وأخيرا هوى النجم الساطع، واندك الجبل الأشم ،وطوى العلم المنشور، وغابت الشمس المشرقة، وترجل الÙارس المعلم.. ومات الشيخ الغزالي .
أخيرا Ùقدت الأمة الإسلامية علم الأعلام، وشيخ الإسلام، وإمام البيان ورجل القران.
أخيرا أغمد قلم كان سيÙا علي أعداء الله ØŒ لم ÙŠÙÙ„ له Øد طالما أرعب الملاØدة والمناÙقين، وخرس لسان ظل يجلجل ويدوي خلال ستين عاما، بالدعوة إلى الله ،يØشد الناس ألوÙا ألوÙا ÙÙŠ ساØته، ويجمعهم صÙÙˆÙا صÙÙˆÙا علي دعوته .
مات الشيخ الغزالي، وهو ÙÙŠ قلب المعركة لم يلق السلاØØŒ ولم يطو الشراع ،بل ظل يصارع الأمواج، ويواجه العواص٠التي هبت من يمين وشمال علي سÙينة الإسلام، تريد أن يبتلعها اليم، وأن تغرقها Ø§Ù„Ø±ÙŠØ§Ø Ø§Ù„Ù‡ÙˆØ¬.
Ùقد نشرت وكالات الأنباء أن الشيخ أصيب بالأزمة القلبية الØادة، وهو ÙŠØاضر ÙÙŠ ندوة: (الإسلام والغرب ) التي عقدت ÙÙŠ الرياض. لقد سقط الÙارس والسي٠مسلط ÙÙŠ يده ! واØسبه من(الشهداء) إن شاء الله، Ùقد مات وهو يدعو ويداÙع عن الإسلام، كما مات غريبا.
كنت أعلم أن الشيخ الغزالي مصاب بجلطة منذ سنوات، وأن أطباءه نصØوه Ùˆ أكدوا عليه ألا يساÙر، لان صØته لا تØتمل متاعب السÙر، ولكن الشيخ لم يكن يسعه إذا دعي إلى عمل إسلامي أن يرÙض، ويقول: إن الكريم لو دعي إلى طعنة لأجاب!.
ولهذا ساÙر منذ عدة اشهر إلى أمريكا ممثلا لمجمع البØوث الإسلامية .
ÙˆÙوجئت Øين قرأت ÙÙŠ الأسبوع الماضي Øضوره مهرجان الجنادرية الثقاÙÙŠ بالرياض، ليشارك ÙÙŠ ندوة عن ( الإسلام والغرب ) ØŒ مع أن الشيخ أرسلت إليه دعوات كثيرة من عده أقطار – خصوصا من الخليج – ØªÙ„Ø Ø¹Ù„ÙŠÙ‡ أن يساهم ببعض المØاضرات ÙÙŠ ليالي رمضان، ولكنه اعتذر بلط٠للجميع.
ويبدو أن الله تعالي قدر له هذا السÙر لأمر يعلمه سبØانه،وهو أمر ÙŠØبه الشيخ رØمه الله. ذلك أن يكون مثواه الأخير بالقرب من مثوى رسول الله عليه الصلاة والسلام ومسجده الشريÙØŒ بمداÙÙ† البقيع بالمدينة المنورة، التي أل٠Ùيها كتابه القيم(Ùقه السيرة) ودمعه يختلط بالمداد تأثرا ÙˆØبا للرسول الكريم. وما كان ÙŠØªØ§Ø Ù„Ù‡ هذا إلا بمثل ما Øدث .والله غالب علي أمره.
وقد اخبرني صديقه وصديقي Ø£.د. Ù…Øمد عمر زبير الذي Øضر جنازته ودÙنه بالمدينة :أن قبره ÙÙŠ موضع متميز ØŒ قريب جدا من قبر الإمام مالك، بينه وبين قبر الإمام ناÙع Ø£Øد القراء السبعة، رضي الله عنهم جميعا .
