خصائص الأسلوب العماني بين الشعر والنظم

لولا الدكتور محسن بن حمود الكندي مدير مركز الدراسات العمانية الأسبق بجامعة السلطان قابوس، ما كان هذا الكتاب؛ فقد أحسن الظن بأعمالي العُمانيّة، ورَغِبَ في نشر كل ما يَأْتَلِفُ منها؛ فجزاه الله عني خيرا، وجعلني عند حسن ظنه!

تَغَنَّ بِالشِّعْرِ إِمَّا كُنْتَ قَائِلَه إِنَّ الْغِنَاءَ لِهَذَا الشِّعْرِ مِضْمَارُ
يَمِيزُ مُكْفَأَهُ عَنْهُ وَيَعْزِلُهُ كَمَا تَمِيزُ خَبِيثَ الفِضَّةِ النَّارُ
صدق سيدنا حسان بن ثابت -رضي الله عنه!- صِدْقًا، وطبيعة الأسلوب العماني أَشْهَدُ من غيرها على صدقه قديما وحديثا، بشعر الفن ونظم العلم.
وليس أدل عندي على انطباع الأسلوب العماني بطبيعة التَّغَنِّي، من استمرار هاتين الظاهِرَتَيْن (غناء الشعر ونظم العلم):
فلا يزال طلاب علم الأسلوب يجدون في الملتقيات الشعرية العمانية، مَنْ يُغنّي قصائده حرصا على تمام الإبداع وإدهاش الإلقاء.َ
ولا يزال طلاب علم الأسلوب يجدون في طلاب العلم العمانيين، مَنْ يَنْظِمُ علمه حِرْصًا على استيعاب المسائل وتأليف القلوب.
بهذا التَّغَنِّي يَسْتَفْتِحُ علينا طالبُ الأسلوب العماني شعرا ونظما، ويتحرك تفكيره وتعبيره جميعا معا، وعن طبيعته ومظاهره ينبغي أن يُفَتِّش طالب علم الأسلوب العماني؛ فإنه إذا تحقق بطبيعة هذا التغني ووقف على مظاهره، أَفْضَى إليه الأسلوب العماني بذات نفسه، ودَلَّهُ على مَسالكها!
ومِلاك التغني شعرا ونظما العَروض، وهو ظاهرة لغوية تَكُونُ إذْ تَكُونُ الأصواتُ والكلماتُ والتعبيراتُ والجملُ والفقرُ والنصوصُ والكتبُ والجَمْهَراتُ؛ فمن ثم ينبغي لطالب علم الأسلوب العماني أن يَخْتَبِرَ من النصوص الشعرية والنظمية، مَظاهرَ التركيب العروضي اللغوي، التي يتشاركُ فيها العروض واللغة جميعا معا، على التحديد (اختيار عناصر التركيب وإبدال بعضها من بعض وُصولًا إلى تَحْديد العنصر المناسب)، والترتيب (تقديم بعض عناصر التركيب وتأخير بعضها وُصولًا إلى تَرْتيب الوضع المناسب)، والتهذيب (إضافة بعض عناصر التركيب وحذف بعضها وُصولًا إلى تَهْذيب المقدار المناسب).

Related posts

Leave a Comment