شخصيتنا اليوم هو دكتور “خمس مرات” بالإضاÙØ© إلى ست دبلومات.. إنه دكتور مضروب ÙÙŠ خمسة.. الدكتور Øامد عبدالله ربيع أستاذ العلوم السياسية والاقتصاد بجامعة القاهرة
الدرجة العلمية.. وما بعدها
[جريدة الشروق السبت 7/5/2016]
=================
لمØمد زهران
[عضو هيئة التدريس بجامعة نيويورك ÙÙ‰ تخصص هندسة وعلوم الØاسبات، Øاصل على الدكتوراه ÙÙ‰ Ù†Ùس التخصص من جامعة ميريلاند الأمريكية، له العديد من الأبØاث العلمية المنشورة ÙÙ‰ الدوريات والمؤتمرات الدولية، بالإضاÙØ© إلى الأبØاث والتدريس.. له اهتمامات عديدة بتاريخ ÙˆÙلسÙØ© العلوم ويرى أنها من دعائم البØØ« العلمى، يستمتع جداً بوجوده وسط طلابه ÙÙ‰ قاعات المØاضرات ومعامل الأبØاث والمؤتمرات، أمله أن يرى الثقاÙØ© والمعرÙØ© من أساسيات الØياة ÙÙ‰ مصر].
============================
ينبهر الناس بشيئين: الدرجة العلمية العالية والمدة التي تم الØصول Ùيها على هذه الدرجة، ÙÙ†ØÙ† عادة نربط الدرجة العلمية بالمعرÙØ© ونربط المدة بالذكاء، عندما ترى Ø£Øدا يسبق اسمه الـ”د.” Ùأنت تÙترض أنه يعر٠الكثير ÙÙŠ مجال تخصصه، قد يكون هذا صØÙŠØاً عندما Øصل على الدرجة ولكن هل مازال صØÙŠØاً بعد مرور عشر سنوات مثلاً على Øصوله على الدرجة؟ إذا كان هذا الشخص ينشر أبØاثاً ÙÙŠ مجلات أو مؤتمرات Ù…Øترمة ÙÙŠ مجاله Ùهذا معناه أنه مازال مطلعاً على الØديث من علمه ويتÙكر Ùيه ويبدع الجديد Ùيه، ولكن ليس كل من Øصل على الدكتوراه يعمل ÙÙŠ البØØ« العلمى، Ùماذا إذا كان يعمل ÙÙŠ الصناعة مثلاً أو كاستشارى؟ إذا كان ناجØاً (Ø§Ù„Ù†Ø¬Ø§Ø Ø§Ù„Øقيقى وليس Ø§Ù„Ù†Ø¬Ø§Ø Ø§Ù„Ù…Ø¹ØªÙ…Ø¯ Ùقط على العلاقات) ÙÙŠ عمله Ùهذا دليل على Ø¥Øاطته بالØديث من تخصصه وبراعته ÙÙŠ تطبيقه، Ùماذا إذا لم يكن هذا أو ذاك؟ شخص Øصل على الدكتوراه من عشر سنوات ولم ينشر شيئاً ولم يعمل ÙÙŠ مجال تخصصه، Ùماذا بقى من هذه الـ”د.”ØŸ إذا كان قد Øصل عليها من جامعة مرموقة وتعلم Ùيها بجد (الشرطان معاً) Ùسيكون معه مهارة التÙكير العلمى والنقدى الذى يمكن تطبيقه ÙÙŠ مجالات شتى، ولهذا نرى الكثير من العلماء قد Øصلوا على الدكتوراه ÙÙŠ تخصص ثم أبدعوا ÙÙŠ تخصص آخر، عالم الرياضيات والÙلسÙØ© الألماني العظيم جوتÙيرد ليبنيز (Gottfried Wilhelm Leibniz) Øاصل على الدكتوراه ÙÙŠ القانون!
