زنجباريون عمانيون (١/٥/٢٠١٦)

فإذا ذهبتُ عنهم طيب النفس منشرح الصدر مستبشر الأمل، فببركتهم؛ صلى الله عليهم، وسلم!

لم أرتح للصلاة في مسجد بعد الحرمين الشريفين، مثلما ارتحت للصلاة في مسجد عمار بن ياسر هذا الذي بحي الحيل الشمالية المسقطي العماني، الذي اضطرني إليه انتظارُ ابنتي أن تفرغ من بعض شؤونها، ثم صار دأْبي بما صار دأْبها.
تفيء إلى هذا المسجد طائفة كبيرة من العمانيين ذوي الأصول أو الفروع الزنجبارية، وتجتمع فيه كل أحد بين المغرب والعشاء لتنصت إلى أحد الدعاة الفصحاء يهدِر بالأفكار الإسلامية من خلال القرآن الكريم والحديث الشريف عربية صريحة، ثم يُسَوْحِلُها (يترجمها إلى اللغة السواحيلية، وهكذا يرسمونها، ولا بأس في العربية بمثل مد كسرة هذه الحاء)؛ فمن شاء أن يتنسّم روائح المجالس النبوية والصحابية فليشهد هذا المجلس!
نعم؛ لكأن الواحد منهم كلما اسوادّ لون جسمه ابياضّ طبع روحه، فانتضح به جسمُه كله، فأشرق نورُه ساعيا بين يديه وبيمينه، وزائرا ومُبشّرا! أم كيف أنسى شيخهم الهِمّ الهرِم الفاني، الذي يأبى إلا أن يشهد معهم الفريضة ويحفّها بالسنن ولا يكاد ينقل قدَمًا عن قدَمٍ إلا مثلما يحكّ بعضهما ببعض، ثم لا يصلي إلا قائمًا، وإذا رَفَع فكأنما يُصوِّر غاية التصوير البطيء التي عجز عن تسجيلها المصورون المحترفون!
أصلي معهم المغرب وسنتها، ثم أخرج إلى قسم المسجد الثاني الملتزم في المساجد العمانية، فأجلس للقراءة والكتابة بحيث أرى خيالاتهم وأسمع غمغماتهم؛ فإذا أحسنتُ شيئا مما أقرأ أو أكتب، فببركتهم!
ثم أصلي معهم العشاء وسنتها، ثم أعود إلى مجلسي ذاك، فلا أكاد حتى تهاتفني ابنتي؛ فإذا ذهبتُ عنهم طيب النفس منشرح الصدر مستبشر الأمل، فببركتهم؛ صلى الله عليهم، وسلم!

Related posts

Leave a Comment