عين الزمان – المتنبي

1 ” ما لَنا كُلُّنا جَوٍ ! يا رَسول ØŒ أَنا أَهْوى وَقَلْبُكَ الْمَتْبول !
2 كُلَّما عادَ مَنْ بَعَثْتُ إِلَيْها ، غــــــارَ مِنّي ، وَخانَ فيما يَقول !
3 أَفْسَدَتْ بَيْنَنا الْأَماناتِ عَيْناهــــــا ! وَخانَتْ قُلوبَهُنَّ الْعُقول !
4 تَشْتَكي ما اشْتَكَــيْتُ مِنْ أَلَمِ الشَّوْقِ إِلَيْها ، وَالشَّوْقُ حَيْثُ النُّحول !
5 وَإِذا خامَرَ الْهَـــــــوى قَلْبَ صَبٍّ ، فَعَلَيْه لِكُلِّ عَيْنٍ دَليل !
6 زَوِّدينـــا مِنْ حُسْنِ وَجْهِكِ ما دامَ – فَحُسْنُ الْوُجوهِ حالٌ تَحول –
7 وَصِلينا نَصِلْكِ في هذِهِ الدُّنْيا ؛ فَإِنَّ الْمُقامَ فيها قَليـــــــل !
8 مَنْ رَآها بِعَيْنِها شاقَه الْقُطّانُ فيها كَما تَشــــــوقُ الْحُمول !
9 إِنْ تَرَيْني أَدِمْتُ بَعْدَ بَياضٍ ، فَحَميدٌ مِنَ الْقَنـــــــاةِ الذُّبول !
10 صَحِبَتْني عَلى الْفَلاةِ فَتــــــــاةٌ عادَةُ اللَّوْنِ عِنْدَها التَّبْديل ،
11 سَتَرَتْكِ الْحِجالُ عَنْها ، وَلكِنْ بِكِ مِنْها مِنَ اللَّمى تَقْبيــــــل !
12 مِثْلُــــها أَنْتِ ، لَوَّحَتْني ، وَأَسْقَمْتِ ، وَزادَتْ أَبْهاكُما الْعُطْبول !
13 نَحْنُ أَدْرى وَقَدْ سَأَلْنا بِنَجْدٍ ، أَقَصيرٌ طَريقُنا ، أَمْ يَطــــــول !
14 وَكَثــــيرٌ مِنَ السُّؤالِ اشْتِياقٌ ، وَكَثـــــيرٌ مِنْ رَدِّه تَعْليل !
15 لا أَقَمْنا عَلى مَكانٍ – وَإِنْ طابَ – وَلا يُمْكِنُ الْمَكانَ الرَّحيـــل !
16 كُلَّما رَحَّبَتْ بِنا الرَّوْضُ ، قُلْنا : حَلَـــبٌ قَصْدُنا ، وَأَنْتِ السَّبيل ،
17 فيكِ مَرْعى جِيادِنا وَالْمَطايا ، وَإِلَيْهــــــا وَجيفُنا وَالذَّميل !
18 الْمُسَمَّوْنَ بِالْأَميرِ كَثيرٌ ، وَالْأَميرُ الَّذي بِها الْمَأْمـــــــول ،
19 الَّذي زُلْتُ عَنْهُ شَرْقًا وَغَرْبًا ، وَنَداه مُقــــــابِلي ما يَزول ،
20 وَمَعي أَيْنَما سَلَكْتُ ، كَأَنّي كُلُّ وَجْهٍ لَه بِوَجْهي كَفيـــــل !
21 وَإِذا الْعَذْلُ في النَّدى زارَ سَمْعًا ، فَفِداهُ الْعَذولُ وَالْمَعْــــذول ،
22 وَمَوالٍ تُحْييهِم مِنْ يَدَيْه نِعَــــــــــمٌ غَيْرُهُمْ بِها مَقْتول :
23 فَرَسٌ سابِقٌ ، وَرُمْحٌ طَويل ، وَدِلاصٌ زَغْفٌ ، وَسَيْفٌ صَقيل !
24 كُلَّمــا صَبَّحَتْ دِيارَ عَدوٍّ ، قالَ : تِلْكَ الْغُيوثُ ، هذي السُّيول !
25 دَهَمَتْه تُطـــــــايِرُ الزَّرَدَ الْمُحْكَمَ عَنْه كَما يَطيرُ النَّسيل ،
26 تَقْنِصُ الْخَيْلَ خَيْـــلُه قَنَصَ الْوَحْشِ ، وَيَسْتَأْسِرُ الْخَميسَ الرَّعيل !
27 وَإِذا الْحَرْبُ أَعْرَضَتْ ، زَعَمَ الْهَوْلُ لِعَيْــــــنَيْهِ أَنَّه تَهْويل !
28 وَإِذا صَــــحَّ فَالزَّمانُ صَحيحٌ ، وَإِذا اعْــتَلَّ فَالزَّمانُ عَليل !
29 وَإِذا غابَ وَجْـــــهُه عَنْ مَكانٍ ، فَبِه مِنْ ثَناهُ وَجْهٌ جَميل !
30 لَيْسَ إِلاكَ يا عَلـــــــيُّ هُمامٌ سَيْفُه دونَ عِرْضِه مَسْلول !
31 كَيْفَ لا يَأْمَنُ الْعِراقُ وَمِصْرٌ وَسَـــــراياكَ دونَها وَالْخُيول !
32 لَوْ تَحَـــرَّفْتَ عَنْ طَريقِ الْأَعادي ، رَبَطَ السِّدْرُ خَيْلَهُمْ وَالنَّخيل ،
33 وَدَرى مَنْ أَعَزَّهُ الدَّفْعُ عَنْه فيهِما ، أَنَّه الْحَقـــيرُ الذَّلـــيل !
34 أَنْتَ طولَ الْحَياةِ لِلرّومِ غـــازٍ – فَمَتى الْوَعْدُ أَنْ يَكونَ الْقُفول –
35 وَسِوى الرّومِ خَلْفَ ظَهْـــــرِكَ رومٌ ؛ فَعَلى أَيِّ جانِبَيْكَ تَميل !
36 قَعَدَ النّاسُ كُلُّهُمْ عَنْ مَســــاعيكَ ، وَقامَتْ بِها الْقَنا وَالنُّصول !
37 ما الَّذي عِــــــنْدَه تُدارُ الْمَنايا ، كَالَّذي عِنْدَه تُدارُ الشَّمول !
38 لَسْتُ أَرْضى بِأَنْ تَكونَ جَوادًا ، وَزَماني بِأَنْ أَراكَ بَخـــــيل !
39 نَغَّصَ الْبُعْدُ عَنْــكَ قُرْبَ الْعَطايا ؛ مَرْتَعي مُخْصِبٌ ، وَجِسْمي هَزيل !
40 إِنْ تَبَوَّأْتُ غَيْرَ دُنْيايَ دارًا وَأَتاني نَيْلٌ ، فَأَنْـــــــتَ الْمُنيل !
41 مِنْ عَبيدي – إِنْ عِشْتَ لي – أَلْفُ كافورٍ ØŒ وَلي مِنْ نَداك ريفٌ وَنيل !
42 ما أُبالي إِذا اتَّقَــــــتْكَ الرَّزايا ØŒ مَنْ دَهَتْه حُبولها وَالْخُبول ” !

Related posts

Leave a Comment