لقد عرÙت الشيخ الإمام منذ Ù†ØÙˆ نص٠قرن ÙعرÙت Ùيه العقل الذكي، والقلب النقي، والخلق الرضي، والعزم الأبي، والأن٠الØمي، عرÙت الغزالي Ùما عرÙت Ùيه إلا الصدق ÙÙŠ الإيمان، والسداد ÙÙŠ القول، والإخلاص ÙÙŠ العمل ،والرشد ÙÙŠ الÙكر، والطهارة ÙÙŠ الخلق، والشجاعة ÙÙŠ الØÙ‚ØŒ والمعاداة للباطل، والثبات ÙÙŠ الدعوة، والمØبة للخير، والغيرة علي الدين، والØرص علي العدل ،والبغض للظلم، والوقو٠مع المستضعÙين ،والمنازلة للجبابرة والمستكبرين، مهما أوتوا من قوة .
عرÙت الشيخ الغزالي ÙعرÙت رجلا يعيش للإسلام، وللإسلام ÙˆØده، لا يشرك به شيئا، ولا يشرك به Ø£Øدا، الإسلام Ù„Øمته وسداه، ومصبØÙ‡ وممساه، ومبدؤه منتهاه. عاش له جنديا ØŒ ÙˆØارسا يقظا، شاهر السلاØØŒ Ùأيما عدو اقترب من قلعة الإسلام يريد اختراقها، صرخ بأعلى صوته، يوقظ النائمين، وينبه الغاÙلين، Ø£Øسبه كذلك والله Øسيبه ولا أزكيه علي الله .
قد تختل٠مع الشيخ الغزالي ÙÙŠ قضية أو أكثر، وقد تنقده ÙÙŠ بعض ما ذهب إليه من آراء، ولكنك لا تستطيع أن تشك ÙÙŠ صدقه وإخلاصه وغيرته. وهو على كل Øال مجتهد ÙÙŠ Ùهم دينه ÙˆÙÙŠ خدمته بالطريقة التي يراها Ø§ØµÙ„Ø ÙˆØ£ØµÙˆØ¨ØŒ Ùان أصاب Ùله أجران، وان أخطأ Ùله أجر واØد .
لقد ترك الشيخ الغزالي بصمات واضØØ© علي العقل الإسلامي، لا يمØوها اختلا٠الليل والنهار: بما أل٠من عشرات الكتب، وما أنشأ من مئات المقالات ،وما أقام من آلا٠الدروس والخطب والمØاضرات، وما أذيع له من Ø£Øاديث لا تØصر ÙÙŠ الإذاعات والتلÙازات .
كما كان للشيخ تلاميذ وطلاب تلقوا عنه العلم ÙÙŠ الجامعات التي عمل Ùيها :ÙÙŠ الأزهر ÙÙŠ مصر، ÙˆÙÙŠ أم القرى ÙÙŠ مكة، ÙˆÙÙŠ كليه الشريعة ÙÙŠ قطر، Øيث سعدنا به Ùيها لمده ثلاث سنوات ،وÙÙŠ جامعه الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية ÙÙŠ الجزائر، الذي بقي Ùيها خمس سنوات متصلة .
لقد لقن الشيخ طلابه الموازنة بين العقل والنقل، وبين الأصول والÙروع، وبين الدين والدنيا، ولم ينسق وراء الذين يريدون أن يبطلوا النصوص باسم المصالØØŒ ولا الذين يريدون أن يرÙضوا المنقول باسم المعقول، ولا الذين يريدون أن يقيموا Øربا بين الإسلام والعصر، أو بين الإسلام والتطور، انه يقول للذين يطالبون الإسلام أن يتطور: لماذا لا تطالبون التطور أن يسلم؟!.
قد يأخذ الناس علي الشيخ الغزالي بعض آرائه ÙˆÙتاويه، لأنها ليست علي مشربهم ،ولكن الذي أعلمه أن الشيخ الغزالي لم يخرج ÙÙŠ Ùتوى أو رأي علي إجماع الأمة المستيقن. وقد بينت ذلك ÙÙŠ كتابي عنه. وقد أتهم شيخ الإسلام ابن تيمية قديما بأنه خرق الإجماع ÙÙŠ قضايا الطلاق وما يتعلق به. وهي التي قال Ùيها تلميذه الØاÙظ الذهبي: وله Ùتاوى نيل من عرضه بسببها ،وهي مغمورة ÙÙŠ بØر علمه .
