أعجب العجب في نشر الكتب=2

فلقد فَكَّرَ الدُّكْتُورُ الْمَطْبَعِيُّ الْمُفَهْرِسُ “وَقَدَّرَ -فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ، ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ- ثُمَّ نَظَرَ، ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ، ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ”ØŒ فإذا “أبو همز العالم” في فهرس أعلامه!

أول الفهارس المضافة “فهرس الآيات القرآنية الكريمة”ØŒ باثنتي عشرة آية مرتبة على سورها، وفي ذيله “فهرس الأحاديث النبوية الشريفة”ØŒ بحديث واحد. ولاريب في جلال حضور هذا الفهرس حين يحضر، ولا في سطوع بيانه من سائر وجوه البيان العربي حين يشرق. ولولا استطراد المؤلف إلى تفصيل بعض المسائل اللغوية واستشهاده عليها بالقرآن والحديث -وهو نادر جدا- ثم بركة هذا الفهرس على المحقق المخلص حين يخالط فهارسه- لكان الأولى ألا يضاف إلى الفهارس العروضية، إلا أن يستطرد المؤلف إلى نظام الإيقاع في القرآن والحديث، على مثل ما اتسعت له ندوتنا الدرعمية المعروفة به (http://mogasaqr.com/?p=1967)! وكفى بإدراج الدُّكْتُورِ الْمَطْبَعِيِّ الْمُفَهْرِسِ الآية التي تَبرَّكتُ بها في ختام مقدمتي، دليلَ غفلةٍ عن ذلك كله!
ثالث الفهارس “فهرس الأعلام”ØŒ بأربعة عشر ومئة شَيْءٍ لا عَلَمٍ، مرتبة أَلْفَبِيًّا على أوائلها، أكثرها أسماء واردة في شواهد المؤلف الشعرية وأمثلته النظمية، ومن داخل هذه الأسماء أعلام فاقدة العَلَميَّة، كما في البيت المنسوب إلى الأسود بن يعفر:
إِنَّا ذَمَمْنَا عَلَى مَا خَيَّلَتْ سَعْدَ بْنَ زَيْدٍ وَعَمْرًا مِنْ تَمِيمْ
فكلا “سَعْد” Ùˆ”عَمْرو” عند الدُّكْتُورِ الْمَطْبَعِيِّ الْمُفَهْرِسِ، عَلَمان مطمئنان في موضعيهما (س، ع) من فهرس أعلامه، وإن قَلِقَ “عمرو” قليلا، من رسمه له على “عمر”ØŒ لأنه رآه في البيت “عَمْرًا”ØŒ ولا علم له بالعروض إلا احتراف الفهرسة، فظنَّه مفتوح الميم وهو مُسكَّنُها!
وكما في هذا البيت المصنوع للتعليم:
وَقَدْ رَأَيْتُ الرِّجَالَ فَمَا أَرَى مِثْلَ زَيْدِ
فـ”زَيْد” عند الدُّكْتُورِ الْمَطْبَعِيِّ الْمُفَهْرِسِ، علم مطمئن في موضعه (ز)ØŒ من فهرس أعلامه!
وإنما فقدت هذه الأعلام عَلَميّتها من حيث لا تعني لنا -أو لا نعني بها- شيئا معينا غير إنسان أي إنسان متصف بما اتصف به أو بما نُقدِّرُ أنه متصف به، ولاسيما في مقام الاستشهاد والتمثيل العروضيبن- مهما يكن ما تعنيه لقائلي هذه الأبيات الشعرية والمنظومة- فلا موضع لها في فهرس الأعلام!
ومن داخل هذه الأسماء أيضا صفات غير أعلام، كما في قول الحطيئة:
وَغَرَرْتَنِي وَزَعَمْتَ أَنَّكَ لَابِنٌ فِي الصَّيْفِ تَامِرْ
وقول امرئ القيس:
