفان،هاتفه على أذنه تلك التي تشبه رادار المطار الذي كان يوما يقف عنده منتبها.
الأنثى لها عطر يتحسسه بأنفه،يشعر برغبة تمسك بخناقه،إنها ترآت له في ذلك الثوب الأرجواني،كانت لياليه دعابة على أشعة القمر الفضية،قبض يديه،بعدما ظنها بجانبه،تقوس ظهره،شاب شعره،غير معقول أن يظل هكذا ،المرأة اشتياق،يود لو رزق طفلا صغيرا،إنها تمتنع أصابتها الملوحة،من بعيد أتت تتهادى،لم تكن غير بائعة البرتقال،طفل صغير يمسك بطرف ثوبها،ابتسمت له في ود ظاهر،اليوم الخمبس،أصابته رعدة،تحسس جيبه،لقد انتفخ هواء !

Related posts

Leave a Comment