وأنا أقول: إن هذه الÙتاوى التي أوذي من أجلها ابن تيمية وادخل Ùيها السجن ومات Ùيه، هي المعتمدة الآن لدى كثير من أهل الÙتوى، وهي التي أنقذت الأسرة المسلمة من الانهيار .
لقد صدع الشيخ الغزالي بما يرى انه الØÙ‚ØŒ ولا يسع عالما يخشى الله ألا ÙŠÙعل ذلك، مادام من ( الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون Ø£Øدا إلا الله ) .
ربما كان ÙÙŠ عباراته-ÙÙŠ Ø£Øيان قليلة- بعض الØدة،وما ذلك إلا اثر من آثار الØرارة التي تتوقد ÙÙŠ صدره،Ùهو لا يطيق العوج، لا من المسلمين ولا من غيرهم، Ùإذا رأى عوجا تأجج قلبه نارا، تظهر علي ثمرات قلمه ولسانه.
قد عاش الشيخ الإمام رØمه الله عمره كله Ù…Øاربا للقوى المعادية للإسلام ÙÙŠ الداخل والخارج، والتصدي لتياراتها، والعمل علي هدم أوكارها ،وهتك أستاها، وكش٠عملائها. وهو هنا مقاتل عنيد، لا يستسلم ولا يطأطئ، ولا يلين يوما.
وق٠ÙÙŠ وجه الاستعمار، وكش٠عن Øقيقته ودواÙعه، وأنها (Ø£Øقاد وأطماع).
ÙˆÙÙŠ وجه الصهيونية، التي اغتصبت الأرض المقدسة وشردت الأهل، وخططت لهدم المسجد الأقصى وإقامة هيكل سليمان علي أنقاضه .
ÙˆÙÙŠ وجه التنصير، الذي يريد أن يسلخ المسلمين من عقيدتهم، Ù„ÙŠØµØ¨Ø Ø§Ù„Ù…Ø³Ù„Ù…ÙˆÙ† عبيدا للصليبية الغربية .
ÙˆÙÙŠ وجه الشيوعية التي سماها (الزØ٠الأØمر ) ونبه علي خطرها من قديم، واكتساØها للجمهوريات الإسلامية ÙÙŠ آسيا .
ÙˆÙÙŠ وجه الØضارة المادية وأباØتها الجنسية، وعصبيتها العنصرية، ومØاولتها للسيطرة الإمبريالية، وان لم ينكر ما Ùيها من عناصر إيجابية يمكن الاستÙادة منها .
ÙˆÙÙŠ وجه العلمانية اللادينية، التي تؤمن ببعض الكتاب وتكÙر ببعض، تريد الإسلام عقيدة بلا شريعة، وسلاما بلا جهاد، ودينا بلا دوله، واتباعا أعمى للغرب “شبرا بشبر، وذراعا بذراع”.
وقد بدا الشيخ هذه المعركة من قديم، Øين رد علي صديقه الشيخ خالد Ù…Øمد خالد ÙÙŠ كتابه(من هنا نعلم) ولكنه لم يقس عليه، وكان يظن به خيرا، Ùˆ أنكر على الأزهر Øين Ùكر بعضهم أن يجرد الشيخ خالدا من شهادة العالمية، وقد صدقت الأيام ظن الغزالي ،وعاد خالد إلى رØاب الإسلام الذي نشا ÙÙŠ ظله، وتربى ÙÙŠ Ø£Øضانه .
وبقدر لين الشيخ الغزالي مع الأستاذ خالد ،كان نارا تكوي وتØرق ،على العلمانيين المعادين علنا لشريعة الإسلام. وهو يقول لماذا لا نسمي هؤلاء باسمهم الØقيقي ØŸ
إنهم المرتدون !.
لقد عرÙت الشيخ الغزالي عن كثب، عرÙته ÙÙŠ معتقل الطور، وعرÙته بعد المعتقل، وعايشته وصØبته ÙÙŠ السÙر والØضر .
