تواضع الأقوياء أضع٠من تواضع العامة، هذا المعيد الذي قال صراØØ© إنه لا يعر٠(بدلا من أن يقول أي شيء ليبدوا عالما) اØتاج لقوة Ù†Ùسية أكثر من العالم، الكثيرون يصبØون متواضعين بعد أن يصبØوا ÙÙŠ منزلة عالية، أن تتبرع بمئة جنيه للÙقراء وأنت لا تملك إلا مئتين ÙŠØتاج قوة أكثر بكثير من من يتبرع بمئة وهو مليونير.
المتواضع
للدكتور Ù…Øمد زهران
السبت 28 مايو 2016 – 10:20 Ù…
جريدة الشروق
============================
[عضو هيئة التدريس بجامعة نيويورك ÙÙ‰ تخصص هندسة وعلوم الØاسبات، Øاصل على الدكتوراه ÙÙ‰ Ù†Ùس التخصص من جامعة ميريلاند الأمريكية، له العديد من الأبØاث العلمية المنشورة ÙÙ‰ الدوريات والمؤتمرات الدولية، بالإضاÙØ© إلى الأبØاث والتدريس.. له اهتمامات عديدة بتاريخ ÙˆÙلسÙØ© العلوم ويرى أنها من دعائم البØØ« العلمى، يستمتع جداً بوجوده وسط طلابه ÙÙ‰ قاعات المØاضرات ومعامل الأبØاث والمؤتمرات، أمله أن يرى الثقاÙØ© والمعرÙØ© من أساسيات الØياة ÙÙ‰ مصر].
============================
لن نقضى وقتنا ÙÙŠ هذه المقالة ÙÙŠ الØديث عن Ùضائل التواضع وذم الكبر، أولا لأن الكل يعر٠ذلك، وثانيا لأن ÙÙŠ العصر الØالي Ø§Ù„Ù†ØµØ Ø§Ù„Ù…Ø¨Ø§Ø´Ø± لا يجدى Ù†Ùعا وسيقابل إما بالسخرية أو الإعراض، وذلك لأن الناس ÙÙŠ عصرنا هذا والعصور القادمة أصبØت تتمتع باستقلالية كبير (وهذا جيد) والاستقلالية ترÙض الوصاية، وهذا من نتاج تقدم وسائل الاتصال وأن العالم Ø£ØµØ¨Ø Ù‚Ø±ÙŠØ© صغيرة كما يقولون وأن ما يوضع على الإنترنت لا ÙŠÙنسي إلى الأبد، وخل٠لوØØ© المÙØ§ØªÙŠØ ÙŠÙƒÙˆÙ† الشخص أكثر أريØية Ùنرى بسهولة نقاط الضع٠والقوة عند الآخرين وتسقط الهالة التي كنا نضعها للكثيرين، ÙأصبØنا نعر٠أن لكل شخص نقاط ضعÙÙ‡ Ùلا نقبل النصيØØ© بسهولة من منطق (أنت ضعي٠وتخطئ وأنا ضعي٠وأخطئ.. يعنى الØال من بعضه!!).
ولكن لننظر للموضوع من زاوية أخرى: تخيل أنك طالب ÙÙŠ الجامعة وتØضر “سيكشن”ØŒ وسألت المعيد سؤالا وأجاب بأنه لا يعرÙØŒ سترى من يسخر منه (Øتى وإن لم يقل ذلك صراØØ©) ويتسائل كي٠أنه معيد ولا يعرÙØŒ أو كي٠صار معيدا وهو لا يعر٠هذه المعلومة، إلخ.
تخيل معى الآن أنك سألت سؤالا لأØد العلماء الكبار وأجاب بأنه لا يعرÙØŒ غالبا سيرتÙع ÙÙŠ نظرك جدا وستقول انظروا لتواضع العلماء الذين لا يخجلون من الاعترا٠بجهلهم!!
لكن هذا العالم يتواضع من مركز قوة، هل يا ترى كانت ستكون هذه إجابته عندما كان باØثا صغيرا أو طالبا؟ إذا كانت الإجابة بنعم Ùهو عالم Øقيقي ويستØÙ‚ كل إجلال وتقدير، وهذا النوع من الناس ÙŠØقق الكثير ÙÙŠ Øياته (نوبل مرتين مثلاً!) Ùˆ يؤثر ÙÙŠ Øياة الكثيرين.
تواضع الأقوياء أضع٠من تواضع العامة، هذا المعيد الذي قال صراØØ© إنه لا يعر٠(بدلا من أن يقول أي شيء ليبدوا عالما) اØتاج لقوة Ù†Ùسية أكثر من العالم، الكثيرون يصبØون متواضعين بعد أن يصبØوا ÙÙŠ منزلة عالية، أن تتبرع بمئة جنيه للÙقراء وأنت لا تملك إلا مئتين ÙŠØتاج قوة أكثر بكثير من من يتبرع بمئة وهو مليونير، المØاÙظة على مظهر معين أمام الناس ÙŠØتاج طاقة كبيرة، وهذه الطاقة تؤخذ من طاقتك على العمل، وستجد Ù†Ùسك بعد ذلك موظ٠علاقات عامة بعد أن كنت تعمل بالعلم!!
