حكاية صبا للسيد شعبان جادو

آن اليوم أن أمزق ذاكرتي؛ فلا مكان لتلك الأحلام الموشاة بالزيف…

الكلمات تفر من قلمي هذه الأيام،فيما سلف كانت هي حلمي الأول،جهدت كثيرا أن أنال بعض ود منها،كانت مثل فراشة تمعن في الحركة كلما همت بها يد،ابتعدنا كل في عالمه،هي اعتصمت بذلك الجمال الطبيعي،رغم طيبة قلبها كانت تصر أن تبدو في مظهر المترفعة بعض الشيء!
أحببتها،تلك حقيقة لا أنكرها،وهل يخفي القلب شريانه؟
المسافات بيننا تقف حاجزا،يصعب على المرء أن يتجاوزها،مثل طيف يخدع العقل ،يعمي البصر،الخيال يصنع الوهم ،ظننت أني لن أعيش بدونها،امتلكت علي مشاعري،بالفعل كنت واهما؛أضعت سنوات عمري وراءها؛هي لم تشعر بي ؛فلها عالمها،وأما أنا ويا لخيبة حظي تلمست الضياع طريقا!
بعد خمسة وعشرين عاما وجب علي أن ألتفت للوراء،أن أسخر من ذلك الفتى الذى كنته يوما!
آن اليوم أن أمزق ذاكرتي،فلا مكان لتلك الأحلام الموشاة بالزيف،كنت متعلقا بالوهم ،حين استرجعت الساعات التى كنت أنتظرها عند باب القطار،ليتني أرحت نفسي وجلست في مقعدي،صدبقي زين العابدين هو من وسوس لنا بتلك الأماني الكذاب،كان يرى كل فتاة جديرة بقلبه،لقد وسعهن وجدا،رغم ضيق ذات اليد كان يلوك أبيات مجنون ليلى ،يتمثل نفسه جميل بن معمر،وأنا كنت تابعه،لم لا أكون مثله،الفضاء كان يحلو لنا ،بل حتى القمر ،على ضفة النيل نتبادل المواقف،نجتر السياسة ،نثرثر مثل أبطال نجيب محفوظ!
تبادلنا المواقف،وتباينت رؤانا وهذا جعلنا أشبه بالضد حين يخلو بنفسه،الآن يحلو تذكرها،زين هذا كان ماكرا،يقتنص الحكايات لكنه كان فاضلا حيث يتجمل بطيبة آسرة!
وأنا أبحث في أوراقي وجدت سطورا طواها النسيان،كم خدعتني كثيرا تلك الحماقات،لم أعثر لها على عنوان،ربما تكون سافرت بعيدا،أو لعل القلوب ملت تلك الجراح!
أردت هذه الليلة أن أخبرها بتلك الحكاية،ابتسمت في براءة الحمل،وهل تظن أنني لا أعرف بحكاياتك ؟
من أخبرك هذا؟
-أنت!
-أنا!
مثلك تجذبه الحكايات،يسافر وحيدا حيث أوراق الورد!
شعرت بأنني كنت أخفي حملا ثقيلا،وقد آن أن أتخفف منه،حاولت هذه الليلة أن أتصل بزين العابدين؛ لأخبره أن عمرنا قد ضاع سدى،ما نفعتنا تلك الثرثرة على ضفة النيل،أعلم أنه صار شيخا معمما،لكن به بعض رمق من حكايات الصبا!!
الكلمات التي اختزنتها تمثل لي فتاة أحلامي التى غادرت خيالاتي سريعا!
بقية من ملامح باهتة،بالفعل كنت ألوك السياسة متعلقا بوهم التغيير، لقد استرقها ذلك المنتشي بالنجمتين على كتفه،منذ فترة لم أسمع عنها خبرا، دهمها قطار النسيان،رحلت بعيدا حيث المكان الذي لا أوبة منه،بقيت أنتظر القطار المقابل،الشارة المرفوعة جانب رصيف رقم (٣) تخبرني أن القطار على وشك دخول المحطة،صعدت إليه جلست جوار النافذة،فجأة جاء !
تبادلنا التحية،منذ فترة لم نلتق،أخبرني أنه يوما ما كان ينسج من الوهم الحكايات،لم تكن له فتاة ،كان يحسن السرد، ولأنني أضعت سنوات عمري وراء حكايات لم تكتمل؛ أكل حكايتك كانت خيالا، كنت مثل مهرج سيرك يسخر من آلامنا؛ فقد تعلقت منك بوهم!
حتى تلك الثرثرة ما عادت تجدي؛ اغتال النسيان أجمل لحظات عمري!
ليته استمر!

Related posts

Leave a Comment