سيارتي الشبح لا ردها الله! 2

حكى لي أحد زملائي ولم نكن عندئذ جميعا من ذوي السيارات، أن ابن ثري مصري تكبر بسيارته على الناس في شوارع القاهرة وتجبر وطغى وبغى، حتى أحدث فيهم وأفسد؛ فأمسكوا به؛ فهاتف أباه؛ فأتاه من فوره، ولم يكد يراه في أيديهم حتى صرخ فيه يسبه ويلعنه ويضربه؛ فرحمه الناس وحالوا دونه، ثم قال له: والله -يا ابن الكلب- لئن لم تعتدل لآخذن منك الشبح، ولأعطينك الفيات، ولأجعلنك مثل أولاد الشوارع!
قلت: يا خيبة أمل المصابين المساكين الذين رحموه، ثم يا لأمثالنا -عندئذ- الذين لم يدركوا القيام في مقام ذوي الفيات من أولاد الشوارع!
ثم ضرب الدهر ضربانه، وسافرت عن الشبح -بعدئذ- معتقلة بمأواها؛ فتوصل إليها براء وكان المقدم على أقرانه في تخصصه الجامعي، وسولت له نفسه أن ركوبها إلى كليته أسهل من أن يبحث عمن يقله فيفوته الوقت؛ فلما أشرف بها على حراس باب الجامعة الأكبر استصغروا حجمه وسنه وزيه -وإن أربكتهم البطاقة على يمين زجاجها- وتوقفوا في شأنه حتى يستأذنوا قائدهم، فطلبه، فجاءه، فعاتبه، فأحسن إعتابه، فنصحه، فذكر له أنه رأي أبيه أيضا، فأثنى له على أبيه ليقنعه بمراده، ثم اضطر بما وجد من حضور جوابه أن يسمح له، على ألا يعود! ولم يكن يريد أن يعود فقد رآه بها من أراد أن يراه، ثم حمل عليها في إيابه من أراد أن يحمل، وقضى الأمر، واستوت بمأواها، ولكن بعد أن هبطت بمرتبته في تخصصه عما كانت قبلئذ، ولات ساعة مندم!
يا للمسكين!
أغره منها أن لم يحتج في اختبار القيادة إلا إليها؛ إذ اقتحم بها مضمار الاختبار الضيق؛ فلم يكلفه الشرطي غير أن يدور فيه قليلا، ثم جاءه يتودد إليه بالنجاح، وقد أبى أبوه إلا أن يتعلمها في مدرسة الوزارة على كثرة طلابها؛ فرزقه الله الأستاذ صفوت المعلم المخلص الكريم العطوف، الذي كان يعلمه ثم يوصله إلى قريب من بيته!
ويغضب المصريون حين ترد عليهم خارج مصر رخص قيادتهم، بما فاح من عطن فسادها الآسن. ويقول قائلهم: يرفضون تبديل رخصتي، وقد ذهبت فيها إلى الشرطي بمكتبه، فأجلسني، وأضافني، فلم أكد أكمل قهوتي حتى جهزها لي معاونوه! يرفضون تبديل رخصتي أنا!
ألا عجبا أي عجب!

Related posts

Leave a Comment