كتاب “Free Radicals: The Secret Anarchy of Science” (أو “المتطرÙون الأØرار: الÙوضى السرية ÙÙŠ العلم”) للكاتب الصØÙÙŠ مايكل بروكس (Michael Brooks) طبعة 2012ØŒ يتØدث عن هذه النقطة بالذات، الكاتب يخترق Øياة الكثير من العلماء الكبار (Ø£Øياء وأموات) ويجمع معلومات كثيرة تدل على مدى المجهود الذي يبذله الكثير من العلماء ليظهروا أمام العامة بمظهر المتواضعين والمÙكرين والØقيقة غير ذلك، سترى ÙÙŠ هذا الكتاب مثلا Øروب شديدة بين عالمين كل منهما ÙŠØاول منع الآخر من نشر أبØاثه قبله.. هذه طبيعة بشرية.. للأسÙ!
ÙˆØيث أننا نتكلم عن التواضع الØقيقي، Ùشخصيتنا اليوم لا نستطيع إلا أن نوصÙها بالتواضع الجم رغم علمها، إنه من رواد علم الاجتماع ÙÙŠ مصر الدكتور سيد عويس وهو من Ø´Ø±Ø Ù„Ù†Ø§ العادات المتأصلة ÙÙŠ شعب مصر (ÙˆÙÙŠ العالم العربى عامة) وتاريخها وتأثيرها.
ولد الدكتور سيد عويس ÙÙŠ Ùبراير عام 1913 بØÙŠ الخليÙØ© وسمي “سيد” تيمنا بالسيد البدوي، ÙˆØصل على البكالوريوس ÙÙŠ علم الاجتماع عام 1940 بعد أن اضطر إلى الانقطاع عن الدراسة لمدة أربع سنوات بعد ÙˆÙاة والده لضيق ذات اليد، ساÙر الدكتور عويس إلى إنجلترا أولا ÙÙŠ بعثة لدراسة الماجستير والدكتوراه، ولكن هذه البعثة ألغيت عند قيام ثورة 1952ØŒ ولكنه بعد ذلك ساÙر إلى أمريكا ÙˆØصل على الماجستير والدكتوراه عامى 1954 Ùˆ1956. ومن أقواله عن السÙر “ساÙر وعش تجربة جديدة دون وجل، Ùالتجارب الإنسانية الواعية قناديل ÙÙŠ دربنا الطويل الذي قد لا يكون Ù…Ùروشا بالورود”. وجدير بالذكر أن قبل السÙر كان الدكتور عويس أول من عمل ÙÙŠ مهنة الخدمة الاجتماعية مديرا لمؤسسة العباسية.
يجب أن نعتر٠بأهمية أبØاث الدكتور سيد عويس Øيث Øلل سمات المجتمع المصري وهمومه بالتÙصيل ÙÙŠ الكثير من كتبه وأبØاثه، لكي يتطور أي شعب يجب أن يعر٠نÙسه وماهية نقاط قوته وضعÙه، وكيÙية استغلال الأولى وتقليل تأثير الثانية وقد Øصل الدكتور على جائزة الدولة التقديرية ÙÙŠ العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقاÙØ© عام 1986ØŒ ورØÙ„ عن عالمنا يوم 16 يونيو من عام 1989.
Ø£Ø±Ø´Ø Ù„Ù„Ø¬Ù…ÙŠØ¹ قراءة السيرة الذاتية الرائعة للدكتور سيد عويس “التاريخ الذي Ø£Øمله على ظهري” (ثلاثة أجزاء) وهو كتاب ثمين للغاية لأن يتجاوز كونه مجرد سيرة ذاتية إلى Ø´Ø±Ø Ø¹ØµØ§Ø±Ø© أبØاث وتجارب الدكتور ÙÙŠ Øياته، أما لماذا ذكرنا الدكتور سيد عويس عندما تØدثنا عن التواضع ÙيكÙÙŠ أن نقرأ ما كتبه:
“إن التاريخ الذى Ø£Øمله على ظهرى يتضمن الجوانب المشرقة، ألا يكÙينى أنني عشت ÙÙŠ العصر الذي كان Ùيه كل من سيد درويش ومصطÙÙ‰ لطÙÙŠ المنÙلوطي وأØمد شوقي ÙˆØاÙظ إبراهيم ومصطÙÙ‰ صادق الراÙعي وأØمد Øسن الزيات وإبراهيم عبدالقادر المازني وطه Øسين ومØمد Øسين هيكل وعباس Ù…Øمود العقاد ومØمود بيرم التونسي وتوÙيق الØكيم وزكي مبارك وسلامة موسى وأØمد أمين ÙˆÙكري أباظة.. ألا يكÙيني أنني تتلمذت على Ùضيلة الشيخ Ù…Øمود السبكي ثم السيدة إلزا ثابت والسيدة برتا Ùهمي ثم الأستاذ يعقوب Ùام ÙÙŠ مصر والبروÙيسور جون لويس (لندن) والبروÙيسور ألبرت موريس (بوسطن)”.
إن الإعترا٠بالجميل هو قمة التواضع.. رØÙ… الله الدكتور سيد عويس.