كُمَيْتٍ يَزِلُّ اللِّبْدُ عَنْ حَالِ مَتْنِهِ كَمَا زَلَّتِ الصَّفْوَاءُ بِالْمُتَنَزِّلِ
فكلا “كُمَيْت”ØŒ Ùˆ”تَامِر”ØŒ عند الدُّكْتُورِ الْمَطْبَعِيِّ الْمُفَهْرِسِ- عَلَمان مطمئنان في موضعيهما (ت، Ùƒ) من فهرس أعلامه، وليست “تَامِر” غير صفة امتلاك التمر التي اتصف بها زاعِمُ الحطيئة، ولا “كُمَيْت” غير صفة كُمْتَة اللون التي اتصف بها حصان امرئ القيس؛ فلا موضع لهما في فهرس الأعلام!
ومن هذه الصفات مثال العروضيين:
وَمَا لَيْثُ عَرِينٍ ذُو أَظَافِيرَ وَأَسْنَانْ
أَبُو شِبْلَيْنِ وَثَّابٌ شَدِيدُ الْبَطْشِ غَرْثَانْ
فـ”أَبُو شِبْلَيْنِ”ØŒ عند الدُّكْتُورِ الْمَطْبَعِيِّ الْمُفَهْرِسِ، عَلَم من حيث الكُنيةُ عَلَمٌ، وفي صدر هذا الاسم “أبو”ØŒ فهو كُنْية! وغفل عن أنه مضاف إلى نكرة، مؤول هنا مثل تأويل “ذو أظافير”ØŒ الذي نجا من فهرسته، مُنْسَلِكٌ معه في سِلْك أوصاف الليث؛ فجعله بمنزلة “أَبِي الْأَشْبَالِ”ØŒ كُنية الأسد المعروفة!
ولقد أَقْدَمَ بالدُّكْتُورِ الْمَطْبَعِيِّ الْمُفَهْرِسِ اطمئنانُه إلى جهله البشع، على خيانة من ائتمنوه على فهرسة الكتاب؛ فاحْتَطَبَ لهم ما لا صبر لقارئ عليه، واعيًا كان هذا القارئ أو غافلا، مثلما فعل بقول المؤلف: “يُحْكَى أَنَّ ابْنَهُ رُؤْبَةَ كَانَ يَقُولُ: لُغَةُ أَبِي هَمْزُ الْعَالَمِ”ØŒ يدرأ عن أبيه عيب من عابوا بسِنَاد التأسيس قولَه:
“يَا دَارَ سَلْمَى يَا اسْلَمِي ثُمَّ اسْلَمِي
فَخِنْدِفٌ هَامَةُ هَذَا الْعَالَمِ”Ø›
فعلى همز كلمة “الْعَالَمِ”ØŒ هكذا: “الْعَأْلَمِ”ØŒ تستوي القافيتان [“عَأْلَمِ” Ùˆ”Ù…ÙŽ اسْلَمِي”=دن ددن]ØŒ Ùˆ”لَا يَكُونُ فِيهِ سِنَادُ تَأْسِيسٍ لِعَدَمِ تَأْسِيسِ أَحَدِهِمَا”ØŒ أو كما نقل المؤلف.
فلقد فَكَّرَ الدُّكْتُورُ الْمَطْبَعِيُّ الْمُفَهْرِسُ “وَقَدَّرَ -فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ، ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ- ثُمَّ نَظَرَ، ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ، ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ”ØŒ فإذا “أبو همز العالم” في فهرس أعلامه!
إي والله “أبو همز العالم”ØŒ أخو أبي عثمان الجاحظ!
قلت لأخي الدكتور طارق سليمان: ما أشبه هذا بما يتندَّر به المصريون من قول أحد القراء الحمقى: “اللهمَّ صَلِّ على سيدنا نَكْتَلْ”ØŒ استنباطًا اهتدى إليه -وفُرِقَ له عنه- من قول الحق –سبحانه، وتعالى!- على لسان إخوة يوسف لأبيهم في أخيهم “بنيامين” شقيقه: “أَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ”!
قال: ومتى يمكن أن يكون مولد “أبي همز العالم” هذا!
قلت: عام تحقيق الهمزة!
قال: فإذا خُفِّفَتْ؟
قلت: إذا خُفِّفَتْ ماتَ فيها!

Related posts

Leave a Comment