لقد عهدت أطÙالاً دون سن المدرسة يتØدثون لغة ÙصØÙ‰ ببراعة، مصدرها استماعهم لبعض Ø£Ùلام الكرتون المدبلجة. لكنهم ما إن يلتØقوا بالمدارس Øتى يتراجع مستوى جودة إتقانهم للغة، إلى أن يدخلوا الجامعة وهم كارهون لتلك اللغة التي أعجزتهم قواعدها المنطقية ÙÙŠ المرØلة الثانوية على وجه الخصوص، وهذه إشارة إلى أن المناهج قبل الجامعية لتعليم اللغة العربية تسير ÙÙŠ طريق خطأ.
[نشر أولا على موقع الÙنار http://www.al-fanarmedia.org/ar/2015/11/%D9%85%D9%82%D8%AA%D8%B1%D8%AD%D8%A7%D8%AA-%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%B2%D9%8A%D8%B2-%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%BA%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D8%B7/#!prettyPhoto]
يتقن كثير من الأطÙال العرب اللغة العربية الÙصØÙ‰ نتيجة متابعتهم لبرامج الرسوم المتØركة المدبلجة. لكن- وعلى عكس المتوقع- تبدأ مهاراتهم اللغوية بالتراجع مع دخولهم المدرسة وتقدمهم بالدراسة.
Ùلماذا ÙŠØدث هذا؟ وكي٠يمكن Øماية لغتنا العربية؟
تشير دراسة Ù†Ùشرت ÙÙŠ عام 2012ØŒ إلى أن مراكز اللغة ÙÙŠ المخ تنمو Ùعلياً نتيجة التعلم Ø§Ù„Ù†Ø§Ø¬Ø Ù„Ù„ØºØ©. وكلما كان تعلمك Ø£Ùضل زاد نمو هذه المناطق الØيوية من المخ. هذا يعني أن القدرات الÙكرية والعقلية -ومنها الÙهم والاستنباط، والربط والتØليل، ÙˆØÙ„ المشكلات- تتأثر تبعاً لمستوى القدرة اللغوية لدى الطالب. وهنا يتبادر للذهن تساؤل عن سبب اعتماد معظم الطلاب الجامعيين ÙÙŠ بلادنا العربية على الملخصات المØتوية على Øلول مباشرة بشكل مختصر، وضع٠قدرتهم على التعامل مع المصادر الأصيلة، Ùضلاً عن ضع٠إتقانهم للغات.
لقد عهدت أطÙالاً دون سن المدرسة يتØدثون لغة ÙصØÙ‰ ببراعة، مصدرها استماعهم لبعض Ø£Ùلام الكرتون المدبلجة. لكنهم ما إن يلتØقوا بالمدارس Øتى يتراجع مستوى جودة إتقانهم للغة، إلى أن يدخلوا الجامعة وهم كارهون لتلك اللغة التي أعجزتهم قواعدها المنطقية ÙÙŠ المرØلة الثانوية على وجه الخصوص، وهذه إشارة إلى أن المناهج قبل الجامعية لتعليم اللغة العربية تسير ÙÙŠ طريق خطأ.
يبدو لي أن أساس ضع٠المهارات اللغوية مع التقدم ÙÙŠ الدراسة يكمن ÙÙŠ الخطأ الشائع باعتبار اللغة العربية الÙصØÙ‰ لغة أولى، ولذلك تكون دراستها على مستوى الÙلسÙØ© (Ù†Øواً، وصرÙاً، وبلاغةً). ÙÙŠ Øين أن هذه اللغة ÙÙŠ وطننا العربي –من المØيط إلى الخليج- ليست لغة أولى؛ لأنها ليست موجودة ÙÙŠ الØوار اليومي، Øتى لو سلمنا بأن العاميات ذات صلة بها أو متÙرعة عنها.
ÙÙŠ بعض الدول العربية -كالإمارات والأردن- تجرى امتØانات لقياس القدرات وتØديد المستوى ÙÙŠ اللغة العربية لدى طلاب الجامعة، وبعضها –كالسعودية- تجمع بين اختبار القدرات العامة قبل دخول الجامعة، وبرامج السنة التØضيرية ÙÙŠ أول مستويين من الدراسة الجامعية، بإعداد الطلاب لجميع التخصصات عن طريق دراسة مواد الإعداد العام ومنها مقرر أو اثنان للغة العربية، غير أن هذه الدراسة تعد اجتراراً وتكراراً لما درسه الطالب من قبل ÙÙŠ المرØلة الثانوية، بالمØتوى Ù†Ùسه والأسلوب Ù†Ùسه.
أما ما يستدعي التأمل Ùهو عدم اØتواء قوانين العمل –على سبيل المثال- ما يبرز ضرورة إتقان اللغة العربية، والوظائ٠التي تتطلب ذلك، وهو أمر يقتضي إعادة النظر، مع الأخذ ÙÙŠ الاعتبار أن جميع دول الوطن العربي تنص قوانينها على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة، واللغة الأولى للتعليم.
إن إتقان اللغة العربية ضروري للطالب الجامعي على وجه العموم، Ùمن ناØية هي Ø£Øد معالم الهوية القومية، ومن ناØية ثانية تقوم الدراسة الجامعية بشكل أساسي على القراءة والبØØ« وكتابة البØوث، Ùإذا كانت لغة الطالب ضعيÙØ© Ùستضع٠Øصيلته القرائية، وسيكتب بØوثاً ضعيÙØ© المستوى، هذا بالإضاÙØ© إلى مرØلة الدراسات العليا وما يلزم Ùيها من كتابة الرسائل والأطروØات.
