خربشات حزينة سديدة لدعاء الشعيبية العنيدة

تأملِ الشعرَ بين يدي صغيرتي هذه الشعيبية، ثم تأملْه، ثمتَ تأملْه…
ثم قلْ:
ماذا جَنَيْتُ مِنَ المُستَشْيِخينَ ومِنْ ضَلالِ حِكْمَتِهِمْ هذي الّتي اتّبَعوا
إنْ قُلْتُ قافيةً بِكْرًا يَكونُ بها شَيءٌ على غَيرِ ما جاؤوهُ أو شَرَعوا
قالوا جُنِنْتَ فهذا الوَصْفُ شَطَّ وهذا اللَّفْظُ نَطَّ وهذا الفَهْمُ مُمْتَنِعُ
وَيلي عَلَيْكُم كَأنّ الشِّعْرَ شَيَّخَكُمْ عَلَيْهِ وَحْيًا أَتاكُمْ والوَرى تَبَعُ
ما كانَ شِعْرِيَ مَبْذولاً لَكُمْ فَخُذوا ما تَعْرفون وما لَمْ تَعْرِفوا فَدَعوا
ولا عليكَ منْ أنْ يَغضَبَ عَمّارٌ الكَلْبيّ!

في زحْمةِ النّورِ

إنّي أتيتُكَ لا رُوحًا ولا جَسَدا

في زحْمةِ النّورِ فردًا يستقيكَ هدى

 

أوقدتُ خوفي قِنديلًا مزجُت بهِ

طعمَ الرجاءِ بقلبٍ عاشَ مُتَّقِدا

 

يا غارسَ النّورِ في أحْشاءِ مُدلِجةٍ

أسعىٰ إليكَ بمشكاتي أرُومُ هدى

 

أَحيي فتيلَ فؤادٍ جاءَ مطَّرحًا

مُسَربلًا بغواشي الذنْبِ مُلتحِدا

 

يشكو إليكَ عذاباتٍ يبوءُ بها

صَريرُ أوزارهِ قد عاش فيه مدى

 

فاخفضْ إليهِ من الغفرانِ أجنحةً

ترخي عليه سُدول العفو متئِدَا

 

 

(2)

تغرب عن الأوطان في طلب العلا

وسافر فذاك الدرب درب المطامِح

 

حقيقٌ بأنّ البُعدَ والنّأيَ مكلفٌ

يُثَلِّمُ آمالي ويُطفي مَلامحي

 

ولكنّني للحُلمِ أمضي ولمْ أزل

أُنادي بأعلى الصّوتِ يا نفسُ كافحي

(3)

يمُد الناس إن بطشوا يديهم

ومَدُّ يديَّ مقرونٌ بضعفي

 

أَمُدُّ  يديَّ  يا ربي دعاء

فتطفئ أدمعي نيران جوفي

 

شكوتُ إلى الصديقِ أريد عونًا

فشاركني الصديقُ صنوف خوفي

 

 

ولو أنّي صدقْتُكَ وعد حُبي

شكوتُ إليكَ قبلًا يا لَسُخفي

 

أأطلُبُ حاجتي من عندِ  عبدٍ

وأنتَ اللهُ صاحبُ كلِّ عطفِ

 

(4)

أسريتَ يا خيرَ خلق الله في وجلٍ

فوقَ البراقِ وكلُّ  الهمِّ قد فُرجا

 

واليومَ يا سيدي تُسري بنا غُممٌ

والله يا سيدي ما واحد ٌ عرجا

 

يا معتلٍ في جنان الله كيف ترى

لونَ الدماء بخدِ الورد قد مُزجا

 

والشامُ في الموت والموتُ استجار خَزًى

والخزيُ من أمتي يا سيدي نُتجا

 

كنّا الأعزة  مُذ عشنا بحبكُمُ

واليوم حبكمُ قد صار مختلجا

 

نقول في مجلس يارب صلِّ على

خير البرايا وفينا الحب ما ولَجا

 

لو أننا قد صدقنا الله حبَّكمُ

لكان نوركمُ في الكون قد وَهَجا

 

يا سيدي هل تُرى ندنو لقربكمُ

هل من براقٍ يُسرِّينا إذا دلجا

 

 

 

(5)

ما زلتُ أشفقُ يا شوارعُ إن أتيتكْ

مازال للترحال في وجهي أثر

أنا يا شوارع ما ودِدتُكِ إذ أتيتكْ

أنا مرغم واخترتُ واختار القدر

أنا قد عرفتكِ يا شوارعُ ذاع صيتُك

لله درك كيف تُذكينَ الضجر

 

(6)

أتيتُ الشعر أبغيه بوادٍ غير ذي عبقر

وقلتُ هَيْتَ يا حرفي فلا ردّ ولا أخبر

وأنغامي يتيماتٌ تهيم بشطري الأبتر

عقيم الفكر محمومٌ فراغي يملأ الأسطر

ورأسي نقطة استفهامه كالصخر بل أكبر

وكل دفاتر الأشعار تجذبني فهل أنفر

أيا حرفي رعاك الله فاغفرلي وإن تغفر

أجيئك طائعًا أحياكَ يا حرفي فهل تقدر

(7)

تنام وأنت تبكي من همومٍ

وغيرك لا ينام من الذنوب ِ

تؤرقه المعاصي كل ليلٍ

ويقتله الضمير بلا حروبِ

همومك قد يكون لها انفراجٌ

وذنبي لا يشاركني هروبي

وداء القلب لا يشفى بنجوى

فشدَّ عليه بالعمل الدؤوب

دهاليز القلوب لها انتهاءٌ

إذا أكثرت من ندمٍ وتوْبِ

(8)