وقد وجدت الشيخ الذي يشتد ويØتد ÙÙŠ نزاله الÙكري، Ùيهدر كالموج، ويقص٠كالرعد، ويزأر كالليث،Øتى أنك لتØسبه ÙÙŠ بعض ما يكتب مقاتلا ÙÙŠ معركة، لا مجادلا ÙÙŠ قضية، وتØسب القلم الذي ÙÙŠ يده، كأنما السي٠أو Ø§Ù„Ø±Ù…Ø ÙÙŠ يد ابن الوليد: وجدته – عن كثب – إنسانا رقيق القلب ،قريب الدمعة، نقي السريرة، صاÙÙŠ Ø§Ù„Ø±ÙˆØ ØŒØلو المعشر، كريم الخلق،باسم الثغر،موطأ الأكناÙØŒ عذب الØديث ،سريع النكتة، بسيطا متواضعا، هينا لينا، بعيدا عن التكل٠والتعقيد والتظاهر والادعاء، تسبق العبرة إلى عينيه إذا سمع أو رأى موقÙا إنسانيا، ويهتز خشوعا وتأثرا، إذا ذكر الله والدار الآخرة ØŒ ولا يأن٠أن يتعلم Øتى من تلاميذه، يعتر٠لكل ذي موهبة بموهبته، لا ÙŠØسد ولا ÙŠØقد،يكره الظلم والتسلط على عباد الله يقول بصراØØ© لا Ø£Øب أن أتسلط على Ø£Øد، ولا أن يتسلط عليّ Ø£Øد .
لقد عاش الشيخ الغزالي Øياته كلها Øر الÙكر والضمير، Øر القلم واللسان، لم يعبد Ù†Ùسه لأØد إلا لربه الذي خلقه Ùسواه، لم يبع ضميره ولا قلمه لمخلوق كان. وكم Øاول أصØاب السلطان أن يشتروه، ولكنهم لم يقدروا علي ثمنه. وكي٠يمكن أن يشترى من يريد الله والجنة؟! ولقد Ù„ÙˆØ Ù„Ù‡ بالمناصب التي يسيل لها لعاب الكثيرين من عبيد الدنيا، ولكن الشيخ لم تلن له قناة،ولم يغره وعد، كما لم يثنه وعيد. لقد كان يتمثل بالشاÙعي رضي الله عنه وهو يقول :
أنا إن عشت لست أعدم قوتا وإذا مت لست أعدم قبرا!
همتي همة الملوك ونÙسي Ù†Ùس Øر ترى المذلة ÙƒÙرا!
ومما يذكر للشيخ الغزالي هنا : أنه رÙض الخضوع لأهواء العوام، كما رÙض الخضوع لسلطة الØكام. وكتب مرة مقالة يقول Ùيها : أهواء العامة لا تهادن. ولم ÙŠØاول أن يزايد بإرضاء الجماهير، علي Øساب ما يراه Øقا ÙÙŠ دينه، كما ÙŠÙعل ذلك بعض ( الأدعياء ) الذين ÙŠØسبهم الناس ( دعاة ). وما أعظم الÙرق بين الدعاة والأدعياء ! .
لقد مات الشيخ الغزالي، ولكن Ø£Ùكاره لم تمت ،إن الأÙكار لا تموت بموت أصØابها ،إنها لم تزل Øيه ناطقة ÙÙŠ كتبه الأصيلة المتميزة، التي انتشرت ÙÙŠ المشارق والمغارب، وطبعت مرات ومرات، وترجم كثير منها إلى عدد من اللغات، ÙˆÙÙŠ تلاميذه المنتشرين ÙÙŠ أنØاء العالم، الذين ÙŠØملون دعوته، ويتبنون رسالته .
لقد ألÙت كتابا عن شيخنا الغزالي كما عرÙته،خلال نص٠قرن ÙÙŠ 286 صÙØه، وقد نشرته صØÙŠÙØ© الشرق القطرية، علي ثلاثين Øلقة، خلال شهر رمضان قبل الماضي (1415هـ) ثم نشرته دار الوÙاء ÙÙŠ مصر. وقد ظهر خلال معرض الكتاب الدولي ÙÙŠ القاهرة الذي أقيم ÙÙŠ الشهر الÙائت. ولا أدري هل قدر للشيخ أن يراه بعد صدوره أو لا ØŸ [1]وهو بعض ما للشيخ من ØÙ‚ علي وعلى أمثالي ممن انتÙعوا بعلمه، واقتبسوا من ضيائه .