أما إذا لم يكن الشخص الØاصل على الدكتوراه يقوم بأبØاث أو يساهم ÙÙŠ الصناعة أو يستخدم التÙكير العلمى السليم ÙÙŠ مجال آخر Ùلا تكترث بهذه الـ”د.” ولا تنبهر بها.. Ùماذا عن المدة التي تم الØصول Ùيها على الدرجة؟ Ù†ØÙ† نعتبر أن من ÙŠØصل على الدرجة ÙÙŠ مدة قصيرة هو عبقرى، وهذا إلى Øد ما صØÙŠØ ÙˆÙ„ÙƒÙ† يؤكده ما بعده أي ما Ùعله هذا الشخص بعد Øصوله على الدرجة، هل ظهرت عبقريته بعد ذلك؟ إذا لم تظهر هذه العبقرية ÙÙŠ أي شيء آخر بعد التخرج Ùهذا معناه أن هذا الشخص كان Ù…Øظوظاً Ùقط أثناء الدراسة: جاءت نتائج البØØ« مبشرة سريعاً بضربة Øظ أو المشر٠يريد تخريج طلبة سريعاً للØصول على ترقية أو للتقاعد أو أي سبب آخر.. ما أريد قوله هو ألا تنبهر بالدرجة Øتى ترى نتائجها.. Ùماذا لو كان هذا الشخص Øاصل على عدة درجات علمية؟ كي٠نقيمه؟
شخصيتنا اليوم هو دكتور “خمس مرات” بالإضاÙØ© إلى ست دبلومات.. إنه دكتور مضروب ÙÙŠ خمسة.. الدكتور Øامد عبدالله ربيع أستاذ العلوم السياسية والاقتصاد بجامعة القاهرة المولود بصعيد مصر عام 1925ØŒ Øصل على ثلاث شهادات دكتوراه من جامعات إيطاليا: واØدة ÙÙ‰ علم الاجتماع التاريخي لمجتمعات البØر المتوسط من جامعة روما عام 1950 وأخرى ÙÙŠ ÙلسÙØ© القانون عام 1951(!!) ثم ثالثة ÙÙŠ العلوم النقابية تخصص اقتصاديات العمل عام 1954ØŒ قبل أن نتكلم عن الدكتوراه الرابعة والخامسة من Ùرنسا يجب أن نذكر شيئاً مثيراً ÙÙŠ بعثة إيطاليا التي بدأها عام 1948ØŒ أثناء هذه البعثة عاش الدكتور Øامد ربيع عشر سنوات ÙÙŠ دير “سان Ùرانشيسكو” بالÙاتيكان Øيث عايش الرهبان Ùˆ درس الكثير من العلوم من المصادر الأصلية بل Ùˆ أتقن اللاتينية، هذا التجرد Ùˆ الإنقطاع التام للعلم هو ما ساعده على القيام بدراساته الأسطورية، بعد إيطاليا نال الدكتور Øامد درجة دكتوراه الدولة ÙÙŠ العلوم القانونية من جامعة باريس عام 1959ØŒ ثم درجة الدكتوراه ÙÙŠ العلوم السياسية من Ù†Ùس الجامعة عام 1963. ولن نتكلم عن الدبلومات أو شهادة الـ(Agrégation) المروموقة من Ùرنسا!
إذا نظرنا إلى هذه التخصصات التي درسها الدكتور Øامد ربيع بعمق وصل إلى الدكتوراه لوجدنا أن هناك خيطاً يصل بينها، هذا الخيط هو النظرية السياسية Ùˆ تعريÙها كما يقوله الدكتور ÙÙŠ Øديثه الرائع مع Ù…Øمود عوض (الرائع أيضاً) ÙÙŠ كتاب هذا الأخير “من وجع القلب”: مختل٠الوسائل والأدوات الÙكرية والتجريبية التي ØªØ³Ù…Ø Ø¨Ø§Ù„ØªØكم ÙÙŠ النشاط السياسي”. ويستطرد الدكتور ÙÙŠ هذا الØديث ويقول: “عالم النظرية السياسية عندماً ÙŠØلل موقÙاً سياسياً معيناً يظل يجمع العناصر المتناثرة ثم يلجأ إلى علمه وخياله معاً لكى يخرج ÙÙŠ النهاية بصورة متماسكة تعبر بقدر الإمكان عن الواقع الØÙ‰”ØŒ وهنا يجب أن نذكر أن عالمنا كان بارعاً جداً ÙÙŠ التنبؤ السياسي.. Ùˆ الآن ماذا بعد الØصول على كل هذه الخبرات والشهادات؟ هل ننبهر؟.. Ùلننتظر قليلا.
الدكتور Øامد ربيع قام بإنشاء مركز الدراسات الإنمائية ÙÙŠ كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ÙÙŠ جامعة القاهرة وأشر٠على إنشاء المعهد الدبلوماسي التابع لوزارة الخارجية المصرية وعمل أستاذ خارجي ÙÙŠ جامعات الخرطوم وبغداد وروما وباريس ودمشق والجزائر والكويت ومØمد بن سعود وجامعة ميتشيجان الأمريكية بل وله أكثر من 40 كتاباً وعدة مئات من المقالات العلمية.. ومناصب أخرى تجعل هذه القائمة طويلة للغاية … الآن آن لنا أن ننبهر!
رØÙ… الله الدكتور Øامد ربيع الذى توÙÙ‰ عام 1989 ÙÙŠ ظرو٠مازال يكتنÙها الغموض Øتى الآن.. Ø£Øب أن أقول لأجيالنا الشابة من العلماء أو من يريدون أن يسلكوا هذا الطريق: لا تنبهر بالدرجات العلمية Ùˆ ا تسعى لها لمجرد إبهار الآخرين، يجب أن يكون عندك مشروع معرÙÙ‰ تتØرك من خلاله، عندها سيكون العلم طوع بنانك لتØسين هذه الØياة التي Ù†Øياها.