بارقة أمل للسيد شعبان جادو

تحملت منه برودة لا قبل لها بدفء جهدت كثيرا أن تجده بين زوايا عالمها الساكن،الليل صمت قاتل يحاصرها يمسك بخناقها،لم تشعر معه أنها مثل باقي لداتها،حتى القمر لم تجد فيه غير العناء،لياليه المضيئة،مجرد نزوة عابرة ثم تخفت بعد ØŒ دون جدوى…

اليوم فقط تبدأ في تذكر بعضا من ملامح حياتها،تمنت أن تغادر هذا البيت ليس عن فقر ولا سوء عشرة،تطويها الأحزان مثل تلك الثياب المكدسة في دولاب ملابسها الذي يحتوي الكثير من الحلي والمجوهرات ،فضلا عن الحرير من الثياب.
حياتها أشبه بدمية تحوطها طفلة بالرعاية وتهبها عطفا في غير موضعه،تلك الحياة لم تجن منها غير النفي في المكان والاغتراب في الزمان، فقد تركها وحيدة؛وهل هناك أقسى من انزواء النفس داخل جسد مغلف بإطار خادع من الاهتمام،المجوهرات في خزانتها والذهب في يديها مثل قيود لا انفكاك منها.
تحملت منه برودة لا قبل لها بدفء جهدت كثيرا أن تجده بين زوايا عالمها الساكن،الليل صمت قاتل يحاصرها يمسك بخناقها،لم تشعر معه أنها مثل باقي لداتها،حتى القمر لم تجد فيه غير العناء،لياليه المضيئة،مجرد نزوة عابرة ثم تخفت بعد ، دون جدوى حاولت معه أن يتبادلا المشاعر،يتشاركا الوحدة القاتلة،السفر والارتحال لكنه يرفض ،التغيير يعطي دفعة للأمام ،العالم به ما يمكن التمتع به،مشكلته الثراء،لم يبذل جهدا فكل ما لديه من مال ورثه عن أبيه،تربيته الصارمة تركت في نفسه الانطواء،الآخرون يطمعون في ماله ،هكذا لقنه أبواه!
حين كانت الجامعة بركان لهب،تشجع يومها وقال : لا !
أوجعه أبوه لوما،أمه بدورها لم تكف عن النحيب والعويل ، عاهدها أن يبقى كما هو ،أن يلزم الصمت ،حتى زوجته تلك التي تئن من الوحدة كانت من اختيار أمه، سمتها الوداعة والحنان،لم تر فيها غير مكملة للوجاهة هو لم يقل يومها لا !
اليوم ذكرى الحادث الأليم،أصيب والده بسيارة كانت مسرعة،لم تقصر معه أحس يومها باليتم ، تعبت من الحنان المغلف بدموعها،تحتاج أن تجد جوارها زوجها سندا وركنا تأوي إليه،هل كتب عليها الحرمان؟
نعم إنها تعاني وتكتم حسرتها في نفسها،كل يوم تنظر من شرفة بيتها،إنهن سعيدات،في العامين الماضيين ولدن أطفالا كثر،أما هي فمثل الحائط الأصم، لكم تمنت أن تشعر بأنوثتها،لكن هيهات هناك البرود !
الشعور بالوحدة يقتل صاحبه،يدفع به إلى الجنون،ما جدوى المال وأنت مقيد به.
الثراء الزائد عن الحد يدفع ولا ريب إلى الملل،كذلك كانت تشعر،رغم أنا لم تبح لأحد بما يعتمل في داخلها،الحزن مثل دثار كتب عليها أن تضعه على جسدها النحيل،الذين يبذلون العرق لنيل رغيف الخبز سعداء،حتى أطفال الشوارع عندهم شعور ما بالحياة،هكذا كانت تحدث نفسها كلما وجدت فسحة من رجاء،إنها تحسد المعدمين،وهم لعلهم يتمنون مكانها،تلك مفارقة عجيبة !
الترف يأتي بالأرق،مقولة لاتصدق إلا على حالتها.
آه لو يضربها !
أن يرفض طعامها،أن يقول: لا.
مجرد أن تسمع هذه الكلمة ربما يكون بداية جديدة،آه من الحاجة!
هي افتقاد لشيء أغلى من المال،الأنوثة والأمومة قرينتان،هو لم يشعرها بالأولى ومن ثم فالثانية مفتقدة.
تسمع صوتا يأتي من خارج البيت،ترى ما حدث؟
إنه صوته وتلك يده التي تدق على الباب،ما الذي حدث؟
قفزت مسرعة،الدهشة لم تترك لها فرصة،لم تنتظر حتى تفتح له الخادمة،أزاحت عن خصلات من شعرها؛فأبانت عن جمال حلو مغر،تذكرت ذلك اليوم،حين كانت الشوارع تموج بذلك الطوفان البشري،تشجعت وطلبت منه،أن يذهبا إلى هناك Ø› يعطيهم أغطية ،أن يكونا معهم،استجاب لها،احتمت به يوم ” الجمل” الأربعاء الدامي،أحبته كما لم تحبه من قبل،شعرت برجولته،وقفت في ظهره تحتمي به؛لأول مرة تدرك أن لها بعد الله سندا،بوركت ليلة الخميس،صاح :
رجل البيت !
أشارت إلى بطنها وقالت:
إنه ابن أربعة أشهر !

Related posts

Leave a Comment