ليس هذا الكتاب تاريخا للغزالي، Ùلا أزعم أني أملك كل أدوات المؤرخ، ولا أملك المعلومات الكاÙية لمثل هذا العمل، وأنا أعلم أن الشيخ – رØمه الله – قد كتب قصة Øياته، وكنت أدعو الله أن يمد ÙÙŠ عمره ÙÙŠ عاÙية وتوÙيق وبركة ØŒØتى يضي٠إلى كتابه Ùصولا ÙˆÙصولا، ولكن أجل الله إذا جاء لا يؤخر .
كما أرجو أن يوÙÙ‚ الله بعض أبنائنا الدارسين ÙÙŠ أقسام الدعوة وغيرها أن يقدموا ÙÙŠ أطروØاتهم العلمية دراسات إضاÙية عن الشيخ رØمه الله وعطاءاته الخصبة والمتنوعة، بما يليق بمكانه الشيخ العلمية والدعوية والإصلاØية .
وقد قلت ÙÙŠ مقدمة ذلك الكتاب :
ما أقدمه اليوم إنما هو ذكريات وخواطر وأÙكار، تØاول أن تقدم صوره للشيخ الإمام، صادره من معرÙتي به، ومعايشتي له، وقراءتي وسماعي له، Ù†ØÙˆ نص٠قرن من الزمان .
أجل لست أؤرخ للغزالي Ùما أنا بالمؤرخ، ولكني أشير إلى Ù…Ù„Ø§Ù…Ø Ù…Ù† Øياته وسيرته، عرÙتها عن معايشه وقرب، ولا ازعم أنى رسمت له صوره بينة الملامØØŒ Ùما أنا ممن ÙŠØسن الرسم .
وربما قيل: إنك تكتب بقلم المØب لا بقلم الناقد، وأنا أشهد أني Ø£Øب الغزالي Ùˆ أتقرب إلى الله بØبه، ولكني لم أعْد الØÙ‚ Ùيما خط قلمي، ولا ينبغي أن يغمط الإنسان من ÙŠØب، Ùرارا أن يتهم بالتØيز، Ùالعدل ÙŠØكم القريب والبعيد، والصديق والعدو ( وإذا قلتم Ùاعدلوا ولو كان ذا قربى ) .
Ùˆ إني لأنكر علي الإسلاميين أنهم لا يعطون Ù…Ùكريهم وعلماءهم وأدباءهم ما يستØقون من تكريم وتقدير، ينزلهم منازلهم ØŒÙÙŠ Øين يصنع العلمانيون والماركسيون هالات مكبرة Øول رجالاتهم، Øتى يجعلوا من الØبة قبة، ومن القط جملا! وصدق Ùيهم قول الشاعر :
وبقيت ÙÙŠ Øلْ٠يزين بعضهم بعضا ليدÙع معور عن معور !
وإذا قيل : انك تنظر إلى الشيخ بعين الرضا، وعين الرضا لا تبصر العيوب، ÙØسبي أن أقول: أنى لا أزعم أن الغزالي مبرأ من العيوب، Ùما هو بالملك المطهر، ولا بالنبي المعصوم ،وإنما هو بشر يخطئ كما يخطئ البشر، ويصيب كما يصيب البشر، ولكن أخطاءه وزلاته مغمورة ÙÙŠ Ù…Øيط Øسناته وميزاته .
Ùˆ ” إذا بلغ الماء القلتين لم ÙŠØمل الخبث “ØŒ Ùكي٠إذا كان بØرا لا تكدره الدلاء ØŸ!.
والØÙ‚ أن هذا الكتاب أو هذه الدراسة التي قدمتها عن الشيخ الغزالي – رØمه الله – : أثبتت أننا أمام قائد كبير من قادة الÙكر والتوجيه، وإمام ÙØ° من أئمة الدعوة والتجديد. بل Ù†ØÙ† أمام مدرسة متكاملة متميزة من مدارس الدعوة والÙكر والإصلاØØŒ لها طابعها، ولها أسلوبها، ولها مذاقها الخاص. وتØتاج إلى دراسات عده لإبراز خصائصها ومواقÙها وآثارها .Ùليس الغزالي ملك Ù†Ùسه،ولا ملك جماعة او Øركة ولا ملك قطر ولا شعب ،بل هو ملك الأمة الإسلامية جمعاء .