و قد يملا ما بين الأصابع صُحبةٌ

وتبقى  مفازات النفوس خواليا

 

وقد  تشرق الأنوار في  صبح يومنا

وتبقى منارات العيون غواشيا

 

وحين أمنّي النفس بالعود والفنا

تجيء ليَ الدنيا لتضرم ما بيا

 

تقول لي الدنيا أيا مقبًلا وَيا

مريدًا لحسني هاك بعض دوائيا

 

وألفت بي الأهواء كيف أردها

وقد خُلقت بعضي فكــيفَ شفائيا

 

‏محبٌّ  لِلهوٍ بل لتضييعِ جنةٍ

‏أيا ربِّ هل ترضى بقوليَ رَبِّيا

 

أسَفّ من الندْم العظيم مرارةً

وأنبت مرعًا من دموعي سواقيا

 

وأرثيكِ يا نفسي إذا أنتِ مَيْتَةٌ

فأدفن عمري ثم أنعاه باكيا

 

فلا أنتِ حيٌّ يملأ الكون سعيه

فأفخر عند الله يوم حسابيا

 

ولكن ثكول قد طال عندي نواحها

بقبر حبيبٍ  تَعفِرين الأمانيا

 

فكُفي أذاكِ يا ذليلة أقصري

وعُبّي من الإيمان صِرفا وصافيا

(9)

ألا قد أرى والله أن رب عبرة

إذا زادت الأشواقُ بي ستزيدُ

ألا يا مسافات تلحّد قوتي

أقِلي فقالت ذاك منك بعيدُ

ألا أيها النائي لَبعدُك قاتلي

وحالي رحّالٌ وقلبكَ بيدُ

إذا أوغلت عيناي في حب قلبكم

تضيع وكل البذل فيكَ زهيد

‏ألا يا منى عيني ترفق بدمعها

‏تسِحُّ كأن الجفوَ منك جديدُ

‏ولا عجبٌ إذ أنت ركن بقصرها

‏وأنت أميرُ الدار هل ستجودُ

(10)

‏أنت السجين سجين نفسك والحنين

‏البؤس في عينيك حالِك

‏والدمع في خديك سالك

‏لم لا تقاوم

‏ما زلت غضًّا لا تمت في غير آنِك

 

 

حطِّم قيودكَ لا تقلْ لا أستطيعْ

الصبحُ يأتي لا إليكَ إلى الجميعْ

انظر إليهم يلهثون لأجل أن يحيوا كرامًا

ما كانَ ذكرُ الموتِ فردا ما يخيفْ

حتى حياتُكَ قد تخيفكْ

إن كانَ حاضرها شنيعْ

 

(11)

رماديّونَ

كوجه الغيمِ إذ يعبِسْ

ولا لونٌ لنا إما همت من حولنا الأمطارْ

فلونُ القطر شفافٌ

 

ولونُ وجوهنا أكثرْ

 

 

رماديّونَ

كبّرنا إذا ما الشيخ قد كبّر

وأرسلنا أغانينا إذا ما العود قد أُحضر

وفي رمضان قد صُمنا

وفيه قلوبنا تُفطر

 

 

رماديّونَ

أين اللهُ موجودٌ

و حبُّ اللهِ معلومٌ

 

ودقُّ الصدرِ لا يُثمر

 

رماديّونَ

لا ندري بأي قواربٍ نبحر

وأي شواطئٍ نسبر

إذا ما البحر ضيعنا

يجيء الموجُ يستبشر

(12)

يا نعمة السماء

لم تضحك الأرض العظيمة بانهمارك

الأرض تسقى كل يوم من شرايين البشر

والأرض نطعمها فتأكلنا ولا تبقي أثر

 

تبكين أنتِ أيا سماء وفي عزائك

الأرض  تضحك من بكائك

 

 

 

 

 

 

(13)

حلِّق أيا نورسًا في الجو وارتفع

لا شيء في الأرض غير الخوف والجزع

لا شيء غير أمور لست تعلمها

الله يعلم ما في القلب من وجع

حرك جناحك لا تركن لناحية

أطلق سراحك لا ترجع الى الهلع

تلك الدنا يا رقيق الروح مقفرة

لا دمع تخزن بالأحزان من بدع

لملم شتات حروف كنت تكتبها

الدهر يكتبها يوما بلا خِلَع

سيكتب الدهر عن أبناء أمتنا

وكيف صارت بلاد العُرب في فزع

كيف الشعوب تداعت من أوائلها

كيف العراق تعريه  يد الجشع

أم كيف مصر وَيَا لَهْفِي على بلد

تقاذفته رياح البغي والطمع

سل عن دمشق وعن لبنان نذكرها

بلدان خير غدت كالمنزل الصدع

واذكر أحبة ميزابٍ ومنهلهم

لله نستودع الأصحاب من نزع

وطف على عدن بالله يا نَظَرِي

وانظر الى سبأ ما ثم من جذع

كل البلاد خراب لا تطيق بها

سكنى فحلق بهذا الجو وارتفع

 

 

 

 

Related posts

One Thought to “خربشات حزينة سديدة لدعاء الشعيبية العنيدة”

  1. غير معروف

    ما شاء الله!
    إن من البيان لسحرا!
    ان الله يرسل أبدانًا على أبدان لتكون بدآتهم!

Leave a Comment