وإذا كان تعليم اللغة العربية للطالب الجامعي مهما، Ùإن درجة أهميته تتنوَع إلى درجات، Ùمن المجالات التي تكون Ùيها اللغة العربية ذات أهمية قصوى: الأقسام التربوية، وأقسام المناهج وطرق التدريس، وأقسام الصØاÙØ© والإعلام، وأقسام الترجمة واللغات، وأقسام الدعوة وأصول الدين، وأقسام القانون، بالإضاÙØ© إلى أقسام اللغة العربية وآدابها.
وهذه المجالات ليس من الممكن Ø§Ù„Ù†Ø¬Ø§Ø Ùيها من غير إتقان اللغة العربية، لأنها قائمة على مهارات الإلقاء والأداء والتعبير اللغوي الشÙاهي والكتابي، ومن دون هذه المهارات تÙرغ من مضمونها، ومثلها جميع المهن التي تØتوي على الاتصال اللغوي.
هذه باختصار بعض جوانب المشكلة، Ùكي٠يمكن علاجها بطريقة منهجية؟ Øتى ÙŠÙØµØ¨Ø Ø§Ù„Ø·Ø§Ù„Ø¨ الجامعي متقناً للغة العربية بشكل تام؟
انتهت دراسة للعالÙÙ… الإنجليزي ألÙريد وايتهيد (whitehead 1929) ÙÙŠ مراØÙ„ النمو العقلي إلى أن البراعة ÙÙŠ اللغة والعلوم تنتهي عند سن الخامسة عشرة، بما يعني أن المرØلة الجامعية يدخلها الطالب وقد تخطى هذه المرØلة.
لذلك يختل٠تعليم الطلاب ÙÙŠ هذا السن عن تعليم الأطÙال، Ùالراشد يبØØ« عما هو ذاتي التوجيه، وقائم على الممارسة وليس التلقين، ÙÙŠ صورة عملية وليس نظريات وقواعد، كما يمكن دمج النشاط الاجتماعي مع التعليم، بØيث تكون العملية تدريبية وليست تلقينية.
يجب أن تكون المنهجية المعتمدة لتعليم اللغة العربية قائمة على أربع مهارات، بالتدريب عليها ثم اختبارها، وهي: الاستيعاب عن طريق السمع، والاستيعاب عن طريق القراءة، وإتقان قواعد التركيب اللغوي، وإجادة الكتابة المقالية، كما هو الØال ÙÙŠ اختبار (TOEFL) لتقييم الكÙاءة ÙÙŠ الإنجليزية للناطقين بغيرها.
تعتبر مهارة الاستماع ضمن العناصر الناقصة لدى الطالب الذي اجتاز المرØلة الثانوية بنظم التعليم الØالية، ومن خلالها يجمع الدارس Øصيلة لغوية، ويلØظ النظام اللغوي والعلاقات بين الكلمات.
كما يتوجب أن تكون المادة التعليمية المقروءة والمسموعة ذات موضوعات تتعلق بالعلوم، أو بالأدبيات، أو بالدين، بما ÙŠØªÙŠØ Ø§Ù„Ù…Ø¬Ø§Ù„ لتعلم اللغة ÙÙŠ Ù…Øيط يألÙÙ‡ الدارس ولا يضيق به، بل يكون الموضوع عامل جذب، ÙŠØمل المنطق اللغوي بسلاسة إلى داخل عقله. كذلك الكتابة المقالية يجب أن ترتبط بالمجال الدراسي للدارس بالإضاÙØ© إلى مراعاة ميوله، بØيث تنتÙÙŠ أي معوقات تتعلق بالموضوعات، Ùيكون التركيز على اللغة أقوى.
أما قواعد التركيب اللغوي Ùيجب أن تقاس من خلال التطبيقات العملية وليس من خلال النظريات، وأن تخلو تماماً من المصطلØات والتعريÙات وكل ما هو خارج دائرة التطبيق.
وهذه المهارات الأربع ينبغي أن يضا٠إليها التدريب على مهارة النطق واختبارها، ÙÙŠ مستوى متقدم، خاص بطلاب كليات التربية الذين سيتولون المهن التعليمية بعد تخرجهم، وكذلك طلاب كليات وأقسام الإعلام للمهن الإذاعية والصØÙية، وذلك من خلال عنصرين مهمين: مخارج الأصوات العربية، والعلاقات اللغوية بين الكلمات (النØÙˆ).
وبعد، Ùإذا كانت المقترØات السابقة يمكن تطبيقها ÙÙŠ مدة زمنية ØªØªØ±Ø§ÙˆØ Ø¨ÙŠÙ† شهر ÙˆÙصل دراسي، Ùإنه لا غنى عن شيئين أساسيين: زيادة الوعي الثقاÙÙŠ والوطني بأهمية اللغة العربية، وإعادة النظر ÙÙŠ المناهج الØالية لتعليم اللغة العربية ÙÙŠ مراØÙ„ التعليم الأساسي ذات المدى الزمني الممتد؛ بالإضاÙØ© إلى اعتماد برامج تأهيل لغوي وظيÙÙŠ بعد التخرج، تطبيقاً لمÙهوم التعليم المستمر.