لقد عاش الشيخ- رØمه الله – بشعور يغمره ويملأ Ùؤاده ووجدانه أبدا : أنه Øارس من Øراس هذا الدين الأيقاظ، ولا ينبغي أن يؤتي الدين من قبله وتÙريطه، بل يجب أن يتنبه دائما لأعدائه ÙÙŠ الداخل والخارج ،وأن يق٠لهم بالمرصاد مداÙعا ذائدا، بل مقاتلا مهاجما، Ùخير وسيله للدÙاع الهجوم، لا يلقي السلاØØŒ ولا ينشد الراØØ©ØŒ ومعركة المصØÙ ÙÙŠ العالم الإسلامي قائمة، والØرب علي الإسلام وأمته دائرة ،لم ينطÙئ لها أوار، والدم الإسلامي مستباØØŒ واكثر الموكلين بالØراسة يغطون ÙÙŠ نوم عميق، أو مشغولون بالجدل Øول Ùروع المسائل، وصغائر الأمور !.
لقد كتبت الأقدار علي الشيخ أن ÙŠØارب ÙÙŠ جبهتين واسعتين :
الأولى : جبهة الخصوم الكائدين للإسلام، المتربصين به الشر، الكارهين لانتشار النور وعودته إلى قيد الØياة من جديد.
بعض هؤلاء من خارج الإسلام، وخارج أرضه، من القوى العالمية التي تخاÙÙ‡ أو تبغضه : من اليهودية والصليبية والشيوعية والوثنية، الذين اختلÙت دياناتهم، واختلÙت طرائقهم، ولكن اتØدت أهداÙهم علي ضرب الإسلام، ووق٠مسيرته، ووضع الأØجار والعثرات ÙÙŠ طريقه ،وهم الذين قال الله Ùيهم: ( والذين ÙƒÙروا بعضهم أولياء بعض ) الأنÙال :73 ( وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض ) الجاثية : 19 .
وبعض آخر – للأس٠الشديد – من داخل أرض الإسلام بل من أبناء المسلمين أنÙسهم، وممن ÙŠØملون أسماء المسلمين : Ù…Øمد وأØمد ÙˆØسن ÙˆØسين وعمر وعلي … ولكنهم لا يضمرون للإسلام إلا شرا،ولا لدعاته إلا عداوة، ولا لشريعته إلا تنكرا .. وربما عادوه لأنه ضد شهواتهم المØرمة، وضد مظالمهم المÙترسة، وضد مصالØهم الآثمة، وضد مطامعهم الÙاجرة .
والجبهة الثانية : جبهة (الأصدقاء الجهلة) للإسلام ،الذين يضرون الإسلام أبلغ الضرر من Øيث يريدون أن ينÙعوه، ويهشمون وجهه من Øيث يظنون انهم يدÙعون ذبابة عنه ! هؤلاء الذين سماهم الشيخ ( الدعاة الÙتانين ) الذين يشغلون الناس بالÙروع عن الأصول، وبالجزئيات عن الكليات، وبالمختل٠Ùيه عن المتÙÙ‚ عليه، وبأعمال Ø§Ù„Ø¬ÙˆØ§Ø±Ø Ø¹Ù† أعمال القلوب .
لقد كان يشكو من دعاة أغلبهم نكبة علي الإسلام، وقذى ÙÙŠ عينه ! انهم لا يقرأون ولا يعانون، والقليل من الØقائق لديهم لا يضعونه ÙÙŠ موضعه الصØÙŠØØŒ وعلل الأمة لا تلقى منهم أساة ولا بكاة، لأنهم مشدودون إلى جدليات الماضي السØيق، ولا يدركون ماجد Øولنا، ولا الطÙرات الهائلة التي Ù‚Ùزت بها الØياة علي أرضنا .
وإذا كان الجسم المصاب بÙقر الدم يسقط ÙÙŠ أول مراØÙ„ الطريق ØŒÙالعقل المصاب بÙقر المعرÙØ© أعجز من أن يلاØÙ‚ مطالب الجهاد، أو يلبي Øاجات الØÙ‚ .
إن مكمن الخطر علي مستقبل الإسلام ومستقبل أمته وصØوته، تكمن ÙÙŠ هؤلاء الذين وجه إليهم الشيخ جل كتبه ÙÙŠ المرØلة الأخيرة، عساهم أن يتعلموا من جهل، وينتبهوا من غÙلة، وينتهوا من الإعجاب بالرأي والازدراء للغير، وان يتعلموا الذلة علي المؤمنين، والتوقير للكبار، والرØمة للصغار .
يقول الشيخ : ( والخطورة تجئ من أنصا٠متعلمين أو أنصا٠متدينين، يعلو الان نقيقهم ÙÙŠ الليل المخيم علي العالم الإسلامي، ويعتمد أعداء الإسلام- ÙÙŠ أوروبا وأمريكا- على ضØالة Ùكرهم ÙÙŠ إخماد صØوة جديده لديننا المكاÙØ Ø§Ù„Ù…Ø«Ø®Ù† بالجراØ).
إن الØضارة التي تØكم العالم مشØونة بالأخطاء والخطايا، بيد أنها ستبقى Øاكمة مادام لا يوجد بديل Ø£Ùضل!.
هل البديل الأÙضل جلباب قصير ولØيه كثة ØŸ أو عقل أذكى، وقلب أنقى، وخلق أزكى، ÙˆÙطرة أسلم، وسيرة Ø£Øكم ØŸ.
لقد Ù†Ø¬Ø Ø¨Ø¹Ø¶ الÙتيان ÙÙŠ قلب شجره التعاليم الإسلامية، Ùجعلوا الÙروع الخÙÙŠÙØ© جذوعا أو جذورا، وجعلوا الأصول المهمة أوراقا تتساقط مع الرياØ.
وشر٠الإسلام أنه يبني النÙس علي قاعدة: ( قد Ø£ÙÙ„Ø Ù…Ù† زكاها وقد خاب من دساها ) الشمس : 9 , 10 .
وأنه يربط الاستخلا٠ÙÙŠ الأرض بمبدأ : ( الذين إن مكناهم ÙÙŠ الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعرو٠ونهو عن المنكر ) الØج : 41 [2]
وهذا يخي٠الشيخ الإمام ويثير Ùزعه على غد الأمة. يقول رØمه الله : ( لقد خامرني الخو٠علي مستقبل امتنا لما رأيت مشتغلين بالØديث-ينقصهم الÙقه- يتØولون إلى أصØاب Ùقه، ثم إلى أصØاب سياسة تبغي تغيير المجتمع والدولة علي Ù†ØÙˆ ما رووا وما رأوا .. !! .
إن أعجب ما يشين هذا التÙكير الديني الهابط هو أنه لا يدري قليلا ولا كثيرا عن دساتير الØكم، وأساليب الشورى، وتداول المال، وتظالم الطبقات، ومشكلات الشباب، ومتاعب الأسرة، وتربية الأخلاق .. ثم هو لا يدري قليلا ولا كثيرا عن تطويع الØياة المدنية، وأطوار العمران لخدمه المثل الرÙيعة، والأهدا٠الكبرى التي جاء بها الإسلام .
إن العقول الكليلة لا تعر٠إلا القضايا التاÙهة، لها تهيج ،وبها تنÙعل ،وعليها ØªØµØ§Ù„Ø ÙˆØªØ®Ø§ØµÙ…! هززت رأسي أسÙا وأنا ارمق مسار الدعوة الإسلامية ! .
إن الرسالة التي استقبلها العالم قديما: استقبلها المقرور للدÙØ¡ØŒ واستقبلها المعلول للشÙاء ،هانت على الناس ÙÙ… يروا ما يستØÙ‚ التناول، وهانت على أهلها Ùلم يدروا منها ما يرÙع خسيستهم ويØمي Ù…Øارمهم ) [3].
ÙÙŠ مقدمه كتابه : ( الإسلام ÙÙŠ وجه الزØ٠الأØمر ) كتب الشيخ يقول: رأيت أن أكتب هذه الصØائ٠الØاÙلة بالØقائق العلمية والتاريخية، Ùˆ أودعتها صرخات قلب غيور علي دينه، Ø´Ùيق علي أمته. وأعر٠أنني بكتابتها سأتعرض لعداوات مميتة !! ولكن بئست الØياة أن نبقى ويÙنى الإسلام !! .
ÙˆÙÙŠ مقدمه كتاب : ( قذائ٠الØÙ‚ ) قال الشيخ :
أعداء الإسلام يريدون الانتهاء منه، ويريدون استغلال المصائب التي نزلت بأمته ،كي يبنوا أنÙسهم علي أنقاضها .
يريدون بإيجاز القضاء علي أمة ودين .
وقد قررنا Ù†ØÙ† أن نبقى ،وان تبقى معنا رسالتنا الخالدة، أو قررنا أن تبقى هذه الرسالة، ولو اقتضى الأمر أن نذهب ÙÙŠ سبيلها، لترثها الأجيال اللاØقة ! إلى أن يقول ÙÙŠ نهاية المقدمة :
إن الله أخذ علي Øملة الوØÙŠ أن يعالنوا به، ويكشÙوا للناس Øقائقه. وأكد عليهم ذلك ÙÙŠ قوله تعالى : ( لتبيننه للناس ولا تكتمونه ) ال عمران : 187 Ùما بد من البيان وعدم الكتمان .
وأعلم أن ذلك قد يعرض لمتاعب جسام، ولكني أقول ما قال صديقنا عمر بهاء الدين الاميري :
الهول ÙÙŠ دربي ÙˆÙÙŠ هدÙÙŠ Ùˆ أظل امضي غير مضطرب!
ما كنت من Ù†Ùسي علي خور أو كنت من ربي علي Ùريَب !
ما ÙÙŠ المنايا ما اØاذره الله ملء القصد والإرب !
( ربنا اغÙر لنا ذنوبنا وإسراÙنا ÙÙŠ امرنا وثبت أقدامنا وانصرنا علي القوم الكاÙرين ) آل عمران : 147 .
شيخنا الØبيب :
لقد Ùقدتك الأمة Ø£Øوج ما تكون إليك. Ùقدتك والمعركة بين -الإسلام وأعدائه- Øامية الوطيس، والأعداء جاءوا الأمة من Ùوقها ومن أسÙÙ„ منها، وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الØناجر وظن الناس بالله الظنون.( هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا ).
كنا ÙÙŠ Øاجة إلى قلمك السيÙØŒ أو سيÙÙƒ القلم، ليصول ويجول، مداÙعا عن الØÙ‚ ÙÙŠ مواجهة الباطل، عن الإيمان ÙÙŠ مواجهة الكÙر ،عن الإسلام المØاصر من اليهودية العالمية ،والصليبية الغربية، والوثنية الشرقية ،ومن عملائهم ÙÙŠ ديار الإسلام ممن ينتسبون إلى الإسلام وهو منهم براء.
Ùقدناك يا شيخنا، والمؤامرة تبيت، والمؤتمرات تعقد لضرب صØوة الإسلام – بيد أبنائه -تØت أسماء خداعة وعناوين كاذبة تØت (اسم الإرهاب) وهم أكبر الإرهابيين، وتØت عنوان( العن٠)وهم أول من استخدمه، وتØت اسم (التطرÙ) وهم صانعو المتطرÙين.
يريدون ألا يبقوا للجهاد جذوة تتقد ،ولا للدعوة شمعة تضيء، ولا للصØوة صوتا يجلجل، ولكنا تعلمنا منك أن كيد الله أقوى من كيدهم، ومكره سبØانه أسرع من مكرهم، ويده أشد من أيديهم .( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) ( يريدون أن يطÙئوا نور الله بأÙواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكاÙرون ) .
شيخنا الØبيب:
لا نجد كلمات ÙÙŠ روعة بيانك نودعك بها. كل ما نقوله لك : إن العين لتدمع، وان القلب ليØزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا،وإنا لله وإنا إليه راجعون .
اللهم اغÙر لشيخنا الغزالي وارØمه وأسكنه الÙردوس الأعلى، وتقبله ÙÙŠ عبادك المخلصين، واجزه خير ما تجزي به الأئمة الصادقين، واØشره مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالØين ،وØسن أولئك رÙيقا، وأجرنا ÙÙŠ مصيبتنا Ùيه، واخلÙنا Ùيه خيرا، اللهم لا تØرمنا أجره، ولا تÙتنا بعده ،واغÙر لنا وله . آمين .